«أبو الأحلام فى دنيا الخيال» على مائدة بحوث أدب الطفل

«أبو الأحلام فى دنيا الخيال»  على مائدة بحوث أدب الطفل

العدد 776 صدر بتاريخ 11يوليو2022

أقيم الأسبوع الماضى بمركز توثيق وبحوث أدب الطفل بالإدارة المركزية للمراكز العلمية برئاسة د اشرف قادوس ندوة لمناقشة نص «أبو الأحلام فى دنيا الخيال» تأليف وأشعار الكاتب عبده الزراع، وذلك بالملتقى الشهرى الثالث والأربعين لمبدعى ونقاد أدب الطفل وتحدث بالمناقشة الكاتبة المسرحية صفاء البيلى، الناقد جمال الفيشاوى وأدارتها كاتبة الأطفال هويدا زكريا. استهل المناقشة د. اشرف قادوس موضحا: مركز توثيق وبحوث أدب الطفل يعد بيتا لكل أدباء الأطفال والمهتمين من نقاد وفنانين تشكيلين .. إلخ، في مجالات أدب الطفل، نستمتع بين الحين والآخر بانعقاد هذا الملتقى الذي أصبح من أهم الفعاليات التى يقيمها المركز، وشرف كبير فى هذا اليوم أن نناقش أحد أعمال الكاتب عبده الزراع، وهو غنى عن التعريف وإسهاماته فى مجال أدب الطفل مشهود لها بالكفاءة،وقد أصبح فاعلا فى أكثر من مكان وهو ما يهمنا. 
 فيما أثنت الكاتبة هويدا زكريا على نشاط الكاتب عبده الزراع وإسهاماته، في أدب الطفل مشيرة إلى أنه يقدم أعماله بيسر وبساطه دون افتعال ولديه نماذج كثيرة ومحتك بالأطفال بشكل مباشر، وكذلك بالفنانين الذين يكتبون للأطفال، والأماكن الإبداعية للأطفال وهو يشعر بالطفل ويعى ماذا يريد، وكذلك تتمتع أفكاره بالسلاسة والتدفق و تخلو من التعسر وسهل بسيطة 
وتابعت: ما يميز الكاتب عبده الزراع انه شاعر وهو ما أثر على كتابته فجعل أعماله المسرحية لها مذاق خاص، أضافت: الأشعار فى هذا النص تمثل المعادل الموضوعى للنص بأكلمه، وقد عبرت عن كل أفكار النص وساعدت الطفل على اكتشاف ما يحدث فى اللوحات التالية على سبيل المثال “الأوفرتير” تتحدث عن الحلم وهو ما عبرت عنه الأشعار، وأعطي للمتلقى مساحة رحبة لفهم النص، فاللغة الشعرية تعد من أسهل اللغات لأن بها تناغم والطفل يميل إلي حالة الغناء واللعب، وقد تميز الشعر فى النص باليسر والسلاسه والبساطة وهو ما أعطى انطباعا عن رشاقه النص. 
وفيما يخص شخصيات العمل أضافت : شخصيات العمل قليلة و أسرية وهو ما جعل هناك تكثيف وعدم تشتت، واستخدام الكاتب لأسماء الشخصيات له دلاله مثل الشمس والقمر واستخدامهما فى لوحه كبيرة ليمرر لنا بعض المعلومات، فجعل الأسماء قريبة من ذهن الطفل، وأعطانا معلومات عن الكواكب والنجوم، وأوضح من خلال النص فكرة الحلم وكيف نستطيع أن نفكر وأعطى الطفل حرية التفكير والإبداع، واستخدم فى ذلك الرسم، حيث يقوم كل طفل برسم ما يأتى فى مخيلته وبداخله، وهو ما يغرس فى الطفل حرية الإبداع ، وينمى خياله ويفتح مداركه، والشىء الثانى هو حرية التفكير وظهر فى لوحه حسونه والطفل شمس بطل المسرحية، وهو ما أعطانا فكرة عميقة أن التفكير مهم جدا فى حياة الطفل. 
وفى قراءة سريعة لنص “ أبو الأحلام فى دنيا الخيال” قالت الكاتبة المسرحية صفاء البيلى: بالنظر إلى نص (أبو الأحلام في دنيا الخيال) لا تدور أحداثه في زمن محدد، فهو يدور هنا والآن من خلال الشخصيات الرئيسية: الأم والطفلين والمدرسة، مع التجوال عبر الحلم في أزمنة أخرى محددة بتاريخ معين، كزمن عباس بن فرناس وحكاية الفضاء. 
