الكلمة والسيف في مسرح صلاح عبد الصبور «الشاعر الفيلسوف»

الكلمة والسيف في مسرح صلاح عبد الصبور «الشاعر الفيلسوف»

العدد 731 صدر بتاريخ 30أغسطس2021

أقام بيت الشعر، مركز إبداع الست وسيلة، يوم الأحد 22 من اغسطس، ليلة شعرية ليستكمل فيها احتفائه بذكرى الشاعر الرائد صلاح عبد الصبور،
وبدأت الندوة بتقديمة للشاعر نور الدين نادر ترحيبا بالحضور تمت بعدها مناقشة ديوان «سيرة الغلام» للشاعر محمد هاني، والذي اشترك في مناقشته: الشاعر مسعود شومان، والشاعر محمود سباق
 تلاها قراءات في شعر صلاح عبد الصبور، و لقاء صلاح عبد الصبور شاعرا ومسرحيا، وأدار اللقاء الشاعر السماح عبدالله واشترك فيه: الشاعر والناقد السيد حسن، والشاعر أحمد حسن، والشاعر يسري عبد الله، والشاعر طارق صقر.
وعن الكلمة والسيف في مسرح صلاح عبد الصبور قال الإعلامي والشاعر السيد حسن :
يظل الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور أقرب الشعراء قاطبة إلى مفهوم المسرح الشعري الذى يوازن موازنة دقيقة ما بين ما هو شعري وما هو درامي.
واضاف: كتب الشاعر الكبير  صلاح عبد الصبور خمس مسرحيات شعرية هي : مأساة الحلاج، ومسافر ليل، والأميرة تنتظر ، وليلى والمجنون ، وبعد أن يموت الملك .
 وتابع حسن: هذه المسرحيات تمثل درة التاج في المسرح الشعرى العربي الذى بدأه أمير الشعراء أحمد شوقي وسار على دربه كثيرون من بعده مثل الشاعر الكبير عزيز أباظة والشاعر الكبير  عبد الرحمن الشرقاوي، وقد كان لكل من هؤلاء دور مهم في تطور المسرحية الشعرية، ولا سيما عبد الرحمن الشرقاوي في الفتى مهران والحسين ثائرا وشهيدا ومأساة جميلة ووطني عكا وعرابي زعيم الفلاحين وغيرها، إلا أن اكتمالها بالمفهوم الفني لم يتم إلا على يدى صلاح عبدالصبور
واستكمل حسن قائلا: قد كانت (الكلمة) ومكانها ومكانتها تحتل مكاناً مركزياً في فكر صلاح عبد الصبور عامة وفى مسرحه بصورة خاصة، والسؤال الدائم حول الكلمة والسيف أو القول والقوة أمر ساطع في قصيدة صلاح عبد الصبور وفى مسرحيته، فديوانه الثاني يحمل عنوان (أقول لكم)،كما أنه يقول في إحدى قصائده المهمة:
«لأنك لا تعرف معنى الألفاظ
فأنت تناجزني بالألفاظ
اللفظ حجر
اللفظ منية
فإذا ركبت كلاما فوق كلام
من بينهما استولدت كلام
لرأيت الدنيا مولودا بشعا وتمنيت الموت
أرجوك الصمت الصمت»
الكلمة مفتاح فهم جوهر الحياة
 وأضاف حسن : فالكلمة مفتاح فهم جوهر الحياة، وهى مرآة معناها، وهى طريق التغيير صوب الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، ولكن هل يمكن أن تغير الكلمة العالم حقاً؟
يجيب (سعيد) بطل مسرحيته (ليلى والمجنون) حين يكتب قصيدة عنوانها (يوميات نبي يحمل قلما ينتظر نبيا يحمل سيفاً)، وكأنه يقول في صراحة لا تخفى القوة  حتمية إلى جوار القول، والكلمة لا تغنى عن السيف.
 المزج بين التاريخي والمعاصر في مسرحية مأساة الحلاج
