في وداع الرجل الكبير فوزي فهمي مؤسسة ثقافية وفنية رحلت

في وداع الرجل الكبير  فوزي فهمي مؤسسة ثقافية وفنية رحلت

العدد 740 صدر بتاريخ 1نوفمبر2021

رحل عن عالمنا الأسبوع الماضي الدكتور فوزى فهمى عن عمر يناهز 83 عاما وهو يعد أحد أعمدة الثقافة المصرية، كان له دور كبير في دعم المواهب و كان نموذجا لتواضع العلماء والقيادة الثقافية الراقية، ترك علامات بارزة فى مجال المسرح والنقد.  الدكتور فوزى فهمى مواليد عام 1938 ، حاصل على درجة الدكتوراه فى علوم المسرح ، وبكالوريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما، شغل شغل العديد من المناصب بوزارة الثقافة و اشرف على العديد من المشاريع الثقافية، كما أضاف للمكتبة المسرحية العربية العديد من الكتب والأبحاث و من أشهر أعماله «عودة الغائب» ، «الفارس والأميرة «، في هذه المساحة نتابع أصداء رحيله من خلال كتابات وشهادات عدد من المسرحيين . 

قال الناقد احمد هاشم:» فقدت مصر استأذنا فوزى فهمى الذي كان رئيسا سابقا لأكاديمية الفنون وعميدا للمعهد العالي للفنون المسرحية، و كان أستاذا للدراما وعلوم المسرح بالمعهد العالي للفنون المسرحية،  ومنذ كان معيدا عام 1963 ، وهو يشارك بعطائه في تدريس النقد وعلوم المسرح، أستاذا متميزا، و كإداري منذ كان عميدا للمعهد أضاف إلى قسم النقد عدة أشياء هامة،  وأذكر أنه فور عمادته قام بتعيين سبعة معيدين دفعة واحدة بقسم النقد أصبحوا فيما بعد أساتذة كبار اذكر منهم د. حسن عطية رحمه الله ، د. رضا غالب رحمه الله ، د. محسن مصيلحي رحمه الله، د. محمد شيحه، د. عطية العقاد فأصبح قسم النقد ذو شأن بعد أن كان يخلو من المعيدين وكان أساتذته يأتون من كلية الآداب ، فلم يكن فى هذا القسم سوى دكتور فوزى فهمى ود. نبيل حجازي. 
و أضاف :» الكل يعرف أفضاله فى إعادة الأرض المسلوبة من الأكاديمية و قد حاول بشتى الأساليب استردادها حتى عادت عن طريق القضاء، وهى الأرض التي أصبحت فيما بعد أكاديمية الفنون الجديدة ، وكلنا يذكر فضله مع الوزير الأسبق للثقافة فاروق حسنى فى تأسيس وإنشاء المهرجان التجريبي ، كما أشرف على الكثير من رسائل الدكتوراه هذا بالإضافة إلى جهوده في الترجمة للمسرح                                                                     من الروسية إلى العربية. 

احد أعمدة الجيل الثالث 
فيما قال الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلامونى:» دكتور فوزى فهمى من الجيل الذي انتمى إليه وهو جيل ما بعد الستينيات ،لان الجيل الأول هو جيل توفيق الحكيم والجيل الثاني جيل الستينيات ونحن الجيل الثالث،  فكان يمثل أحد أعمدة هذا الجيل مع  زملائه من أساتذة المسرح ومنهم الدكتور سمير سرحان والدكتور محمد عناني والدكتور عبد العزيز حمودة، وهم  من أساتذة المسرح الكبار الذين اثروا هذه المرحلة التي  ننتمى إليها انا ويسرى الجندي ورأفت الدويري ونبيل بدران ومجموعة أخرى من الكتاب. كان لهم تأثيرهم الفني والنقدي بالأخص ، وكان يعد ناقدا إلى جانب كونه كاتبا مسرحيا على الرغم  من قلة  إنتاجه ،  ولكن كناقد كان له باع طويل مثل أبناء جيله في النقد والدراسة الأكاديمية إلي جانب دورهم الإداري الهام جدا .
وتابع: كان للدكتور فوزى فهمى دور كبير فى دعم البنية التحتية للمسرح وللفنون بشكل عام، فى أكاديمية الفنون هو الذي وضع أساسها المعماري ، وناضل كثيرا من اجل ذلك ، كما تتلمذ على يده الكثير من الفنانين إلى جانب انه كان مسئولا عن مكتبة الأسرة، وخصوصا الأعمال الفكرية التي  كان لها تأثيرها الكبير فى تدعيم الحركة النقدية، والحركة الفنية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص.                                                                                           
وأعرب المخرج إيمان الصيرفي عن حزنه فقال :» لم تكن هناك لقاءات خاصة بالتدريس تجمعنى بالدكتور فوزى فهمى، كنت فى قسم التمثيل والإخراج وكان هو في قسم الدراما والنقد، فكان التعامل فى إطار ما أشارك فيه من مسرحيات على المسرح القومي مثل  «الفارس والأسيرة ، إضافة لقيادته لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي. 
وأضاف : كان لقائي الأول به عندما كان مدرسا بقسم الدراما والنقد وكان آنذاك يساعد الدكتور رشاد رشدي حيث كان لم يزل  معيدا،  وعندما رقى لدرجة أستاذ لم يكن يتوقف عن كونه المساعد الأول لدكتور رشاد رشدي رحمه الله، وكان أبا للجميع لا يتوقف عن دعم اى شخص بحاجة إليه ولم يكن يبخل بنصائحه إذا شاهد احد العروض، فكان يقوم بتوجيه النظر للسلبيات بشكل راق، غير مثير حتى يستفيد الطرف المبدع.

