مفهوم العدالة وتمثلاتها فى النص المسرحى العراقى المعاصر

مفهوم العدالة وتمثلاتها فى النص المسرحى العراقى المعاصر

العدد 776 صدر بتاريخ 11يوليو2022

تمت مناقشة رسالة «مفهوم العدالة وتمثلاتها فى النص المسرحى العراقى المعاصر» للباحثة هبه عمران نجم، يوم 20 من شهر مارس الماضى، فى جامعة بابل كلية الفنون الجميلة، تكونت لجنة المناقشة من أ.د حميد علي حسون رئيساً، أ.د محمد كريم الساعدي عضواً، أ.د شاكر عبد العظيم جعفر عضواً، أ.د غصون محمد عبد المطلب عضواً،  ا.د رقية وهاب بيرم عضواً،  أ.د زيد ثامر عبد الكاظم مشرفاً.
التى منحت الباحث بعد عدة حوارات نقاشية انتظمت وفق معايير وشروط أكاديمية درجة الدكتوراه، وجاءت رسالة الدكتوراه الخاصة بالباحثة هبه عمران نجم:
شكل مفهوم العدالة مرتكزا مهما فى جميع العلوم، كونها من اهم القضايا التى انحسر الاهتمام بها نظريا وعلميا، فهى تنظم بشكل مباشر أو غير مباشر حياة الإنسان وعلاقته بالإنسان الآخر، وتعد العدالة مفهوما إصلاحيا وضرورة من ضرورات الإنسان التى يسعى دائماً للمطالبة بحقوقه وتحقيقها على أرض الواقع، إذ تعد القاعدة الأساسية لكل مجتمع يسعى من أجل رفاهية الفرد واستقراره، من هنا انطلقت الباحثة بالدراسة الموسومة «مفهوم العدالة وتمثلاتها فى النص المسرحى العراقى المعاصر» وقد احتوى البحث على أربعة فصول قد ضم الفصل الأول منهجية البحث وتضمنت مشكلة البحث التساؤل الآتى: كيف تمثل مفهوم العدالة فى النص المسرحى العراقى المعاصر؟؟، أما أهمية البحث فكانت تتمحور بتسليط الضوء على فكرة العدالة كونها من المواضيع الهامة التى لم يسلط الضوء عليها فى مجال المسرح وخاصة المسرح العراقى، لذا تعد هذه الدراسة إسهامة هامة فى هذا المجال، فضلاً عن كونها تعد حاجة ضرورية للمجتمع العراقى ولاسيما فى الوقت الحاضر، من اجل إشاعة الأمن والاستقرار النفسى والاجتماعي والتعايش السلمى الذى يطمح فيه الفرد فى ظل هذه الظروف الراهنة .
تابعت نجم: أما هدف البحث فهو تعرف مفهوم العدالة فى النص المسرحى العراقى المعاصر، وقد امتدت حدود البحث من 2011-2020، أما الفصل الثانى ( الإطار النظرى) فقد ضم ثلاث مباحث، المبحث الأول أنثروبولوجيا العدالة المفهوم المنشأة، وقد شملت على ثلاث محاور،هم العدالة – العدالة فى الحضارات القديمة ( وادى الرافدين ـ وادى النيل ـ الحضارة الإغريقيةـ الحضارة الرومانية)- العدالة فى الديانات السماوية( اليهوديةـ المسيحيةـ الإسلامية).
أما المبحث الثانى: العدالة طروحات ومقاربات فلسفية، فقد شملت على محورين، وهم مفهوم العدالة عند الغرب – مفهوم العدالة عند العرب، والمبحث الثالث قد شمل على تطور مفهوم العدالة فى النص المسرحى، وضم ثلاث محاور، هم عالميا- عربيا- عراقيا، ثم اختتم الفصل بالدراسات السابقة وما أسفر عنه الإطار النظرى من مؤشرات، بينما جاء الفصل الثالث المتمثل بإجراءات البحث المتضمنة مجتمع البحث المتكون من (30) نصا مسرحيا عراقيا كتبت ما بين عام 2011 -2020 ، أختيرت5 نصوص لتمثل عينة البحث بالطريقة القصدية والمسرحيات هى مسرحية صوت الحسين للكاتب « رضا كاظم الخفاجى»، مسرحية أكيتو للكاتب «خزعل الماجدى»، مسرحية فلك أسود للكاتب» على عبد النبى الزيدى»، مسرحية شرف العائلة للكاتب» مثال غازى» مسرحية رصيف 77 للكاتبه «إيمان الكبيسى» وأتجهت الباحثة للمنهج الوصفى لتحليل النصوص وأداة البحث التى بنيت على مؤشرات الإطار النظرى فضلا عما ظهر من تحليل العينة الاستطلاعية التى تم عرضها على الخبراء، أما الفصل الرابع فهو الذى وضعت فيه النتائج والاستنتاجات ثم خرجت الباحثة ببعض التوصيات وقدمت بعض المقترحات التى وجدتها هامة لاستكمال جوانب البحث، وختمت الباحثة البحث بقائمة المصادر والملاحق.    