 تابعت : النص يدور خلال مكانين، وعالمين: الأول البيت والمدرسة، البيت الذي مثل مرحلة التمهيد للأحداث الهامة التي سوف تحدث في المدرسة وبخاصة في فصل أبو الأحلام، وقد استغرق من الواحدة ظهرا و حتى الحادية عشر ليلا بمعنى انه مشهد ونصف المشهد للتمهيد والتقديم للحدث الأصلي. لإدخال الطفل في عالم البحار من خلال حدوتة مالك الحزين ونور الوجود التي تبدو أنها من حكايات ألف ليلة وليلة. 
وأما عن الفئة العمرية تابعت قائلة : يرتبط التلقي عند الطفل بأسلوب الكاتب الذي يتبعه لتوصيل رسالته الموجهة إليه عن طريق عدة أدوات “اللغة “ التي يعبر عنها الكاتب بالتراكيب اللغوية والمعاني وتقديمها في وسيط آخر (الشعر) الذي يحوله المخرج لوسيط ثالث بإضافة عنصر الموسيقى إليه والغناء. ولكي ينجح الكاتب في توصيل رسالته للمرسل إليه “ الطفل” عليه مراعاة الفئة العمرية فهى التي ستحدد كيف ستكون اللغة والتعبيرات والأشعار والموسيقى .. إلخ 
 وأضافت :على غلاف النص لم يتم تحديد الفئة العمرية التي توجه لها الكاتب عبده الزراع بعمله المسرحي وهذا أمر مهم.. جدا وهو خير من يعلم هذا لدربته وممارسته الكبيرة لفنون الكتابة للطفل .. فليس كل ما يقدم لفئة عمرية يصلح لفئة غيرها فقد قسم علماء النفس والتربية الفئات العمرية التي قد تبدأ من 3 سنوات وهى فئة ما قبل الحضانة وهو أصعب أنواع الكتابة حتى 18 سنة وهى فئة الفتيان، وأرى أن النص يصلح للفئة من 9 إلي 12 فهو مناسب جدا من حيث اللغة والأحداث وتعقيد الحبكة والأشعار. 
 واسكتملت قائلة عن بناء الشخصيات “تنوعت شخصيات النص المسرحي بين شخصيات العائلة ورفاق الفصل وشخصيات الحلم في المملكتين والشخصية التراثية عباس بن فرناس وشخصيات الحكاية الأخيرة رحلة الفضاء وملاقاة أفراد المجموعة الشمسية والتعرف عليها فى الحقيقة. 
 وتابعت : كنت أنتظر وصف الشخصيات وكذلك ذكر سمات شخصيات المملكتين اللتين زارها أبو الأحلام، فلم يتم وصف شخصياتهما.. ولم تظهر ملامحهما في النص حتى يستلهمها المخرج عند تقديم النص وهو لب مسرح الطفل.. فمثلا الملك الحزين.. ما شكله وهيأته هل هو سمين؟ قصير طويل، مدبب الأنف .. جاحظ العينين شكله مضحك، كئيب؟ ما ملابسه مزركشة؟ قاتمة.. ضيقة واسعة.. يرتدى على رأسه مثلا تاجا من شوك الأسماك أو من الشعب المرجانية الملونة والموجودة في عمق البحار أيضا.. لماذا سمي بالحزين؟ هل هو حزين فعلا؟ إذا كان فما سر حزنه؟ وإذا كان حزينا فلماذا يقهقه في بلاهة وهو يتحدث مع أفراد قصره دون سبب؟ كان علينا أن نقرأ بعض الجمل لتعبر أو تبرر لبعض الأفعال لأن هذا تكرر مع الملكة نور الوجود. 
