التوظيف الدرامي لموال «شفيقة ومتولي» في رسالة ماجستير بأكاديمية الفنون

التوظيف الدرامي لموال «شفيقة ومتولي» في رسالة ماجستير بأكاديمية الفنون

العدد 711 صدر بتاريخ 12أبريل2021

في قاعة ثروت عكاشة بأكاديمية الفنون تم مناقشة رسالة الماجستير المقدمة  من الباحث حسام عبد العظيم، خريج المعهد العالي للنقد الفني، تحت عنوان  «التوظيف الدرامي للموال في الوسائط المتعددة / شفيقة ومتولي» نموذجا. تشكلت لجنة المناقشة والحكم من الأستاذ الدكتور حجاج أبو جبر أستاذ النقد الأدبي مشرفا ، أستاذ دكتور زين العابدين أحمد نصار أستاذ النقد الموسيقي مشرفا ومناقشا ومقررا ، دكتور محمد السيد زعيمة أستاذ الدراما والنقد المسرحي مناقشا من الداخل، أستاذ دكتور مصطفي جاد عميد المعهد العالي للفنون الشعبية مناقشا من الخارج .
عن مشكــلة الدراسة قال الباحث: يعد موال شفيقة ومتولي من أكثر المواويل انتشارًا وتأثيرا؛ فمنذ ذيوعه في الخمسينيات على يد المطرب الشعبي حفني أحمد حسن أصبح مادة خصبة استلهمها العديد من الفنانين ليتخطى كونه موالا متنقلا في وسائط فنية متعددة ومعالجات لنصوص ورؤى مختلفة في فترات زمنية متباعدة.
أضاف: إن التعدد في تناول الموال من جانب مبدعين متنوعين و وسائط فنية مختلفة على طول الفترة الزمنية التي امتدت من الخمسينيات حتى وقتنا الحالي تحتاج لدراسة تبحث في توجه كل فنان وأسبابه ودوافعه، وظرفه التاريخي ورسالته التي جعلته يستخدم هذا الموال تحديدًا، ورسمه لشخصية شفيقة وشخصية متولي، علاوة على التحولات التي طرأت على البنية الدرامية في كل عمل من هذه الأعمال وأوضح الدارس أن بحثه يستهدف دراسة المعالجات الفنية المختلفة لموال «شفيقة ومتولي» في الفترة ما بين 1962-2020، وأنها تسعى للإجابة عن مجموعة من التساؤلات البحثية وهي: كيف تمت معالجة الموال دراميا لنقد الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟ ما هي التحولات التي طرأت على البناء الفني للموال باختلاف الوسيط الفني؟ و  كيف يختلف أو يتفق المبدعون في المعالجة الفنية لموال شفيقة ومتولي من حيث أدوار الرجل والمرأة وعلاقة الجسد بالأدوار الاجتماعية لهما؟
 وكذلك : كيف حدث تأثير وتأثر بين مبدعي الوسائط الفنية المتعددة في معالجة كل كاتب للموال؟
وعن أهمية الدراسة قال إنها تكمن في كونها تتناول موضوع «شفيقة ومتولي» بشكل متكامل، حيث حاول الدارس استكشاف المعالجات الفنية المختلفة التي تناولت الموال على امتداد الفترة التاريخية من 1962 إلى 2020، وبذلك تكون الدراسة قد تعرضت لموضوع معالجة الوسائط الفنية المتعددة للموال بشكل متكامل
أما عن منهج البحث فأوضح أنه استخدم  منهج «النقد الثقافي» باعتباره استراتيجية جامعة تعين الدارس على البحث في الأسباب المجتمعية المختلفة التي جعلت من موال «شفيقة ومتولي» مادة خصبة استلهمها كل كاتب في ظروف مختلفة عن غيره ليقدمها في عمل فني ذي بناء درامي مغاير للأعمال السابقة، حيث تتجاوز الدراسة بمساعدة هذه الاستراتيجية النص الأدبي ذاهبةً إلى ما وراءه من عقلية أنتجته وآليات التفكير التي تحكم هذا الإنتاج.
وأشار الباحث إلى أن الدراسة انطلقت نحو قراءة المعالجة الدرامية للموال باعتباره أحد المصادر الفنية التراثية، و تصدت لموال «شفيقة ومتولي» بوصفه نموذجا لهذه القراءة، ووقفت على ستة نصوص للموال تمحورت جميعها حول قضية الثأر للشرف، وهي:  
1- مسرحية «شفيقة ومتولي»، تأليف شوقي عبد الحكيم 1962.
2- مسرحية «شفيقة ومتولي»، تأليف أحمد علام 1971.
3- مسرحية «طلوع روح»، تأليف زكي عمر 1977.
4- مسرحية «الليلة نحكي»، تأليف مجدي الجلاد 1988.
5- مسرحية «غنوة الليل والسكين»، تأليف متولي حامد 1998.
6- مسرحية «دم السواقي»، تأليف بكري عبد الحميد 2002.
7- الفيلم السينمائي «شفيقة ومتولي»، عام 1978.
8- المسلسل التليفزيوني «شفيقة ومتولي»، عام 1993.
