العدد 790 صدر بتاريخ 17أكتوبر2022
بداية، حسنا أنه أخيرا أدرك القائمون على بعض الفعاليات المسرحية أن التجديد ما يكون دائما في المتن، ثم تأتي بعد ذلك طريقة تقديمه سيرة على عجل؛ تدرك بأن الممثل الإغريقي الثاني وضعه مؤلف. وكسر الوحدات كانت عن طريق مؤلف. وصولا لإبسن وميترلنك وشيوخ العبث. حتى في النصف الأخير من القرن الماضي وبدايات هذا القرن. عندما اتسعت سطوة المخرج، كان المتن هو الأصل في التجديد. فالتجديد جاء على يد المخرج المؤلف في الأساس مثل بريخت وداريو فو. أو مخرج يستخلص المتن الخاص به من خلال متن سابق مثل بيتر بروك مثلا.
إذن فالبداية كانت من النص. وحسنا فعل المهرجان التجريبي بإدراكه هذا. وإقامة مسابقة للنصوص التي تحمل بعضا من جدة؛ أو اتجاهات جديدة. ولكن هذا الإدراك تشوبه شائبة كبرى. ألا وهي حصر هذه الجدة؛ في نصوص ذات طول معين. ألا وهي النصوص القصيرة جدا . وللأسف لم يأت هذا الحصر نتيجة دراسة أو بحث؛ وإنما ربما يكون سعيا وراء ما استجلبه البعض من دعاوى للـ(الميكروتياتر). متناسين ربما أن العروض القصيرة جدا لا تخلق ليلة عرض؛ يقبل عليها الجمهور دافع ثمن التذاكر. وإنما تصلح في عروض مهرجانية شبابية لا يكون فيها الدخول فيها بأجر. حيث ف الليلة أكثر من عرض. ويتحمل الجمهور مشقة انتظار تجهيز المسرح للعرض الثاني والثالث.. إلخ. فهو لم يدفع؛ فعليه أن يتحمل.
نعم هي خطوة جيدة. صحيح يشوبها بعض النقص. ولكني أأمل أنه في الدورة القادمة سيفتح الباب لكي يكون النص المسرحي فقط، ولا بأس من إضافة فرع للنص القصير جدا؛ لو كانوا مصرين.
شارك إبراهيم الحسيني في هذه الفعالية بنصه (وصفة للاستمتاع بالقتل) وحاز على المركز الثاني .
والحقيقة أنني آثرت ألا أقرأ النص إلا مرة واحدة؛ على الرغم من تصدي للكتابة عنه، وذلك حتى يكون حكمي مشابها لحكم المشاهد الذي يشاهد العرض مرة واحدة؛ ويخرج بحكم ما عن نص العرض.
سأترك جانبا الان التقديم الذي قام به الكاتب للشخصيات. أو الجملة التي وضعها في صفحة مستقلة على لسان شخصية من شخصياته. وأيضا سأتجاوز الآن عن العناوين التي وضعها لكل لوحة من لوحاته السبع؛ وكما قلت سأضع نفسي موضع المشاهد/القارئ.
بعد القراءة مباشرة خلصت لنتيجة مفادها أن إبراهيم الحسيني قد قلب الوضع المتعارف عليه في الكتابة المسرحية خاصة فيما يتعلق بوظيفة النص الموازي؛ أي ما يكتبه الكاتب بين الأقواس ويضعه كمرشد أو دليل سواء كان للمخرج أو القارئ. وهو بهذه الكتابة بين الأقواس يحدد الكثير من الملامح للصورة أو الأداء أو حركة الشخصية. وقد يأخذ بها المخرج أو لا. اما القارئ فلا يملك سوى قرائتها.
فالحقيقة هنا أن ما كتبه الحسيني تحت مسمى بند الحوار. أو الكلمات المنطوقة من شخصيات. هنا تأخذ وظيفة النص الموازي. أما النص الأصلي من وجهة نظري فهو النص الذي وضعه بين الأقواس. فهو يعتبر سيناريو مسرحي كاف واف؛ ولا يحتاج فقط سوى لمخرج يتفهم الصورة التي وضعها الحسيني مابين أقواسه. وطبعا سيستعين بعناصر مساعدة مثل التعامل مع الشاشات والتكنولوجيا..الخ. ويقدمها فقط بدون حوار. وإن استلزم الأمر فسيكون هناك اعتمادا على جمل منطوقة لا تتجاوز العشر جمل. ويكون بالتعاون مع الكاتب؛ إن استعصى الأمر على المخرج في طرح وجهة النظر.