سبب الحرب الطاحنة بين المملكتين جاء سريعا وفي جملة قصيرة الاستيلاء على خيرات مملكة الزهور من الياقوت والمرجان وأسر الوصيفات الجميلات (لماذا الوصيفات الجميلات؟ كان ممكن أن نقول وسبي نساء المملكة مثلا. وفي جملة تلوح بها الملكة نور الوجود أن العداء قديم من أيام أبيها الملك كهرمان ..ثم أنها من توجه الأمر لبدء الحرب وتوجيه الطعنة له ثم أيضا القبض على الملك الحزين وجعله أسيرا .. كما أن المشهد الخامس جاء سريعا بلا مقاومة ولا صد هجوم وهو ما لا يتناسب مع حيطة الحزين مع كل غريب.. وسجنه الدائم لكل غريب وفيما يخص اتخاذه أسيرا فالأسير لا يسمى أسيرا الا بانتقاله من مكانه، مملكته، إلى مكان عدوه المنتصر (مملكة نور الوجود) وفي النهاية بالطبع يريد الكاتب ترسيخ مبدأ أن الخير هو الذي يكسب أخيرا وينتهي الحلم نهاية سعيدة وهذا بعيد بعض الشيء عن الواقع.. أضافت: كنت أنتظر أن تكون الحرب بين المملكتين لسبب درامي أكثر قربا من واقع الطفل.. كأن يريد أحدهما الاستيلاء على مصانع الآخر أو الأفكار أو التكنولوجيا.. الخ. ونرى مثلا وصف فتحي للحلم بالمرعب وهو ليس مرعبا نهائيا 
وفيما يخص لغه النص قالت : اللغة بسيطة تقترب جدا من اللغة اليومية الطبيعية التي تميل للدعابة والمرح، هى فعلا لغة بسيطة وسهلة ومعبرة ومناسبة لهذا السن مع التلميح إلى أن الكاتب كان يشتاق للفصحى فيجنح أحيانا لاستخدامها خاصة في حكاية المملكتين وقد حدث ذلك ربما في اللاوعي في حديث نور الوجود. 
 واستطردت: في حكاية عباس بن فرناس في الأوفرتير .. الصوت / الحكي/ ربما جاء الكاتب بالصوت وهو يقدمها بالعربية الفصحى لإظهار الفارق الزمني بين الماضي والحاضر، لكنني أرى أن توحيد اللهجة العامية في النص كله سيكون مثاليا لتقريب الحكاية من الطفل .. كذلك رحلة الفضاء ولقائه بالمجموعة الشمسية. 
وأما عن أشعار النص فقالت :جاءت الأشعار بسيطة تؤدي المعنى المراد، كنها في أحيان تطول بلا داع.. مثلما في الأوفرتير مثلا.. تعبر عن معاني الخيال والجمال وأيضا محبة القراءة .. ثم في النهاية “الفينال” عن الأحلام والأمل في تحقيق الأحلام لكنها تفاوتت في مكان النص فنجد أن عدة مشاهد خلت منها تماما كالثالث والرابع والخامس، ومشاهد كالسادس مثلا به أغنيتان (الكتاب والعلم) وأغنيتان في السابع.. وواحدة في الأول أوفرتير وواحدة في الثاني 
وعن الحبكة تابعت قائلة :الطفل شغوف دائما بالحكايا وبخاصة في هذا السن .. شغوف بالخيال والسحب وعالم البحار والفضاء واللا معقول.. ومن الجميل أن الكاتب جعل من حصة الرسم الوسيط للدخول في عالم خيال أبو الأحلام، ومع إنني أراها حيلة مناسبة حيث أن الرسم يقوم على إطلاق الخيال الحر ليذهب به الطفل إلى حيث يريد.. إلا أننى كنت أرى الأجمل والأمثل مثلا أن تكون حصة حكي أو مسرح بدلا من الرسم.. ولكن لا بأس من الرسم فالفنون جميعا قادرة على تحريك خيال الطفل وليته استعان بشاشة عرض كما فعل في الحكاية الثانية عباس بن فرناس، وقالت : النص ممتليء بالأخطاء الدرامية الخاصة ببناء النص وعلى الكاتب تفاديها قبيل الطباعة فلا يفرق المصحح بين التاء المربوطة والهاء وكذلك السقوط في بئر ألف الوصل وهمزة القطع.. وكذلك علامات الترقيم من استفهام وتعجب .. الخ ففي موضع الاستفهام لا نجد العلامة و هذا يزعج القاريء ولا يوصل المعنى الذي أراده الكاتب 
 الناقد جمال الفيشاوي قال: الأستاذ عبده الزراع مثله مثل أي كاتب مسرحي يكتب نصه الدرامي (المسرحي)،ويتمني عرضه على خشبة المسرح، ومن وجهة نظري نحن نتعامل مع نص درامي ( مسرحي) وضع بين دفتي كتاب يسأل عنه الكاتب عبده الزراع ويعتبر النص جنسا أدبيا قائما بذاته يستطيع القارئ أن يستمتع به ويتخيله وتختلف درجة الاستمتاع بالنص من شخص إلى آخر ويتوقف ذلك على نشأته وبيته وثقافته، أما عندما يتم تقديمه علي خشبة المسرح يصبح نص العرض ويسأل عنه المشاركين في العرض المسرحي، ويكون المخرج هو المسئول الأول والأخير. 
