«حيوانات .. لكن».. على مائدة مركز توثيق وبحوث آدب الطفل

«حيوانات .. لكن».. على مائدة مركز توثيق وبحوث آدب الطفل

العدد 694 صدر بتاريخ 14ديسمبر2020

أقيم  الإثنين الماضى بمركز توثيق وبحوث أدب الطفل بالإدارة المركزية للمراكز العلمية برئاسة د. أشرف قادوس  الملتقى الشهرى الرابع والثلاثون لمبدعى ونقاد أدب الطفل حول مسرحية «حيوانات .. لكن « للكاتب مجدى مرعى أدار اللقاء الكاتب والشاعر عبده الزراع والمناقشون الكاتب المسرحى أحمد زحام ،والناقد الادبى د. سلامة تعلب والكاتب المسرحى منتصر ثابت يقام الملتقى يقام  تحت رعاية د. نيفين محمد موسى رئيس الهئية العامة لدار الكتب والوثائق القومية                                             
بدأت الندوة بكلمة د. أشرف قادوس رئيس الأدارة المركزية للمراكز العلمية حيث وجه الشكر للكاتب عبده الزراع لنشاطه الواسع والمحلوظ فى مجال أدب الطفل وقيامه بتنظم ملتقى أدب الطفل بجمعية الآدباء ، وعقده لملتقيين خلال هذا العام مؤكد على أهمية الإسهامات المختلفة من أكثر من جهة لمجال أدب الطفل سواء إقامة ملتقى أدب الطفل من مركز توثيق وبحوث أدب الطفل أو جمعية أدباء مصر وجميعها فعاليات تساهم فى تنشيط حركة أدب الطفل؛ وبالتالى سيعود ذلك بالنفع على الوطن العربى ، مشيرا إلى أنه أولى  الملتقيات  التى تعقد عقب الملتقى السنوى الخامس لمركز بحوث وتوثيق أدب الطفل مشيدا بمجهود جميع الزملاء الذين اثروا هذا المؤتمر الذى يعكس مدى التعاون والتكاتف كجماعة أدبية تهتم بالطفل المصرى بشكل خاص وبأدب وثقافة الطفل المصرى بشكل عام ، كما وجه الشكر للكاتب مجدى مرعى والذى تناقش مؤلفاته عاما تلو الآخر فهو كاتب لديه العديد من الأعمال فى مجال التأليف وإخراج مسرح الطفل .
وتابع قائلا “بإطلاله سريعة على غلاف العمل يحثنا على تطوير خطاب الطفل بما يتناسب مع البيئة التى يعيش بها وربما رحلة فضائية تثير خيال الطفل أكثر من أجواء غابة مسحورة لم يألفها الطفل فى مشاهداته الحياتية على الرغم من أن أحداث المسرحية تدور فى مشهد واحد “الغابة” وهو ما يجب معالجته فى الطبعة الجديدة، مشيرا غلى أن  يميز الكاتب مجدى مرعى خبرته فى المسرح المدرسى ومسرح الطفل فهو يظهر كمبدع فى قدرته على التعبير وإظهار أفكاره ومشاعره ،
وأوضح قادوس: منذ اللقاء الأول بالكاتب مجدي مرعي أدركت أنى أجلس أمام فنان والفنان له سمات يغلب عليها الطابع الإبداعى وقد إكتسب ذلك خلال سنوات عمله بالمسرح المدرسى وأعمال الكاتب مجدى مرعى يغلب عليها ما يسمى «بالمسرح التربوى” وهو أعم وأشمل من المدرسة فالكتابة التى تربى الطفل وتعلمه القيم المختلفة بصرف النظر عن وجود بعد سياسى أو إجتماعى .. إلخ هى أحد المهام التى يجب أن تتوافر فى آدب الطفل                                                                                                                 
فيما أشاد الكاتب عبده الزراع بنشاط د. أشرف قادوس رئيس الإدارة المركزية للمراكز العلمية  وجهده الكبير والمتواصل فى مجال أدب الطفل ومشاركته فى العديد من الملتقيات، وأشاد بالكاتب مجدى مرعى فهو كاتب غنى عن التعريف ومهتم بالمسرح المدرسى ؛ وذلك لأنه أحد موجهى التربية والتعليم وله باع طويل علاوة على انه مخرج مسرح متميز وحصل على جوائز عدة.
