«أساليب التعبير الحركي في عروض المسرح العراقي المعاصر»

«أساليب التعبير الحركي في عروض المسرح العراقي المعاصر»

العدد 736 صدر بتاريخ 4أكتوبر2021

تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان «أساليب التعبير الحركي في عروض المسرح العراقي المعاصر» مقدمة من الباحث رافد عبد الحسن الشمري، وذلك بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وتضم لجنة المناقشة الدكتورة رانيا فتح الله، أستاذ التمثيل والإخراج بقسم الدراسات المسرحية كلية الآداب جامعة الإسكندرية (رئيسًا ومناقشًا)، الدكتورة صديقة عبد المنعم لاشين، أستاذ التمثيل والإخراج المسرحي المساعد بقسم الدراسات المسرحية كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الدكتورة راندا حلمي سعيد، أستاذ التمثيل والإخراج المسرحي المساعد بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة دمنهور (مناقشًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحث كالتالي: 
المسرح الحركي منظومة بصرية جوهرها الجسد، يقوم على تفويض الفرضيات العقلانية مع أستحالة تحديد المعنى فهو يمثل قطيعة تامة مع التقاليد الإرسطية، مسرحاً كرس فيزيائية الجسد وشعرية الحركة، والإيقاع، والأداء والصوت، والصمت، والإيماءة، واستخدام الكولاج، وتدمير أستقلالية العرض المسرحي، ليعيش هذا المصطلح الآن في أجواء، ومناهج التعبير الجسدي رغم انه لازال حديث العهد في الدراسات المحلية لاعتماده على كسر المألوف، واختراق القوانين الفنية المتداولة في الإطار المسرحي واستحالة تحديد انماط الواقع بالرموز والمعاني بغية التجديد، والإصلاح في الاصطلاح والتطبيق مستخدما كل وسائل التعبير الحركية المتاحة وبشكل حر للتعبير عن أعمق بواطن الهموم، والعُقد الإنسانية بأساليب أدائية حرة متعددة التجنيس تركن إلى الذات الواعية، والوجدان الخالص، إلى جانب خصائص التعبير الطبيعي للجسد الصامت وفيزيائيته مما ترتب عليه الوقوع في أحضان أساليب ما بعد الحداثة التي تبحث في التمرد على الحداثة. 
تناول المسرحيون منذ نشوء الدراما وعلى مر العصور التاريخية ابتداءً من المسرح الإغريقي، وصولا إلى المسرح المعاصر وسائل التعبير الحركي بكل أشكالها وأنواعها المختلفة في مسرحياتهم مثل: (الرقص والتمثيل الصامت وغيرها من أساليب التعبير الأخرى) التي احتل بها الجسد موقعاً مركزياً داخل النظم الرمزية العامة لكل الثقافات؛ كونه كيان متعدد الدلالات، ومادة العمل الفني الاساسي الذي يقوم بعمل تحريضي، كي يحرك الجمهور ويثير انتباهه، وتعابير الحركات الجسدية هي بحد ذاتها رسائل اتصالية تتجاوز حدودها الطبيعية المباشرة، حيث أنّ لكل اشارة وحركة يمكن اَنْ تكون محملة بمضامين مختلفة، فهي عبارة عن أفكار متحركة تخاطب عقل المتفرج؛ لذا عُدّ التعبير الجسدي الرمز الأول بالعالم الذي صنع لغة مشتركة تطورت بموجبها مجموعة التعابير الجسدية إلى لغة إيمائية عامة (لغة الجسد)، لذلك يكون التعبير عن هذه المواضيع أو هذه الأفعال الإنسانية الموجودة في المجتمع عن طريق انساق جسدية يرسمها المخرج المسرحي موظفاً بها مجموعة الأدوات الصانعة لذلك للتعبير، ولأن مهمة الممثل هي التعبير لذا وجب عليه أنْ يجسّد هذه التعبيرات الانفعالية (جسديا، وصوتيا). 
وقد تنوعت أساليب التعبير الحركي (الجسدي) في عروض المسرح العراقي وخاصة بعد عام 2003، وذلك لما حصل من تغيرات سياسية، واجتماعية، واقتصادية وغيرها من هذه المتغيرات في المنجز الفني بشكل عام، ونتيجة لذلك اختلفت وتنوعت تلك الأساليب مما جعل المخرج والممثل يقف أمام عدة أشكال للتعبير عن الحالة الجسدية والحالة النفسية للشخصية المراد تمثيلها، أو التعبير عنها، ولكي يصل إلى التعبير الجسدي الصحيح وجب عليه التعرف على منهجية وقواعد تلك الأساليب حتى يستطيع أن يحقق هدفه المطلوب، لذلك تتمثل مهمة البحث في بيان (أساليب التعبير الحركي في عروض المسرح العراقي المعاصر).
