«التناص ودلالته في مسرح سعيد حجاج» ماجستير لإسراء عبد الله قاطة

«التناص ودلالته في مسرح سعيد حجاج»   ماجستير لإسراء عبد الله قاطة

العدد 773 صدر بتاريخ 20يونيو2022

أقيمت منذ أيام  مناقشة لرسالة ماجستير بعنوان «التناص ودلالته في مسرح سعيد حجاج» للباحثة إسراء عبدالله عبد الرؤوف قاطة بكلية التربية النوعية_ قسم الإعلام التربوي _تخصص المسرح، جامعة طنطا. وتكونت لجنة المناقشة من كل من: د.أحمد حسين محمد حسن أستاذ الإعلام والمسرح التربوي ورئيس قسم الإعلام التربوي السابق بكلية التربية النوعية جامعة المنصورة. (مناقشا ورئيسا) د. مايسة على زيدان أستاذ المسرح ورئيس قسم الإعلام التربوي بكلية التربية النوعية جامعة طنطا .(مشرفا رئيسيا)  د. شيرين جلال محمد أستاذ المسرح المساعد بكلية التربية النوعية جامعة طنطا.(مشرفا) د. هدى سعيد عبدالعليم أستاذ المسرح المساعد بكلية التربية النوعية جامعة كفر الشيخ.(مناقشا خارجيا). وتناولت الدراسة مفهوم  التناص في مسرح الكاتب «سعيد حجاج» وحاولت التعرف على القيمة الفنية والأدبية له مع توضيح دلالته والطاقة الإبداعية التي يمنحها التناصّ للنص المسرحي، ومدى قدرة الكاتب على توظيف التناص باختلاف أنواعه في نصوصه المسرحية للتعبير عن رؤيته للأحداث والظواهر الواقعية والسياسية والاجتماعية، وحالته الوجدانية والشعورية أيضا وأهم القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية  التي طرحها الكاتب من خلال التناص.

(إشكالية الدراسة) 
تكمن إشكالية الدراسة في الكشف عن مفهوم التناصّ، ودلالاته الفنية في مسرح الكاتب «سعيد حجاج»، من خلال رؤية نقدية حديثة تستطيع من خلالها الكشف عن ماهية التناصّ، وكيف استطاع «سعيد حجاج» توظيف التناصّ بأنواعه وأشكاله المتعددة في نصوصه المسرحية؟، وذلك بالتداخل مع أجناس أدبية أخرى غائبة وحاضرة في ذات الوقت.
وتدور الدراسة حول تساؤل رئيس يتمثل في: كيف استطاع الكاتب «سعيد حجاج» توظيف التناصّ في نصوصه المسرحية؟ وينبثق من هذا التساؤل الرئيس عدة تساؤلات فرعية من أهمها:
ما أهم أشكال التناصّ التي وظفها الكاتب «سعيد حجاج» في نصوصه المسرحية، وطرق توظيفه لها؟
ما دوافع الكاتب «سعيد حجاج» في اللجوء للتناصّ باختلاف أنواعه، وكيف ساهم التناصّ في تشكيل بنية النص المسرحي؟
ما أهم التقنيات الفنية التي اعتمد عليها الكاتب «سعيد حجاج» في نصوصه المسرحية؟
ما أهم القضايا التي طرحها الكاتب «سعيد حجاج» من خلال التناصّ؟
ما أهم المذاهب الفنية التي تأثر بها الكاتب «سعيد حجاج» في أعماله المسرحية؟

(أهمية الدراسة) 
 نظراً لأهمية مصطلح التناصّ وكونه أحد أهم المصطلحات الأدبية في الوقت الراهن، والقيمة الفنية والأدبية والجمالية التي يمنحها التناصّ للنص الأدبي عموما والمسرحي خاصة، ولقيمة الكاتب «سعيد حجاج» كونه أحد أبرز وأهم كتاب المسرح المصري حاليا حيث قام بتأليف الكثير من المسرحيات والتي عرضت معظمها على مسارح الدولة المختلفة، وحصوله على العديد من الجوائز داخل وخارج مصر، ومن هنا تكمن أهمية موضوع الدراسة الحالية كونها تتناول بالدراسة والتحليل مسرح «سعيد حجاج»، ودراسة مفهوم التناص وأنواعه وأشكاله بشكل عام وكيفية توظيفه في مسرح «سعيد حجاج» بشكل خاص، وأيضا التعرف على القيمة الفنية والأدبية لتداخل النصوص، والسعي وراء فهم رؤية الكاتب لبعض الظواهر الاجتماعية والإنسانية وتجاربه الشعورية من خلال ظاهرة التناص.