اعذروني لو دللت على كلامي بأن أنقل لكم ما جاء بين الأقواس في اللوحة الأولى:
[أصوات عصافير تتألم، تظهر آتيةً من بعيد، إضاءة صباحية تكشف عن مكان يظهر كمخزن للنفايات، ومضات إضاءة متقطعة تـــُـصدِر أزيزًا مُـزعجًا يصدر عن الأجهزة الألكترونية المُـحطمة، نرى رجلًا يحتضن «روبوت» لفتاة محاولًا تقبيله، مجموعة من الناس تزحف مُـتصارعة للوصول لإناء تتساقط داخله قطرات الماء فى محاولة بائسة لإرواء عطشهم، طفلان يحمل كلٌ منهما «كيبورد» ويستخدمه كمضرب تنس، ويتلاعبان برأس بشرى مقطوع ككرة، يقف بينهما ثلاثة مشوهين كحائل، نراهم يتماوَجون كلما مرّ الرأس من فوقهم، تتصاعد موسيقى متوترة وحوارات غير مفهومة، يهاجم المكان مجموعة روبوتات مسلحة، يحُـط غراب وهو ينعق بشدة على شجرة جرداء متفحمة.
تتلاشى الإضاءة، ثم تسطع بؤرة ضوء على وجه «آدم» الذى يستيقظ مفزوعا، يتغير المكان لشقة آدم].
هذه الكلمات التي لا تأخذ منك دقيقة في قراءتها، ليست سردا عاديا؛ ربما تكون توصيف لحالة الكابوس؛ الذي ستعرف فيما سيأتي أن الكل يعيش فيه. ولا يراود أحلام البطل فقط. وهي حالة شديدة التعقيد. خرجت بك من الوصف العادي للشاعرية. فهذه الدقيقة في القراءة لو حاولت شرحها ستأخذ منك أكثر في الوصف. وكلما أسهبت؛ كلما أدركت أنك ربما أغفلت معنى أو اثنين، فالعصافير المتألمة ومخزن النفايات . والومضات التي تشبه ومضات المطاردة. ثم بعد ذلك الزحف نحو قطرات المياه .. ماهو إلا نتيجة للذي يحتضن الروبوت. والصبيين اللذان يلعبان ألعاب القتل بلوحات المفاتيح؛ والمشوهين الذين يراقبون هذا وربما يتربحون منه، ثم النهاية على يد ماكان مفترض أنه مسخر للخدمة والرفاهية لا للفناء. لوحة شاعرية لو تم تنفيذها على المسرح، طبعا ستأخذ وقتها. وهي من وجهة نظري نص مسرحي كامل؛ يبتعد عن دعاوى ما بعد الدراما؛ ويمنحك حالة سيتوحد فيها الجميع وصولا لمفهوم عام وشامل؛ قد يكون مبهما عند البعض؛ وقد يكون واضحا عند الآخرين. ولكن الكل سيتشارك في الأسباب والنتيجة؛ وحتى عندما أعلن الحالة وموقفه منها لم يرتكز على إبداعاته فقط؛ فهو يكتب للآخرين. فأتي بعلامات ترشد المتلقي/ المشاهد/المتعامل. مثل أصوات العصافير التي تتألم؛ والغراب فوق الشجرة الجرداء. ليعين على الفهم العام أو ليضع إطارا للتأويلات.
اسمح ي أن أنقل لك تكلمة ما جاء بين الأقواس في اللوحة الأولى: [شقة «آدم» ذات أثاث بسيط، تمتلئ الحوائط بصور للوحات تشكيلية تعبر عن مآسى الحروب مثل: «الصرخة» للنرويجى إدوارد مونش، «كرونوس يأكل أبناءه» للإسبانى جويا، «مذبحة خيوس» للفرنسى إيجين ديلاكروا، «الحرب» للبلجيكى لويس جاليت، «الطفل الباكى» للإيطالى جيوفانى براغولين، «الجرنيكا» لبيكاسو، بالإضافة للوحة بيضاء فارغة، يتجه «آدم» للنافذة وينظر ...] .