وعن مسرحية مأساة الحلاج اكمل الشاعر السيد حسن حديثه : في مسرحية مأساة الحلاج يستطيع صلاح عبد الصبور أن يمزج ما هو تاريخي بما هو معاصر، طارحاً قضايا مهمة مثل: العدالة الاجتماعية ، والحرية، والفكر المستنير، ودور النخبة تجاه المجتمع، كل ذلك من خلال استدعاء شخصية الصوفي الشهير الحلاج وإعادة محاكمته، التي هي في الحقيقة محاكمة لجلاديه، وللطغاة في كل زمان ومكان.
المعادل الموضوعي والرمزية في مسرحية «مسافر ليل»
وتابع حسن : وفى مسرحية «مسافر ليل» يذهب بنا صلاح عبد الصبور إلى الرمزية ناسجاً لونا من ألوان الفانتازيا، متكئاً على فكرة المعادل الموضوعي، حيث يتحول راكب القطار إلى معادل موضوعي للمواطن البسيط بينما يرمز القطار  ذاته إلى المجتمع أو إلى الحياة في مسيرتها الكبرى، بينما سيصير عامل التذاكر بستراته المتعددة إلى معادل لكل صاحب سلطة طاغية، ويظل الراوي هو الشاعر حامل الكلمة أو المثقف الأعزل.
الخيال في مسرحيتي الأميرة تنتظر، وبعد أن يموت الملك
 واشار حسن: انه في مسرحيتي الأميرة تنتظر، وبعد أن يموت الملك، يعود صلاح عبد الصبور ثانية إلى الإطار التاريخي لكنه في هذه المرة إطار خيالي خالص يمكن أن يكون صلاح عبد الصبور قد استلهم فيه بعض أجواء ألف ليلة وليلة بصورة من الصورة، ومازالت قضية الكلمة والسيف، أو القول والقوة، حاضرة بصورة مختلفة، ومازالت شخصية الشاعر –الدور وليس صلاح عبد الصبور- تلعب دورا مهما شديد السلبية حينا شديد الإيجابية حينا آخر، فهو في حضور الملك تافه الدور باهت الشخصية، لكن بعد موته هو قادر على أن يجابه الجلاد وسيفه بالمزمار وحده لكى يمكن للأميرة أن تأخذ دورها القدري، وهو لا ينسى بالطبع طرح قضية الحب على نحو ما لا سيما في الأميرة تنتظر.
«ليلى والمجنون» من تجليات الواقعية الاجتماعية النقدية
 وعن مسرحيات صلاح عبد الصبور استكمل السيد حسن حديثه: ثم تأتى مسرحية ليلى والمجنون التي يفيد فيها صلاح عبد الصبور من فكرة المسرح داخل المسرح، وهى يمكن أن تصنف على أنها من تجليات الواقعية الاجتماعية النقدية، مع نفس فلسفي يبرز الميل الفلسفي العام لدى صلاح عبد الصبور، فهو واحد من القلة النادرة من شعرائنا الذين جمعوا ما بين الفلسفة والشعر على الرغم مما يبدو بينهما من تناقض عميق.
الكلمة تحتاج إلى السيف والقول يحتاج إلى القوة
القضية الكبرى هي الكلمة والحرية والتغيير، هل تكفى الكلمة من أجل التغيير صوب الحرية؟!
وصلاح عبد الصبور يتجه هنا إلى فكرة احتياج الكلمة إلى السيف، واحتياج القول إلى القوة، على نحو ما بينا في بداية الرؤية من الطرح الذى قدمه سعيد في قصيدة (يوميات نبي يحمل قلما ينتظر نبيا يحمل سيفا)، على أن رمزية النبوة في ذاتها تمثل انحيازا لمفهوم الكلمة حتى لو كان هذا النبي يحمل سيفا.
 واختتم الشاعر والإذاعي السيد حسن كلامه قائلا: يظل مسرح صلاح عبد الصبور هو الصورة الأكثر إحكاما واكتمالا وفنية للمسرح الشهري العربي، وهو الأكثر موازنة بين ما هو شعرى وما هو درامي، ولا يمكن أن نغفل أن انتقال القصيدة العربية إلى قصيدة التفعيلة قد ساعده على التخلص من كثير من غنائية المسرح عند شوقي أو أباظة بل وخطابيته أحيانا.
 


شيماء سعيد ـ ساميه سيد