«ديجافو» يقدم رحلة خاصة للإنسان المعاصر في زحام مشكلات الآخرين

«ديجافو» يقدم رحلة خاصة للإنسان المعاصر في زحام مشكلات الآخرين

العدد 686 صدر بتاريخ 19أكتوبر2020

بعقل يقظ  ،وروح مصرية خالصة  يستعد  المخرج « أحمد فؤاد « لتقديم  عرض « ديجافو « الذي ينقلنا من بلاد بعيدة إلى عالم جديد بالمسرح ،وبفريق يؤمن بأهمية الفنون لمناقشة قضايا الإنسان ،وتُجري هذه الأيام  البروفات الأخيرة للعرض على مسرح « الهناجر» الذي يستعد لاستقبال جمهوره قريبًا  ، ويشارك بالتمثيل فيه تامر نبيل ، أحمد السلكاوي ، محمد يوسف، رحمة أحمد، بسمة ماهر،و ديكور أحمد أمين ، أزياء مروة عوده ، إضاءة أحمد الدبيكي،  موسيقى محمد عبد الله ، مساعدا الإخراج أحمد رضا ومها سامي ، مُخرج مُنفذ أحمد سيف ، إعداد وإخراج أحمد فؤاد ، وقد التقت مسرحنا بالفريق في إحدي البروفات لتحاول أن تتعرف على ملامح هذه التجربة المسرحية الجديدة .
” إثبات العكس “ 
قال المخرج  أحمد فؤاد : تتبقى بضعة أيام ،ونلتقي مع الجمهور بمسرحية  « ديجافو « المأخوذة عن نص «إثبات العكس» للكاتب السويسري أوليفيرا شياتشياري، ،وقد عملت من قبل مع  المؤسسة الثقافية السويسرية  «بروهلفتسيا» بمصر وشهدت معهم  ترجمتهم  للعديد من نصوصهم  لكتابهم من بينها ” إثبات العكس “ الذي قدمه مؤلفه 2005 وهو يطرح قضية جديدة هي  ” أن الإنسان المعاصر هو شريك لكل ما يحدث بالعالم من صغيرة ،وكبيرة  سواء كان ذلك في مجتمعه أو بأبعد القارات عنه ، وإن لم تقترف يداه  أي سلوك أو يشغل باله بأي شيء مما يحدث، وهو يتأثر بكل حدث وإن كان يحاول طيلة وقته أن يبتعد تمامًا عن ذلك ؛فهو دومًا  مُقحم من ناحية ما ،ويقدم المؤلف ذلك في مثال «الشاب « الذي يعيش بمفرده ،ويحاصره جميع  جيرانه بدفعه في شئونهم  الخاصة ومشكلاتهم  ليصبح شريكًا معهم .
وأكد فؤاد : وهذه القضية جديدة بالمسرح المصري وأحاول تقديمها في إطار كوميدي  بعد أن قمت بالإعداد للنص ليتناسب مع الجمهور، 
وتابع  فؤاد : وترتبط  الأفكار والقضية التي يطرحها « ديجافو» بنا في كل زمنٍ، وخصوصًا  في العقود  الثلاثة الأخيرة ،ومع التطور التكنولوجي  الذي جعل  الإنسان المعاصر يعلم  ما يحدث في كل مكان بالعالم  فأصبح أي إنسان رغمًا عنه جزءًا  من كل مشكلات وأزمات العالم الصغرى والكبرى متى علم  بإحداها ، فلا يمكن  لأي  إنسان بكل ما يحاول من  جهد  أن ينأى بعيدًا عن أي  حدث أولا يتأثر به ، وتلك قضية عالمية تخص كل من يعيش على كوكب الأرض في زمننا  هذا  .