 وتابع: أتحفظ على بعض النقاط التى قالتها الأستاذة هويدا والأستاذة صفاء، فعلى سبيل المثال قالت الأستاذة هويدا أن الأستاذ عبده الزراع لم يقصد التنمر وأن العصفور حسون قام ببناء عشه وهكذا. ومن وجهة نظري أقول أن الكاتب لم يذكر أو يشير بأى كلمة للتنمر لكن من خلال ما طرحه أن عش العصفور حسون تعرض لرياح شديدة كادت أن تعصف به، وقام بجمع القش والأعشاب الصغيرة حتي يقوم بتثبيت العش والحفاظ عليه من الانهيار وهذه دعوة للعمل، وبدأت هذه الدعوة من خلال عصفور صغير صديقاً لشمس أطلق عليه الكاتب أسم حسون، 
وأضاف: “ الأستاذة صفاء كاتبة وناقدة ولكن عند مناقشتها للنص اعتقد -من وجهة نظري- أنه يغلب عليها الكاتبة أكثر من الناقدة . أضاف : كاتب الأطفال دائما يترك مساحة من حرية الإبداع لمن يقوم بتقديم نصه الدرامي على خشبة المسرح ونحن نعلم أن النص يقدم في أكثر من جهة إنتاج وبرؤي مختلفة. 
 واعتراضي على ما قالته الأستاذة صفاء أننا نتعامل مع ما قدمه الكاتب ولا نقول انه كان يجب أن يكتب كذا أو كذا أو تعميق هذه المنطقة، فمن وجهة نظري أن تحليل وتأويل النص يكون بما كتبه الكاتب، وأشارك الأستاذة صفاء في ملحوظات كثيرة تتعلق بتقنية الكتابة المسرحية، وقد ذكرت أن المؤلف لم يحدد عمر ووصف الشخصيات،وهذا صحيح وكان يجب على المؤلف كتابة ذلك من خلال الإرشادات المسرحية بصرف النظر عن وجود مبدع أخر سوف يقوم بتقديم العمل على خشبة المسرح، وأيضا بصرف النظر على أن هذا المبدع سوف يستعين بهذه الإرشادات أم لا. 
وقال: الكاتب يتأثر بالبيئة والنشأة الاجتماعية والثقافة، فالكاتب عبده الزراع يتضح من خلال النص مدي تأثره بدراسته للفنون الشعبية في المعهد العالي للفنون الشعبية، فقد شعرت بتأثره بألف ليلة وليلة، وقد ركز في النص تركيزاً كبيراً على الأبعاد التربوية والثقافية والاجتماعية والتعليمية وقد كتب النص بعيداً عن البناء الأرسطي (بداية – وسط – نهاية) ولم تذكر الأستاذة صفاء من خلال عرضها الصراع، وأقول أن الصراع في هذا النص كان بين شخصية الملك الحزين والأميرة نور وهما شخصيتان كتبهما المؤلف ليصنع بهما الصراع على الرغم من أن الشخصية الرئيسية هي شمس ففي بعض الأحيان يخلق الكاتب شخصيات تساعد على تدفق الأحداث وخلق التشويق لدي المتلقي 
وقد وضع الكاتب بعض الكلمات البسيطة من عصرنا الحالي مثل واتساب وأميل ونت، وهي خاصة بالتكنولوجيا التي يستخدمها الطفل في حياته اليومية ووظفها في حرب الأميرة نور ضد الملك الحزين وأقول أنه توجد حروب تسمي حروب الجيل الرابع والخامس وهي عن طريق الإشاعات باستخدام السوشيال ميديا فهو استخدام ذكي وقدمه الكاتب ببساطة 
 واستطرد قائلا :أما عن الأشعار فقد نجح الكاتب أن تكون لها أهمية درامية ومن نسيج العمل كما استخدامها كحلية من خلال تقديمها حتي يلتقط المتلقي أنفاسه ليستقبل معلومة جديدة حتى لا يحدث تشويش للمعلومات حيث أن الكاتب قدم معلومات علمية واجتماعية وثقافة داخل العمل وهو ما يميز مسرح الطفل.
 


رنا رأفت