شريف صبحي: «بعد آخر رصاصة» صرخة في وجه كل مشعلي الحرائق

شريف صبحي: «بعد آخر رصاصة» صرخة في وجه كل مشعلي الحرائق

العدد 817 صدر بتاريخ 24أبريل2023

 يناقش العرض المسرحي «بعد آخر رصاصة» قضية الحروب وآثارها نفسيا واجتماعيا واقتصاديا، والعرض يبعث برسالة سلام عالمية، وهو إعداد وإخراج  شريف صبحي عن مسرحيات «عودة الرجل – قمامة – جيل رابع» من تأليف علي عبدالنبي الزيدي، إنتاج مسرح الغد بقيادة سامح مجاهد. وقد أجرينا هذا الحوار مع المخرج شريف صبحي.
- لماذا اخترت تقديم العمل في هذا التوقيت؟
تقدمت بهذا العمل لمسرح الغد قبل أحداث الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأنا قبل أن أقبل على تقديم أي تجربة تشغلني عدة أفكار وتؤرقني، وقد  كنت أمر بفترة من الاكتئاب بسبب الأحداث التي تقع على مستوى العالم، وكذلك كنت أتأمل ما تغير في السلوك الإنساني، وكانت هناك تساؤلات أطرحها على نفسي، وهي: لماذا هذا الكم من الجرائم والقتل وسفك الدماء والحروب؟ ومن هنا تولدت لدي فكرة وهي تقديم صرخة في وجه كل «مشعلي الحرائق»، وتقديم دعوة للسلام العالمي، وهو ما دفعني لقراءة عدة نصوص كان من بينها ثلاثة نصوص للكاتب العراقي علي عبدالنبي الزيدي وهي «عودة الرجل الذي لم يغب، جيل رابع، قمامة»، وكانت الثلاث مسرحيات عن الحرب، وفكرت في تقديمها دفعة واحدة على أن تعرض كل مسرحية في ليلة، ولكن وجدت أن هذا الأمر يحتاج إلى إنتاج كبير ومجهود شاق، وهو ما دفعني لعمل كولاج ما بين المسرحيات الثلاثة وأصبحت مسرحية واحدة وأطلقت عليها في البداية «نابالم.. القنبلة الحارقة لا تنطفئ» ثم وضعت اسما نهائيا للعمل وهو «بعد آخر رصاصة»، والفرضية التي أقدمها من خلال العمل تختلف عن فرضية المؤلف؛ ففرضية المؤلف أثناء الحرب، والفرضية التي أقدمها هي بعد قيام الحرب وحدوث الفناء والخراب والدمار الشامل في الكون حيث لا طعام ولا زرع ولا توجد أي مظاهر للحياة، ومجموعة من الأشخاص المتبقين من الحروب مشوهين نفسيا وجسديا، وقد نال الإعداد إعجاب لجنة القراءة. والعرض قاتم بشكل كبير، فنحن نستعرض ويلات الحروب، وهو ليس فقط للجماهير، ولكنه لرؤساء الدول ومشعلي الحرائق.

- كيف استطعت تطويع النص ليكون مناسبا لكل مكان وزمان؟
أولا كل نص من النصوص الثلاثة يصل إلى خمسة وخمسين ورقة، فقمت بعمل إعداد وتكثيف لكل نص على حدة، وجمعت كل هذه المسرحيات، وجعلت بينها رابطا وهو رابط الحالة والتواصل بالكلمة، فعندما أتحدث عن حالة ننتقل إلى حالات أخرى، وجميعها عن التيمة الرئيسية وهي تيمة الحرب.

- ما أبرز التحديات والصعوبات التي واجهتك أثناء مرحلة الإعداد؟
لم تكن هناك صعوبات؛ بل على العكس كان هناك استمتاع كبير بصناعة هذا العمل، فقد قمت بإخراج العمل بمنزلي قبل بدء البروفات الفعلية، وصممت «ماكيت» الديكور ورسم حركة الممثلين (الميزانسين)، وجميع عناصر العمل من إضاءة وموسيقى، وكان ذلك أثناء فترة جائحة كورونا، وقد تقدمت بالعمل منذ عامين، وكان التأخير سببه الجائحة، كما أن مسرح الغد بعد الكورونا دخل في مرحلة تطوير شامل، وقمت بعمل ورشة لكتابة الأشعار مع د. رشا ضاهر، وقد فوجئت بتميزها الشديد في كتابة الأشعار في بعض المشاهد بالعمل، خاصة أنني قمت بتحديد بعض المناطق التي سيكون بها أغانٍ، ولكنها طرحت أفكارا مختلفة ومتميزة في كتابة الأغاني.

