«جماليات المعالجات الإخراجية للعروض المسرحية لذوي الاحتياجات الخاصة»

«جماليات المعالجات الإخراجية للعروض المسرحية  لذوي الاحتياجات الخاصة»

العدد 724 صدر بتاريخ 12يوليو2021

تم مؤخرًا منا قشة رسالة الماجستير للباحث المسرحي العراقي آزاد فيصل محمود أحمد الجاف بعنوان (جماليات الرؤية  الإخراجية ومعالجتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية )،وتشكلت لجنة المناقشة من برئاسة الدكتور إياد كاظم طه السلامي أستاذ التربية المسرحية  بكلية الفنون الجميلة بجامعة بابل (مشرفًا ومناقشًا) ودكتور/محمد كريم الساعدي أستاذ الإخراج بكلية التربية الأساسية بجامعة ميسان، و من كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل الدكتور/سمير عبد المنعم محمد أستاذ التقنيات المسرحية  (عضوًا)ودكتور/ حميد علي حسون الزبيدي أستاذ متمرس بقسم نقد وأدب مسرحي (مشرفًا)، دكتور/عامر صباح المرزوك أستاذ مساعد بقسم الدراما والنقد المسرحي (مشرفًا مشارك) و منحت اللجنة الباحث بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
التجربة المسرحية
وقال الباحث»آذاد فيصل»خلال عرضه لبحثه: أن التجربة المسرحية تُعد شكلًا من أشكال التواصل الانعكاسي الذي يعكس ثقافة البيئة الاجتماعية، وهي طريقة لجعل المتلقي يعيد وعيه ويصور أشياء المجتمع الذي يحيط به، ويعتمد على البيانات النفسية المحيطة بالضغط على الإنسان، والمسرح هو مضمار جمالي يمكنه تحقيق الإثارة والمتعة لدى المشاهد، إذ يُكرس المسرح لتحقيق الدمج بين فئات المجتمع، وفتح نوافذ الإدراك البصري والسمعي،باستخدام تصرفات الممثل، فيدخل التأثير إلى النظام النفسي للمتلقي عن طريق النافذة المرئية والسمعية، ومن خلال أهم عنصر لدى المخرج المسرحي وهو الممثل، إذ يُعد الممثل أحد المرتكزات الرئيسة في بنية العرض المسرحي، منذ أن أرسى قواعدها وسماتها الدرامية الفيلسوف اليوناني (أرسطو384-322) الذي اشترط فيه أن تكون نبيلة ويمكن لها أن تصل إلى المثال الإنساني.
الأداة الرئيسة للعرض المسرحي
كما تابع »آذاد الجاف»مؤكدًا: أنه قد شكلت العروض المسرحية المعاصرة تفردًا وتميزًا في بلورة ذاتها من أجل أخذ مكانتها وإيصال رسالتها السامية، فقامت بالاتجاه نحو التجديد والحداثة على مستوى الشكل والمضمون لإعطاء أبعادًا جمالية أكثر عمقًا وفهمًا، وكان للمخرج دور في مواكبة هذا التجديد لما يحمله من ا?فاق تواكب المتغيرات الاجتماعية، وللممثل حصة في هذا التجديد، فقد دخل في المنظومة الحسابية للتغير كونه الأداة الرئيسة للعرض المسرحي، ولأن ذوي الاحتياجات الخاصة قد وظفهم الكاتب الدرامي في مواضيعه منذ فجر المسرح، فهم أصحاب النواة الاولى للحبكة الدرامية المسرحية من ناحية المضمون، فعودتهم على وفق الشكل والتجسيد للفضاء الدرامي ليس بالجديد، فأصبح لهم دور في العروض المسرحية المعاصرة كممثلين لهم قدرات إبداعية وفنية يجسدون مختلف الشخصيات التمثيلية متحدين الخصائص التي يتمتعون بها، وقد تَدَخَل المخرج في الرؤية التأليفية البصرية لترجمة الحوار إلى تشكيلات جسدية على خشبة المسرح، متناغمًا برؤيته الفنية اتجاه هذه الخصائص وطريقة حياكتها بصورة جمالية داخل المسرح، بتقديمهِ معالجات إخراجية تُجسّد من خلالها الشخصيات المسرحية المكلفة لهم في عروضهم المسرحية، مقدمًا رؤية علاجية يمكنه من خلالها توصيل المحتوى الفني والجمالي للمُشاهد بدون أن يدرك المُشاهد أن هنالك نقصًا في جمالية وتكاملية العرض المسرحي من ناحية المحتوى البصري أو السمعي أو الأدائي.