مؤسسة ثقافية وفنية كبيرة
فيما قال المخرج حسام الدين صلاح:» حينما كان الدكتور فوزى فهمى عميدا للمعهد العالى للفنون المسرحية كنت وقتها رئيسا لاتحاد الطلبة بالمعهد فتوثقت علاقتنا وكان قريبا من الطلبة مهتم بالتحديث والتطوير، تشعر انك أمام شاب يقفز مسرعا لتحقيق حلم ثقافي وفني، أستاذ أكاديمي يغوص في الدراما الإغريقية، ولا ننسى كتابه مفهوم البطل التراجيدي بالدراما الإغريقية، كما كان كاتبا مسرحيا قدم عودة الغائب بمفهوم معاصر عن مسرحية أوديب بطولة محمود ياسين وإخراج شاكر عبد اللطيف، والفارس والأسيرة بطولة نور الشريف وإخراج عوض محمد عوض. 
أضاف :كان يهتم بالتراث الشعبي والفني ويتابع كل العروض المسرحية واستقبلته في مسرحيتي هاله حبيبتى وقاعدين ليه، وكان بيننا حوار دائم عن المسرح الذي ترأس فيه المهرجان التجريبي فأضاف مئات الكتب عن المسرح وأثري الحركة المسرحية بإصدارته الكثيرة، وفى عام 2009 اختارني عضوا بلجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة وكان رئيسا للجنة، وقد استفدت وتعلمت كثيرا من اخلاصه وحبه للثقافة والفن، ولا أنسى موقفه الوطني والسياسي حين قامت الثورة واستحوذ الإخوان على الحكم فكتب مقالة فأبعدوه عن منصبه ولكن شخصية الدكتور فوزى فهمى كانت أكبر من كل المناصب التي تبؤاها ومن منصب وزير الثقافة نفسه ، لقد كان مؤسسة ثقافية وفنية كبيرة تمنح الأماكن التي ترأسها قيمة وأهمية نابعة من شخصيته المحترمة

يدعم المواهب 
 وعن أول لقاء قال الكاتب المسرحى والسيناريست وليد يوسف:تعرفت عليه أواخر عام1992 عن طريق د سميرة محسن التي كانت تقوم بالتحكيم في مسابقه المسرح الجامعي وقرأت لي مجموعة قصصية ثم مسرحية «مات الملك» فأرسلتني إليه وكان وقتها رئيسا لأكاديمية الفنون وقمت بإهدائه نسخه من المسرحية وكنت وقتها صحفيا بروز اليوسف، وفوجئت بعم جمال المسئول عن الاتصالات  يبلغني أن هناك  من يطلبني و كان دكتور فوزي فهمي، وقد طلب مني  أن اذهب إليه في مكتبه ، وفي الموعد المحدد كنت هناك، صافحني بقوه وأخذني من يدي نحو نافذة مكتبه وهو يقول لي إنه قرأ المسرحية دفعه واحده ثم أشار عبر نافذة المكتب إلى معاهد الأكاديمية بدءا من معهد سينما لمعهد فنون مسرحيه بحركة بانورامية لا أنساها قائلا: معاهد الأكاديمية كلها تحت أمرك، سينما ومسرح ونقد فني..اختار وانا سأجعلك تلتحق فور  انتهاء دراستك بالمعهد  الذي تود الالتحاق به وسأرسلك  فى بعثه لتستكمل دراستك خارج مصر،  ولمن يعلم حقيقة د فوزي فهمي انه إذا قال فعل. العرض كان مفاجئا ومربكا وقلبي وقتها كان معلقا بالمسرح رغم كتابتي لأكثر من مسلسل وسهره تليفزيونيه وقتها،  قلت له: أحلم بأن تري هذه المسرحية النور وتصدر في كتاب..فسحب «بيزنس كارد» يحمل اسمه وكتب علي ظهره وصفا لموهبتي كلام أخجل أن أعيده حتي لا أتهم بالغرور وهاتف دكتور سمير سرحان وبالفعل ذهبت للدكتور سمير سرحان بتوصية منه                                                                                                                                  
وقد كان، وجدت نفسي فجأة أمام قامة كبيرة أخري ، قرأ ما كتبه علي الكارت د فوزي وكتب علي غلاف المسرحية للنشر عاجل جدا جدا، سلسله المسرح العربية. هكذا ببساطه كانت الثقة بين علمين من أعلام المسرح المصري..هكذا كان يدعم الموهبة حتي ولو كان يجهل صاحبها.  

