العدد 836 صدر بتاريخ 4سبتمبر2023
في ليلة مسرحية ماتعة بإمتياز شاهدت مسرحية باب عشق للكاتب إبراهيم الحسيني وإخراج حسن الوزير.
المسرحية تدور حول فكرة عميقة نجد لها أصداء في تراثنا المسرحي وهي العلاقة بين الفكر والسيف،غير أن الحسيني ألبسها ثياب رومانتيكية جميلة، لتكون العلاقة بين الحب والسيف من خلال قصيدة قتلت صاحبها وقتلت قاتله أيضًا ، قصيدة حب وغزل في الأميرة» دعد» الحالمة وهي ابنة وحيدة لملك قوي أصابته الشيخوخة وهي التي سترث الحكم من بعده!! وهي تريد أن يسود الحب مملكة أبيها ، ليصبح السؤال الذي أرق الحسيني ومعه حسن الوزير الذي طرحه بوعي وهو:هل الحكم بالحب أم بالسيف؟ وأيهما أجدى؟ وأنفع؟ تنتصر الأميرة للحب بينما الحاشية تريد السيف والقمع!!
تشترط الأميرة أن يكون زوجها شاعرًا مرهف الحس،فيتسابق الشعراء في مدحها ونفاقها طمعًا في السلطة، لكنها لا تعجب بما يقولون، إن دعد أنموزج لجيل من المثقفين الحقيقين الذين يؤمنون بالكلمة ودورها في تغيير العالم إلى الأفضل، لذا فالشاعر الوحيد الذي أعجبت بقصيدته قتله قاطع طريق وانتحل شخصيته ناسباً القصيدة لنفسه وتزوج من الأميرة التي كشفت المؤامرة وانتقمت من الحاشية والشاعر المزيف بعد أن أخفت عنهم موت أبيها، وانتصر الحب على السيف،
المسرحية مكتوبة بلغة عربية فصيحة بسيطة وسلسة تعكس أهمية الخطاب المسرحي الموجه لجمهور متنوع الثقافة، نجح في نقل هذه الفكرة المخرج العبقري حسن الوزير واسع الثقافة وعاشق العربية الفصحى وهو الذي أخرج «أرض لا تنبت الزهور « لمحمود دياب وما أدراك من محمود دياب!! وهي مكتوبة بلغة فصحى بديعة، إن الحس المسرحي والوعي بوظيفة المسرح عند حسن الوزير هو الذي حقق المعادلة الصعبة: نص جيد بلغة فصيحة يعرض في صورة جمالية استعراضية على مسرح الطليعة في صورة بسيطة وممتعة في آن واحد ، تضافرت فيها عناصر عدة : مجموعة ممثلين رائعين( ماهر محمود، أحمد حسن ، فكري سليم، إسلام بسبيس، شيماء يسري، هالة ياسر، منى زويد، دينا عوني، محمد صلاح)
وموسيقى وألحان محمد حسني الرائع الجميل والتي أضفت على العرض حالة من المتعة والشجن الجميل بصوت أمل مصر في المسرح الغنائي شيماء يسري، وأشعار الخال المخضرم درويش الأسيوطي، بالإضافة إلى سينوغرافيا فادي فوكيه البسيطة والتي قدمت حلولًا استخدمها حسن الوزير ببراعة في التنقل بين المشاهد، مع أزياء مها عبد الرحمن وألوانها الباهرة وتصميمها الأنيق.
تحية تقدير لصناع هذا العمل الذين خلقوا حالة مسرحية أعادتنا إلى زمن الفن الجميل، تحية لحسن الوزير الوزير والمخرج عادل حسان مدير الطليعة.