9- المسلسل الإذاعي «شفيقة ومتولي»، عام 1971.
10- الفيلم التسجيلي «شفيقة ومتولي»، عام 2018.
قدم الباحث موضوعه في أربعة فصول، حمل عنوان فصله الأول عنوان  «الموال وأنواعه ووظائفه وأبعاده (موال شفيقة ومتولي) و اهتم بدراسة وتحليل الموال على المستويين الموسيقي والأدبي، كما عقد مجموعة من المقارنات بين نصوص الموال الستة بهدف الوقوف على جوانب التشابه والاختلاف فيما بينهم، وقسم الباحث هذا الفصل الى ثلاثة مباحث هي: الموال من حيث الشكل والمضمون، الأبعاد التاريخية والنسوية للموال، بناء الموال ومحسناته.
فيما حمل الفصل الثاني عنوان « موال شفيقة ومتولي:  دراسة في الأثر السياقي والثقافي» تحدث فيه عن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، التى تأثر بها كل كاتب في كتابته لعمله الفني، حيث إن هذه الأحداث الخارجية والمحيطة بمجتمع العمل الفني كانت بمثابة الدافع الذي حفز مختلف المبدعين على تناول القضايا التي قدموها في أعمالهم موضع البحث. قسم الباحث هذا الفصل أيضا إلى ثلاثة مباحث هي: الواقع السياسي والثقافي للموال، السياق الاجتماعي وموقع موال شفيقة ومتولي، البنية التراتبية وأثر ذلك في الموال.
فيما جاء الفصل الثالث بعنوان «الأدوار الاجتماعية وأثرها في موال شفيقة ومتولي» ودرس هذا الفصل علاقات القوى بين الجنسين للكشف عن الطرق و الأشكال المتعلقة بسيادة الرجال على النساء.
ونظرا لأن «جريمة الشرف» شكلت المحور الأساس للأعمال الفنية موضع الدراسة، فقد اهتم الفصل أيضاً بثنائية الشرف والعار، وذلك في محاولة للوقوف على دلالات القتل للشرف في الأعمال الفنية موضع الدراسة، حيث تعد جرائم الشرف علامة ثقافية تشير إلى الإدارة والسيطرة الاجتماعية، فالصفات المعقدة لجرائم الشرف والموجودة في الأعمال الأدبية يمكنها أن ترشد إلى فهم أفضل لجرائم الشرف كظاهرة اجتماعية، وحملت مباحث هذا الفصل عناوين : ثنائية الرجل والمرأة، ثنائية التكريس والتمرد، ثنائية التسليع والمقاومة، و ثنائية الشرف والعار.
أما الفصل الرابع والأخير من الدراسة فحمل عنوان (تحولات البناء الدرامي) واهتم بعقد مجموعة من المقارنات بين مفردات وشخصيات البناء الدرامي في الموال وبينها في الوسائط الفنية المتعددة التي قدمت معالجاتها المختلفة لهذا الموال، ،  بغرض الوقوف على نقاط التشابه والاختلاف بين كل كاتب وآخر في معالجته التي قدمها.وضم الفصل مباحث: المكان ودوافع الهروب، لحظات اللوم والانكشاف نقاط التلاقي والاختلاف، خصوصية البناء الدالة في كل وسيط.
وعن النتــائج التي توصل إليها الباحث قال إنه توصل إلى مجموعة من النتائج التي يأمل أن تكون حافزا ومنطلقا لمزيد من الدراسات التي تتناول التراث الشعبي داخل الظاهرة الفنية والذي يعد أحد الروافد الهامة المؤثرة في العديد من الفنون والتي تمثل المرآة التي يرى فيها المبدع عصره ويحلم به، وذلك بهدف التأكيد على ما هو إيجابي ودافع ومحفز لمزيد من الاستعانة بهذا التراث، أو لكشف ما هو سلبي في هذه الاستعانة.وقد صاغ نتائجه على النحو التالي :
- كل الأعمال الفنية التي تناولتها الدراسة بالتحليل أثبتت أنه كلما اشتدت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلما كان التراث الشعبي أكثر صلاحية لاستخدامه كمعبر فني في هذه الأزمات لما يحمله من هوية جعلت منه ستارا وحصنا أمينا يستطيع أن ينتقد من خلاله كل مبدع ما يحيطه من أحداث.
- لم تنفصل الأعمال الفنية عن بعضها بل تأثرت ببعضها البعض نتيجة للموروث الثقافي المشترك حيث تشابهت الحبكات الدرامية والشخصيات والأحداث والموضوعات.
- على الرغم من تناص جميع الوسائط الفنية في الموضوع القائم على قضية «الثأر للشرف» اختلفت هذه الوسائط في نظرتها للرجل والمرأة من حيث أدوارهم ومراكز قوتهم وفقا لرؤية كل كاتب والتوقيت الذي كُتب فيه العمل.
