المسرحيون يضعون شروطا لإطلاق أسماء الرواد من المسرحيين على المسارح

المسرحيون يضعون شروطا لإطلاق أسماء الرواد من المسرحيين على المسارح

العدد 807 صدر بتاريخ 13فبراير2023

إطلاق اسم كبار المسرحيين والرواد على المسارح والقاعات إجراء محمود لتخليد أسمائهم ويعد نوعاً من أنواع التكريم المستحق لمسيرة المبدعين، لاسيما إن كانوا من أبناء هذه المسارح، وساهموا بشكل أو بأخر في إرساء شكل وهوية هذه المسارح، والأمثلة كثيرة على ذلك، مثل قاعة صلاح عبد الصبور بمسرح الطليعة وقد سميت بذلك الاسم لدوره ومنجزه في مسرح الطليعة، كذلك مسرح الهناجر الذي أطلق على قاعته الكبرى اسم الدكتورة هدى وصفي لدورها البارز في بداية تأسيسه واكتشافها العديد من المبدعين، وكذلك المسرح القومي الذي أطلق اسم سيدة المسرح العربي سميحة أيوب على قاعته الكبرى، هناك أمثلة متعددة ..ونحن هنا نتساءل عن أهم المعايير والاعتبارات التي يجب الأخذ بها عند إطلاق أسماء المبدعين على المسارح والقاعات؟ وللإجابة على هذا السؤال خصصت مسرحنا هذه المساحة لنتعرف على أراء المسرحيين فى الموضوع.
محمد أبو العلا السلاموني
قال الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني: في حالة إطلاق أسماء كبار المسرحيين على المسارح، المفترض أن تكون هناك معيارية، وتكون هذه المعايير موضوعية لا تدخل بها المصالح الشخصية، على أن تضع هذه المعايير لجنة من المتخصصين، من النقاد وليسوا كتاباً أو مخرجين أو ممثلين؛ وذلك لأن النقد نعتمد عليه في تحديد الآراء الموضوعية،  فالناقد أكثر ما يهمه المصلحة العامة، ولذلك أقترح تشكيل لجنة من نقاد المسرح تقوم هي بوضع المعايير وعليها أن تدرس تاريخ المسرح منذ نشأته، منذ يعقوب صنوع باعتباره مؤسس المسرح المصري، وكذلك معرفة مؤسسي ورواد نهضة المسرح المصري.
وتابع قائلاً: لدينا مسارح الثقافة الجماهيرية وهي منتشرة فى المحافظات، ومن الضروي إطلاق أسماء كبار المسرحيين في هذه الأقاليم على مسارح قصور الثقافة، وبالنسبة لمسارح القاهرة التي تختلف عن مسارح الأقاليم، من الممكن أن تضع لجنة النقاد معايير، على سبيل المثال: الحاصلين على جوائز النيل أو جوائز الدولة التقديرية.

ناصر عبد المنعم
فيما قال المخرج ناصر عبد المنعم: « بالتأكيد هناك أسماء هامة تشكل قيمة كبيرة، وسأضرب مثالاً بالمسرح  القومي كمعنى، وهو المسرح الوطني الذي له نظائره في الدول الأخرى، وهو مسرح يعبر عن ثقافة الوطن وبالطبع عندما نكرم سنكرم رمزاً من رموز هذا المسرح مثل سيدة المسرح سميحة أيوب فلها عطاء كبير فيه ، وتم تسمية القاعة الداخلية للمسرح باسم الفنان سميحة أيوب وهو تكريم جميل للغاية، فلم يتم إلغاء اسم المسرح القومي، خاصة و أنه يشكل جزءا من الهوية، وقيمة تراثية يجب الحفاظ عليها ومحمل بالعديد من الدلالات، وحامل لقيمة ومعنى كبير، ونفس الأمر ينطبق على مسرح الطليعة فهو مسرح تجريبي ، إذن كل مسرح يحمل قيمة وهوية، وإلغاء اسمه يؤثر على قيمته؛ وبالتالي هناك تكريم أخر، فمن الممكن إطلاق أسماء كبار المسرحيين على قاعات المسارح داخل المسرح أو وضع لوحات شرف داخل كل مسرح تضم مجموعة الأسماء التي اعتلت هذه الخشبات، وهو نوع من أنواع التكريم، ففكرة اختيار اسم واحد فقط من المبدعين يعد اختزالاً لعدد كبير من المبدعين، خاصة أن مصر تزخر بأعداد كبيرة منهم، ولكن كما سبق وأشرت من الممكن أن يضع كل مسرح لوحات شرفية بها مبدعيه تضم مجموعة الفنانين الذين قدموا أعمالاً وتجارب في هذا المسرح، وذلك لربط الأجيال الجديدة بالتراث المسرحي.                                                                                                               

