منير راضى منذ دخلت عالم المسرح وأنا أفكر فى تحدي شكسبير

منير راضى منذ دخلت عالم المسرح وأنا أفكر فى تحدي شكسبير

العدد 748 صدر بتاريخ 27ديسمبر2021

عقد الأسبوع الماضي ضمن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان آفاق مسرحية حفل توقيع مسرحية «أنا ماكبث»، للكاتب والمخرج العراقي منير راضى العبودى بفندق أراكان، قدم الحفل الناقد والشاعر أحمد زيدان بحضور المخرج هشام السنباطى مؤسس وأمين عام مهرجان آفاق مسرحية، الكاتبة والشاعرة نفين جابر، الكاتبة بشرى عمور، والفنان على الجنفدى، الدكتور سيد على إسماعيل.
زيدان قدم بعضا من السيرة الذاتية للكاتب فقال: منير راضى حاصل على ماجستير فنون مسرحية، مارس النشاط الفني وعمره لم يتعدى 14 عاما، التحق بفرقة مسرح الجماهير عام 1987 حيث عمل ممثلا ومخرجا لمدة أكثر من 15 سنة، مثل العراق فى أول محفل دولي له فى المملكة المغربية سنة 1979، وشارك فى مسرحية «البحر» التي قدمت على مسرح محمد الخامس فى مدينة الرباط، وحصلت على أفضل عمل بين الدول العربية المشاركة، شارك ممثلا فى مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية على المستوى المحلى والدولي، وبعد ذلك احترف الإخراج وقدم عدة أعمال مسرحية داخل العراق وخارجه وحصل على مجموعة كبيرة من الجوائز فى التمثيل والإخراج على المستوى المحلى والدولي، كتب عدت مؤلفات وصدرت له خمس مجموعات مسرحية، شاركت فى عدة معارض محلية ودولية، ثم اتجه إلى عالم السينما وقدم عدة أعمال بعضها حصل على جوائز على المستوى المحلى والدولي، ولايزال يمثل ويكتب ويخرج فى الإذاعة والتلفزيون والمسرح، ويشارك فى اغلب المهرجانات المحلية والدولية، بالإضافة إلى قيامه بالتحكيم فى عدد من المهرجانات وتكريمه مع مجموعة من النجوم العرب، ومنهم الفنان الراحل نور الشريف والفنان الراحل محمود ياسين وغيرهما. 
وعن النص قال زيدان: مجموعة تضم عددا من المسرحيات منها «أنا مكبث»، «الحالمون»، «مخالب الماء»، «أجنه» والنص «أنا مكبث» يقدم حالة من حالات المحاكمة لشكسبير من حيث لغة النص، فهناك حالة استدعاء للغة الشكسبيرية في الكتابة، وهناك اعتماد على عدد كبير من المنولوجات، ونحن نعلم قصة ماكبث ومأساته ونبوءة الساحرات فى قتل «دانكان» ورفيق عمره، وكانت زوجته الليدى ماكبث، والتى قدمت في بعض الأطروحات كجزء من الرغبة التي تغذى طموحه للاستيلاء على هذا العرش. والمسرحية تستحضر في بدايتها مجلس يعود من العالم السفلى وتقام شبه محاكمة يكون القضاة بها هم «الملك لير»، «هاملت»، «عطيل» وهم أبطال مآسي شكسبير. 