قضية إنسانية
فيما أوضح فؤاد : لاأرتكزعلى اتجاهٍ خاصٍ في تقديم  المسرح  ، لكني عندما أنشغل بأحد الأفكار أوالقضايا ،وأحملها همًا  بعقلي وبداخلي وتؤرقني فأسعى نحو معالجتها وتقديمها للجمهور ،ولذا أبحث  دائمًا بقراءاتي للمؤلفين المصريين  أوغيرهم بالعالم  عن النص الذي يحمل القدرة على تقديم  ماأتمناه   بكل عرض مسرحي  جديد من أفكار ،وقد أرغب في تقديم إحدى الأفكار التي يصطدم العقل  بها وهي لم تقدم من قبل فأبحث كثيرًا عن النص المناسب لها ،ونحن بمصر لاندرك كل النصوص التي تكتب للمسرح ، وخصوصًا الجديد منها  ،ونشهد أزمة كبيرة في ذلك الأمر ،ولا نعرف  من النصوص الجديدة غير ما يقدم منها بالعروض ،وبالآونة الأخيرة لانعرف أيديولوجيات واضحة للنصوص الجديدة والحديثة لأنها لاتتوافر لكل مخرج  لقراءتها ، فلانصل إلى رؤية المؤلف ،و الكثير من النصوص التي تقدم غير مطبوعة فنشاهد فقط رؤية المخرج في النص الذي اختاره ليقدمه لنا، فلا يتضح لنا هل ما قُدم ما كان ينشده مؤلف النص أم لا ، فنحن نعيش أزمة التواصل بين المؤلفين والمخرجين ،ورغم ذلك نجد بالمسرح المصري مؤلفين  تحمل كتاباتهم أفكارًا جيدة وترتبط كثيرًا بواقعنا المصري وقضايانا ،واختتم فؤاد : لقد شهدنا بفعاليات دورة المهرجان التجريبي الأخيرة توافد وتزاحم الجمهور لمشاهدة العروض ، ولذا أرى أننا سنشهد تكرار ذلك مرات ومرات للعروض المقدمة قريبًا ومن بينها  « ديجافو» وخصوصًا أننا نسعى لتقديم عرضًا  يحمل قضية  إنسانية مع فريق مسرحي مميز قدموا من قبل الكثيرمن العروض ونالوا العديد من الجوائز وإعجاب الجمهور الكبير ويحملون بداخلهم حب ووعي كبير  للمسرح ،ونأمل جميعًا أن يسعد الجمهور .
اختلاط الحقائق
يقدم « تامر نبيل « بالعرض الشخصية الدرامية الرئيسية  «  الشاب « الذي  يسكن  وحيدًا  بمنزله  لكن جيرانه لايدعونه وشأنه  ،وقال : تتمثل الحياة اليومية والأحداث التي نعايشها معًا في العالم عامًا بعد عام في العقود الأخيرة مصدرًا لأيديولوجية العرض ومن ذلك اختلاط الحقائق وتزييفها ،وتزاحم الكثير من الرؤى الشخصية للأفراد بالمجتمع  والتي تجعل  الحقيقة  مفقودة  ،تائهة بيننا وغير واضحة لأي منا ،وسط زحام وتفاقم  مشكلاتنا الشخصية 
وأوضح نبيل : إن القراءة الجيدة للنص هيأحد الركائز الأساسية للوعي في تقديم الشخصية الدرامية بالمسرح  ومن ثم فإن قصة العرض وحكايته هي ماتفسر لنا جيدًا ملامح وسمات الشخصيات،وفي البروفات تتضح العلاقات وترابط الشخصيات  ببعضها ومع المناقشات المتعددة بين الفريق والمخرج نستكمل بناء العرض حتى نصل معًا إلى ماننشده 
واختتم نبيل :  نأمل  تقديم عرضًا جيدًا وممتعًا يُسعد جمهوره ونتمنى الالتزام بكافة الاجراءات الاحترازية لسلامة فريق العرض والجمهور.  
