محمد جبر: «طيب وأمير» تيمة البديل لا تلغي أن الكتابة جديدة.. وعن تراث نجيب الريحاني كتبت أدبيا

محمد جبر: «طيب وأمير» تيمة البديل لا تلغي أن الكتابة جديدة.. وعن تراث نجيب الريحاني كتبت أدبيا

العدد 828 صدر بتاريخ 10يوليو2023

يُعد المخرج محمد جبر واحدا من المخرجين الذين لهم بصمة مميزة، وقد تميز جبر بالكوميديا الهادفة، وهو يقدم عروضا ذات رسالة وهدف ولكن بمذاق كوميدي فريد من نوعه، لديه أكثر من 70 عملا مسرحيّا، أخرج عددا من المسرحيات المهمة مثل «1980 وأنت طالع» و»البروفة» و»الطيار» و»جوازة مرتاحة» و»أنا مش مسؤول» و»رضا»، وغيرها من العروض الناجحة، كما أنه تولى إخراج الجزء الثاني من مشروع تياترو مصر، وأخرج عددا من المسرحيات في مشروع مسرح النهار، كما أنه مدرب التمثيل بورشة نقابة المهن التمثيلية، كان عرض «1980 وأنت طالع»، نقلة في حياة «جبر»، حيث أثبت من خلاله القدرة على جذب أكبر عدد من الجماهير، بعرض مسرحي مختلف ومتميز، ربما يكون بإمكانيات إنتاجية بسيطة، إلا أنه ثري فنيّا، هذا العمل كان نقلة في حياة «جبر»، وفي ثاني أيام عيد الفطر المبارك استقبل مسرح ميامي بعد تجديده أول عروض فرقة المسرح الكوميدي بعد تولي الفنان ياسر الطوبجي لإدارة الفرقة، وهو العرض المسرحي «طيب وأمير» تأليف أحمد الملواني وإخراج محمد جبر. عن العرض وأسئلة أخرى كان لـ»مسرحنا» معه هذا الحوار.
-كيف بدأت تجربة «طيب وأمير» حتى عرضها على المسرح؟
 عندما حدثني مدير المسرح الكوميدي ياسر الطوبجي، أن نقوم بعمل عرض مسرحيّ فيه، لم يكن أمامي فكرة مكتملة في هذا التوقيت، وهو كان لديه رغبة في أن أتواجد في أول تجربة للمسرح الكوميدي بعد توليه إدراته، واقترح الفنان ياسر الطوبجي أن نقدم شيئا من التراث، وخاصة فكرة سلامة في خير وصاحب الجلالة، تيمة البديل، وبالفعل بدأت أفكر في اقتراحه، واكتشفت أنه من الممكن أن يكون جيدا، وبدأت العمل على هذه المعالجة، إلى أن قررنا أن نقدم «طيب وأمير»، وعندما عرضت الفكرة على الكاتب أحمد الملواني، بدأ يعمل على الفكرة وبدأ في كتابة النص.

-ما هي معايير اختيارك لعناصر العرض المسرحي «طيب وأمير»؟ 
المسرح الكوميدي العروض المقدمة فيه يجب أن توازي عروض المسرح الخاص، وجمهوره يستمتع، ومن أهم عناصر العرض الكوميديا والصورة، فكنت مهتما جدا بذلك، واختياراتي كانت قائمة على فنانين متميزين في تلك العناصر، وقد سبق التعاون بيننا في بعضهم، وبحكم التعامل المسبق، كنت أثق أنهم سيحققون الرؤية والشكل الذي أرغبه، واستطاعوا أن يقدموا ما أحلم به، وأكثر مما حلمت به أيضا، بدءا من د. حمدي عطية للديكور ومصمم الإضاءة أبو بكر الشريف ومصممة الأزياء أميرة صابر وفي الموسيقى الفنان كريم عرفة، والشاعر طارق علي في الأشعار وأسامة مهنا في الاستعراضات، وجميعهم تعاونت معهم من قبل.
كل شخصية تُنادي صاحبها، كنت أبحث عن الفنانين المناسبين لأدوار المسرحية، بمعايير الموهبة والالتزام، هشام إسماعيل يحمل سمات الممثل الكوميدي الجاد والملتزم، الذي يستطيع أن يحقق لك الشكل الذي ترغب في تقديمه، عمرو رمزي مختفٍ عن المسرح منذ فترة وكنت أراه متميزا جدا في هذا الدور، تامر فرج صديق وفنان، يقدم دورا أشبه بـ»رمانة الميزان» في العرض، طريقته وأسلوب تمثيله كان مناسبا جدا للدور، شريف حُسني أنا مؤمن بموهبته جدا، وهو يقدم دوره بشكل ممتاز، الرجل الفضولي الخدوم.