- لجأت أغلب الوسائط الفنية موضع الدراسة إلى استخدام تكنيكات مختلفة في تقديمها للموضوع، فمنهم من استخدم الراوي ومنهم من لجأ إلى فكرة الفلاش باك أو التمثيل المركب – تمثيل داخل التمثيل- أو الحلم.
- اختلف المعنى الذي قدمه كل مبدع عن الآخر من خلال قلب الأدوار وعلاقة القاهر بالمقهور من خلال علاقة شفيقة بمتولي حيث انحازت بعض الأعمال لصالح متولي بينما انحازت أخرى لصالح شفيقة، وترى الدراسة أن كلاهما حتى وإن كان قاهرا للآخر على مستوى شكل العلاقة العائلية فإنه يظل مقهورا من أطراف أخرى خارج هذا الإطار، وهو ما يشير إلى مفهوم أشمل وأعم تمتد حدوده إلى المجتمع ككل.
- كشفت الأعمال الفنية عن صراع دائم بين حضور الخطاب الذكوري المحافظ وبين الخطاب النسوي الذي يهدف إلى التحرر، نشأ هذا الصراع نتيجة اختلاف مفهوم الشرف في مقابل العار، هذا المفهوم الذي لم يستطع أي عمل فني تقديم مفهوم واضح ومحدد عنه، وذلك نتيجة لما تحمله شخصيات هذه الأعمال من تناقض داخلي أثر بدوره في عدم وجود رؤية واضحة أو مفهوم ثابت لدى الشخصيات الدرامية، هذا التناقض والصراع منشأه هو المجتمع نفسه بصفة عامة.
- استطاعت الأعمال الفنية تجاوز نطاقها الضيق ممتدة لتشمل المجتمع ككل، وقد جاءت أفكار هذه الأعمال نابعة من المجتمع ومعبرة عنه.
- استطاع كل عمل فني أن يحتفظ بخصوصية في بنائه الدرامي وشخصياته، وأيضا في اختيار الزمان والمكان الذي يدور فيه العمل الفني، دون إخلال بالقضية الرئيسة التي كانت الأساس الذي قامت عليه هذه الأعمال وهي قضية «الثأر للشرف»، فنقاط التشابه والاختلاف بين هذه الأعمال لم تؤثر في القضية العامة التي جمعت بينها.
- كانت الموسيقى من أكثر العناصر الفنية في كافة المعالجات، تأثرا بالموال في تيماتها وألحانها وغنائها وآلات عزفها، وهو ما جعل بيئة الأعمال الفنية عينة الدراسة ذات بيئة شعبية خالصة متأثرة بالموال الذي نبعت منه.
د . مصطفي جاد بدأ بتحليل محتوي الرسالة وكان له بعض التعليقات مثل قبوله لجملة الصراع الطبقي مع اعترضه على جملة التسلق الاجتماعي متسائلا: ماذا تعني؟ وقال لا أعتقد أنه يوجد مصطلح علمي بهذا الاسم، وطلب من الدارس إعادة الترتيب والاهتمام بالعناوين الفرعية وترقيمها، وكذلك مراجعة مبحث التسليع والمقاومة، وحذف النتائج العامة، خاصة أن الدارس توصل إلى نتائج كثيرة  داخل البحث كما أشار إلى أن المعهد العالي للفنون الشعبية به ببلوجرافيا للتراث الشعبي العربي وأطلس دراسات التراث الشعبي وغيرها مما يفيد أي باحث في التراث الشعبي مستقبلا ، وأشاد بالجهد المبذول في البحث ، وقال انه يوجد جيل مالك ناصية الكتابة والنقد الأدبي.                                                         
د .محمد زعيمة الذي اتفق مع الدارس  في بعض وجهات النظر، منها حرصه على استخدام الإطار النظري لتحليل الموال داخل متن الرسالة، و لاحظ  زعيمة عند قراءته للفهرس  وجود  ثنائيات مثل المقدس والمدنس، العار والشرف، الرجل والمرأة ما يدل على مدي الجهد المبذول. وقال للدارس: رصدت مجموعة من المحسنات البديعية والبلاغية داخل البحث ولكنك لم تستفد منها، وكان من الممكن الاستفادة منها إذا أشرت لذلك من داخل نصوص الدراسة .
أما د . حجاج فقال إنه درس للباحث في مرحلة البكالوريوس ثم الدراسات العليا  ويعلم مدي حرصه على التمسك ببحثه، وانشغاله به،  فهو من اختار موضوعه، مما شجعني على لذهاب معه أكثر من مرة قبل التسجيل، للاستنارة بوجهة النظر  العلمية للدكتور مصطفي، وقال إن الباحث أصاب في صياغة  الإطار النظري ونجح في استخدامه داخل متن الدراسة، مشيرا إلى أنه  يوجد باحثين يكون الإطار النظري لديهم شيء، ومتن الدراسة شيء آخر.
وفي نهاية المناقشة منحت اللجنة الباحث الدرجة العلمية بتقدير ممتاز مع توصية بطبع الرسالة على نفقة أكاديمية الفنون وتداولها مع الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية المصرية والعربية .

 


جمال الفيشاوي