قيمة وقامة كبيرة لا تعوض
الفنان أشرف وحيد سيف قال:  أذكر واقعة تدل على مدى عظمة هذا الرجل، وأنا طالب في المعهد العالى للفنون المسرحية فى السنة الثانية قسم التمثيل والإخراج وقد أصبحت نجما فى هذه الفترة،  وكنت أحاول بشتى الطرق التوفيق بين الدراسة فى المعهد الذي تركت كلية الهندسة من أجله وبين عملي فى الأعمال الفنية  وكان أحد الأساتذة يتعمد السخرية منى عندما أحضر متأخرا، أحيانا نتيجة لظروف التصوير الصعبة وعدم النوم، وعندما تكرر هذا الموقف كثيرا رغم أنى كنت متفوقا جدا فى الدراسة و من أوائل الدفعة كل عام، ذهبت للدكتور فوزى فهمى وأخبرته أنى أريد أن أسحب أوراقي من الأكاديمية فقال لى «ليه يا أشرف» ؟ فأخبرته بالموضوع فقال لى جملة لا أنساها:  أنت فخر للأكاديمية ومكسب كبير لها وإذا كنت قد أصبحت نجما فلابد أن نساعدك فى استكمال دراستك لا أن نحاربك خاصة وأنت متفوق فيها، واستدعى الأستاذ وأنهى المشكلة في ثوان،  ما دفعني لاستكمال دراستي بمنتهى العزم، وتخرجت بتقدير امتياز والأول على دفعتي .. لقد كان وسيظل قيمة وقامة كبيرة لا تعوض، أدخله الله فسيح جناته.

تواضع العلماء 
الناقد والفنان جلال الهجرسي قال « هو أستاذي العظيم الذي استقبلني بالمعهد العالي للفنون المسرحية من السنة الأولى حتى نهائي الدراسات العليا محاضرا ومعلما تحليليا ومعمليا للنصوص المسرحية من أرجاء المسرح العالمي شرقا وغربا. أضاف:                                                                                                
لا تكفى مجلدات للكلام عن علمه الغزير وعطائه الكريم الذي ليس له نهاية، هو القيادي البارع الحازم والأب الحنون والرجل المصري الشهم، من أوائل البنائين العظماء في توسعات أكاديمية الفنون، حيث خاض معركة كبرى للحصول على ارض الأكاديمية ووضع أساسها و عمل على تطوير المعاهد معماريا وعلميا، كان رئيسا للأكاديمية نشطا، وأرسل العديد من البعثات العلمية إلى انجلترا واسبانيا وايطاليا وأمريكا وفرنسا وقد ندرت بعد قيادته ، ودعم جيلا كاملا من الأساتذة الأجلاء مع إصلاحات واضحة في منظومات الدراسات العليا واستقبال البعثات العلمية العربية للدراسات العليا بأكاديمية الفنون ، وهو الأستاذ الذى لم ينس تلاميذه وظل يدعمهم حتى آخر يوم في حياته، لقد كان نموذجا لتواضع العلماء والقيادة الثقافية الراقية والعطاء بلا حدود، و يكفيني فخرا أن كنت واحدا ممن اختارهم كأحد أعضاء لجنة تحكيم المهرجان التجريبي.
فيما قال المخرج الكبير عصام السيد:» كان دكتور فوزى فهمى من القلائل الذين يقدرون الموهبة برغم تحمسه لأبناء الأكاديمية سواء في ترشيحات المنصاب أو الجوائز، وهذا ما كان متداولا عنه،  ورغم أني لم أكن ابنا للأكاديمية إلا انه ساندني كثيرا، ويكفيني فخرا أن كنت واحدا ممن اختارهم ضمن أعضاء لجنة تحكيم المهرجان التجريبي المكونة من 11 عضوا، وكان ذلك عام 2007 ، وقد تحدث معي بنفسه في ذلك، وقد اندهشت كثيرا وقتها لما هو معروف عنه من تحمس لأبناء الأكاديمية، ولكنه فسر لي الأمر بعد ذلك، عندما اختارني عضوا بلجنة المسرح، فقال إن مساندة الموهبة عنده أهم من تحمسه لأبناء الأكاديمية ، وكان دائما يتابع عروضي ويساندني منذ عام 1989.

