من أجل عشاقه.. المسرح الأمريكى يتحدى إجراءات كورونا بالابتكار

من أجل عشاقه.. المسرح الأمريكى يتحدى إجراءات كورونا  بالابتكار

العدد 696 صدر بتاريخ 28ديسمبر2020

 بات فى حكم المؤكد ان يستمر اغلاق المسارح فى الولايات المتحدة لفترة طويلة بعد تفاقم ازمة كورونا او ما يعرف بالمرحلة الثانية من المرض. فعدد المصابين تجاوز 14 مليونا وعدد الوفيات يقترب من حاجز ال300 الف بعد ان وصل عدد  الوفيات فى احد الايام  الى حالتى وفاة كل دقيقة ليصبح كورونا أو كوفيد 19   اكبر الامراض المسببة للوفاة   فى بلاد العم سام متفوقا على  امراض القلب.
من هنا لجأت الفرق المسرحية الى اساليب مبتكرة عديدة  عرضنا لبعضها فى  اعداد سابقة لأن المسرح فن لاينبغى ان يحرم منه عشاقه. ونعرض اليوم لاساليب اخرى .ولا بأس من التذكرة بالاساليب التى عرضناها من قبل اذا احتاج الامر.
هناك مسرحية “اغانى الكريسماس المرحة “  المأخوذة عن قصة تشارلز ديكنز بنفس الاسم .وهى مسرحية من مسرحيات الممثل الواحد وليست من مسرحيات الشخص الواحد او الشخصية الواحدة. والفرق كبير  فهذه المسرحية تضم عدة شخصيات وليست شخصية واحدة. ولكن من اجل الاجراءات الوقائية قام بالشخصيات المتعددة ممثل واحد. هذا الممثل هو “جيفرسون مايز “ (56 سنة ) الذى قدمها على مسرح مودرن فى برودواى الذى يضم 3000 مقعد كانت كلها خالية من المشاهدين. ولم يتم بث المسرحية على الهواء عبر شبكات التلفزيون او عبر الانترنت . تم تصوير المسرحية لتسويقها عبر المنصات مثل نتفليكس وعبر القنوات ذات الاشتراك (الكابل).  
سبق ان قدمت احدى الفرق المسرحية فى لوس انجلوس التى تدور حول الرجل البخيل الذى يصبح كريما  بشخوصها الكاملة. وبسبب الكورونا  قامت فرقة اخرى بتقديم المسرحية بعد اختصار بعض الشخصيات  واسنادها الى ممثل واحد .
اختيار
ولم يات اختيار جيفرسون من فراغ. فهو صاحب خبرة طويلة فى القيام باكثر من شخصية. وسبق له الحصول على جائزة تونى لاحسن ممثل عن المسرحية  الكوميدية “انا زوجتى “التى جسد فيها 40 شخصية . وحصل ايضا على جائزة احسن ممثل عن مسرحية “دليل الرجل الذكى الى الحب والجريمة التى جسد فيها 9 شخصيات. وحصل على جائزة اخرى عن مسرحية “انا الليل”التى جسد فيها عدة شخصيات .وحصل ايضا على جوائز عن ابداعاته الاخرى فى السنيما والتليفزيون . وقد ساهم جيفرسون فى كتابة النص. واخرج العرض مايكل اردن الحاصل على جائزة تونى مرتين.  
ويعلق على ذلك منتج المسرحية هانتر ارنولد- وقد سبق له ايضا الفوز بجائزة تونى كاحسن منتج  فيقول انه كان لابد من قبول التحدى. وكان يريد ان يكون السؤال هو كيف فعلت لا “لماذا لم تفعل؟”. ويمضى قائلا ...كان افضل تحد اخوضه فى حياتى.  وقد حققت التجربة التى تمت باستخدام معدات متطورة وكاميرات متعددة من زوايا متعددة بطريقة  يشعر معها المشاهد بانه يشاهدها من مقاعد المتفرجين نجاحا كبيرا. وهو ينوى التبرع بجزء من عوائدها لدعم الفرق المسرحية الاقليمية المتعثرة. ويقول ان الشعب الامريكى يتمتع بقدر عال من المرونة التى تساعده على مواجهة مشاكل عديدة وهذه المرونة تمتد الى مجال المسرح بالتأكيد.  وهذا نفس ما فعلته فرقة بلاى هاوس المسرحية فى سان فرانسيسكو على الساحل الغربى مع مسرحية “الفن “ للكاتبة المسرحية الفرنسية ياسمينا رضا (61 سنة ). وهى ايضا ممثلة ومخرجة مسرحية ولها شعبية واسعة فى الولايات المتحدة وقدمت لها عدة مسرحيات على المسارح الامريكية منها مسرحية الفن التى فازت عنها بجائزة تونى.  وهى  عكس مايوحى اسمها  يهودية من اب اوزبكستانى وأم مجرية.
