«السمت الجمالي لأداء الممثل في عروض بعد - ما بعد الحداثة»

«السمت الجمالي لأداء الممثل في عروض بعد - ما بعد الحداثة»

العدد 714 صدر بتاريخ 3مايو2021

تم مناقشة رسالة الدكتوراة بعنوان «السمت الجمالي لأداء الممثل في عروض بعد - ما بعد الحداثة» مقدمة من الباحث وسام عبد العظيم عباس، وتضم لجنة المناقشة الدكتور عباس محمد إبراهيم (رئيسًا)، والدكتور محمد عباس حنتوش (عضوًا)، والدكتورة سهى طه سالم (عضوًا)، والدكتور نشأت مبارك صليوا (عضوًا)، والدكتور أمير هشام عبد العباس (عضوًا)، والدكتور محمد فضيل نشاوة (مشرفًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الدكتوراة.
وجاءت رسالة الدكتوراة الخاصة بالباحث كالتالي:
واجهت مابعد الحداثة انتقادات من داخلها وخارجها على حدٍ سواء. هذه الانتقادات من القضايا الشائكة التي تهيمن على الجهد الفكري للنقاد والباحثين، لذا ظهر في العقد الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين دعوات الى نمط فكري جديد يتجاوز مابعد الحداثة ويؤسس لمجموعة القيم التي تمثل انعكاس جملة من  التغيرات في البناء الفكري والثقافي في المجتمع المعاصر الذي شهد تخبط واضح ادى الى انحسار مفاهيم مابعد الحداثة، والتي على اثرها تحولت التوجهات الى المرحلة الجديدة (بعد- مابعد الحداثة) التي بدأت تأثيراتها بالانعكاس على الاصعدة كافة، وفي مقدمتها الانسان الذي ترى فيه نسخة اولية قابلة للتطور والتمدد، وقد تمظهرت هذه المفاهيم بجميع الاداءات، العسكرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية، المرتبطة به، بما فيها المسرح، اذ بدأت الانساق الادائية للممثل تاخذ مسارات مابعد انسانية حال اقترانها بالتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، اذ عملت هذه التحولات على اعادت تشكيل حدود الانسان الطبيعية مثل الجغرافيا، و الزمن، والاخلاق، كما أعادت صياغة الاداء الانساني ايضاً، بشكل أبعد من كونه انساني، و اصبح بمقدور الانسان ان يصل الى ما فوق الانسنة من خلال اقترانه بالتكنولوجيا لتطوير خصائصه الجسدية، ويمكن ان يُدعمها بالطريقة التي يراها مناسبة له، بوصفه يتميز بمرونة عالية للتفاعل مع التكنولوجيا، لذا عني هذا البحث بدراسة (السمت الجمالي لاداء الممثل في عروض بعد- مابعد الحداثة).  وقد أحتوى على أربعة فصول:
تناول الفصل الأول (الإطار المنهجي) متضمناً مشكلة البحث والتي حددت بالسؤال الآتي: ما السمت الجمالي لأداء الممثل التي تفرضها فلسفة بعد ما بعد الحداثة بوصفها بنية فنية مابعد انسانية جمالية انطوت في مفاصل العروض المسرحية المعاصرة. وتجلت أهمية البحث في تناوله تنظيرات علمية مستحدثة حول فن الاداء ومدى التأثير الذي احدثته التكنلوجيا والعلوم عليه في عصر بعد - ما بعد الحداثة لا سيما عملية تفكيك البنية الادائية التقليدية واعادة صياغتها بما يتناسب والتحولات (مابعد انسانية) الفكرية والجمالية والتكنولوجية المعاصرة لإيجاد مخرجات توظف الامكانيات الجديدة من قبل الممثل التي تسهم في كسر التوقع وتحقيق الدهشة وجذب المتلقي الذي يسعى نحو كل ما هو جديد. 
أما الحاجة إليه فانه يفيد العاملين في المسرح وبالدرجة الاولى الممثلين والمخرجين من اجل البحث عن مناطق ادائية مهجنة و مغايره فيها من الدهشة ما يكفي  لخلق جماليات مسرحية تضفي طابع التجديد في العرض وتجعله موازياً للتطور المستمر الذي تخلقه التكنولوجيا، ومن ثم حدود البحث التي تحددت بالحد الزماني من (2014 – 2019) والحد المكاني للعروض المسرحية العراقي والعالمية التي تنتمي لبعد مابعد الحداثة وحد الموضوع  الذي تحدد بدراسة السمت الجمالي لأداء الممثل في عروض (بعد - ما بعد الحداثة) من حيث بيان المحور العلائقي، بين العلم والفن والاداء كبنية فنية وتركيبية جمالية تدخل في مفاصلها التقنيات الحديثة والرقميات. واختتم الفصل بتحديد المصطلحات وتعريفها، وتوصل الباحث إلى التعريف الإجرائي العام لبعد-ما بعد الحداثة على انه : حالة توجه فكري طرأت على المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية مع نهاية مابعد الحداثة، عمادها الاساس ان تكون الآلة والذكاء الاصطناعي شريكاً واعياً في صنع القرار .
