«مظاهرة حب» من أجل الجزويت

«مظاهرة حب» من أجل الجزويت

العدد 743 صدر بتاريخ 22نوفمبر2021

بعد مشهد حزين هز الأوساط الفنية والثقافية، التهمت فيه النيران مسرح الجزويت والجمعية التابعة له، أعد الناقد والكاتب المسرحي محمد الروبي على الفور زيارة للمكان بعد التنسيق مع مسئولي جزويت القاهرة، لدعم جمعية النهضة العلمية والثقافية (جزويت) وذلك بمقرها الكائن في شارع المهراني بالفجالة. ضمت الزيارة عددا من الفنانين والمثقفين الذين سارعوا إلى تلبية الدعوة، ومنهم المنتج السينمائي محمد العدل، المخرجة هالة خليل، الحقوقي جورج إسحاق، والكاتبة الكبيرة عبلة الرويني، والمخرج عمر عبد العزيز، والشاعر إبراهيم عبد الفتاح، والمخرج فادي فوكيه، والكاتب الصحفي سيد محمود، والمؤلفة المسرحية رشا عبد المنعم، والكاتبة ضحى العاصي، والفنانة ريم العدل، والمخرجة عبير علي، والمخرج المسرحي أحمد إسماعيل، المعماري ناجي الشناوي والناقد أحمد زيدان.
 و عقد مؤتمر صحفي للوقوف على كيفية دعم الجمعية وسبل إعادة تطوير وبناء مسرح جزويت «ستوديو ناصبيان» و ذلك بحضور الأب ويليام سيدهم رئيس مجلس إدارة جزويت القاهرة، والكاتب هشام أصلان المستشار الإعلامي لمسرح جزويت و محمد طلعت مدير المسرح. 
وفي كلمته قدم المستشار الإعلامي لمسرح جزويت القاهرة الكاتب هشام أصلان الشكر والتحية لرجال الأمن المدني لما قاموا به من جهود للسيطرة على الحريق ووقف امتداد النار للأماكن المجاورة، ما قلل الخسائر إلى حد كبير،  كما رحب بمن حضروا لـتأكيد دعمهم ورغبتهم في تقديم يد العون من فنانين ومثقفين، وأشار إلى أن  90? من جهود المشاركة في إعادة بناء المسرح بذلها شباب وشابات صغار كانت لديهم علاقة بالمسرح بشكل أو بآخر. و أشار أصلان إلى أن  
المكان الذي يشهد انعقاد المؤتمر كان عبارة عن مبنى ستوديو ناصبيان السينمائي ثاني أقدم ستوديو بعد ستوديو مصر، وقد انتقلت ملكيته للرهبنة اليسوعية وخصصت مساحة من أرضه للمبنى الإداري الذي يضم معامل الطبع والتحميض وخصصت جزءا آخر لإقامة العروض والنشاطات الفنية و هي  المساحة التي بني عليها المسرح.
الأب ويليام سيدهم يسوعي رئيس مجلس إدارة جزويت القاهرة، رحب بالحضور، وأكد أن حضورهم  يعد شهادة حية على التواصل، والتلاحم، كما طمأن الحضور على علاقة الجمعية بالحي، مؤكدا أنها طيبة، الأمر الذي يسهل الكثير من الإجراءات، وعن نشأة الجمعية قال: « مثلما كان هناك مدرسة للنخبة كان يجب أن نقوم بعمل شيء موازي للمهمشين والفقراء، وقد تم ذلك من خلال الجمعية ، وأنا أعتبر نفسي مهمشا، فكلنا في وقت ما نشعر بأننا مهمشين لأننا لن نستطيع أن نفعل دائما ما أردناه بسبب عوائق  قد تكون  داخلية أو خارجية تمنعنا من ذلك. 
وأكد أن الجزويت غير منغلقة على  طائفة، و أنها تقبل الجميع، و تحترم خصوصيات الأفراد وقيمهم.  