وفى عرض اخر وهو المسرحية الموسيقية “ديانا” استغلت الفرقة المنتجة للمسرحية انتشار فن المسرحية الاذاعية المسموعة الذى انتشر فى الولايات المتحدة فى السنوات الاخيرة وزيادة انتشاره مع اجراءات الاغلاق بسبب كورونا وقامت بتسجيل المسرحية صوتيا. وكان ذلك على امل ان تكون اذاعة التسجيل الصوتى بمثابة دعاية للمسرحية ليقبل عليها الجمهور بعد انتهاء الاغلاق.
تجربة أخرى
ونعود الى برودواى لنطالع تجربة اخرى مع مسرحية “قابلنى فى سانت لويس “ التى تم تصويرها سنيمائيا لكن بشكل مختلف.عما حدث مع المسرحيات الاخرى التى كان يتم تصويرها اثناء عرض حى متكامل. وهذه المرة تم تصوير المسرحية كما هو الحال مع الافلام اى يتم تصويرها على اجزاء متفرقة يتم تجميعها معا وبأكثر من كاميرا.
وتقول كارين مور انها راعت كافة الاجراءات الوقائية خلال فترة انتاج المسرحية. فهى لم تسمح الا بتواجد الممثلين والفنيين المشاركين فى المشهد. وفى المشاهد التى تستدعى احتكاكا بين الممثلين اعيد تصميمها لتقليل الاحتكاك الى ادنى حد ممكن دون التأثير على مضمون العرض. وكان لابد من ذلك بسبب كثرة عدد الممثلين المشاركين فى العرض الذين يقترب عددهم من العشرين.وحتى فى الموسيقى المصاحبة للعرض المسرحى تم تصويرها بشكل منفصل. وروعى اثناء التسجيل تباعد العازفين وقائد الفرقة عن بعضهم البعض بمسافة متر ونصف المتر على الاقل.  هذا طبعا مع تعقيم مواقع التصوير قبل العمل وبعده.  وكان الاتصال بالممثلين يتم عن طرق البريد الالكترونى.وكان يتم تعقن الملابس قبل ارتدائها.
وتقول مور -التى قامت ببطولة المسرحية عندما عرضت لاول مرة فى عام 1989 على برودواى وتقوم اليوم باخراجه – ان الجمع بين الاخراج المسرحى والسنيمائى كان عملا شاقا لكنه يستحق. والمهم انها خلقت لدى المشاهد احساسا بأنه يشاهد مسرحية حية على المسرح.  وقد قامت بنفس الدور ميليسا ايريكو وقدمت المسرحية فرقة المسرح الايرلندى لاعادة العروض (ريبرتوار) .
وهناك اسلوب اخر تتبعه فرقة بركشاير فى ولاية ماساسوشيتس وهى من الفرق العريقة فى الولايات المتحدة ويعود تاسيسها الى عام 1928 . تقدم الفرقة  حاليا عرضا فى الهواء الطلق باسم “المصادفة الرائعة”. وتم تصميم المشاهد بحث يتباعد الممثلون وتكون هناك فواصل شفافة  بينهم حتى فى مشهد صلب البطل.  ويتم تعقيم الخيمة التى يقدم فيها العرض واجراء تحاليل مستمرة وقياس درجة حرارة كل مشاهد قبل دخول العرض.
وتقول المديرة الفنية للفرقة ان هذه الاجراءات مكلفة لكن عشاق المسرح فى الولاية وخارجها تبرعوا ايمانا منهم باهمية هذه الفرقة العريقة التى تقترب من عامها المائة. تستعد الفرقة لتقدم عرض اخر بنفس الاسلوب بعنوان “ذكريات الاجازة “.
الرواة والاختصار
 وهناك اساليب اخرى تلجأ اليها الفرق التى تقدم عروضها على مسارح عادة منها اختصار عدد الممثلين والاستعانة بموسيقى مسجلة وليس فرق العازفين. كما تحاول الاعتماد على الرواة لاختصار جزء من الاحداث  وتقوم بعض الفرق بتقديم عروض حية لمرة واحدة ام مرات معدودة ثم تنهى عروضها الحية بعد ان تقوم بتصويرها وطرحها للتداول خاصة عبر موقع اليوتوب  على منصة زووم. وتحاول فرق عديدة تعويض غياب التواصل المباشر مع الجمهور باشراك نجوم معروفين لهم شعبية لدى الجماهير سواء على مستوى الولايات او المستوى الاقليمى او القومى.
وتشير الاحصائيات الى ان هناك حاليا اكثر من 100 مسرحية متاحة عبر الشبكة العنكبوتية منها 15 مسرحية من انتاج برودواى. و لحسن الحظ بدأت المسرحيات تزيد من ايرادها بعض اعلانات والاتفاق مع رعاة.


ترجمة هشام عبد الرءوف