 قال أ.د حميد على حسونه: بدء أن أختيار عنوان البحث الموسوم «مفهوم العدالة وتمثلاتها فى النص المسرحى العراقى المعاصر» للباحثة هبه عمران نجم، يعد هذا البحث من الموضيع الهامة، فى الوفت الذى تعانى فيه مجتمعاتنا من عدم تطبيق العدالة وإنحراف المجتمع[ فساد، ظلم، غش، نهب المال العام، رشوه، عدم تكافىء الفرص، جهل ، تخلف،.....]إذا نحن بحاجة إلى مثل هذا البحوث لتسخيرها فى خدمة المجتمع، فضلا عن انه مطلب إنسانى ووسيلة هامةوأداة مساهمة فى إحداث التغيير على كافة المستويات، ولا ننسى أن الاسلام حرص على تطبيق مبدأ العدالة على كافة أفراد المجتمع، وقد تضمن القرأن الكريم آيات كثيرةتأمر بالعدل، كما اتسم البحث بالوضوح وعرض قضاياه بأسلوب شيق منظم ومرتب ترتيباً منطقياً من خلال عرض الباحثة لمفهوم العدالة فى الحضارات القديمة والديانات السماوية ومفهوم العدالة لدى الغرب والعرب والمسرح العالمى والعربى، وحتى إختيارها للعينة كان موفقاً، وخاصة العينة الأولى» صرخة الحسين» رضا الخفاجى، بوصفة اى الحسين علية السلام، قتل الظلم من أجل العدالة، تابع حسونه: العدل والعدالة ، إذ أن العدل يتم فيه تطبيق النص القانونى على الواقعة المعروضة بالدعوى، فى حين أن العدالة اكثر شمولا ًمن العدل، إذ يتم فيها البحث عن اسباب التشريع والغاية فيه.
ويضيف د. حميد: عندما تحدثت الباحثة عن المسرح الإغريقى واستشهدت بتلاقيةالاروسيتا ( اجاممنون، حاملات القوانين)بعد ان شكلت اثنتا محاكمه قانونية لأروستس( قاتل أمه) كمجرم اوربات العذاب» حماة النظام الإجتماعى»، وبعد إجراء المحاكمة انتهت ببراءة اورستيس من قتل أمه، فهذه المسرحية تعد من افضل تجسيد للعدالة بوصفها قاعدة اجتماعية اساسية لاستمرار حياة البشر وبدونها يسود الظلم والجور، فينقلب المجتمع إلى فوضى، كما تحدثت الباحثة بشكل علمى عن الكوميديا غفلت مسرحية (الضفادع) لاستوفانس بوصفها اقدم اصول النقد فى الاداب العالمية فى تطبيق العدالة ، وعند حديثها عن عصر النهضة لم تتحدثعن سكشبير الذى تخطت شهرته حدود أوروبا والذى يصفه درايدن بأنه الشاعر الاوحد بين جميع السفراء المحدثين والقدماء الذى يملك أوسع النفوس واكثرها احاطة وشمولاً، وقد جسد العدالة فى مسرحياته افضل تجسيد سواء المسرحيات التاريخية والتراجيدية والكوميدية، أما تطبيق العينة فكان منسجماً مع مشكلة البحث وهدفه، وخاصة العينة الاولى» صرخة الحسين» للشعر المسرحى رضا الخفاجى، هذا الصوت الذى يدعو للعدالة حاملاً رسالة ايه واحده رسول الله، كما كانت العدالة التى جسدها الكاتب المسرحى العربى عبد الرحمن الشرقاوى فى مسرحيته» الحسين ثائراً».
وأشارا.د محمد كريم الساعدى: مفهوم العدالة وتمثلاتها فى النص المسرحى العراقى المعاصر، هى اطروحة مقدمة إلى مجلس كلية الفنون جميلة جامعة بابل، وهى جزء من مطالبات رسالة الدكتوراه فى الفنون الجميلة وخاصة فى التربية المسرحية، وقدمتها الباحثة هبه عمران نجم، وقد كانت تلك الرسالة تحت إشراف أ.د زيد ثامر، وتمت مناقشة هذه الأطروحة التى تضمنت على العديد من الأمور الخاصة لمفهوم العدالة فى النص المسرحى العراقى المعاصر من خلال مجموعة من المحاور التى تناولتها الباحثة منها العدالة فى الحضارات القديمة والديانات السماوية، اذ أن العدالة بأعتبارها اطروحة فلسفية ،مقارباتها فى هذا الإتجاه، وقد تناولت مفهوم العدالة عند الغرب والعرب ثم نقلت الباحثة إلى مفهوم العدالة فى النص المسرحى وكيف تطبق هذه المفاهيم التى استخلصتها الباحثة من خلال ماتضمن مفهوم العدالة.       