ثم إنتقل للحديث عن مسرحية «حيوانات .. لكن « موضحا الجهد المبذول من قبل الكاتب والمخرج مجدى مرعى وانطلاقه من الموروث الشعبى الثرى والملىء بالقصص والحكايات الصالحة لإعادة صياغتها لتقدم كمسرح أو قصص أو روايات للطفل، موضحا إرتكاز مجدى مرعى على حكايتين إستطاع توظيفهما بشكل يخدم الفكرة الأساسية علاوة على إستخدامه اللغة الفصحى بتمكن وإجادة كبيرة وبساطه وموضوعية من خلال اللغة السهلة التى تناسب أطفال الشريحة من عمر “9 حتى 12عام”
تلى كلمة الكاتب عبده الزراع قراءة الكاتب مجدى مرعى للفصل الاول من مسرحية «حيوانات .. لكن « وأوضح فكرته التى أراد التعبير عنها من خلال مسرحية «حيوانات .. لكن «
قال الكاتب مجدي مرعي : « ما أردت التعبير عنه خلال المسرحية هى كيفية تحول نقاط الضعف إلى نقاط قوة حتى لايكون هناك إستستلام  حتى نهزم العدو ولا نخضع له وبشكل مبسط تدور أحداث العرض حول هذه الفكرة فمجموعة الحيوانات وافقوا على عقد إتفاقية مفادها هى تقديم وجبه دسمة للأسد، وهو نوع من أنواع الخنوع الذى تسبب به الفيل فتقديم وجبة سيضاعف من الوجبات وسيجعل الأسد لا يغلق فمه وهو ما جعل الحيوانات جميعها تجتمع لإلغاء هذه الأتفاقية واستغلال نقاط ضعفهم وتحويلها لمصدر قوة لمواجهة الأسد.
وفى قراءة نقدية سريعة للنص قال الناقد الأدبى سلامة تعلب « قرأت عدة أعمال سابقة للكاتب مجدى مرعى وأشرف أن أكون أول من يطلع على هذه الأعمال قبل طباعتها ، وأجد فى هذه المسرحية نقلة نوعية فى فترات تطور الكتابة المسرحية لدى الكاتب مجدى مرعى ، فكما نعلم أن مراحل عملية الإبداع متعددة من هذه المراحل مرحلة الألهام وصولا بمرحلة المراجعة والصنعة
وتابع : أما عن الصنعة فنجد فى هذه المسرحية الكثير من الصنعة او ما نطلق عليه « هندسة الكتابة « ، ويتضح ذلك منذ صياغة الأحداث فقد إستخدم الكاتب رموزا إسقاطيه على بعض القضايا السياسية ، كما حدثنا عن فكرة هامة وهى كيف لهذا الكل الضعيف أن يتكأ الى ضعفه ويستسلم للقوة الغاشمة فعليه أن يجمع نقاط ضعفه ويواجه هذه القوى وينظر إليها أنها قوة وهمية
وانتقل سلامه للحديث عن مصادر الصنعة فى مسرحية «حيوانات .. لكن « فقال : فهناك عشر شخصيات رئيسية ثم ننتقل للشخصيات الفرعية فنجد أن هناك ثمانية عشر شخصية وباقى الشخصيات مجزئة وتم توزيعها  بهندسة وفكر واتضح ذلك أيضا فى التقسيم الفنى للفصول فنجد أن المسرحية تتكون من فصلين وكل فصل يضم أربع لوحات ، كما شملت هندسة الكتابة عناصر المسرحية من شخصيات ولحظات الذروة ولحظات العمق والحلول المرحلية والعقدة الكبيرة والحل النهائى ، كما وظف بها تقنيات عديدة من تقنيات المسرح كوصف المشاهد ورسم المسرح فالمسرح كما نعلم يختلف عن الرواية والقصة ، فعند كتابة مسرحية هناك عدة أشياء أساسية وهى المكان «خشبة المسرح « ، والزمن «زمن عرض المسرحية « وقد أتقن مجدى مرعى صياغة عناصر المسرحية بشكل جيد إلا أنه قصر فى عنصر الموسيقى وهو عنصر هام .