كما عرف الباحث التعريف الاجرائي لـ اداء الممثل في عروض بعد- ما بعد الحداثة: هو اداء  مابعد انساني تحقق نتيجة الامتداد الرقمي للجسد الانساني، ما عزز قدرات الممثل الاعتيادية عن طريق التمازج بين التقنيات العضوية الحية للممثل والتقنيات التكنولوجية الآلية المدعمة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز تقنيات الممثل.
فيما تناول الفصل الثاني (الإطار النظري) الذي تضمن ثلاثة مباحث. عُني (المبحث الأول) بدراسة ( مابعد الحداثة ... الافول والافتراق) اما (المبحث الثاني) فقد عني بدراسة (بعد-مابعد الحداثة ... البُعد الجمالي والفني) وتضمن محورين، درس المحور الاول(بعد-مابعد الحداثة .. ميادين واشتغالات)، وفيما تناول المحور الثاني (بعد-مابعد الحداثة .. الرؤى والاتجاهات والاشتغال المسرحي). اما (المبحث الثالث) عُني بدراسة (الاداء مابعد الانساني في العرض المسرحي)، وأُختُتِمَ الفصل بالدراسات السابقة والمؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري.
وتناول الفصل الثالث اجراءات البحث متضمناً مجتمع البحث الذي شمل (30) عرضاً مسرحياً من العروض العراقية والعالمية، كما ضم الفصل عينة البحث وهي خمسة عروض: عرض مسرحية (Interview) للمخرج اكرم عصام عام 2014 في العراق، وعرض مسرحية الميراث (The Inheritance) للمخرج هسن شيان هوانغ   ((Hsin-Chien Huang 2015 في تايوان، وعرض مسرحية الصندوق الاسود (BOX BLACK ) للمخرج اندريا بليكامب (Andrea Bleikamp) عام 2016 في المانيا، وعرض مسرحية (السندباد) للمخرج (احمد محمد عبد الامير) عام 2018 في العراق، ومسرحية  الهروب (The Escape) للمخرج (كونستانتين توميلتشينكو) Konstantin Tomilchenko)) عام 2019 في امريكا. كما ضم الفصل اداة البحث ومنهجه ومن ثم تحليل العينة.
تناول الفصل الرابع نتائج  البحث وكان من ضمنها : 
الممثل في عروض (بعد-مابعد الحداثة) معزز بجملة من التقنيات الرقمية التي تعمل على موائمة حركة الاجسام الرقمية المصنعة والمسقطة عبر الشاشة مع حركة الممثل الحقيقية، وهذا التمازج انتج فكراً مائزاً داخل فضاء العرض.
جاء التفاعل بين الآلة بوصفها تقنية رقمية وجسد الممثل على جزئين الاول: مادي من خلال تفاعل جسد الممثل مع المعززات كالقفازات والمستشعرات التي ارتبطت به، والجزء الثاني: جاء من خلال حضور الاشكال المجسمة/ الشخصيات الرقمية الافتراضية على خشبة المسرح والتي بدورها خلقت شكلاً بصرياً يُعطي امتداداً لجسد الممثل الحقيقي ويحسن قدراته الادائية. 
امتازت عروض بعد-مابعد الحداثة برجاحة الاداءات التي انتجتها الآلة الرقمية اكثر منها انسانية و التي تمثلت بالطباعة ثلاثية الأبعاد، والتقاط الحركة في الوقت الفعلي، والإسقاط المجسم، والصورة التفاعلية ثلاثية الأبعاد، وهذا الامتزاج بين الآلة والممثل اعطى الاداء صفة مابعد الانسانية في العروض المسرحية.
عملت التقنيات الرقمية على صناعة ممثلين افتراضيين بتقنيات النظام الثنائي (1,0) من خلال تحويل صور الممثل الحقيقي الى ارقام عن طريق رسم الشكل البياني للملامح الخارجية وتحويلها الى نسخ مجسمة من شكل الممثل الحقيقي على الخشبة، هذا ما عزز السمت الجمالي لاداء الممثل ودفعه صوب مابعد الانسانية، بوصف التقنيات امتدت وتفاعلت مع الجسم الانساني بالطريقة التي جعلت منه ما بعد انساني.
 


ياسمين عباس