هو هنا أخذنا من المفهوم الكلي الشاعري الذي ربما يستعصي على التخصيص فيما بين أقواسه الأولى. ليقول بكل وضوح أن هذه الحالة الماضية ربما تكون كابوسا يراود شخصيتنا التي هي آدم؛ مع عدم إغفال ما يحمله اسم آدم من دالات. ولكن دالاته هنا ليست مطلقة بل محددة بنوع هذا الآدم الذي ينتقي تلك اللوحات ؛ وإن كنت أعترض على وصف اللوحات التي.. تعبر عن مآسي الحروب ... فكان يكفيه أن يقول: تمتلئ الحوائط بصور للوحات تشكيلية مثل... الخ. لنعرف ماهية هذا الشخص ونسقطه على نمطه أو نسقط نمطه عليه. فهو هذا الإنسان المتوسط المفعم بالفن والعارف بالثقافة والمنتج البشري. وفي نفس الوقت كان ممكن يحاولون الترويج لأنفسهم بأنهم يكرهون الحروب . ويتمنون الخير للبشرية _ هذا سيتبين زيفه فيما بعد _ وربما أيضا سيحيلك الأمر ومن خلال تلك اللوحات لماهية هذا الشخص ؛ ففرصة انحيازه للغربية أكثر من انحيازه للبشرية عموما. وإن كان يحمل الدالين. هذا نتيجة تلك اللوحات ذات الأصل الغربي. ولو شاء الحسيني أن يصفه بالشمول لوضع اسم للوحة من اللوحات الشهيرة للفنانين الشرقيين وهو بلا شك يعرف أسماء لوحات الفنانين المصريين والعرب وكان يكفيه الإشارة للوحة» صبرا وشاتيلا» للعراقي ضياء العزاوي ليعطي الشمولية. ولكني أميل لأنه آثر انحياز الشخصية للمعسكر الغربي. ولكنه في نفس الوقت حينما تسترسل في القراءة ستجده فيما بعد استخدم أسماء عربية، حتى يجعلك تعتقد أنه يعالج المعسكرين معا. أو يأتيك أحدهم بتفسير أنه؛ أي آدم بطلنا هو شرقي عربي؛ لكنه طبقا لأشياءه هو محمل بالثقافة الغربية لا العربية.. سواء استهجنت أو استحسنت التأويل فهو مازال قائم. وأنا أذكر هذا لا لأشير لعيب في المتن، ولكن أذكره تأكيدا لتنوع دالاته؛ وهو في نظري شيئا جيدا.
كما أن وصفه تلك اللوحات عندما توضع على خشبة المسرح فهي دالات قائمة بذاتها؛ من الممكن أن تتخذ معاني أكبر عندما تصبح جزءا من حدث أو دافعا له أو تصويرا لمآل. وأيضا في هذا التوظيف يقصر الحسيني جمهوره على من يقدرون على الوصول للحالة الشاعرية ويتفاعلون بها. وهم مجموعة من العارفين بتلك اللوحات.
ولكن أمام هذه التفسيرات يضعك الحسيني أمام إشكالية أخرى؛ لا تتناقض كطلية مع مضمون اللوحات. ولكن تأخذها لمنحى آخر. تمثل الأمر في تلك اللوحة البيضاء الفارغة؟ هل تتعامل معها على أنها موجودة فعلا ووضعها البطل فوق الجدار؟ تعامل لا يستقيم مع ما قدمته الإشارات. إذن هل تكون لوحة مستقبلية؟ أي أنها لوحة لم ترسم بعد؟ ولكن لمن. وبماذا تعبر؟ ومن وضعها أيضا؟ هل سيحيلك الأمر أن تلك اللوحات ربما تكون مفروضة على الحالة وليس البطل هو من اقتناها؟ هناك إشارة في اللوحات التالية تعبر عن معرفته بالأمر!! كيف الخروج من هذا اللبس؟ أعتقد أن الخروج سيكون في التنفيذ عندما لا تختلط تلك اللوحة باللوحات الأخرى بأي طريقة يراها المخرج؛ حيث سيكون لها شأنها ووضعها فيما بعد. ولا بأس بإثارة التساؤلات، وتعدد الأجوبة؛ ما دامت في نطاق واحد حتى وإن تعارضت.
بعد اتجاه البطل للنافذة يقرر ماهو كائن صوتيا ثم تأتي الأقواس: [ إظلام مع سطوع بؤرة إضاءة على لوحة «الصرخة» التى تصور رجلًا يصرخ وسط غيوم سوداء ودموية، يخرج بطلها من داخلها ضاحكًا بهيستيريا...]. يذكره رجل الصرخة بأول مرة رآه فيها/ شراء الصورة، ويذكره بقصة حب ربما كانت صادقة ولكنها ولت؛ ويختفي رجل اللوحة. فيظن نفسه أنه مازال في الكابوس، فتأتي الأقواس مرة ثالثة بعد أن استوعبنا الأمر لتدفع الحدث للأمام: [ بضيق يـُـخرج «آدم» صندوقًا قديمًا، يتناول قنبلة، ينزع فتيل الأمان، يلقيها لكنها لا تنفجر، يركلها بغيظ، موبايله يرن، يرد، تظهر «نوال» فى العمق بإحدى الزوايا، نراها تتكلم وهى تأكل، وإلى جوارها عازف أعمى يقدم مقطوعة رومانسية].