أحمد هاشم
فيما قال الناقد أحمد هاشم: «لست من المناصرين لإطلاق اسم أحد الفنانين على مسرح من المسارح، بخاصة تلك المسارح الراسخة التي حفرت اسمها فى الذاكرة الجمعية لجمهور المسرح المصري، وإذا تطرقنا ،على سبيل المثال، إلى مسرح السامر؛ فسنجد انه أكتسب هذا الاسم لاهتمام العروض التي قدمت عليه في معظمها بفكرة السامر، والسامر هو المكان الذي يتجمع فيه الناس ليتسامروا بعد يوم عمل شاق في الحقول، ومن هنا أتت فكرة السامر في العروض التي قدمت على هذا المسرح كونها تهتم بما أطلق عليه المسرح الشعبي .                                                                   
وتابع : إن هذا الاسم تم نحته أو حفره على هذا المسرح لاتساق ما يقدمه من مسرحيات شعبية، وبمناسبة ما يطرحه البعض حول إطلاق اسم أحد الفنانين الكبار الراحلين على هذا المسرح، فمع اعترافنا بجهوده الكبيرة في مجال المسرح الشعبي وقيامه بإخراج عدد كبير من المسرحيات الشعبية على هذا المسرح، إلا أن كل ذلك ليس معناه تجاهل الاسم الأصلي للمسرح، وهو المحفور في الذاكرة الجمعية للمسرحيين المصريين، ويمكن أن يطلق أسم هذا الفنان الكبير على إحدى قاعات المسرح كما هو معمول به في مسارح البيت الفني مثل قاعة ذكي طليمات وعبد الرحيم الزرقاني وغيرهما.

د. محمود سعيد
فيما ذكر الناقد د. محمود سعيد قائلاً : قضية إطلاق اسم الرواد على المسارح تأخذ أكثر من بعد، أولها من باب التكريم،  وهو شيء مستحق ومطلوب، فالاعتراف بفضل الرواد شيء جميل ومهم ولكن يبقى السؤال
: ما الألية التي يجب استخدامها عند اطلاق اسم أحد الرواد على أحد المسارح ؟ هل ارتباط اسم المسرحي بالمكان ودوره فيه كدور المخرج عبدالرحمن الشافعي مع مسرح السامر أو دور دكتورة هدى وصفي مع الهناجر. ام ارتباط اسم الفنان بالمكان كعمل مثلا، أو اطلاق اسمه على مسرح بمسقط رأسه مثلا ..أو غير ذلك، فالقضية تأخذ أكثر من بعد.
وتابع قائلاً : في ظل وجود العديد من روادنا في مجال المسرح في كل أنحاء الجمهورية، علي سبيل المثال رحل الكاتب الكبير يسري الجندي وهو من أبناء دمياط، فما المانع من إطلاق اسمه علي أحد مسارحها لتخليد الاسم ولتعريف الأجيال الجديدة داخل المدينة به، وعلي نفس المنوال يمكن إطلاق اسم كل رواد المسرح في شتى ربوع مصر على مسارح، ولا يكتفى بإطلاق الاسم فقط، بل يجب عمل مكتبة تخص تلك القيمة المسرحية داخل بلدها، كي يتم تفعيل دورها بشكل أكبر، فالمهم هو الاهتمام بمبررات وضع الاسم علي مكان ما، من حيث أهمية هذا الاسم وارتباطه بمكان ما وبمسرح ما، كي يكون اسما على مسمى، كما يقولون .

سعيد منسي: رد الجميل
فيما أوضح المخرج سعيد منسي قائلاً : الأمر يتعلق بتكريم وتخليد لمسيره شخصية ومدي تأثيرها علي الحركة المسرحية، وأعتقد أن إطلاق أي اسم من الأسماء علي أي مكان مرتبط بتأثير هذه الشخصية في هذا المكان، ومدي مساهمته وانجازه الفني والإنساني وهو نوع من أنواع رد الجميل لشخصية أفنت حياتها في المسرح.

محمد الشافعي
حدد الفنان القدير محمد الشافعي بعض المعايير التي من خلالها يتم إطلاق اسم الفنان على قاعة أو صالة عرض فقال: هناك بعض المجاملات تتم لإطلاق أسماء بعض الرواد على خشبات مسارح الدولة أو القاعات الصغيرة، فمثلا الذي أنشأ مسرح بيرم التونسي بالإسكندرية كان د. نبيل الألفي، والذي أعاد بناء مسرح الحديقة الدولية محمد الشافعي، والذي بنى وأسس المسرح العائم الصغير السيد راضي، والذي أسس مسرح الطليعة عندما كان حديقة الأندلس د. كمال عيد، والحقيقة لا يوجد أي معيار أو ضوابط لإطلاق الأسماء على المواقع ولكن يجب وضع معايير أساسية مثل دور الفنان في الحركة المسرحية وإذا كان أستاذاً وخرج على يديه روادا أو فنانين أصبح لهم شأن، أن يكون سبباً في إيجاد هذا المسرح أو شارك في إنشائه، أن يكون علامة في الوسط المسرحي سواء في مجال الإدارة أو الإخراج أو التمثيل أو الديكور.