الفضاء الدرامي
وتابع آذاد موضحًا: أنه ولا تقتصر الرؤية الإخراجية على شكل مسرحي واحد فجميع العروض المسرحية تدفع المخرج المسرحي أن يدخل إلى الفضاء الدرامي بتشكيل بصري يجمع فيه جميع عناصره موضحًا من خلالها تلك الرؤية ومدى تأثيرها على المشاهد، ولتجسيد ا?فاقه الإخراجية لابد أنه يمتلك أدوات تساعد وتسهل طرح عناصره المسرحية إذا ما لاقى فيها صعوبة أو استشعر أن هنالك خللاً في أحد العناصر، فالرؤية الإخراجية للمخرج المسرحي تعمل بصياغة العرض المسرحي بوصفها نقطة انطلاق جنبًا إلى جنب مع فكرة النص، ويترجم المحتوى الدلالي المعبر عنه على شكل مشاهد مستمرة، ويكشف المحتوى المعزز بالعناصر الحسية التي تومض في عقل المخرج مثل المؤثرات السمعية والبصرية.
وباتَت معالجات الرؤية الإخراجية رافدًا مهمًا في إغناء العرض المسرحي وبالأخص حين يشارك فيها ممثلٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي كان له أثر مميز في الحياة الاجتماعية، مما أغرى المخرجيين المسرحيين على سحبه من المجتمع ووضعه بين يدي المتلقي لكي يتعرف على حقيقة تلك الفئة بما تنطوي عليه من مميزات وطباع وما تُبشر به من أفكار؛ إذ تعامل المخرج المسرحي على وفق الأليات التي يطرحها عليه النص المسرحي والخصائص العامة لذوي الاحتياجات الخاصة لتقديم معالجات إخراجية يُقَدم من خلالها ذوي الإعاقة عرضًا مسرحيًا يتسم به الطابع الجمالي على جميع مكونات العرض 
وأوضح «آذاد» ببحثه أنه قد عُنيَ العاملون في الحقل المسرحي ومنذ العصر الإغريقي بتوظيف الإعاقة في الدراما ، إذ قاموا باستلهامها من المجتمع،و كون المسرح له أثر كبير في تسليط الضوء على مشاكل المجتمع بفئاته المتعددة وجعلها متجانسة ضمن سياق البناء الدرامي للعرض المسرحي، وحاول بعض المخرجيين إعطاء مساحة كافية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بتقديمهم كممثلين أسوةً بأقرانهم الأسوياء إلى الجمهور للتعرف على ما يتمتعون به من مميزات وقدرات إبداعية وفنية، وأن العروض المسرحية التي يقدمونها تحمل أبعادا جمالية على وفق رؤية المخرج وأسلوبه في المعالجة الإخراجية للخصائص التي يتمتعون بها وتوظيفها بشكل جمالي في العرض المسرحي.
حد البحث الزمني من 2016-2021،و مسرحيات الدراسة بدول عربية من بينها مصر 
أقسام البحث
وفي عرض سريع لأقسام البحث العلمي أوضح آذاد أنه يضم أربعة فصول وهي الفصل الأول ويتمثل في تقديم الإطار المنهجي وضمَ هذا الفصل مشكلة البحث المرتكزة في السؤال الآتي(ما جماليات الرؤية الاخراجية ومعالجاتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية)؟ أما الهدف من البحث فقد اقتصر التعرف على(جماليات الرؤية الاخراجية ومعالجاتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية)فضلًا عن أهمية البحث والحاجة إليه وتحديد المصطلحات الواردة في عنوان البحث.