النقطة الذهبية 
نعى الكاتب المسرحى والسيناريست والمخرج نادر صلاح الدين الدكتور فوزى فهمى فقال :» يعد دكتور فوزى فهمى واحدا من كبار الأساتذة الذين استفادت العديد من الأجيال من علمهم وكتبهم ورواياتهم وأبحاثهم، فهو من الرعيل الأول الذى لا نستطيع إنكار فضلهم على الحركة المسرحية، كان يتجول بين  كل أنواع الثقافة، من فنون الجمال إلى فنون المسرح إلى الإدارة المسرحية وخلافه وهو ما جعله نقطه ذهبيه لأي مريد للثقافة.                                                                                          

«الخوجه» 
و قال مهندس الديكور حازم شبل :»عندما التحقت بالمعهد العالى للفنون المسرحية عام 1985 كان د. فوزى فهمى آنذاك عميدا للمعهد وخلال الدراسة أصبح نائبا لرئيس الأكاديمية، وعندما أصبحت في الفرقة الثالثة أصبح رئيسا للأكاديمية ، وامتدت علاقتي به عندما كان يشرف علينا في الدراسات العليا ، وعندما تقدمت للماجستير درس لي، وفى بعض الأحيان كنت أحصل على المحاضرات مع دكتور فوزى فهمى في المكتب الخاص به، وعندما عملت مع المخرج خالد جلال فى المهرجان التجريبي فى الفترة من 2001 وحتى 2009 كان هو رئيسا للمهرجان، وكنا نتعامل معه بشكل مباشر ويتابع ما نقوم بعمله قبل فعاليات حفل الافتتاح. أذكر أنه فى أكتوبر 1987 عندما عين فاروق حسنى وزيرا للثقافة كنا نتصور كطلبة إن الوزير القادم هو د. فوزى فهمى، فاجتمع بنا فى مكتبة بالمعهد، وتحدث إلينا في أنه لا يهتم بالمنصب وانه «خوجه» وهى كلمة تعنى الأستاذ المعلم، وأن أى منصب يذهب و فى النهاية يعود إلى وظيفته الأساسية كأستاذ ومعلم، وأنه يحافظ دائما على أستاذيته مهما تقلد من مناصب  وبالفعل التزم د. فوزى فهمى بهذا الأمر طيلة حياته.                                                                                                                                      
وأضاف شبل:» منذ ثورة 2011 اكتفى بالمناصب الإدارية و لم يعد يظهر فى أماكن عامة أو رسمية سوى فى الأكاديمية  كأستاذ، وعندما كنت أوجه له بعض الاستفسارات عن بعض الأشياء التى قد تبدو انتقادات بالنسبة للبعض ، كان يجاوبني بمنتهى البساطة والصراحة والعفوية. 

موقفه العظيم 
الفنان إيهاب فهمى مدير عام المسرح القومي قال:» عندما كنت طالبا في المعهد العالى للفنون المسرحية كان دكتور فوزى فهمى رئيسا للأكاديمية وأذكر أنه  وقت وقوع الزلزال كنت أجلس مع زملائي في البرجولة وكانت القاعات تضج بالطلاب وحدث الزلزال ، فكان له موقف يظهر مدى إنسانيته، حيث قام بتأمين كل من فى المعهد، وكان يطمئن علينا فردا فردا حتى خرجنا من الأكاديمية وظل طوال هذا اليوم يهاتفنا ليطمئن على سلامة وصولنا إلى منازلنا. كان إنسانا وأبا بمعنى الكلمة قبل أن يكون أستاذا ومعلما.                                                                                                       