 قد اوضح د. زيد ثامر:مفهوم العدالة وتمثلاتها في النص المسرحي العراقي المعاصرللباحثة (هبة عمران نجم) لاريب من أن مفهوم العدالة قد شكل مرتكزا مهما في جميع العلوم الفلسفية والاجتماعية والسياسية بل وحتى الدرامية، فالعدالة تنظم حياة الإنسان بشكلٍ مباشر أو غير مباشر ، وتنظم علاقة الإنسان مع الاخر، فهي ضرورة يسعى لها الإنسان من اجل أن يخلق الاتزان القيمي لبناء نفسه وبناء المجتمع، والعدالة تختلف عن العدل، فالعدل له معنى ثابت في البت والتمييز في سن ووضع القوانين من اجل استقرار الفرد، أما العدالة فهي نسبية وتبحث في كل الحضارات والمجتمعات والاديان وليست ثابتة، من خلال وظائفها العديدة ومن خلال المغايرة والاختلاف هذا من جهة، وعبر مدلولاتها الحقة لكل القيم والمثل التي تنظم علاقة الإنسان بالمجتمع ككل من جهة اخرى، فضلا عن علاقة الإنسان بذاته انثربولوجيا وفلسفيا ودينيا، أن العدالة بوصفها قيمة ترتبط بقيم اخلاقية وسيتسية واجتماعية محددة وموجهة لها، كقيم الحرية والمساواة والخير والحق وغيرها، فهي مطلب انساني مرتبط برحلة نحو البحث عن المكنونات الذاتية، والمسرح بوصفه ابو الفنون، كشافا حقيقيا للمتغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية قد طرح مفهوم العدالة، وهذه الاخيرة تعد واحدة من المفاهيم والقضايا التي اهتمت بها النصوص المسرحية، وتحقيقها يعد من المحاور التي دارت حولها معظم مشاكل الإنسان المطالب بحقوقه وحريته من اجل التغيير، فالاهتمام بفكرة العدالة لم يكن صدفة، بل جاء بعد دراسة محضة، وبعد تتبع الاثر الارسطي واللارسطي الذي ظل مفهوم العدالة يبحث بعمق في معطيات ابداعية ونظريات مسرحية عديدة، ورؤى وافكار ومعالجات الكتاب الذين عكسوا مفاهيم خاصة لها علاقة ولها تواشجات بمفهوم العدالة، وفقا لمعطى انثربولوجي وفلسفي يبحث في ذات الفرد، وينظم علاقاته مع المجتمع عبر مفاهيم متداخلة ومتقاربة في تفسير وفهم العقل ولاسيما النص المسرحي، لقد تضمن موضوع(مفهوم العدالة وتمثلاته في النص المسرحي العراقي المعاصر) مباحث عدة وهي: المبحث الاول: اذ عن بمفهوم العدالة وانواعها، فتطرقت الباحثة إلى تاريخ مفهوم العدالة، اذ افرزت كل حقبة جملة من المفاهيم، منها ما هو قديم ومنها ما هو حداثوي، واهم انواع العدالة هي:عدالة المناصفة ويقصد بها الاعتماد المتبادل الذي يعتمده الفرد في السوق في تحقيق التكافؤ بين المخرجات والاستثمار،  يعتمد على مبدأ الحق والمنفعة، عدالة التكافؤ ويطبق هذا النوع من العدالة على الافراد الذين ينتمون إلى جماعة لها ميول ثقافية وسياسية، ويتقاسمون المخرجات بالتساوي طبقا لمبدأ الفرد من اجل الجماعة من اجل الفرد، العدالة الطبيعية وتتضمن الحق الطبيعي الذي يرتبط بمطالب الحياة أو عدالة الخير المقترنة بمبدأ التفضل والتناصف بالخيرات، العدالة القانونية: وهي التي تلغي الفوارق الطبقية وتجعل الجميع سواسية أما القانون مبنية على فكرة الحق والخير، عدالة التبادل: وهي العدالة التي تفرض على كل فرد أن يعطي غيره حقه كاملا بغض النظرعن قيمته الشخصية أو مكانته الاجتماعية، هي العدالة التي تقر بحرية الإنسان، العدالة التوزيعية: وهي العدالة التي نادى بها ارسطو، والتوزيع هنا يشمل كافة المجالات التي لها علاقة بجودة الحياة وكرامة الإنسان، العدالة الاجتماعية: وهي العدالة التي بموجبها ينال الجميع استحقاقهم على أساس الحاجة والمجهود، الماركسية إحدى الفلسفات التي طبقت ذلك، العدالة السياسية: وهي العدالة التي تعطي للمواطن حق المشاركة في تيسير شؤون الدولة، مثل الترشيح والانتخاب والتعبير عن الرأي والمواطنة وغيرها، العدالة الجنائية: وهي أن تسمح المؤسسة القضائية للمجرم الدفاع عن نفسه قبل إدانته أو براءته، العدالة المتأصلة: وهي العدالة التي تكون متأصلة في ذات الفرد، من خلال حياته ولها علاقة بالمعتقدات الفردية، العدالة الانتقالية: ويرتبط هذا النوع من العدالة بالمؤسسات العالمية والمنظمات الدولية الحقوقية، وللغرض منها استرداد الحقوق المغتصبة الخارجة من الدكتاتورية، العدالة البيئية: وظهر هذا المصطلح في أمريكا في الثمانينات من القرن الماضي والغرض منه اتخاذ الإجراءات القانونية للحد من التلوث البيئي ولاسيما في المناطق الفقيرة من اجل الحفاظ على صحة الإنسان.
