«تأثير الجهة الإنتاجية علي التجريب في المسرح»

«تأثير الجهة الإنتاجية علي التجريب في المسرح»

العدد 747 صدر بتاريخ 20ديسمبر2021

ضمن فعاليات الدورة الثامنة والعشرون من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والذي أقيم في الفترة من 14 إلى 19 ديسمبر انطلقت أولى الندوات الفكرية بعنوان « تأثير الجهة ألإنتاجية علي التجريب في المسرح « وذلك يوم الأربعاء قبل الماضي الموافق 15 من ديسمبر بقاعة الندوات بالمجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا المصرية وقد انعقدت هذه الندوة علي جلستين متتاليتين بدأت الجلسة الأولي في تمام العاشرة ونصف واستمرت لمدة ساعة ونصف تحدث فيها كلا من دكتور خزعل الماجدي من العراق، دكتورة نجوى قندقجي، دكتورة ليلي بن عائشة، وأدراها الدكتور محمد المديوني رئيس اللجنة .
المسرح فكر وتفكير
في البداية وجه محمد المديوني الشكر إلى القائمين علي إدارة المهرجان التجريبي وكل من كان وراء توفير هذا اللقاء الذي وصفه بانه (جميل)  واخص بالذكر رئيس المهرجان الفنان جمال ياقوت وأعضاء اللجنة الفنية الذين صاغوا  إشكالية هذه الندوة ومحاورها وقال أن الشكر هنا ليس شكرا إجرائيا إنما هو شكر ينبع عن تقدير عميق لإصرار مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي علي تكريس مقوله أؤمن بها واسعي إلى تكريسها كلما أتيحت لي القدرة علي ذلك وتتمثل هذه المقولة في أن المسرح فكر وتفكير وإنما عبر عن انزعاجه من استخدام تعبير ندوة علي (هامش ) المهرجان ولابد أن يدرك الجميع أن الندوات  أمرا جوهريا لا غني عنه ولكنة ارفق مع ذلك شرطا وهو أن تكون هذه الندوات تتعلق بمواضيع ذات مصداقية وان يسهم فيها من هو معني بها.
تابع: أرى في هذه الندوة وفي المشاركين من مؤشرات تدل علي أنها تندرج بالفعل ضمن ما عبرت عنه «المسرح فكر وتفكير» في العموم وبصفة خاصة في المسرح التجريبي
أضاف المديوني أن عنوان الندوة يطرح عدد من الانتظارات ولعلها تلتقي مساءلة القائم والبحث عما يمكن أن تؤديه وقد انطلق في هذا العنوان من احتمال ورد في شكل تقرير يتمثل في أن للمؤسسات البحثية والعلمية دورا في التأثير علي الإنتاج والتلقي في مجال المسرح؟ بالطبع لا لانة لا ينفي التساؤل مشيرا إلى بعض النقاط التي قد تناقش في هذه الندوة هي :
*رصد المؤسسات البحثية والعلمية المعينة بالمسرح التجريبي بالوطن العربي خاصة ومقارنتها بما هو قائم في العالم .
*توضيح ما المقصود بالمسرح التجريبي ليس فقط علي المستوى النظري وإنما من خلال ممارسات فعلية وتجارب حية .
*الوقوف علي أفاق المسرح وامتداداته من خلال إنجازاته والعقبات والتحديات التي تمنعه من أن يصبح فعالا لدى المتلقي الذي من دونه لا يمكن أن نتكلم عن المسرح .
جدلية الإنتاج والتلقي
وفي هذا السياق اكد المديوني أن التركيز سيقع علي المدي الإنتاجي في إطار الإشكالية العامة للندوة حول تأثير جهة الإنتاج وننتظر أن يكون للبحوث دورا كبيرا لتوضيح الرؤية اكثر في خصوص جهات الإنتاج بشكل عام وفي الدول العربية بشكل خاص .
مازال دور المسرح في منطقة الشرق ثانويا!