ويقدم الباحث بالفصل الثاني: الإطار النظري والدراسات السابقة فقد تضمن ثلاثة مباحث تتمثل في 
أ‌- المبحث الأول: تناول الباحث في هذا المبحث إلى ذوي الاحتياجات الخاصة مفاهيمياً.
ب‌- المبحث الثاني: اختص المبحث الثاني بدراسة جماليات المعالجة الإخراجية لعروض ذوي الاحتياجات الخاصة في المسرح العالمي.
ت‌- المبحث وبالثالث: تناول هذا المبحث دراسة المعالجات الإخراجية لعروض ذوي الاحتياجات الخاصة في المسرح العربي. 
أما الفصل الثالث بالبحث  فقد عني» آذاد فيصل «بإجراءات البحث وتحليل العينة معتمدًا المنهج الوصفي التحليلي في تحليل عيناته المختارة قصديًا والمتكونة من خمسة عروض مسرحية وهي على التوالي مسرحية(حكاية بطل) وهي من تأليف وإخراج (جورج عزت) وقد عرضت عام 2016م في مصر، ومسرحية (نحن هنا) لمؤلفها (لؤي الزهرة) ومخرجها (عباس شهاب) وعرضت في عام 2018م في العراق، ومسرحية (وجهان) وهي من إعداد وإخراج (نجيب الحبال) وعرضت هذه المسرحية عام 2019م في سوريا،ومسرحية (لابد أن تشرق) لمؤلفها (توفيق زغلول) وإخراج(مراد أبو سرايا) وقد عرضت في الأردن عام2020م، ومسرحية (العودة إلى الحياة) من تأليف وإخراج (نژاد نجم) وعرضت عام2021م في العراق، واستند الباحث في تحليل العينات على مؤشرات الإطار النظري وأداة البحث.
مشكلة البحث
وأوضح الباحث «آذاد» بمناقشته الجماليات التي تكمن في رؤية المخرج نحو اتجاه الخصائص التي يتمتع بها ذوي الاحتياجات الخاصة وطريقة التعامل مع هذه الخصائص ومعالجاتها، وبذلك حدد الباحث مشكلة بحثه بالتساؤل: ما جماليات الرؤية الإخراجية ومعالجاتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية ؟
أهمية البحث والحاجة إليه
وتابع»آذاد «بالمناقشة متحدثا عن أهمية البحث وأوضح للجنة المناقشة أنها تكمن في كونه يُسلط الضوء على عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية كفئة لهم القدرة على إبراز إمكانياتهم الفنية واستثمارها من قبل المخرج المسرحي بشكل جمالي في محاكاة بعض الخصائص التي يتمتعون بها بهدف الاندماج مع أقرانهم الأسوياء في المجتمع بشكل عام وفي المسرح بشكل خاص، وتوضيح أهمية الرؤية لدى المخرج في توظيف تفاعلات ذوي الاحتياجات الخاصة اللفظية وغير اللفظية بصورة إيجابية مع المعالجات الإخراجية بوصفها صورة جمالية.
وأضاف»آذاد»أنه تتجلى الحاجة إلى البحث في أنه يفيد طلبة كليات ومعاهد الفنون الجميلة والباحثين والدارسين والمهتمين بالمسرح ولاسيما المختصون في مجال الإخراج المسرحي، و يفيد الباحثين في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة ومعاهد الأمل والرجاء في العراق.
 هدف وحدود البحث
وقال آذاد الجاف أن بحثه العلمي يهدف إلى: تعرف جماليات الرؤية الإخراجية ومعالجاتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية، و حدود البحث تتمثل في حد الزمان الذي يتمثل في الفترة من 2016-2021، وحد المكان: عدة دول بالوطن العربي هي(العراق، سوريا، الأردن، مصر) ويتمثل حد الموضوع للبحث في دراسة جماليات الرؤية الاخراجية ومعالجاتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة ،وتابع الباحث مناقشة هدف البحث وحدوده بمناقشة تحديد المصطلحات 
آذاد الجاف: حاستي النطق السمع هما الركيزة العلاجية التي يرتكز عليها المخرج في إضفاء جمالية رؤيته الإخراجية
نتائج البحث
وقام الباحث آذاد» في الفصل الرابع بمناقشة نتائج البحث وفقًا لأهداف البحث ومنها:
1-البنية اللغوية لدى ذوي الاعاقة العقلية والاعاقة السمعية مفقودة أومبعثرة أو وجود تشوهات غير منطقية بالترابط اللغوي، لذلك من الممكن استحداث دور للراوي أو استخدام لغة الصمت كمعالجة اخراجية معتمدًا على الأداء غير اللفظي.