تناول مدخل البحث اأساليب التعبير الحركي عبر العصور مُتناولين مفهوم التعبير الحركي معنىً ومفهوماً مع بيان تعريف التعبير الحركي ،وكذلك تناول التطور التاريخي للتعبير الحركي، وقد تناول الباحث في هذا المبحث أساليب التعبير الحركي عبر العصور متطرق إلى أساليب التعبير الحركي في المسرح الاغريقي، والمسرح الروماني، ومسرح الشرق الأقصى المتمثل بالمسرح (الهندي والصيني والياباني بمسرح النو، والكابوكي) كنماذج أساسية لتلك الأساليب.
وتناول في الفصل الاول (التعبير الحركي: أنواع وأساليب إخراجية) حيث تناول الباحث في هذا الفصل ثلاث مباحث، كان المبحث الاول بعنوان: «أنواع أساليب التعبير الحركي»، حيث تطرق الباحث إلى بعض تلك الأساليب التي لها التأثير على الحركة المسرحية العالمية والعربية وبالخصوص على المسرح العراقي، وكان من تلك الأساليب:  
أولًا: الرقص المسرحي وأنواعه، حيث ذكر الباحث نماذج مختارة من الرقص المسرحي  كان منها (الرقص التعبيري - فن البالية - الرقص الشعبي - الرقص الحديث - الرقص الصوفي)، كون فن الرقصُ من أقدم الفنون جميعها متُخذاً من الحركة المحرك الاساسي له، وأنها مجموعة من  الحركات المرتبطة في ما بينها للتعبير عن المعاناة التقليدية أو الفعل. 
ثانيًا: فن التمثيل الصامت (المايم والبانتومايم)، حيث تطرق الباحث إلى فن التمثيل الصامت كون للمسرح لغة كتابية ملفوظة، وأخرى جسدية تعتمد على الإيماءات، والحركات، والمواقف، فالمظهر الإيمائي يُشير إلى التمثيل الصامت حيث غياب الكلمة تماماً، وبالتالي يجب أنْ تُشكلَ لغة مقننة لتحل محل اللغة المغيبة، وهناك مظاهر نفهمها جميعاً على خشبة المسرح (البكاء، والضحك، وتحوّل لون البشرة وغيرها)، وهناك إيماءات تمثل بالكامل (المصافحة، والتلويح، والركوع... إلخ) جميع تلك المظاهر متعلقة بذلك النوع من الفن التمثيل الصامت (المايم والبانتومايم).
بين الباحث هنا معنى فن التمثيل الصامت من خلال تناوله نبذه تاريخية لهذا الفن في مرحلتين المرحلة الاولى في  (العهد الإغريقي والروماني )  والمرحلة الثانية في العصر الحديث (إيطاليا – فرنسا – إنجلترا)  مع تناول بعض المخرجين العالمين في هذا الفن وكذلك تناول معنى فن المايم والبانتومايم وتقنياته.
وجاء المبحث الثاني بعنوان «أساليب التعبير الحركي في ضوء الإتجاهات الإخراجية الحديثة، والمُعاصرة» كون الاخراج المسرحي المعاصر اعتنى كثيراً بمفهوم الحركة، والتعبير الحركي، ونلاحظ أنّ بعض المُخرجين سعوا الى توظيف الأداء الجسدي كعنصر من العناصر الفعالة في العملية المسرحية ليتماشى مع رؤية العصر الحديث ،فصاره هناك حاجة لممثل مميز فُرض علية أن يُطور أساليبه ، وتقنياته الأدائية ، من ذلك تناول الباحث ضرورة في هذا المبحث بعض المخرجين المعاصرين كـ(نماذج منتخبة) ، لما لها من تأثير على المسارح العالمية والعربية بفعل نظرياتهم التي تروّج لمسرح يغلب فيه المرئي على الملفوظ، كان من بينهم (أنطونان آرتو، وإدوارد كوردن كريك، وآميل جاك دالكروز، وماييرهولد، ويوجينو باربا، وبينا باوش).
أما في الفصل الثاني كان نشأة أساليب التعبير الحركي في المسرح العراقي، حيث تطرق الباحث في هذا الفصل إلى تاريخ نشأة أساليب التعبير الحركي في المسرح العراقي، متطرق إلى البدايات الأولى لهذا الفن المتمثل بفن التمثيل الصامت وأهم المخرجين الأوائل للتمثيل الصامت كون كان الأساس الذي مهدَ لأساليب التعبير الحركي الأخرى كفن الرقص التعبير الحديث.