- في رأيك ما الذي يميز كتابات المؤلف علي عبدالنبي الزيدي؟
هو يكتب عن أشياء عاصرها وعاشها، وعن بيوت وأسر عانت كثيرا من الحروب، كما أن مفرداته اللغوية تتميز بالرقي الشديد ومحملة بكل الوجع لوصف الحالة الإنسانية داخل عروضه وشخصياته.

- العرض يعد رسالة للعالم وقد لا يستطيع استيعابها الجمهور العام.. كيف واجهت هذا الأمر؟
هناك عنصر فرجة مشوق للغاية في السينوغرافيا، وحركة الممثلين، والتشكيلات المسرحية، والماكياج وهو بطل من أبطال العمل، وكذلك عنصر الإضاءة، ونسبة التمثيل والصدق الفني، وأقدم الجرعة المسرحية بشكل متسلسل وتدريجي.
- بما أن العمل يناقش قضية عالمية.. فهل هناك اتجاه لتقديم العرض في دول وعواصم مختلفة؟
بالفعل العرض سيشارك في عدة مهرجانات منها مهرجان بغداد، وهناك محاولات لمشاركته مع منظمة حقوق الإنسان والسلام العالمي؛ لأنه من اختصاصهم، ونتمنى كفريق عمل لعرض «بعد آخر رصاصة» أن تصل رسالتنا لكل العالم والمناطق المشتعلة.

-دائما يغلب على أعمالك الطابع التراجيدي وتناقش أعمالك قضايا بها عمق إنساني واجتماعي فما الذي يجذبك لهذا الاتجاه؟
قدمت أعمالا مسرحية كوميدية، ولكنني أحب الجانب الفني الأقرب للتجريبي، ودائما أحب اللغة التعبيرية والتعبير الجسدي، وعنصر الحركة يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لي؛ فتفتيت المشاعر الإنسانية من خلال فهم المخرج ينعكس على حركة الممثل.

- نود أن نتحدث عن تجربتك في عرض «الساعة الأخيرة» للمخرج ناصر عبدالمنعم الذي ناقش أيضا فكرة الحروب وآثارها؟
قدم عرض «الساعة الأخيرة» ويلات الحروب من خلال البطل الذي ألقى القنبلة النووية ودمر العالم، وما وصل إليه على المستوى النفسي، فالعرض لم يظهر ويلات الحروب بقدر إظهاره للجريمة التي اقترفها الطيار الأمريكي وحالته النفسية ودخوله إحدى المصحات العقلية.

- هل ما كتب من نصوص عن الحروب عبَّر بشكل عميق عن ويلاتها وآثارها؟
أود أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي ليس هناك عدد كبير من الكتاب تطرقوا إلى هذا الجانب (آثار الحروب وويلاتها)، ووجهة نظري أن لدينا أزمة في الكتابة المسرحية، فعندما أقدم على تقديم تجربة جديدة أتعسر كثيرا لأجد نصا مختلفا، مما يجعلني أقيم جلسات عمل مع المؤلف (ورشة) حتى نخرج بعمل مميز وجيد، وهناك ضرورة بالغة لإقامة ورش للكتابة. وأدعو القائمين على العملية الفنية إلى ضرورة إقامة ورش للكتابة يُضم لها ورش للارتجال حتى يقوم الكتاب في ورش الكتابة بالاستعانة بما يقدمه الممثلون في ورش الارتجال ويتم طرح موضوعات جديدة.

- هل يمكن أن تقدم لنا عناصر العرض؟
العرض بطولة: طارق شرف، محمد دياب، إبراهيم الزهيري، آسر علي، مي رضا، وفاء عبده، إيناس المصري، إيمان مسامح، مريم سعيد، ديكور محمد هاشم، أزياء دينا زهير، موسيقى وألحان هشام طه، توزيع موسيقي محمد همام، أشعار د. رشا ضاهر، مكياج إسلام عباس، رؤية سينمائية طارق شرف، دعاية وسوشيال ميديا محمد فاضل، مخرج منفذ عليا عبدالخالق، نورهان سمير، سيادة نايل، فتوغرافيا عادل صبري، تنفيذ مكياج نادين عبدالحميد وسارة محمد، تنفيذ ديكور سالي كامل، تنفيذ أزياء أماني سالم، مصحح لغوي إبراهيم الزهيري، الراقصون: محمد أحمد محمد، أحمد محمد عبدالوهاب، عمار بلال.


رنا رأفت