وقال إنه تعلم من الشباب على  مدار 20 عاما ولا يزال  يتعلم منهم السخاء وحب العطاء، مشيرا إلى أنهم يعملون في الجمعية مجانا؛ وأنهم شركاء في المكان ، وإنه لا يعتبر نفسه صاحب عمل، إنما هو شريك كبير بالخبرة و الشباب شركاء بالعمل، ولهذا يعتبر أن كل حبة رماد تحمل أثرا من آثار جهدهم، ولها أثرها في نفوسهم جميعا، لذا فهو يؤمن بأنه إذا كان المسرح قد حرق فالفن لم ولن يحرق. 
وأعلن رئيس مجلس جزويت القاهرة أنه تحدث مع نقيب السينمائيين، و أخبره  النقيب بحصول تسعة  طلاب من الجمعية على كارنيه النقابة، كما شكر الأب نقابة السينمائيين، والأستاذ عمر عبد العزيز لمساندته للجمعية. و أشار إلى أن  الخسائر التقديرية للمسرح تتراوح ما بين ثلاثة وأربعة ملايين جنيها، وأن إعادة المسرح واستكمال ما ينقصه يحتاج إلى سبعة ملايين. 
الأب ويليام سيدهم يسوعي قال أيضا:  كانت الرهبنة لديها مشروع بناء مبنى لأن أكاديمية الفنون ضاقت، وكان من المقرر إضافة قاعات جديدة للأكاديمية ودور للسينما والانيميشن ودور المسرح ودور للعلوم الإنسانية بحيث تستطيع استقبال الجميع ، وتمنى تحقيق الحلم ولو بالاكتتاب وتمنى معاونة أهل الحي. 
أضاف: لقد قدمنا أكثر من برنامج للتعرف على الحي بالتصوير والورش وغير ذلك و أطلقنا مبادرة للمشاركة المجتمعية لتنمية الثقافة والفن المستقلين، تقوم فكرة المبادرة في ظل الأزمات الاقتصادية المهولة، على  توفير مدرسه لتعليم السينما و أخرى لتعليم المسرح،  و لاستكمال ذلك كان علينا أخذ مشاركات من المؤسسات والأفراد المهتمين بالتجربة ويريدون أن يكونوا شركاء فيها.

توحيد الجهود 
 الناقد والكاتب المسرحي محمد الروبي قال: البعض تعامل معي بوصفي منسقا للدعوة، والحقيقة تختلف عن ذلك فقد اكتشفت انه في وقت الحريق كانت كميه التعاطف ومن قبله الحزن ومن بعده الرغبة في الدعم تغطي وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ففكرت في توحيد الجهود واتصلت بهشام أصلان وطلبت منه أن يستأذن الأب ويليام، ونحن مجموعه أفراد،  يمثل كل منا مجالا فنيا.  
 أضاف: أتينا ونحن على استعداد لأن نقدم أقصى ما يمكن أن نقدمه، و على الأب ويليام أن يحدد ما علينا فعله. وتابع محمد الروبي:  إن كل واحد منا له تاريخ مع هذا المكان، أنا شخصيا حضرت إليه كثيرا،  وتعرفت فيه على قامات مسرحية كبيرة وساهمت في التدريب وإدارة الندوات. و نحن هنا لاستعادة هذا المكان مرة أخرى، والجمعية كان لديها مبادرة لتطوير المسرح، ونحن نتعامل مع الأمر على أنه بداية تطوير وبناء لهذا المسرح بشكل أكثر أمنا، و بأحدث تقنية، وختم بقوله: ربما يكون ما حدث هو بداية لنتعرف أكثر على نشاط هذا المكان. 