ثم حوار يؤكد أنه/ نحن أصبحنا مراقبون فبعد محاولته الفاشلة للانتحار. يكون الاتصال لعرض خدماتهم عليه في مقتله. وفعلا يختار طريقة. إلى أن يدخل (كامل) البقال. يدور حوار يستهجن فيه كامل انتشار( الروبوتات) وأنه كان الأولى أن نشتري الأدوية والغذاء بدلا منها.. وأن هناك خمسة قتلي من أجل رغيف خبز؛ وأصحاب المحال يشترون (الروبوتات) وطرد العمال. ولكنه يتذكر الواقع المصري الخاص فيتحدث عن الغلاء. وكيفية معاناة أصحاب المعاش في إثبات أنهم على قيد الحياة. هنا ثانية يحاول مزج الأمرين معا/ فأصوات الباعة الجائلين في مصر تعلنك أنه مازال وقت لتحدث ثورة الروبوتات هنا. والإشارة إلى (الروبوتات) ربما تعني مجتمعا. أو ربما هي تكأة لتفشي البطالة .
ثم ينهي لوحته بالأقواس أيضا: [مُـمتعضا يخرج «كامل»، يظهر بطل لوحة الصرخة وكأن غيوم اللوحة كشفت عنه، يواصل ضحكاته الهيستيرية، بينما «آدم» ينظر إليه، وكأنه ما زال داخل كابوسه...].
تبدأ اللوحة الثانية بالأقواس وكابوس ثان. ثم فتاةة تدخل وتمنحه (لاب توب ونظارة v r ) وتطلب منه ألا يحاول الانتحار وأن يدخل عالم النظارة والعالم الخوارزمي.
اللوحة الثالثة تبدأ بالأقواس أيضا، وفيها آدم يدخل العالم الذي طلب منه الدخول إليه/ عالم ال vr، ولكي يحصل على ما يريد داخل الحلم المزيف يقتل عشرة من العصافير، ويقتل الزهور، مع استخدام لوحة الحرب التي أتت بين الأقواس أيضا. ويحدث الخلط بين الواقع والمتخيل . ثم نهاية اللوحة بما بين الأقواس حيث ظهور لوحة الحرب وشخصياتها التي ازدادت شراهة . مع المحركة لشركة القتل والعازف الأعمي.
اللوحة الرابعة تبدأ بالأقواس والكابوس المعتاد؛ حيث الفتاة المعصوبة العينين/ العدالة يطاردها البعض ويطعنونها ويمزقون ملابسها. ينظر من النافذة؛ أصوات الرصاص والقتل؛ فيأتيه أحدهم ليدخله العالم الافتراضي حيث يملك شركة حصل عليها بعد أن مثل ببعض الجثث وأحرقكم أحياء في لعبة ما. ثم يحدث التداخل بين الواقع وعالم النظارة. ثم يقوم بفصل بعض الموظفين. وتنتهي اللوحة بما بين الأقواس حيث لوحة كرونوس. والسيدة تأكل اللحم النيء، وعجوز أشيب يأكل كفلا صغير بوحشية.
اللوحة الخامسة كسابقاتها. حيث فتاة بشعة تتجرد من ملابسها أمامه. يستيقظ برعب؛ ولكنه لا يذهب للنافذة. حيث يدخل البقال يخبره أنه قد تم طرده من جانب والده لأنه لم يحصل النقود منه. فيمنحه أثاث بيته ليبيعه ولكنه لا يتخلى غن النظارة. ويلمح آدم ولع البقال بالنظارة فيستغله أن يأتي له بالطعام مقابل أن يجعله ينظر فيها لبعض الوقت/دخول عالم ال vr، تدخل الأقواس وفيها يقتل الحسناوات والطيور والحراس فوق لوحة الجرنيكا. ثم يصرح بأنه قد استمتع بالقتل.