وِفي حديثة عرف الدكتور خزعل الماجدى الإنتاج المسرحي علي انه  أي عمل مسرحي ينتج من خلال كتاب أو نص فهو الطابع المبني والملموس للعمل المسرحي الذي يسبق تنفيذه علي ارض الواقع بينما أحيانا نتكلم عن إنتاج المعني للدلالة علي النشاط المشترك لصانعي العمل ومحترفيه بداية من المؤلف وصولا للممثل والجماهير مؤكدا أن إنتاج المعني لا ينتهي بالواقع أبدا مع انتهاء عرض المسرحية بل يتلقي التحولات والتفسيرات التي يفرضها وينتجها تطور راية في الواقع الاجتماعي مضيفا الإنتاج المسرحي جزء من اقتصاديات المسرح وتعرف بانها كل ما يتعلق بالعمل المسرحي من الناحية المادية
أوضح خزعل أن الإنتاج المسرحي يشتمل علي التسويق ومردوده الاقتصادي علي بعض المراحل والعناصر كالمدخلات (الموارد البشرية) والتي تأتي في المرحلة الأولي ك”المنتج والمؤلف الأول والمؤلف الثاني “الدراماتورج” والمخرج والممثلين“ ومصمموا البصريات ك(ديكور، إضاءة، ملابس، وغيرهم ) وتشمل المرحلة الثانية الأدوات وهي جميع المدخلات البشرية لها مجموعة من الأدوات التي يحقق بها الفاعل أفعاله الإنتاجية بينما تأتي المخرجات وهو العمل المسرحي والتسويق في المرحلة الثالثة ثم المرحلة الرابعة والأخيرة وهي المستفيدون (الجمهور والنخبة)
تكلم أيضا خزعل عن بعض المستلزمات العامة التي يجب توافرها والعمل عليها واسردها في بعض نقاط مع شرح مختصر لهذه النقاط وهي:
*الفرق في طبيعة الإنتاج في المجتمعات المعاصرة في الغرب والشرق وتحدث فيها عن الفروق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في مجتمعات متطورة حضاريا يعيش معظمها في الغرب تختلف عما يقابلها في مجتمعات متواضعة حضاريا وهؤلاء معظمهم في الشرق وهناك نظرة مقيدة ومحدودة في منطقة الشرق لدور المسرح في الحياه الاجتماعية فما زال دور الثقافة عموما وفن المسرح بشكل خاص ثانويا.
*الصراع بين الجانبين الثقافي والاقتصادي كوحدة إنتاج متلازمة.
وهنا يزيد الجدل السلبي والإيجابي في هذا الصراع وتتشكل الصيرورة الحضارية التي تجعل من الثقافة والاقتصاد عاملين مهمين في تطور المجتمع والتميز .
التضحية بمستوى الجانب الثقافي لصالح الجانب الاقتصادي
والعروض المسرحية من هذا النوع تهبط بالمستوي الثقافي قد تتوسل هذه العروض بالزخارف الاجتماعية الشكلية لتبدو أنها قريبة من الناس من حياتهم وبدلا من أن تتحول المسرحية إلى حافز للوعي تصبح جزءا من تزيييف الوعي
وفي توضيحة لهذه الجزئية أشار إلي أن الخطورة تكمن في انزلاق المسرح الترفيهي نحو المسرح التجاري الذي يبرر كل الوسائل في سبيل الغاية وهي الربح.
التضحية بمستوي الجانب الاقتصادي لصالح الجانب الثقافي
قال خزعل أن البحث في تدني مستوى الإنتاج واثره علي مستوي التلقي عند الجمهور وكيفية تأثير ذلك علي الجانب الثقافي في العمل المسرحي أهون بكثير من النقطة السابقة بالتعويض عن المال سيكون بإنتاج الخيال ويعد هو اهم السبل للتعويض عن الإنتاج الفقبر والحفاظ علي المستوى الثقافي للعمل المسرحي مشيرا إلى غروتوفسكي صاحب نظرية المسرح الفقير ومؤسس المختبر المسرحي الذي يري التأكيد علي تكنيك الممثل هو جوهر العمل وهذا يعني أن قلة تمويل الإنتاج المسرحي يمكن تعويضها عن طريق التأكيد علي الممثل وقدراته من جهه وعلي نشاط خيال التأليف والإخراج من جهه أخري .