مدير مسرح ستوديو ناصيبيان محمد طلعت قال: عشرون عاما نبني فيها هذا المكان، حيث بدأنا أولى حفلاتنا لفرقة الورشة وفرقه ملوي و جمعية الصعيد وعملنا مع مئات الفرق المستقلة، وكنت أظن أننا مضطرين أن نبدأ من الصفر مرة أخرى ولكن بعد كل ما رأيناه من دعوات تريد أن تدعمنا، أقول علينا أن نكمل من جديد وليس من الصفر، و أن روحنا المعنوية مرتفعة أكثر بتعاونكم وتواصلكم معنا. و أشار مدير المسرح إلى أن أول عرض فني للمسرح سيكون بعد انتهاء تحقيقات النيابة، و وسط الركام و إلى أنه سيكون هناك حوالي 40 عرض حكي نتاج الورشة، ونوه إلى أن الأستاذ محمد عبد الفتاح يقدم حاليا ورشة عن تاريخ مسرح و استديو ناصبيان. 
حضور المؤتمر أعلنوا عن عدد من الاقتراحات لدعم إعادة بناء المسرح ، فاقترح  الأستاذ جورج إسحاق تدخل وزارة الثقافة كشريك في رعاية المكان، واقترح الشاعر إبراهيم عبد الفتاح أن تقيم الجمعية حفلين في العام معفيين من الضرائب،
بوصفها جمعية أهلية تابعه لوزارة التضامن، ورأى أن على النقابات الفنية جميعا دورا كبيرا في إعادة البناء، وعلى التشكيليين مثلا عمل معرض لصالح إعادة بناء المسرح، و كذلك المشاركة باللمسة الجمالية في بنائه .
فيما قال الكاتب الصحفي سيد محمود: الجزويت مكان عزيز علينا جميعا وقد اكتشفت بعد سنوات من العمل أن معظم المواهب المتعلقة بالفنون رأيتهم أول ما رأيتهم فيه، و هو ما يشير إلى رعاية المكان الكبيرة للمواهب. وقد اقترح محمود  ترجمة التضامن ماليا، وذلك بتنظيم حفل غنائي لمطرب أو عدة مطربين بتذكرة مدفوعة الأجر، ويذهب الدخل للجمعية وهو ما يتجاوز فكرة التبرع المباشر، و يشير بوضوح إلى أن الفن لا يحترق. 
واقترحت المؤلفة المسرحية رشا عبد المنعم أن يتم الدعم من خلال عمل ثقافي بالإضافة إلى التبرعات، معتبرة  أن الموقف يعد  فرصة لتجميع أصحاب المصالح على هدف واحد، ورأت في ذلك  فرصة حقيقية للتجمع حول شيء لا يختلف عليه  أحد.
كذلك اقترحت المخرجة هالة خليل عمل عروض بالتعاون مع وزارة الثقافة، على  مسرح الهناجر مثلا، للأفلام المميزة والتي حصلت على جوائز خلال الفترة الماضية لحساب إعادة بناء المسرح،  وكذلك عمل معرض بالإضافة إلى التبرعات.
فيما قال المنتج السينمائي  محمد العدل:  دعم المكان يأتي من أهميته سواء الدعم اللوجيستي أو المادي، وعندي مقترحات لا أستطيع طرحها إلا بعد الرجوع لأصحاب دور العرض ومناقشتهم في ذلك، وأعتقد أننا نستطيع ان نتناقش مع أصحاب دور العرض في أن يكون هناك تذكرة خاصة للتبرع، غير إجبارية ، بالإضافة إلى الشركات الموجودة في غرفة صناعة السينما وما شابه. فمن المهم أن نعمل هذا لأن جزويت تُخرج العديد من المواهب مهمين لصناعة السينما ولو مستقبلا.
  المخرج المسرحي أحمد إسماعيل اقترح تشكيل لجنة لتنسيق المقترحات لأنها متعددة، بأن  تنظم جدولا بهذه المقترحات وتدرس آلية تنفيذ كل اقتراح  ثم تخرج ببيان يتضمن دور الأفراد و الهيئات ومعرفة ما سوف يقدمونه، وعلى اللجنة أن تقترح على النقابات الفنية شكل الدعم بحيث تكون على دراية بكل احتياجات المكان، حيث يمكن أن يأتي دعم لا يتم الاستفادة منه، واقترح أن تتيح  وزارة الثقافة أي مسرح لإقامة فعاليات الجمعية، و أن تدفع وزارة الثقافة مبلغا ماليا لأن هناك إدارة للجمعيات الثقافية في الوزارة تعمل وتدعم الجمعيات الأهلية. 