-هل كانت الأولوية في اختيار الممثلين لفرقة المسرح الكوميدي؟
بالطبع، فهو مسرحهم وهم متميزون وموهوبون جدا، وتم توظيفهم في الشخصيات المناسبة داخل المسرحية، وكانوا إضافة كبيرة وحقيقية.

-حدثنا عن فكرة أنك أول العروض التي تُقدم على مسرح ميامي بعد تجديده؟
عندما بدأنا التجربة لم نكن نعرف أننا سوف نقدم العرض على هذا المسرح، ومع المدير الجديد لفرقة المسرح الكوميدي الفنان ياسر الطوبجي، التجربة في حد ذاتها كانت ممتعة ولم نشعر بأي عقبات تماما، بالعكس وفر لنا كل ما نحتاجه وأكثر، ومع تكليف المخرج خالد جلال أنه القائم بأعمال رئيس البيت الفني للمسرح، أصبح الأمر مختلفا تماما، ما قبل خالد جلال شيء وما بعده شيء آخر، وأعتقد البيت الفني للمسرح بأكلمه يشعر بذلك، أصبحنا نعمل في أجواء احترافية وأجواء صحية تسمح لك بأن تقدم تجربة ناجحة.

-لماذا نجيب الريحاني؟ وهل الرجوع للتراث يُظهر أن لدينا أزمة في الكتابة المسرحية؟
الفكرة هي تيمة البديل، فكرة الاقتباس أو تيمة مُعيّنة شيء مشروع، وهم أخذوا هذه التيمة من نص فرنسي، ونحن لا نقدم نفس الأحداث، نحن نسير على خط درامي مُسمى بالبديل أو تيمة البديل، فأدبيّا يقال إنه مأخوذ عن هذه الأعمال، ولكن تيمة البديل لا تعني أن الكتابة مأخوذة من القديم، وإنما أنا أراها من وجهة نظري كتابة جديدة، ولكن أدبيّا يُقال ذلك، حتى فيلم سلامة في خير عندما تم تقديمه كان مأخوذا عن مسرحية فرنسية.
وهذا ليس معناه أن لدينا أزمة في الكتابة تماما، أقدم هذا العام أربع مسرحيات، منها نصّان مؤلفان دون أن يكونا مأخوذين عن أي شيء، بالطبع لدينا نصوص مؤلفة بشكل جيد، ومؤلفون محترفون، هذا يُعد تنوعا في التقديم، وبالطبع لدينا مؤلفون مهمون جدا، وليس لدينا تماما أزمة في الكتابة المسرحية.

-أنت تقدم هذا العام أربع مسرحيات بإنتاج مختلف ما بين الخاص والدولة ما بين البيت الفني والهيئة العامة لقصور الثقافة.. ما السلبيات والإيجابيات في كل جهة منهم من حيث التجربة بأكملها؟
لا أرغب دائما أن أنظر إلى السلبيات، أقدم أي تجربة بآليات واحدة، نفس المجهود والحماس وبالميزانية المتاحة للجهة المنتجة، فكرة آليات الإنتاج وزيادة والنقصان، نحن نعمل بالإمكانيات المتاحة والمتوفرة، وعروضي كلها تقدم بطريقة واحدة من حيث جودة المنتج، ليس المقياس عندي أن هذا العرض حصلت من خلاله على مبلغ مالي أكبر وميزانية أضخم، وعرض آخر عكس ذلك، الاثنان أعمل عليهما بكل طاقتي ومجهودي.
الهيئة العامة لقصور الثقافة ربما تكون أقل إنتاجا في الأربع مسرحيات التي أقدمها هذا العام، ولكن –الحمدالله- قدمت عرضا مختلفا بإقبال جماهيري كبير، عرض «رضا» بشباب من الإسماعيلية، لأنني كنت أعطي العرض نفس المجهود كأنني أقدم عرضا في موسم الرياض أو في البيت الفني للمسرح أو في مسرح خاص، لست من أصحاب نظرية أين أقدم العمل؟ أعتبر اسمي علامة تجارية، فيجب أن يكون كل إنتاجه بمستوى واحد.