الصراع والتوازن بين كلفة الإنتاج ومردود التسويق
يري خزعل أن هذا التوازن قد يصعب تحقيقه لكنه يمكن في بعض حالات معينة حين يكون الترويج هو العامل الحاسم
تابع لاشك أن الصراع سيبقي قائما داخل مجريات إنتاج أي عمل مسرحي بين القيمة الفكرية والقيمة الاقتصادية للعمل وسيصل إلى ساعة العرض واستقباله من قبل الجمهور إلى النتيجة الأخيرة والتي تتفاوت في قيمتها ومقدارها مؤكدا أن المسرح الناجح في كل الجوانب استثنائي وفريد وخصوصا في عروضه للمرة الأولي حيث تكون القيمتان الفكرية والاقتصادية في حالة متوازنة لم تأتي كل هذه الأمور بسهولة .
دور القطاع العام في تنظيم التوازن بين الثقافى والاقتصادى في الإنتاج.
لعب القطاع العام دورا مهما في البلاد العربية في دعم المسرح الجاد والهادف ومازلنا نري أن العامل الحاسم في القطاع العام هو الترويج لأعماله فغالبا ما تكون طريقة الترويج قديمة وغير فعالة وتؤثر سلبا علي انتشار العمل ولكي يتحقق ذالك الأمر لابد من تغير اللوائح الخاصة بالدعاية في الميزانية حتي تصبح المعادلة متوازية نسبيا ولابد أيضا من ترتيب مسارح القطاع العام والعناية بها فهي مهملة بسبب إدارتها الخطأ وطريقة التعامل مع الجماهير.
دور القطاع الخاص في تنظيم التوازن بين الجانبين الثقافي والاقتصادي في الإنتاج
اختتم خزعل حديثة في الندوة بهذه النقطة الهامة قائلا يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في هذا التوازن عن طريق الدعم المباشر وغير المباشر وهناك تجارب واضحة في هذا المجال في عالمنا العربي
فقد شهد المسرح علي المستويين العام والخاص ركودا واضحا خلال العقود الأخيرة والسبب يعود لطبيعة التغييرات السياسية والاجتماعية رأى خزعل أن هذه المسالة مرهونة بوعي وتحضر المجتمع وان يصبح المسرح من أولويات الشعوب.
التقارب الثقافي بين سوريا ولبنان
وفي حديثها قالت المخرجة الأردنية نجوى قندجلي أن مصادر الإنتاج تلعب دوراً حاسما في بناء العمل المسرحي علي الصعيد الفني والفكري والجمالي وان المسرح عبر التاريخ يعكس بأدواته التعبيرية مستوى هذا المورد الإنتاجي ويخدم أهدافه النفعية المعلنة والمتضمنة بدءا من المسرح اليوناني وتكفل الطبقة الثرية بترسيخ مقامها المجتمعي مروراً بالقرون الوسطي وتحكم المؤسسات الدينية لنشر تعاليمها ومن ثم الشركات البريطانية في عهد العصر الاليزابيثي الذهبي. ورغم اختلاف طبيعة هذه المصادر الإنتاجية من مرحلة تاريخية إلى أخري فقد أرست عبر التراكم في المسرح الغربي المعاصر
وفي بلداننا العربية تختلف العلاقات الإنتاجية مع اختلاف مسارات نشأتها وتطورها من جهه واختلاف المنظومة السياسية بين الدول بما تتضمنه من تباينات في عمل المؤسسات وبنيتها من جهه أخري