الكاتبة عبلة الرويني رأت  أن الحريق عطاء من الله، خصوصا أنه لم يمس أي إنسان لحدوثه يوم إجازة ، وقالت إن التضامن عطاء آخر لأنه ليس مجرد دعم أو تبرع وإنما هو فكرة وفعل إيجابي . أضافت: أنا حريصة على أن يحافظ هذا المكان على استقلاليته وبالتالي نحن مع تلقي التبرعات والمساعدات والدعم مع استقلالية المكان واستمراره، و أتصور أن جزءا من التضامن الإيجابي عند الجميع مبني على المكان نفسه، لو لم تكن جمعيه النهضة العلمية والثقافية مستحقة لم يكن لهذا التضامن أن يأتي ، و في رأيي  أن الحريق أضاء هذا الجهد وهذا الدور الذي تقوم به الجمعية التي تقدم  الثقافة كخدمة، في زمن يتعامل مع الثقافة كسلعة، ونحن نؤكد على قيمة الثقافة وقيمة الفن من خلال هذه الجمعية. 
المخرجة عبير على اقترحت الاكتتاب العام عن طريق الأسهم، وأشارت إلى أن  وزارة الثقافة لديها مكانين من حق الجمعية أن تأخذ منهما المال، هما صندوق التنمية الثقافية، والجمعيات الثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
المدير التنفيذي لجزويت الكاتب الصحفي سامح سامي قال: نحن جهة مستقلة، ولأننا جمعية أهلية فنحن نتبع وزارة التضامن الاجتماعي، ولابد أولا من الحصول على  موافقتها حتى نستطيع جمع المال. وبالتأكيد نحن سعداء بكل الأفكار وعندنا أمل أن يعود المسرح أكبر مما كان عليه ، يضم كل الأنشطة والفعاليات المختلفة. 
المخرج فادي فوكيه اقترح عمل تصميم كامل للمشروع بتفاصيله التي  تشمل كل شيء، وعندما تعرض على الهيئات تبدأ في تقديم عروضها، ومن المهم اقتراح المشروع على مكتب استشاري يقوم بالرسومات وترجمتها،  مثل اي مشروع، وتحديد تكلفة كل بند حتى يسهل عند عرضها على رعاة المشروع أن يعرفوا ما الذي عليهم تقديمه.
مصطفى أحد خريجي مدرسة السينما قال: أعتبر نفسي جزءا من «عائله جزويت» وهي تعمل منذ سنوات مع فنانين أجانب، وعندما بعثت لهم على إيميلاتهم، عرضوا علينا المساعدة بتحويل أموال بشكل شخصي، وأبدوا استعدادهم لإرسال كل  ما يمكن مساعدتنا به، فلماذا لا نستعين  بأفراد ومؤسسات خارجية. 
واقترح  شاكر أحد الطلاب عمل فيلم عن الجزويت للتعريف به وبتاريخ عشرين عاما وتقديمه ضمن الأنشطة والفعاليات.
كما اقترح  أحمد سمير من شباب الجزويت أيضا تنفيذ أعمال تشكيلية من ناتج الحريق، واستخدام  وسائل التواصل الاجتماعي  للحديث عن تاريخ المسرح وكيف بدأ وتاريخه وتصوير ما يحدث، بمعرفة فنانين معروفين. 
وفي ختام المهرجان أعلن الناقد والكاتب محمد الروبي عن أسماء اللجنة التي ستقوم بالتنسيق والعمل على تحديد الآليات واتخاذ الخطوات نحو وضع فكرة التضامن وما طرح من اقتراحات موضع التنفيذ والمراجعة، وتتكون اللجنة من: المخرج عمر عبد العزيز، المخرج أحمد إسماعيل،الصحفي سيد محمود، الشاعر إبراهيم عبد الفتاح، المخرجة عبير علي، بالإضافة إلى  مصطفى وأحمد سمير من شباب الجزويت.
 


سامية سيد