وأضاف: «تناقشت أنا والكاتب منير راضى حول اختيار شخصية «لير» وهى شخصية غير حكيمة وقد قام بتوزيع ثروته بناء على عاطفته، فكيف يكون رئيسا لهذه الجلسة، وكذلك شخصية هاملت التي غلبته مساحة جنونه وعاطفته وجعلت حبيبته تنتحر وقتل عمه، وكذلك عطيل وفكرة الغيرة. إذن فالثلاث شخصيات التى تتولى الحكم تسيطر عليها نوازع شخصية جدا وعاطفة جياشة أدت إلى أن تحيط بهم المأساة، سواء كان عن قصد المؤلف وضع هذه التركبية لتصل عبر مجموعة من الأحداث والدوافع لمأساتها، وهنا يأتى ماكبث يطالب بهذه المحاكمة،ويتم استدعاء الساحرات اللاتى تقابلوا فى الغابة من خلال أحداث النص يتحدثون حول هل كانوا أداه في يد المؤلف؟وهناك شخصيات هائمة على الخشبة ومنها شخصية دانكان ومجموعة من الشخصيات التي عاصرت هذا الحدث ويتم استدعاء شكسبير لمحاكمته، وهنا يتحدث شكسبير عن ما قدمه من نصوص بها موعظة وعبره تتحدث عن نفس البشرية، وهناك سجالات بين ماكبث وشكسبير حول هذا المثقف، وإذا قمت بإحالة شكسبير كمثقف إلى هذا العصر وكيف كان يقوم بخدمة البلاط الملكى، ذلك لأنه كان يقدم نصوص وإن كانت تتحدث عن النفس البشرية فإنها تبعد العامة عن التفكير فى السلطة وما تفعله فى كواليسها حتى تظل محتفظة بالكرسي .أضاف: إن مآسي شكسبير التي قدمت كانت أيام حكم الملك جيمس الذي قام بإعدام الملكة «إليزابيث» ليحصل على السلطة، وحتى تفكر الجماهير فى ثبوت شرعية حكمه، وكان ذلك هو الدافع وراء تقديم «ماكبث» وأن يشاهده الجماهير بشكل كبير ومتوالى حتى ينصب تركيزهم على شرعية الحكم الآني وترك أى أمر آخر، وخلال المسرحية تظهر شخصية عالم تاريخي ويتم استدعائها وهو يعد المرجع الأساسي للتاريخ الإنجليزي ويتحدث عن هذه الشخصيات التى كانت فى زمن ما وما حقيقة وجودها، وهل ارتكبت بالفعل هذه الجرائم وهل يوجد وثائق وإشارات تدل على وجودها، ويتحدث هذا العالم التاريخى عن بعض الحقائق ومنها أن الملك «دانكان» لم يقتل غدرا بخنجر وإنما قتل فى معركة ولم يكن هذا الحاكم الكهل الذي من الممكن أن يكسب تعاطفنا؛ وبالتالى تم إظهار الكثير من الحقائق فى كتابات شكسبير لم نكن نعلمها، فكما نعلم أن شكسبير كاتب ويرغب فى عمل ما يسمى «بالضرورات الدرامية» فليست قضيته هي التحدث عن الحقائق المثبتة تاريخيا وأن يثبت فعليا أن شخصية «ماكبث» ظلمت كشخصية لها وجود وتاريخ فى الأحداث التى طرحها شكسبير. 
وطرح زيدان تساؤلا على الكاتب منير راضى وهو أن هناك جوانب أخري لها علاقة بأصالة النصوص الشكسبيرية، مشيرا إلى أن جزء كبير منها كان فيها دراماتورج لنصوص موجودة فى مخازن المسارح، فمسرحية «روميو وجوليت» كتبت قبل عصر شكسبير وكان كاتبها فرنسي ولكنها تنسب لشكسبير وكذلك «يهودي مالطا» تابع : وكما سبق أن أشرت، بما أن شكسبير كان يخدم البلاط الملكى فقد كانت عروضه تقدم دائما في القصر الملكى؛ وبالتالى تنصب عليه الدعاية وأصبح هو المؤلف الوحيد. 
أضاف زيدان : هناك تفكير من الكاتب في شكل الصورة المسرحية واستخدام الكورس، وطوال الوقت لديه تصورات لخشبة المسرح والصور التي بها مساحة من الإحالة بأنه تاريخ يتكرر وأن الأمر ليس ماكبث أو شكسبير، فالأمر يوضح تزييف الحقائق الحاضر طوال الوقت، 
فيما قال الكاتب منير راضى : الكتاب له دلالات كثيرة من حيث التأليف وليس الإعداد وهنا أقصد تأليفي الضمنى الحداثى وليس التاريخى، فلو جمعنا كل ما كتب عن شكسبير لملء الكون بالكامل؛ إذن نحن أمام شخصية ليس لها حدود ومكان مخصص مثل كوكب الشرق «أم كلثوم» والتى لا يختلف عليها اثنان وهى خالدة حتى الآن كذلك شكسبير لا يختلف عليه أحد وفى مقدمة الكتاب كتبت أنه «تحدى» وبالفعل هو تحدى لشكسبير فمنذ أن دخلت عالم المسرح وأنا أفكر فى شكسبير، فهو عالم غريب وعندما تدخل هذا العالم تقرأ للتقريب وليس التحقيق، ومن الصعب تخطى أي جملة بمسرحياته لأن الصورة بأكملها سوف تتهشم، أعشق كتابات شكسبير وفكرت فى يوم ما في متى أجادل شكسبير فى كتاباته، ورجعت لتاريخ الأدب الانجليزي وللمؤرخ روفائيل، هذا المؤرخ الذى يعتمد عليه فى تاريخ إنجلترا بأكمله وهو يعد القاموس الأصلي ووجدت أشياء كثيرة وهناك نقطة رئيسية حتى الآن لم تطرح على سيرة حياة شكسبير، فقد اختفى شكسبير لمدة 10 سنوات وحتى الآن لا يعرف العالم سبب هذا الاختفاء، هل كان اختفاء قسريا، أم أنه ذهب ليبحث أو ليسرق، الكثير من الكتب تقول أن شكسبير كان سارقا ماهرا وممثلا فاشلا وشاعرا رديئا. 