(حدود الدراسة) 
أولا: الحدود الزمنية: تتحدد الدراسة بزمن أول نص مسرحي للكاتب «سعيد حجاج» وهو نص مسرحية «حفلة على شرف العائلة» عام 1993 حتى الوقت الحالي.
ثانيا: الحدود الموضوعية:  تتمثل الحدود الموضوعية للدراسة في دراسة وتحليل النصوص المسرحية عينة الدراسة، ومعرفة مدى حضور التناصّ في تلك المسرحيات.
و تناول البحث الذى جاء تحت عنوان (التناص ودلالته في مسرح سعيد حجاج) مفهوم التناص،ومعرفة أنواعه وأشكاله وآلياته ووظائفه، والقيمة الفنية والأدبية التي يعطيها التناص للنص، وتطبيقه على نصوص الكاتب سعيد حجاج المسرحية عينة الدراسة، وكيف وظف الكاتب سعيد حجاج التناص من خلال طرح بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والذاتية في المجتمع المصري، والمذاهب والتقنيات الفنية التي تأثر بها واعتمد عليها في نصوصه المسرحية.
وكان من أهم نتائج الدراسة ما يلي: طرح الكاتب من خلال التناص بأنواعه المختلفة بعض القضايا الاجتماعية والمتمثلة في علاقة الرجل بالمرأة ومدى تأثير المجتمع الذي يفرض على المرأة الخضوع والتنازل عن أحلامها نتيجة بعض العادات والتقاليد، بجانب القضايا الذاتية والوجودية للمرأة والتي انقسمت بين حب الحياة والرغبة في الموت كما في مسرحية « ألم الوقت «، تصوير حالة الفرد داخل المجتمع ومعاناته، وأيضا غياب الحرية والعدالة كما في مسرحية «القرابين» و«القفص»، وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي ومحاولة إسرائيل السيطرة على الأراضي المصرية في مسرحية «التميمة والجسد»، بالإضافة إلى التطرق للعلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر كما في مسرحية «خالتي صفية والدير».
لجأ الكاتب لتقنيات المسرح السياسي كالراوي والسرد التاريخي، والتسجيلية لتغريب الأحداث وكسر الإيهام وذلك لاستفزاز الجمهور وجذب الانتباه لما يحدث على خشبة المسرح كما في مسرحية «مفيش حاجة تضحك»، و« الفاس في الراس»، كما أنه استخدم بعض من تقنيات المسرح الحديث واستطاع أن يوظفها بصورة مختلفة في النصوص المسرحية كالإضاءة للتنقل بين الأزمان المتباينة كما في مسرحية «مقامات الرحيل» وتصوير رحيل المسلمين عن الأندلس، كذلك تقنية «الفلاش باك» كما في «نورا» و» الفاس في الراس» وذلك لتحقيق كسر الإيهام وتحقيق عملية التغريب حتى يظل المتلقي في حالة وعى لما يعرض أمامه .
وظف الكاتب العديد من النصوص السردية من روايات وقصص في مسرحه في إطار دلالي يتوافق مع رؤيته الفنية وذلك مع عدم الإخلال بالنص القديم بل أضاف للنص ما يخدم فكرته ورؤيته الفنية الخاصة، حيث اعتمد الكاتب على بعض تقنيات السرد ووظفها في مسرحه مثل «المنولوج» كما في مسرحية «نورا» و» ليلة عرس» وذلك لتوضيح الصراع النفسي الداخلي لشخصيات، بالإضافة إلى اعتماد الكاتب على ظاهرة الحكواتي من خلال فرقة جوقة القرن العشرين والتي تقوم بسرد حكايات تاريخية مرتجلة بلغة بسيطة كي يرمي بظلالها على ما يحدث في الوقت الراهن.
تأثر الكاتب بالمذهب التعبيري باعتماده على أسماء شخصيات تمثل أنماط عامة تقدم دون أسماء بل تقدم على الخشبة بوصفها التي تنتمي إليه، مثل (الرجل – الغلام – السيد – الطفل – الزوج – الزوجة...)، وهو ما اعتمد عليه الكاتب في معظم نصوصه فاعتمد على شخصيات بصفتها لا أسمائها للإشارة إلى المجتمع  ككل وليس شخصية محددة.
تأثر الكاتب بمسرح العبث وفكرة الانتظار غير المجدي فطرحها في أكثر من عمل مثل «حفلة على شرف العائلة» وألم الوقت «و» آخران في الانتظار «، إلا أنه أعتمد على شكل مسرح العبث دون المضمون.
تناص الكاتب مع بعض الكُتّاب العالميين ففي مسرحية «نورا» تناص مع مسرحية «بيت الدمية» للكاتب النرويجي «هنريك إبسن»، وفي مسرحية «أطفال المتاريس» تناص مع رواية «البؤساء» للكاتب الفرنسي «فيكتور هوجو»، وفي مسرحية «عيش السرايا» تناص مع رواية « السرايا الخضراء» للكاتب البرازيلي «ماشادو دي أوسيس» .
ساهم التناصّ بدور فعال ومؤثر في تشكيل البناء المسرحي لنصوص الكاتب حيث جاءت معظم أعماله قوامها التناصً، فاعتمد على موضوعات وأحداث كاملة في مسرحياته بالإضافة إلى اعتماده على شخصيات تاريخية وأسطورية وتراثية فجعل من «الأراجوز» شخصية أساسية في مسرحية «أراجوز وأراجوزتا «.
التناص في مسرح «سعيد حجاج» لا يعد إعدادا مسرحيا لنصوص مسرحية وسردية قديمة إنما تناصاً فنيا وأدبيا أسهم بشكل فعال في تحقيق تجربة إبداعية أسس من خلالها رؤية فنية وفكرية جديدة عبر تفتيت النصوص القديمة كليا أو جزئيا وإعادة تشكيلها وتركيبها داخل نصوصه الجديدة مرة أخرى، الأمر الذى كان له أكبر الأثر في نجاح وانتشار هذه النصوص المسرحية التي أكدت على قدرة الكاتب الفنية والفكرية وربط المواقف والأحداث الحالية والسابقة بما يشكل رؤية فنية متكاملة.
 


سامية سيد