تابع ثامر: كما تضمن المبحث الحديث عن العدالة في الحضارات القديمة، كحضارة (وادي الرافدين) والتي أسهمت الطبيعة كموضوع أساسي فيها ورمزت فكرة العدالة بالماء والأخلاق والدين، أما حضارة (وادي النيل) قد بنيت فكرة العدالة وارتباطها ليس بالحياة الدنيوية فحسب بل حتى ما بعد الموت من خلال الالتزام بتعاليم (ماعت) العدالة عند المصريين لكونها ألهة الحق وألهة العدالة، وكذلك (الحضارة الاغريقية) التي ارتبطت فكرة العدالة بمؤسسها (صولون) من خلال فلسفة السياسة والتي سعى إلى الاصلاحات القانونية التي قدمها إلى المجتمع الاثيني، أما (الحضارة الرومانية) فولدت تصورات مفهوم العدالة من رحم الفكر الإغريقي عندما نظروا إلى العدالة على انها فضيلة من الفضائل الأخلاقية التي يتحلى بها الفرد، تطرق المبحث أيضا إلى الديانات السماوية (اليهودية والمسيحية والاسلامية) وكانت الديانات تشير جميعها إلى أن هناك مخلص سوف يخلص البشرية من الشر والديانة الإسلامية اساس العدالة فيها أن العدل فضيلة الإسلام وقيمته العظمى، المبحث الثاني: وتطرقت الباحثة إلى الطروحات والمقاربات الفلسفية التي درست موضوع العدالة بدءا من فيثاغورس والسفسطائيين وسقراط وأفلاطون وأرسطو وابيقور وتوماس هوبنز وجون لوك وديفيد هيوم وادم سميث وكانت وروسو وماركس وهربرت سبنسر وروجيه غارودي وجون رولز ومايكل ولتزر وتنوعت عندهم العدالة وفقا لأنواعها أعلاه،  كما تطرقت الباحثة إلى الفلاسفة العرب كالفارابي وابن سينا وابن مسكويه والغزالي ورفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وجمال الدين الافغاني، إذ فسروا العدالة وتحقيقها في المجتمعات راجعا إلى الشرائع الإسلامية، المبحث الثالث: فدرس تطور مفهوم العدالة في النص المسرحي، ابتداءا من المسرح الإغريقي، إذ ارتبطت العدالة بالآلهة من خلال مبدأ الجزاء والعقاب والعدالة الاجتماعية والسياسية والتوزيعية، أما مفهوم العدالة في العصور الوسطى فقد اتخذ مبدأ الثواب والعقاب، كما اتخذت العدالة في عصر النهضة بالعدالة القانونية، وفي الكلاسيكية الجديدة فقد كان للعقل اثر كبير، وكان مفهوم العدالة يجمع بين الفائدة والمتعة وكان مبدأ الشرف هو المتسيد، وفي الرومانسية قد غلبت العدالة الاجتماعية في طروحاتهم، واستمرت حتى في الواقعية أيضا، وبحلول الوجودية ارتبط مفهوم العدالة بالحرية، وتطرقت الباحثة في المسرح العربي إلى مارون النقاش ويعقوب صنوع وتوفيق الحكيم وعلي احمد باكثير والفريد فرج وصلاح عبد الصبور وعادل كاظم ولطفية الدليمي وتنوعت العدالة فيما بين الاجتماعية والسياسية، واتسمت عند البعض النظرة التعادلية.
 


شيماء سعيد