اللوحة السادسة تبدأ بالأقواس ولكن لا كابوس. حيث آدم والبقال يتشاركا النظارة؛ ويخرجان بأن كلا منهما يشاهد شيئا غير الآخر. ولمجرد الاستمرار في اللعبة دون أن يعرف نهايتها؛ يقوم آدم بقتل من استمتع معها من قبل في عالم النظارة. ولكن كامل/ البقال يختطف منه النظارة ويرتديها هو، فتنبعث الفتاة تراقصه.
اللوحة السابعة والأخيرة. وهي تعتمد على مابين الأقواس تماما؛ سوى جملة من السهل التخلص منها. حيث آدم وكامل يتبادلان النظارة . ويقوم آدم بالقتل . ويدخل طفلان يأخذان رأس قتيل ويلعبان بها. ويخور آدم . ويأخذه الرجل المسن للوحة البيضاء . حيث تم قتل آدم، ومازال كامل البقال مشغول بالنظارة.
لم أقدر أن أحلل اللوحات الست كما فعلت في الأولى لضيق المساحة. ولكني كما قلت الكتابة التي مابين الأقواس هي المتن الرئيسي. والحوار والكلمات المنطوقة هي النص الموازي أو المساعد. المؤلف ربما لشرح ما يريده فيما بين الأقواس. مثل التأكيد على غياب الإنسانية والتحول عند ممارسة أعمال العنف. لدرجة أنها لم تعد لعبة. وربما علم الحسيني بما تواتر من أعوام عن قيام السلطات الأمريكية بتجنيد بعض الصبية عن طريق براعتهم في ألعاب القتل . وخاصة قيادة الطائرات المسيرة. حيث البداية وهم يشعرون أنهم يلعبون والنهاية بإدراكهم أنهم فعلا يقومون بالقتل. التأكيد على أن تلك العوالم غير الواقعية بالحاج تصبح عند بعض الناس واقعا ويتعاملون معه على أنه كذلك مضحين بالواقع الفعلي ومن يعيشون به. وأن هذا العالم له من يديره ويستفيد منه. بل أن كل الحركات أضحت مراقبة ومعلومة من جانب من يدير. القائمون على الأمر لا يهمهم الناس بل الأرباح. عن طريق تسويق (الروبوتات) وما في حكمها، الحرب المستعرة داخل المنزل ربما تكون حربا حقيقية. وربما تكون أيضا حربا لا معنى لها سوى اجتياح العنف للنفوس. فمن ثم من الممكن أن تموت العدالة في مقابل انتشار ( الروبوت) والنظارة . طبعا مع التركيز أن التماهي مع هذا العالم ماهو إلا قرار بالانتحار الانساني على كل المستويات.
الحوار والكلمات المنطوقة ربما وضعها الحسيني خشية من عدم الفهم فقام بالشرح. وأيضا هناك بعض الجمل المباشرة لتنبيه من يقرأ أنه لا يتعامل مع شيء خيالي كما يبدو من المتن. وربما أدرك أن صانعي المسرحيات القائمة على السيناريو لا الحوار في مصر هم مؤلفوها ايضا. وأنه إذا اقتصر على السيناريو ربما لا يجد لها طريقا.
ولكن مع كل هذا فالنص الذي أمامنا مع اعتراضي بعض الشيء على غير مابين الأقواس يملك ميزة بهذا الشيء. فهو مع مخرج واع متمكن يتناول القضايا الكلية التي بالضرورة تمس واقعنا الخاص. ربما يعتمد على السيناريو فقط. ويستعين بتبيان الجمل المنطوقة التي لابد منها بأدواته المسرحية حتى لو كانت لافتات أو وسائط ... الخ. ومع مخرج آخر يبحث عن الأداء التمثيلي والصوت وأن المسرح مجرد كلمة سيعتمد على الكلمات المنطوقة. وهناك من سيأتي ايضا ويفكك بعض اللوحات فيما بين الأقواس؛ ويصنع منها حوارا. كما أن العناوين التي وضعها الحسيني للوحات ليس المقصود منها يقينا أن تخرج امام المشاهد؛ مع انه من الممكن القيام بذلك. بل وضعها الحسيني بشاعرية لتقول للمخرج المتعامل معها أن الأمر أكبر من التفسير اللحظي أو الواقعي للصرف للأحداث؛ مثل عنوان اللوحة الثالثة ( من يقتل وردة؛ يقتل إنسانا) أو يوجه لطريقة التعامل مع اللوحة حيث يضع الرسالة الرئيسية في العنوان. مع عدم إغفال ان من طرق القتل هذه الأيام. هو إغراق المرء في المتعة حتى لو كانت غير حقيقة أو عن طريق ال vr.