أضافت قندقجي أن الإنتاج المسرحي في سوريا يقوم بشكل أساسي على دعم المؤسسة الحكومية متمثلة في مديرية المسارح والموسيقى التابعة لوزارة الثقافة والتي تضم عدة مسارح منها المسرح القومي ومسرح العرائس والمسرح الجوال إضافة إلى وجود بعض الفرق المستقلة ذات الإنتاج والتمويل المحدود ارتبطت أعمالها بأسماء ممثليها مثل دريد لحام مع فرقه تشرين وناجي جبر مع فرقة دبابيس وفرقة قنوع ومع اندلاع الحرب السورية  عام 2011 اقدم عدد كبير من الفنانين السوريين إلى لبنان وظهرت تجارب مسرحيه سورية شغلت مساحة لافته في الحراك المسرحي وأثارت بعض المفاهيم للتقنيات التعبيرية المسرحية ومع ذلك وجد الفنان السوري نفسة في بيئة إنتاجية
أوضحت قندقجي أثناء حديثها في هذا الإطار أن هذا التلاصق الذي حدث بين البلدين كان له أثر كبير على طبيعة العملية الفنية والإبداعية كما أنها فتحت آفاقا جديده للتجريب مؤكده علي أن ذالك ضاعف من مستوى التحديات والصعوبات التقنية أمام المسرح السوري مما دفع قندقجي بطرح بعض الأسئلة  ك» ماهي الشروط الإنتاجية المستجدة التي واجهها المسرحي السوري في بلد منفتح مثل لبنان ؟
ماهي الإيجابيات والسلبيات سواء خلال الصيرورة أو لاحقا في مخرجات العمل الفني ؟
وغيرها من الأسئلة  الجوهرية في هذا السياق تطرقت في الحديث عن بحثها الذي تناول بعض التجارب المسرحية السورية لفنانين انتجوا أعمالهم في دولة لبنان وتحدثت أيضاً  عن آليات الإنتاج وواقع المسرح السوري حتى عام 2011 وقدمت شرحا مفصلا  في هذا الإطار قائلة أن المسرح القومي منذ تأسيسه خلال الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 كان عماد الإنتاج السوري وعلي الرغم من وصولة ذروة الإنتاج الكمي الذي وصل إلى تقديم عدد 55 مسرحية حتي أوائل السبعينيات إلا انه كان يعاني أزمة حددها احد الباحثين في اربع نقاط وهي الاهتمام بالنص الأجنبي وتفضيله عن النص العربي، جذب الجماهير، قصوره في طرح المشاكل الاجتماعية المحلية الملحة، والتصاق التجربة المسرحية بشخصية المخرج وحالته المزاجية .
تابعت كل هذه الأمور جعلت تطور العمل المسرحي لا يسير ضمن خط منظم .
وعن المشهد المسرحي في لبنان اكدت قندقجي أن المسرح في لبنان يمتلك همومه وبيئتة الفنية الخاصة به ما يجعلة منسجما مع الصورة المتشائمة لواقع المسرح العربي بشكل عام وكان الحركة المسرحية تعيش قطعية تاريخية مع ما قدمة المسرحيون.
أشارت قندقجي إلى التقارب الثقافي بين سوريا ولبنان وقالت أنه علي صعيد المسرح فان التزاوج في المسرح بين البلدين ليس وليد اللحظة بل أن هذه التجربة بينهم منذ أوائل الستينات  بينما اختتمت حديثها خلال الندوة ببعض الاستنتاجات وهي مساهمة هذه التجارب المسرحية السورية في لبنان في إظهار أعطاب هذا المسرح، تنوعت الموضوعات التي طرحها الفنانون السوريون في أعمالهم ولكن استمرت الحرب حاضرة، ضياع هوية العروض الفنية بسبب فقدان الاستمرارية، لم تستطيع التجارب السورية أن تترك أثرا فنيا .