وفي الفصل الثالث تناول التمثيل الصامت بين النص والعرض في المسرح العراقي المعاصر، أشاره الباحث في هذا الفصل إلى مُصطلح الصمت، والبانتومايم كمدخل أساسي لفهم ودراسة فن التمثيل الصامت، وممهداَ لمحوريين: 
المحور الأول: دراسة التمثيل الصامت نصاً متمثلاً بـ (مسرحيات الصوامت)، الشكل المسرحي الجديد لصباح الأنباري مستخدماَ لغة الجسد التي تميزت باستبعاد الاقوال، وتوصيف الأفعال لغُةً اشتغلت على الجمل الفعلية، بالإضافة إلى اشتغالها على التشكيل الصوري أي الصورة والفعل والحركة التي تُحقق المعنى في مسرحيات الصوامت، حيث نرى المخرج عمل المُزاوجة بين القُصة أدباً، والمسرحية فناً وفق خطه اخراجية محُكمة مُمكنة التنضيد على الورق والخشبة ذات لُغة كونية لغة الجسد الإيماءة والإشارة والحركة، ونجد هنا مجموعة من الصور غير مُكرره، موضوعها القصة والحكاية المقتبسة من التراث، والحياة الواقعية والمزاوجة بين الأدب والفن (القصة- المسرحية ) وفقَ خُطة اخراجية تُنفذ على الورق وخشبة المسرح، ومنُفتحةً على رؤى مُختلفةً تُعطي الحُرية للمخرجَ للعمل عليها وتستند على توصيف الفعل حسبَّ قُدرة الكاتب على التوصيف، وهذه المسرحيات تقعُ في عدة مشاهد حوارية، وأطلق على كل مشهد اسم (مُصمت)، وأطلق على شخصياتها المحورية التي لها قيمتُها الانسانية (صامتون).
والمحور الثاني: دراسة الأساليب والتقنيات الإخراجية لبعض مُخرجي فن التمثيل الصامت، عرض الباحث في هذا المحور نظرة المخرجين العراقيين المتجه نحو الجسَّد وفقاً لتغير وجهة نظر كل الإتجاهات، حيث تغيرت وجهات نظر المخرجين المسرحيين العراقيين اتجاه استخدام جسد الممثل وتوظيفه في عروضهم المسرحية، اختار الباحث مجموعة من المخرجين المسرحين  الإبرز في هذا المُضمار وهُم: (المخرج محسن الشيخ - المخرج منعم سعيد- المخرج أحمد محمد عبد الأمير)، وهنا عرض الباحث تحليلاَ لمسرحية «شواطئ الجنوح» للمخرج منعم سعيد وعرض مسرحية «صور من بلادي»، في تلك العروض بين الباحث نوع وأشكال أساليب التعبير الحركي والمناهج الإخراجية التي اتبعها المخرجون.
أما الفصل الرابع كان الرقص التعبيري في المسرح العراقي المعاصر، قدم َّ الباحث في هذا الفصل «الرقص التعبيري في المسرح العراقي المعاصر» كون الرقصُ عموماً يُعد أَقدم الفنون وأعرقها، يُعبر عن مظاهر الحياة ،ويخاطب الآخرين، ويتفاعل مع المجموع بلغة واحده هي لغة الحركة، إكتسب تلك الخصوصية، وتلك الهوية الثقافية لتجسيده صورة هذا المجتمع، وأشار الباحث في هذا المبحث إلى العديد من العروض المسرحية التي قُدمت على خشبات مسارح العاصمة بغداد والمحافظات، ومن هذا فقد حاول الباحث تحديد خمس مخرجين عراقيين مع تحليل بعض عروضهم المسرحية بالشكل الذين يُبين نوع الاساليب التعبيرية وكان منهم: (المخرج طلعت السماوي، المخرج قاسم البياتي، المخرج أنس عبد الصمد، المخرج علي طالب، والمخرج محمد مؤيد).
وذكر الباحث في الفصل الخامس «التعبير الحركي في المسرح المنطوق في عروض فاضل الجاف»، في هذا الفصل أهمية التعبير الحركي في المسرح المنطوق، اختار الباحث عروض المخرج فاضل الجاف كنموذج لأهمية الحركة في العرض المسرحي؛ كونها العنصر الأساسي من عناصر الإخراج المسرحي ولها الدور الأكبر في تثبيت المعنى، فهي ليست فقط عملية انتقال بل تشكل جميع الإيماءات والإشارات والتصرفات؛ كون العرض المسرحي يقدم مجموعه كاملة من الحركات والتشكيلات القادر على تحقيق المعنى، وظف المخرج الحركات الجسدية توظيفاَ (بايوميكانيكياَ ) واستخدام الطاقة الحركية في التعبير من خلال العديد من الحركات الجسدية التي كان يحّول بموجبها طاقته الحركية إلى قدرة عالية للتعبير عن جميع مظاهر الحياة، ولهذا أصبح للحركة وآليتها مكانتها ودورها في حياة الإنسان، واستمراره بصفة عامة، وطاقته الحيوية بصفة خاصة، وعدها الشكل المعبر من الحياة والفعل. 
وبعدها قدم الباحث تحليلاَ لعرض مسرحية (ألف ليلى وليلى) مبيناَ فيزيائية الحركة وأهميتها في العروض المسرحية، وأخيرًا ختم البحث بخاتمة البحث والتي تضمنت على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث، وهي: (نتائج البحث ونتائج العروض المسرحية)، وكذلك خرج البحث بعدَّ توصيات ومقترحات، ومن ثم مستخلص للبحث باللغة العربية والإنجليزية، بعد ذلك ثبت المصادر والمراجع ومن ثم الملاحق.
 


ياسمين عباس