وتابع : « عندما تقرأ لشكسبير تصاب بالهلع وتقرأ أكثر من مرة، وحتى الآن كتبت نصين عنه وهناك نص يشارك فى مسابقة الهيئة العربية للمسرح بعنوان «شكسبير فى جبل الأولمب»، هذا النص طرحته فى المجالس الأدبية وقيل لى من كبار المسرحيين والكتاب أن هذا النص يحتاج إلى عدة قراءات، وكانت هناك تساؤلات هل هو تحدى لشكسبير، كما كتب عن اللغة فيه إنها لغة «شكسبيرية منيرية»، وقد أحببت فيه الجمل واللغة العميقة والفهم والاستطالة فى الحوار والمونولوج، كتبت اللغة التى أردت بها مصارعه شكسبير، واستدعيت ثلاث شخصيات جدليه فى المسرح الشكسبيري هي «عطيل»، «هاملت»، «لير» ويقابلها ماكبث التى تعد أروع ما كتب شكسبير، والاستدعاء كان عن طريق ماكبث وتظلمه فى العالم السفلى إلى حكام هذا العالم، وقد تظلم طوال خمسة قرون وعن طريق شرح هذه المظلمة اكتشفنا أسرار شكسبير بالكامل، فهؤلاء الثلاثة نصبوا من العالم السفلى كحكام فى المجلس الشكسبيري، وحيثيات وشخصيات المسرحية التى كتبتها فى شكسبير تختلف، فقد طالب شكسبير استدعاء «دانكان» «بانكو» والعائلة التي يقال أن ماكبث أجرم فيها، وجعلت الليدى ماكبث على شكل طيف وليست حاضره، التى يطلق عليها الأفعى كما يسميها البعض، كذلك الساحرات الثلاثة لمتكن هي الساحرات فى شكسبير وإنما ساحرات منير راضى، وفى دلالات وحياة ماكبث لم تكن الليدى ماكبث هى المحرك الأساسي لقضية القتل أو الأجرام، كما أن الملك «دانكان» لم يمت على فراشه وإنما قتل فى معركة حربية، وقد صور لنا شكسبير أن «دانكان» رجل كبير وطيب القلب عكس ما صور به ماكبث وهذا خطأ، وتم استدعاء روفائيل ليوضح حقائق كل ما كتب شكسبير من خلال الوقائع الرسمية بإنجلترا .
وأضاف: الحكومة الإنجليزية من القديم حتى الحاضر لم يتطرقوا لما قاله روفائيل عن شكسبير لأنهم يعتبرونه علامة مضيئة لانجلترا بالكامل.
 وعن صيغة كتابة النص قال: عملت على الكلاسيكية الممتعة لشكسبير وعندما اطلع القراء على هذا النص لم يكتفوا بالإطلاع عليه مره واحدة، ولكن أرادوا الإطلاع عليه مرات عديدة وكذلك كبار الكتاب المسرحيين فى العراق، وكان هناك عدد كبير من المخرجين يرغبون فى إخراجه ولكنى لم أوافق، وقد كنت أرغب فى إخراجه ولكنى تراجعت، خاصة أن عناصر النص المتعلقة بالجوانب الفنية المكملة للتمثيل فى غاية الصعوبة وكذلك اختيار الشخصيات، فتقديم هذا النص ليس بالأمر اليسير. وختم بقوله: كتاب «أنا ماكبث» يحتوى على خمسة أعمال منها «الحالمون» التى فازت فى مهرجان سلام، و«عازف المطر» وقد فاز بالمركز الأول، وحاليا يعمل عدد من المخرجين على تقديم هذه النصوص فى الأردن والعراق وتونس وليبيا. 
 


رنا رأفت