نهضة علمية حقيقة 
وقالت د. إنجى بستاوى :» لم يكن تأثير دكتور فوزى فهمى داخل قاعة الدرس فقط ولكن كان تأثيره فى العلم الذي  انتفعت به كل الأجيال، ويكفي انه قدم إصدارات الأكاديمية والمهرجان التجريبي التي لم يستطيع احد أن يقدمها ، و قام بعمل نهضة علمية حقيقة بالأكاديمية لازلنا نحيا بها حتى الآن ، ونستعين بها فى رسائل الماجستير والدكتوراه ، فقد قام بنقل العالم الغربى والثقافات الأخرى إلينا  وجعلنا على علم وانفتاح ودراية بكل الثقافات الغربية والأسماء اللامعة فى وقته، وإذا تحدثنا عن ثقافته فقد كانت لثقافته اكبر الأثر في تميزه على المستوى الادارى، فكان إداريا ناجحا بدرجة امتياز، وكان اهتمامه الأول نشر الثقافة والعلوم  وكان إنسانا بدرجة امتياز لم يبخل على أحد .                                                                                                            

الأخ الأكبر 
وتحدث الفنان جلال العشري مدير فرقة السامر السابق فقال :» اللقاء الأول الذي جمعني بالدكتور فوزى فهمى كان في مكتب دكتور سمير سرحان رحمه الله، وكنت قادما من بورسعيد وكنت أتردد كثيرا على دكتور سمير سرحان الذي كان فى هذا الفترة عميدا للمعهد العالى للفنون المسرحية ، تحدث دكتور سرحان عن المسرحية التي كنت أقدمها فى هذا الوقت «ست الملك « ، ثم توطدت علاقتي به ولم يبخل علي بأي نصيحة وتحول الأمر إلى صداقه، وعندما كان يشغل رئاسة المركز القومي للطفل أصبح بالنسبة لي الأخ الأكبر الذي يرشدني وينصحني ، و أتذكر عندما كان يناقشني فى مسرحية «ست الملك « كان يوجهني ويشجعني وهو أول من علمني أن احلل مسرحية بكامل عناصرها ومفرداتها .

أساطين أكاديمية الفنون 
وقال دكتور أسامة فوزى:رحل واحدا من نبلاء الثقافة المصرية، فقد كان شخصية نبيلة فى تقديمه للعلم لطلبته وتلامذته وزملائه، كان من أساطين أكاديمية الفنون ، وكان بناءا، و أستاذا كبيرا فنيا وإنسانيا، قدم العديد من الدراسات التي استفاد منها كثيرون، ومن ميزاته انه كان يثمن دائما علاقة الأستاذ بالتلميذ ويفرح فرحا كبيرا بفخر التلميذ بأستاذه.

تأسيس المهرجان التجريبي 
الفنان سامح بسيونى مدير فرقة مسرح الشباب قال : لم يدرس لي ولكنى عاصرته أثناء رئاسته للأكاديمية ، وكان دائما يقدم لى النصح والتوجيه كما  كان يقدم الكثير من المساعدات للطلبة ، وأثرى الحركة المسرحية المصرية  بتأسيسه للمهرجان التجريبي الذى تعرفنا من خلاله على المسرح فى العالم الغربى ولا ننسى مجموعة الكتابات المسرحية التي قدمها ومنها مسرحية «لعبة السلطان « بطولة نور الشريف وعبد الرحمن أبو زهرة التى قدمت على المسرح القومي ، علاوة على دوره فى تطوير البنية التحتية لأكاديمية الفنون التى استكملها بعد ذلك دكتور اشرف ذكى.