الطبقات  الاجتماعية
وقال الممثل أحمد السلكاوي :في « ديجافو «  يسكن»  شاب»  في إحدى  المدن بمفرده  لكن جيرانه يزجون  به رغم إرادته  نحو مشكلاتهم  وأزماتهم  ومع كل محاولة منه للهروب من هذه المشكلات يُزج به نحوها أكثر، وأقدم دور أحد هؤلاء الجيران  من الطبقة العليا بالمجتمع ، وهوذلك الجار ذو التأثير الكبير الذي  يدفع ويُقحم هذا الشاب لدائرة مشكلات  لاتخصه ،ومن خلال دوري وعلاقتي بالشاب في العرض يتضح  تفاوت وتباين  الطبقات  الاجتماعية وتأثير ذلك على المواطنين  خصوصًا مع هؤلاء الذين لا علاقة لهم بكل مايحدث  من حولهم  ،فيُدفع بهم كشركاء  عند تفاقم مشكلات غيرهم ، ومن  ثم  نجد  أن في كل مجتمع بالعالم  أفراد يختنقُون بعوالم وأزمات غيرهم  رغم أن  أيديهم  لم تقترف أي سلوك لهذا 
وأضاف  السلكاوي :  تتضح ملامح كل شخصية  بالمسرح  وتستكمل مع البروفات ، ورؤية المخرج  وهنا يقدم ”أحمد فؤاد “ إعدادًا مغايرًا  للعرض  حيث ينقل النص من المجتمع  السويسري  وأحداث تخصه تبعًا لما كتبه المؤلف  ليقدم عرضًا يرتكز على قضية إنسانية عامة قد تحدث في أي مجتمع لأي مواطن فى إطار كوميدى عبثي  لايلتزم ببيئة خاصة أو زمن   محدد .
الشخصيات النمطية
فيما أوضح الممثل  «محمد يوسف :» يقدم « ديجافو» رؤية مميزة ومعالجة جديدة بقيادة  مخرجه عن نص «إثبات العكس» ،وتدور الأحداث  حول إقحام الإنسان بأحداث لا علاقة له بها تمًامًا  من قبل  المُحطين  به لجعله شريكًا معهم رغمًا عنه ،وأنا أقدم شخصية أحد هولاء  الجيران ،ذاك الجار الذي يَدسُ أنفه في كل أمور الآخرين من حوله ،ويدفع بهم بعوالمه ولا يسلك بنفسه أي فعل في حياته ويتسم بحقده نحو الآخرين وهذه الشخصية يماثلها بالحياة أمثلة كثيرة وهي نموذج لأحد الشخصيات النطمية التي  تشبه الكائنات الطفيلية 
وأوضح يوسف: يرتكز العرض على تقديم صورة  تورط أحد الأشخاص في مشكلات  لايملك فيها حق الاختيار بالمشاركة  بالرفض أو القبول  كما تُقدم بالعرض صور من نماذج الشائعات بالمجتمع والتي يتضح لنا بالنهاية أن كل ماقيل بها لايحمل أي قدر  من الصدق  وكانت فقط نتاج الكذب  والافتراء  .
المسرح  هو الدواء الأول والفعال 
وقال يوسف :أتمنى الاهتمام من كل المؤسسات بالمسرح  وخصوصًا في مجال ميزانية العروض و الدفع نحو زيادة الإنتاج المسرحي ،والاهتمام بمجال الدعايا والتسويق لعروضنا المسرحية بكل مكان ، فنحن نشهد تزايد سكاني هو في احتياج كبير لننتج أعدادًا كثيرةً من العروض  وحتى يصل المسرح لكل فرد بالمجتمع  لقيمته السامية  فهو  الفن القادر دومًا  أن يكون المعلم الثاني بعد مؤسسات التعليم فمن خلاله بلا شك نستطيع محاربة الإرهاب والجهل والأفكار العقيمة  ويجب أن نعي جيدًا ودائمًا دور المسرح نحو ذلك مقارنة بما تقدمه الدراما بالسينما  أوالتلفزيون التي لانجد  بهما مضمونًا أو رؤى  ذات قيمة وهدف ، ويجب أن نعدّل  ونواجه  الإجراءات الروتينية في برامج الإنتاج للمسرح المصري فهو الدواء  الأول والفعال للمجتمع والذي يجب أن يسعى المسؤلين عنه بالدولة إلى زيادة إنتاجه ونشره  بين كل المصريين  .