4-اختزال الفكرة الرئيسة مع الحدث الدرامي لتوظيف عامل الزمن في تحقيق المعالجة الإخراجية بما يناسب القدرات الفنية للممثل من ذوي الإعاقة العقلية واستثمارها قبل شعوره بالملل ولجوئه إلى العناد لإكمال العرض المسرحي.
4-إيجاد مساحات ذات حيز مغلق كجمالية للمعالجة الإخراجية لعدم إشغال الممثل من ذوي الإعاقة البصرية بالأبعاد المساحية لخشبة المسرح بتوظيف الديكور، وإن كان هنالك ضرورة درامية لتنقلات الممثل فيوظف المخرج التنقل العمودي للممثل وليس الأفقي.
4- توظيف شخصية الراوي الشاعر لإضفاء صبغة جمالية على الكلمة واستخراج شاعرية اللفظ التعبيري للكلمات التي لها دلالات حسية وذلك لغياب المعنى الحسي للتعبير البصري المتولد من التعبير اللفظي.
5- إن استخدام حاسة النطق وحاسة السمع هو الركيزة العلاجية التي يرتكز عليها المخرج في إضفاء جمالية رؤيته الإخراجية في تقديمه لنص مسرحي يبتعد فيه عن خصوصية الكتابة لذوي الإعاقة البصرية.
6- اختزال الزمن في تكوين قصص درامية متعددة ومختارة لتوظيف النمطية والتكرار لدى المتوحدين التي تتسيد خصائصهم إذ إن التكرار يعد الحجر الاساسي الذي يرتوي منه المخرج ويبرز من خلاله جماليات رؤيته الإخراجية.
7- كسر الصراع الداخلي لذوي الاعاقة بالتعامل مع أضداد الإعاقة عبر تكوين فضاء درامي مناسب ما بين الأضداد والتي من خلالها دمج ما بين الاعاقات التي مهدت لدمج قرينهم السوي معهم.
واستعرض الباحث في مناقشته  لبحثه العلمي الاستنتاجات  التي جاءت بعد النتائج على وفق ما ألت إليه أدوات الباحث ومنها:
1- إن الكلمة في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة تنفقد بشكل عام أو تنسلخ منها شاعريتها فيقوم المخرج بتوظيف الراوي أو اللجوء إلى المؤثرات التسجيلية الصوتية لمعالجة القصور في اللغة.
2- يتنوع الفضاء الدرامي في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة حسب استيعاب قدرات ذوي الإعاقة  التقنية وتفاعل الأداء الحركي لكل إعاقة مع الحيز المكاني الذي يناسب خصائصه الحركية. 
3- تلعب التقنيات المسرحية في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية في إظهار جمالية المعالجة الإخراجية وتكامليتها مع خصائص كل إعاقة.
4- تكمن جماليات الرؤية الإخراجية ومعالجاتها في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة المسرحية من استثمار القدرات ذات الاشتغال القوي ويستمد منها المخرج غطاءاً لاشتغالات الإعاقة التي يتمتع بها ذوي الإعاقة.
5- للجسد دور جمالي مشترك كوسيلة معالجة إخراجية وإن كان قاصرا فتكويناته الفسلجية متعددة لها فاعليتها عن طريق الإيماءة أو الإشارة أو أي فعل ينتج منه.
6- تظهر جماليات الرؤية الاخراجية في عروض ذوي الاحتياجات الخاصة في الأداء التعبيري للحقيقة الداخلية للمعاق من خلال مهارات الأداء وحركات الجسم البطيئة التي تبني نصا ذو تكامل بصري لمعالجة الكلمات المفككة.
ثم ختم الباحث هذا الفصل بقائمة المصادر والمراجع والملاحق وملخص البحث باللغة الانجليزية.
 


همت مصطفى