حمدي ابو العلا
قال المخرج حمدي أبو العلا إن  إطلاق أسماء كبار المسرحيين والرواد على قاعات وخشبات المسارح هو إجراء محمود، موجود منذ سنوات طويلة، فلدينا مسرح الغد ويطلق عليه اسم الراحل عبد الغفار عوده رغم عدم انتشار الاسم، وفي الهناجر قاعة هدى وصفي ولم ينتشر كذلك، مسرح فاطمة رشدي المسرح العائم، وهو إجراء محمود لتخليد أسماء المسرحيين أما الاعتبارات فيجب أن يكون للفنان أو المسرحي دور ملحوظ، ولكن فى حالة تواجد أكثر من فنان بارز فلابد من اختيار الأفضل والذي يحمل تاريخا أكبر في هذا المسرح، ولا أريد أن أشير إلى أسماء بعينها، وهناك بعض المسارح بها أكثر من شخص له باع ، وأياد بيضاء على هذا المكان، فلابد أن يطلق الاسم الأكثر عطاء.

سعيد سليمان
فيما رأى المخرج سعيد سليمان أن إطلاق اسم  فنان على أحد المسارح يكون له عدة اعتبارات في مقدمتها علاقته بالمكان وتأثيره عامة على المسرح ؛ وبالتالى يكون له دور وبصمة واضحة وملهمة لأجيال كثيرة سواء كان هذا الفنان مخرجا
أو كاتبا أو ممثلا أو موسيقيا، والجانب الأخر أن يكون هؤلاء الرواد لهم علاقة بالمكان أو من مؤسسيه ، ولهم دور هام في بلورة هوية المكان وتطويره ونهوضه، على سبيل مركز الهناجر للفنون ودور الدكتورة هدى وصفي به، وهناك قاعة هدى وصفي، وقاعة عبد الغفار عودة ودوره فى مسرح البالون والغد أو المسرح المتجول، وكذلك الفنان القدير عبد الرحمن الشافعي ومسرح السامر فهو من الفنانين الذين لهم دور بارز فى إرساء هوية المكان وفي المسرح الشعبي وفرقة النيل للآلات الشعبية والتراث الشعبي والسير الشعبية مع الكاتب الكبير يسري الجندي،
وليس شرطاً أن يكون للفنان دوراً في المكان في بنائه المادي ولكن له تأثير واضح في بلورة هويته؛ بالتالي يرتبط المكان بالفنان الذي اسس له هوية، وإذا أردنا أن نضع معياراً أساسياً فهو أن يكون هذا الرائد قد صنع لهذا المسرح هوية، إلا إذا كان الأمر نوعاً من أنواع التكريم العام، على سبيل المثال تكريم الفنانة القديرة سميحة أيوب بالمسرح القومي، فهي أكثر الفنانات اللواتي قدمن أعمالاً عليه، وهنا الأمر يختلف وإن كنت أفضل إطلاق أسماء لفنانين صنعوا هوية لمسارحهم .

طارق عمار
بينما أشار الكاتب المسرحي طارق عمار إلى عدة معايير يتم على اساسها اختيار أسماء المبدعين وإطلاقها على المسارح والقاعات ،في مقدمة هذه المعايير: أن يكون الفنان من الرواد الحقيقين وأصحاب الإنجاز الواضح أو غير المسبوق أو من المساهمين أو الداعمين أو المدافعين عن إنشاء المسرح، وكذلك يجب أن يكون اسمه مرتبطاً بطبيعة المسرح نفسه، فمن المنطقي أن يتم تسمية قاعة باسم صلاح عبد الصبور في الطليعة لارتباط منجزه بالمسرح الطليعي ؛ وبالتالي نحن لسنا بعيدين عن هوية المكان، وكذلك من الممكن تسمية المسرح باسم أحد رواده فعلى سبيل المثال مسرح نجيب الريحاني لأن الفنان نجيب الريحاني كان يعمل فى هذا المسرح، وكذلك مسرح أوبرا ملك حيث التصاق الاسم نفسه بالمكان وطبيعته.
واتفق الكاتب المسرحي طارق عمار مع الناقد أحمد هاشم في أنه لا يحبذ تسمية الأماكن بأسماء أشخاص وقال : أفضل تسميتها بأسماء عامة لا ترتبط بشخص معين، ومن الأفضل أن يتم تسمية القاعات داخل المسرح بأسماء الفنانين، فعلى سبيل المثال يطلق اسم أحد رواد الثقافة الجماهيرية على أحد القاعات الموجودة داخل المسارح فتسمية المنشأة شيء يختلف عن تسمية قاعة داخل المنشأة.
وأضاف: « بالتأكيد الرواد يجب أن يكون لهم تاريخ واضح وملموس وأثر مسرحي وفني كبير، وفيما يتعلق بمسرح السامر استطرد: أرى أن اسم مسرح السامر مناسب جدا لطبيعة المكان، ومن الممكن أن نسمي داخل المسرح قاعة باسم المخرج الكبير عبد الرحمن الشافعي ، وكذلك الفنان زكريا الحجاوي باعتباره الرائد الأساسي في هذا الاتجاه، وكذلك تسمية القاعات باسم الفنان أحمد إسماعيل والفنان بهاء الميرغني فهما من رواد السامر           


رنا رأفت