جدلية التجريب في المسرح الجزائري
تحدثت الدكتورة ليلي بن عائشة عن الجدل الجزائري بخصوص التجريب في المسرح  وذلك من خلال طرح بعض العناصر الهامة ك»الفن في زمن الإرهاب»، «التجريب في المسرح الجزائري»، “التخريب بديلا للتجريب في العشرية السوداء» قالت بن عائشة كان التجريب وسيظل الشغل الشاغل للممارسين والمبدعين المسرحيين الذين يبحثون عن التميز ويقدمون الجديد من خلال تكريس الطاقات الإيجابية والابتكار عبر فتح ما اغلق والحرص علي اختبار أليات وأدوات التجربة المسرحية بشكل متواصل للحصول علي الأفضل رغبة في الارتقاء، بناء علية سعت التجارب المعاصرة  بينما أوضحت بن عائشة إلى أي مدي استطاع المسرحيون الجزائريون تكريس التجريب في إبداعاتهم في ظل الجدال في البحث عن البدائل وعن جدلية التجريب في المسرح الجزائري المعاصر بين معوقات الإنتاج ومحفزاته تحدثت بن عائشة عن المسرح في زمن الإرهاب وقالت قد سجلت هذه الفترة
تضحيات جسيمة لفنانين اختاروا مواجهة الإرهاب بالفن بدلا من الهروب  اختاروا المقاومة علي أن يتاجروا بالألم كما فعل فنانين ومواطنين في الوقت نفسه  أضافت بن عائشة أن القوة الناعمة ذات التأثير الأقوى في الملتقى ولذلك لابد أن يستمر الإبداع في مواجهة جماعات العنف والتطرف.
كما تحدثت أيضا عن التخريب بديلاً للتجريب في العشرية السوداء التي وصفتها بأنها دمويه كما أطلق عليها البعض خلال هذه الفترة العصيبة علي كل المستويات سواء سياسية، ،اقتصادية، اجتماعية، ثقافية . وكان للفن النصيب الأكبر من الهدم لاسيما المسرح فبعد أن «انعكس إصلاح المسرح الجزائري بشكل إيجابي على كثير من الجوانب التنظيمية وفي هذا الإطار قالت عن التجريب في المسرح الجزائري أن المسرح اجتاز مراحل كثيرة حتي يستقر على هذا النضج علي مستوي التجربة وصولاً إلى خوض التجريب ذاته رغم التعثر التي تسببت فيه العشرية السوداء اختتمت حوارها عن التجريب في الجزائر بنبذة عن المعوقات التي تواجه التجريب ومحفزاته أوضحت أن المعوقات تتمثل في التدخل المباشر في اختيار النص وإسناده لمخرج قد لا يقنعه مطلقا ولكنه لسبب أو لآخر مضطر للعمل علية قد يكون السبب ماديا في المقام الأول
والتدخل في الأمور الفنية من قبل الإدارة وعدم السماح للمخرج باستقدام ممثلين من مؤسسات مسرحيه، التدخل في اختيار طاقم العمل ك»السينوغرافيا، مصمم الديكور والأكسسوارات»
التدخل في إخراج العمل الفني وغيرهم
بينما تمثلت المحفزات في بعض نقاط ومنها فتح مجال الإبداع وتوفير مساحات للتجريب والاشتغال بمتابعة التجارب المقدمة نقدا
انتهت الجلسة الأولي ببعض المداخلات من السادة الحضور وعلي رأسهم الفنان جمال ياقوت رئيس المهرجان معقبا علي بعض النقاط التي طرحت خلال الجلسة الأولي من الندوة الفكرية كما طلب المداخلة أيضا كلا من الناقد المسرح أحمد خميس والإعلامية سمية أحمد وفنانين ونقاد آخرين من بعض الدول العربية.

وقائع الجلسة الثانية من الندوة الفكرية حول تأثير جهة الإنتاج علي التجريب في المسرح
أدار الجلسة الثانية من الندوة الدكتور أبو الحسن سلام وهو رئيس لجنة الندوات بالمهرجان وذلك نظرا لاعتذار الدكتورة نبيلة حسن عن الندوة وكان من المقرر أن تدير هي هذه الندوة. تحدث فيها الناقدة ميسون علي من سوريا  والناقد رياض السكران من العراق.
في البداية قال الدكتور رياض السكران أن الخطاب في مسرح الصورة لا يسعي لفرض معني محدد ولكنه يقترح معان مفتوحة على تعدد القراءات وان أية محاولة في الوصول إلى دلاله نهائية ستؤدى إلى فتح متاهات وانزلاقات دلالية لا حصر لها فكل شئ يخفي داخلة سر وكلما كشف عن سر ما فإن هذا السر سيكشف سر أخر ضمن حركة تصاعدية ستصل إلى سر لا نهاية له.