بينما أشاد الكاتب احمد زحام بإلمام الكاتب والمخرج مجدى مرعى بأبعاد المسرح وذلك لخبرته كمخرج بالمسرح المدرسى فعندما يلم الكاتب بأبعاد المسرح ومكوناته يختلف عن الكاتب العادى ، وأكد زحام على نقطة هامة آثارها الناقد الأدبى سلامة تعلب وهى هندسة الشخصيات رغم عددها الكثير معقبا على فكرة وصف السينوغرافيا فى النص سواء الموسيقى أو الديكور، فالكاتب يلمح لها ولكن لا يشير إليها إشارة كاملة وذلك ليتيح فرصة ليبدع صانعى العرض المسرحى فى مفرداتهم .
ثم إنتقل لنقطة هامة ومحورية فى مداخلته وهى هل هناك إسقاط سياسى بالنص ؟ مؤكدا على عدم وجود إسقاط سياسى فهو يعلم المشاهد أن لايخون وأن يقاوم ولكنه لم يقل أنه لابد أن يكون الأسد هو الحاكم  موضحا أنه ليس بالضرورة إسقاط الصراع على الواقع أو الحياة السياسية التى نعيشها فهذا أمر غير صحيح، مشيرا إلى أنه فى حالة إتفاقنا على وجود إسقاط سياسي فبذلك نكون قد جردنا النص من عفويته وتلقائيته و حملناه ما لا طاقة له به، فنحن لسنا أمام مسرح تسيس ولكننا أمام مسرح يقدم للأطفال،  ولا نستطيع أن نحمل الطفل كل هذه الأبعاد فى النص المسرحى ولكن علينا إحترام براءته .
وعقب زحام على نقطة هامة، وهى الحكماء فى النص فمن المعروف أن الحكيم هو من يرشد للخير ولكن فى النص قام الحكماء بعقد إتفاق على تقديم واحدا منهم ليأكله الاسد، والحكيم لا يفعل ذلك وإختتم مداختله مشيدا باللغة البسيطة والسهلة بالنص والبهجة التى أضافها الكاتب مجدى مرعى بالمسرحية  .
الكاتب المسرحى منتصر ثابت أرتكز فى مداخلته على عدة نقاط هامة وكانت النقطة الأولى اختلاف مسرح الطفل عن مسرح الكبار فمسرح الكبار من الممكن أن يكون مسرح الكبار للضحك من اجل الضحك أو فن من أجل الفن، ولكن مسرح الطفل له شكل هرمى ويجب أن يتوافر به الشرط المعرفى والقيمى والجمالى، فالشرط المعرفى يتمثل فى تقديم أفكار للطفل، والشرط القيمى يقدم قيمة او رسالة من خلال العمل ، وإذا تم الأكتفاء بالشرط المعرفى نصبح بذلك بمدرسة وإذا إكتفينا بالشرط القيمى ؛أصبحنا بمسجد أو معبد أو كنيسة وما يجعل الفن للفن هو الشرط الجمالى، فالشرط الجمالى يخلق عمل فنى يتسم بالدرامية.
 وتابع قائلا « أعطانا الكاتب مجدى مرعى هذا الشكل فقدم لنا الشرط المعرفى بمجموعة من الأفكار وحديثه عن مواجهة القوة الغاشمة وعدم الإستسلام فالشرط المعرفى متوافر ولدينا شرط قيمى وهو مقاومى الظلم وعدم الإستسلام ، وأعطانا الشكل الكامل للمسرح بشكل جمالى وجاذب للطفل
وأشاد الكاتب المسرحى منتصر ثابت بتفرد مجدى مرعى بإستخدام التراث او “التناص” مع التراث وذلك من خلال قصتين «العصيان « و»الأرنب فيروز» من كتاب كليله ودمنه، مشيرا إلى أنه تعامل مع التراث بشكل فني، فالنص يفتح آفاق التوقع للمتلقى ويجعله يتجه بذهنه لأكثر من نص عن النص الجديد الذى يشاهده، كما تفرد مجدى مرعى فى إستخدام الرمز فكل حيوان يعطى رمز فالأسد رمز القوة الغاشمة والحمار رمز رائع للجهل وقد إستخدم الرمز بحرفيه شديدة وبمهارة
فإستخدام الرمز يجعل المتلقى إيجابى وخاصة الطفل وهو ما يكسب الطفل وعى سياسى وهو يختلف عن الإسقاط السياسى  ، فالوعى السياسى يوجه الطفل لمواجهة الظلم وعدم الإستسلام للقهر ولكن الإسقاط السياسي يشير إلى حاكم بعينه .
 


رنا رأفت