دائرة  الأحداث
فيما قالت «رحمة أحمد« : يقدم “ديجافو” هذا الإنسان الذي يتمنى،ويحاول أن يعيش في سلام وهدوء فيتجنب الاختلاط  بالآخرين لكنه يجد نفسه رغمًا عنه في دائرة خانقة من صراعات المحيطين به  وهولم يكن أحد أطرافها أبدًا ،وأقدم دورأحد هذه الشخصيات  التي  تدفع  هذا الشاب في صراعات   لاشأن له بها ،وأرى أن قضية العرض تتناسب  كثيرًا  للتقديم  بعد أحداث جائحة فيروس» كورونا «ونتائجها من تطورات في القضايا والسياسية والاقتصادية بالعالم ،وتغير هوية العلاقات  الاجتماعية ، فقد شهدنا  معًا  أي أسرة  بكل بيت تصير مجتمعًا  صغيرًا ، وكل فرد بهذا المجتمع يسعى أن يحمي نفسه ،كأن ينعزل لفترة ما فرضت علينا جميعًا ؛لكنه يجد نفسه  داخل دائرة الأحداث شريكًا بكل ما يمر به الآخرين في العالم .
واختتمت رحمة :لقد تغير وعي الجمهور نحو المسرح  في الآونة الأخيرة ،فأصبحوا يقبلون كثيرًا للحضور من أجل البحث عن الاستمتاع ،ونتاج  التباعد الاجتماعي  بعد حظر»كورونا « لشهور أرى أن الجمهور  سيتوافد كثيرًا  لمتابعة العروض الجديدة  ،مع الالتزام بالتعليمات من قبل المسرح  والجمهور  نحو السلامة  للجميع .
إرادة الإنسان
يقدم « محمد عبدالله « الإعداد الموسيقي للعرض وأوضح : قد شاركت من قبل  بتقديم الكثير من الرؤى الموسيقية للعديد من العروض التي يصل عددها  نحو أكثر من 37 عرضًا  ،وحصلت لأكثر من 17 جائزةً  كما تم ترشيحي  للفوز بجائزة  أفضل إعداد موسيقي بالدورة السابعة لمهرجان  القومي للمسرح المصري  2014 ، ويعد «ديجافو « هو العرض الثاني  الذي أقدم  له  رؤيته الموسيقية بعروض مسرح الهناجر ، وكان الأول « نزهة في أرض المعركة « من إخراج أحمد فؤاد أيضًا ، الذي تجمعني به صداقة   شخصية وفنية ،ومن ثم كان اختياره لي مع فريق العرض 
وأوضح «عبدالله» : يقدم العرض رؤية مختلفة ومغايرة  وغير مألوفة  عمّا اعتدنا عليه  بالمسرح المصري   ويطرحالعديد من الأفكار ،ومنها مدى قدرة الإنسان على  «إثبات العكس «  نحو أي أمر أو فعل لايرغب به لكنه قد يُقيد  ويُحاصر بأزمات تعيقه عن مواصلة سيره برحلته ،وليتجاوز مخاوفه ويتخطى محاصرته بأمور الآخرين  يكون  بقرار منه وسلوكه  الذي يختاره  بإرادته وبفعله ، وأكد : من الضروري لكل مشارك من فريق العرض وأنا من بينهم قراءة النص لعدة مرات والوعي بجميع مفردات العرض وخصوصًا الزمن والمكان الدرامي ، الأحداث الدرامية  ، سمات الشخصيات  الدرامية ،ورؤية المخرج وحضور الكثير من البروفات .
واختتم « عبد الله « :أأمل أن أقدم موسيقى لها قدرة كبيرة على توصيل رؤية المخرج  الخاصة ،وتلقى إعجاب ذائقة الجمهور .
 


همت مصطفى