أضاف السكران أن العرض في مسرح الصورة يقوم على خلق متواصل للمعني بحيث أن كل مستوى من مستويات المعني يكون دائماً له دلالة على مستوى معنوى أخر وهكذا فالمعني يسلم إلى معني أخر حتي يستمر بالإحياء لقراءات متعددة تنطوى علي معاني متنوعة.
وبشرح مفصل تكلم السكران عن شعرية التجريب في مسرح الصورة وشعرية مسرح الصورة ذاته وقدم قراءة وافية في مسرح الصورة وقال باتفاقنا مع مفهوم التعدية النصية في المسرح الذي تداولته الدراسات النقدية الحديثة وهو يعني مجموعة من النصوص التي يطرحها العرض المسرحي الواحد بوصفة عملا ابداعيا أوضح السكران في هذا السياق أن العرض في مسرح الصورة واحد من حيث صورته السمعية والمرئية أي من حيث كونه فضاء مرئيا .مؤكدا أن ذلك لا يعني أن المتلقي يجد في خطاب مسرح الصورة ما يريد وفي محاولة البحث عن المعني في عروض مسرح الصورة لا نجد الحقيقة ظاهرة علي السطح فالتأويل في مسرح الصورة سلوك أركيولوجي يحفر عميقا في بنية نص يقدم نفسة وكأنة يخفي كنزا ينبغي أن يكتشفه المتلقي اختتم السكران حديثة بتقديم بعض النماذج من عروض تجريبية لمسرح الصورة داخل المؤسسة الجامعية وأشار إلى مسرحية أحزان مهرج السيرك للمخرج صلاح القصب ومن تأليف ميهاي زامفير  وأيضا مسرحية مكبث لذات المخرج ومن تأليف وليم شكسبير .
بينما تحدثت أستاذة المسرح الحديث والمعاصر دكتورة ميسون علي عن فلسفة المؤسسة الرسمية (العروض والموضوعات) وقالت تتبع ممارسة المسرح في مديرية المسارح والموسيقي إليه الدور والموافقة وأضافت أن المسرح القومي استمر لأكثر من خمسون عاما هو الجهة الأساسية لإنتاج المسرح وعلي الفرق المستقلة الحصول أولا علي موافقة مديرية المسارح والموسيقي فيما يخص النصوص والعروض  تطرقت ميسون علي في حديثها إلى الجيل الجديد بين الصياغة ألإنتاجية والإمكانيات المتاحة وواصفتهم بانهم اللاعبون الجدد وأكدت أن لابد من الحديث عن دور الجيل الجديد  واهم ما أنجزه هذا الجيل هو الوعي أضافت أن الجيل الجديد يضم معه مجموعة من الذين سافروا في نهايات القرن الماضي لدراسة المسرح في أوروبا وعند عودتهم كان أدي الكثير منهم الرغبة في خلق علاقة اكثر ديناميكية مع الجمهور
تابعت كان جيل الآباء قد اهتم بمسالة إيجاد هوية المسرح الذي ينسجم مع تطلعاته الفكرية أما في مسرح الشباب قد اختلف الأمر لم يعد البحث عن هوية للمسرح وفسرت ميسون ذلك الأمر بان السبب هو التغيير الذي أصاب البناء الاجتماعي والسياسي تحديدا بعد حرب الخليج الأولي التي نشبت في 1991
أوضحت ميسون أن النص المسرحي المحلي يواجه أزمة ثقة كمان أن هناك ميل لإعطاء الأولوية للنص المترجم وعن المسرح الجامعي قالت انه يقيم مهرجانا كل عام ويشارك فيه الهواة من الطلبة في الجامعات السورية الرسمية ورغم دعم الدولة إلا أنه مسرح فقير من حيث  الموارد المالية ويمنع دعم الممولين في هذا المهرجان. أشارت ميسون إلى إعراض بعض الشباب من الموهوبين عن الكتابة للمسرح والتوجه نحو الدراما التلفزيونية الذي فرض سطوته كفن منافس للسينما والمسرح بالإضافة أن اجر التليفزيون يضاعف اجر المسرح الزهيد.
 


محمود عبد العزيز