-هل ضعف الميزانية يؤثر على شكل العرض؟
بالعكس أنت -باعتبارك مخرجا- تختار التجربة المناسبة لآليات الإنتاج، على سبيل المثال، لا يمكن أن أقدم عرض «طيب وأمير» في الهيئة العامة لقصور الثقافة، ولكن من الممكن أن أختار نصا آخر يتناسب مع إمكانيات المكان، إن لم تتكيف وتدرك إمكانيات المكان، فهذا خلل عند المخرج، أنه اختار عرضا غير مناسب لمكان عرضه وإمكانياته في التنفيذ.
الإمكانيات ليست عائقا، تجربة «1980 وأنت طالع»، الديكور كان قطعة قماش وحصدت العديد من الجوائز، فكرة أن الإمكانيات لا تسمح فاختيارك منذ البداية خاطئ، لأنك على علم بإمكانياتك قبل أن تبدأ العمل.

-العرض منذ أن تم افتتاحه يرفع لافتة «كامل العدد»، هل كان سببا في إعادة جمهور المسرح إليه مرة أخرى؟
الجمهور متواجد طوال الوقت، وبالطبع حدث في فترة الكورونا تراجع للجمهور، ثم بدأ الجمهور يعود مرة أخرى للمسارح، والجمهور ذكي جدا، ويذهب للمنتج الجيد، ليس لدينا مشكلة في حضور الجمهور للعروض، بالعكس عندما تكون التذكرة ذات سعر مناسب والمنتج المسرحي جيدا، فالطبيعي أن الجمهور سوف يقبل على المسرح، وهذا ما يقدمه مسرح الدولة، حيث يقدم منتجا مهما لا يقل عن مسرحيات الرياض أو مسرحيات القطاع الخاص، على مستوى الإنتاج من ديكور وملابس وإضاءة إلى آخره، ربما المشكلة في كم الإنتاج.

-لماذا يرتبط المسرح عند الجمهور بالكوميديا أكثر من ألوان المسرح الأخرى؟
هذا ما تربينا عليه في المسرح من خلال المسرحيات التي شاهدناها في التلفاز، مدرسة المشاغبين والمتزوجون والعيال كبرت غيرها من العروض التي تربينا عليها، وعرفنا المسرح من خلالها، هناك بالتأكيد مسرحيات أخرى تُقدّم بشكل أعمق، هي أيضا تُقدم للجمهور، لأن هناك جمهور يحب هذا النوع من المسرح، التنوع بالتأكيد مطلوب، وهذا هو دور الدولة أن تقدم أكثر من شكل ونوع، وبتنوع مختلف، نحن 105 ملايين نسمة، نتفق أن الشريحة التي تحب العروض الكوميدية نسبتها أكبر، ولكن هناك آخرين يحبون أشكالا أخرى من العروض المسرحية غير الكوميدية، والأهم أن العرض الكوميدي يتم تقديمه بشكل جيد، لأن هناك عروضا تُحسب على الكوميديا ولكنها ركيكة وسطحية للغاية، وكما ذكرت الجمهور واعٍ جدا، هذه العروض لا تجد إقبالا، والجمهور يبحث عن المسرح الجيد والمنتج الذي يجعله يستمتع.

-ذكرت أن لدينا مشكلة في كم الإنتاج.. لماذا ترى ذلك؟
أتحدث عن إنتاج المسرح كله بشكل عام، مسرح القطاع الخاص كان يقدم كم مسرحيات كبيرا طوال العام، أصبح هناك صعوبة في الإنتاج في المسرح الخاص، نظرا لتكلفة النجم والتكلفة بشكل عام، وبالتالي ذلك ينعكس على ثمن التذكرة، والإقبال على العرض يكون معتمدا على شريحة معينة يستطيع أن تتحمل تكلفة ثمن التذكرة، وبالتالي تحدث خسائر، وهناك آليات كثيرة جعلت إنتاج العروض الخاصة أقل مما كانت عليه.
أما البيت الفني ينتج بأرقام معقولة ومتداولة، وكانت بعض العروض غائبة عنها الجودة، بعد وجود المخرج خالد جلال القائم بأعمال البيت الفني للمسرح، بدأت العروض تأخذ شكلا آخر، والمنتج المصري يكون أقوى، وهذا ليس معناه أن ما كان يقدم غير جيد، وإنما الجودة الآن أصبحت أفضل بكثير في عهد خالد جلال.


إيناس العيسوي