أستاذ لن يتكرر 
بينما قالت الناقدة داليا همام : لا يكفي أن نتحدث عنه في بضع سطور. فهو صاحب الفضل والأثر الطيب فيمن درسوا في حضرته أو تعاملوا معه. محاضراته مختلفة يستطيع بحضوره الأسر وصوته الهادئ أن يأخذك إلي عالم الدراما والفلسفة والحياة. يستطيع أن يحفزك على التطور والعمل والاجتهاد. منذ السنة الأولى في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الدراما والنقد جعلني أشرح نظرية الكهف وغيرها لزملاء دراستي، فكان لذلك أثر هام في نفسي. كانت جائزتي عشرة جنيهات معي إلى الآن، وكأنني طفلة تسعي دائما للتفوق. اشكره جزيل الشكر على كل كلمة قالها في قاعة الدرس تسربت إلي وجداني على مدار 6 سنوات بين جدران المعهد العالي للفنون المسرحية. اشكره أيضا على متابعته الدائمة وتحفيزه حتى بعد التخرج. اشكره دائما على جملة محبوبتي العزيزة التي كان دائما يقولها لي أو يكتبها في رسائله الدائمة. لا يمكن أن أنسى الأدب الروسي الذي درسته في حضرته أو أعمال جون انوي وغيرهم ولا يمكن أن أنسى ذكرياته التي كان يقولها فنتعلم منها ونشعر أننا نشاركه فيها. أتحدث عن امتناني على المستوى الشخصي والعلمي لأستاذ لن يتكرر. صاحب الحضور والعلم والابتسامة الهادئة المطمئنة. ذلك الرجل صاحب الهيبة كان يعاملنا بمحبة وعطف بالغ. كان سببا أساسيا في تفوقي في المعهد. أشكره على كم هائل من الذكريات. له كثير من المحبة والدعاء الدائم بالرحمة                 
بينما قالت الناقدة منار سعد: فقدت الثقافة المصرية والعربية رجلا من الطراز الفريد ..الأستاذ بدرجة فنان والفنان بدرجة إنسان .. الذي يعد من أهم رجال الثقافة والأدب في الأربعين عاما الأخيرة (سيد البنائين ) ولم لا؟ وهو من لم يبني العقول فقط .بل بني المباني التي تبنى فيها العقول أيضا، الصرح الهائل (أكاديمية الفنون) ، بني عقول ألآف من الطلاب الذين تتلمذوا علي يديه لعشرات السنوات منذ أن كان معيدا في قسم الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية إلي أن رحل ، الذي كان يعتبر أن أهم منصب حصل عليه هو منصب الأستاذ « الخوجه» كما كان يحب أن يلقب.. تعلمنا منه الوفاء من خلال حكاياته عن معلمه الدكتور محمد مندور وذكرياته معه.هو الرجل ذو الهيبة التي تجعل طلابه يهابون منه ليس خوفا ولكن حبا له و حرصا علي مكانتهم لديه ..متواضع الي الحد الذى يجعله يبتسم في وجه كل من يقابله منذ لحظة دخوله من بوابة أكاديمية الفنون حتي يصل إلي قاعة الدرس. ورغم منصبه عضوا معينا بمجلس الشورى ورئيسا لأكاديمية الفنون سنوات دراستي ، فلم يخلف موعده معنا في محاضرة واحدة ما جعل طلابه أيضا يحرصون علي موعدهم معه..لم أذكر يوما أني تخلفت عن محاضرة واحدة له علي مدار ست سنوات هي فترة دراستي أمامه في قاعة الدرس .. ولما التخلف، وهو من علمنا كيف نحترمه و علمنا مفاتيح الحياة وفهمها من خلال المواد التي تلقيناها علي يديه..علمنا كيف نقرا النص المسرحي وكيف نتعرف علي رموزه وشفراته.. احترم دوما من يختلف معه في الرأي، يسمعه بإنصات ..علمنا نحترم ونتقبل الرأي الآخر. فهو يدرك جيدا تعاقب الأجيال واختلاف رؤاهم..ثم بعد مغادرة الدرس يتهافت الطلاب عليه مختلقين الموضوعات حتي يطول لقاؤهم به بضع دقائق أخرى ..هكذا كنا أنا وزملائي أثناء دراستنا..ثم بعد تخرجنا وجدنا منه وجها آخر. هو وجه الأب الناصح والصديق المرشد الذي يضع كل من يطرق بابه يريد نصيحته علي الطريق الصحيح.. ينتابنا الفرح عند مهاتفته وسماع نصائحه.. حتي وإن لم نتلقى الرد نجد منه اتصالا مهتما بمعرفه أخبارنا ..هذه المحادثات التي لا تخلو من المناقشات العامة والخاصة والاطمئنان بدافع الأبوة والود ..نفخر نحن طلابه دوما أننا تلاميذ الأستاذ العظيم القيمة والقامة رفيع المقام ..الصديق والملجأ إذا ما تعثرت خطواتنا .استطاع باقتدار أن يصبح حصن الأمان والملجأ الذي يلجأ إليه تلاميذه..فلم يخذلنا الا يوم أن رحل بدون وداع أو مؤشر للرحيل ، لقد كان خفيفا علي قلوب كل من عرفوه وكل من اختلفوا معه ..فأراد أن يكون خفيفا في وداعه أيضا. 


رنا رأفت