العدد 679 صدر بتاريخ 31أغسطس2020
قالت العراقية د. زينب عبد الأمير، المتخصصة في مجالي مسرح الطفل ومسرح الدمى، إن فكرة إقامة جلسات تفاعلية الكترونية على صفحة مسرح الدمى نيوز مع المختصين في فنون الدمى على المستوى المحلي والعربي والعالمي جاءت لما لمسته من حاجة ملحّة في نفسي وفي نفوس العديد من الشباب المهتم بهذا الفن، لتلقي ثقافاته المتنوعة بتنوع التجارب الإبداعية لأبرز المختصين بفنون الدمى في العالم العربي والغربي فضلاً عن تسليط الضوء على تجارب المختصين بهذا الحقل داخل العراق.
وأضافت عبد الأمير، في تصريحات خاصة لجريدة «مسرحنا»: من خلال لقاءاتي التي سمحت لي الفرصة بإجرائها مع المختصين أثناء سفري مع فريق العمل للمشاركة في تقديم العروض المسرحية في المهرجانات الدولية، كنت أُفاجأ بما وصل إليه المختصون في هذا المجال على مستوى تصميم الدمى وصناعتها وتحريكها عند مشاهدتي لعروض الدمى العالمية وكنت أتساءل: لم لا يكون في بلدي مثل هذا الوعي وهذا الاهتمام بفنون الدمى.
وتابعت: في كل مرة تكبر حماستي ويكبر حلمي وشعوري بالمسئولية تجاه نشر هذا الفن كونه اختصاصي الذي اشتغل عليه منذ عقد، وعندما أقول مسؤوليتي فأنا اعنيها !! كيف سيكون لهذا الفن مستقبل وامتداد؟ وما هي الطرق الممكنة لتحقيق ذلك في ظل ضعف الوعي بأهمية هذا الفن والذي يلحقه ضعف الدعم المادي؟ وهي من الأسباب الرئيسة لتراجعه في العراق بعد أن كان له دور كبير في القرن المنصرم بدءاً من الخمسينات على مستوى السينما والمسرح والتلفزيون، لهذا أخذت على عاتقي تأسيس هذه الصفحة لتكون بمثابة كوكب صغير يتواصل من خلاله المختصون والمهتمون بهذا الركن الحيوي ويتبادلون خلالها الخبرات وكانت انطلاقتها في2020/3/21 وهو اليوم العالمي لمسرح العرائس، ذلك ليكون لانطلاقتها معنى وقيمة كبيرة.
وأردفت: وقد وجدت أن ما يوفره الواقع الافتراضي والتكنولوجي من سبل وإمكانيات لابأس به و يمكن استغلاله لإحداث نقلة نوعية في مستوى وعي الشباب من المهتمين بهذا الفن وحثهم على العمل للارتقاء به من خلال الاطلاع على مختلف التجارب في العالم، وهذا ما حققته الجلسات التفاعلية التي أجرتها الصفحة مع أهم المختصين في عالم الدمى، ومازال هناك الكثير الذي سأقوم به حيال ذلك.
وأشارت إلى أن ما قامت به في هذه الصفحة وما ستقوم به لاحقاً ينبع من إيمانها بهذا الفن وحبها الكبير له أولا، ولما وجدته ولمسته من تشجيع وإقبال كبير من الشباب المهتم داخل العراق وخارجه إلى جانب تشجيع العرائسيين العراقيين والعرب والأجانب وثانياً وهو ما شجعها على الاستمرار، وقالت أن هناك الكثير في جعبتها لتطوير هذه الصفحة، وقد أصبحنا جميعا على وعي تام بما أفرزته جائحة كورونا من ظروف جعلتنا نشعر بالوحدة بل بالانعزال،كما أصبحنا ندرك أيضا وجهها الإيجابي، وقد جعلتنا نفكر في طرق بديلة للتواصل مع الآخر، وهو ما دأبت عليه العديد من المؤسسات الثقافية من خلال إقامتها للجلسات الثقافية في مختلف مجالات الحياة ومنها مجال الفن بشتى أنواعه والأدب وما شابه، وهذا ما دفعني إلى خوض التجربة التي طالما كنت أحلم بتحقيقها.
أضافت عبد الأمير : لقد شرعت قبل مشروع عقد الجلسات التفاعلية في دعوة المختصين بفنون الدمى في العالم اجمع لتقديم مقاطع فيديو توعوية للوقاية من ?يروس كورونا، والحمد لله قوبلت دعوتي باستجابة رائعة على مستوى العراق ودول الوطن العربي والعالم الغربي، وهذه التجربة بحد ذاتها تؤكد الدور الحيوي الذي أدته وتؤديه وستؤديه الدمى في مختلف مجالات الحياة، فهي كائنات لها سحرها العجيب على نفوس المتلقين، ولولا ذلك لما استطاعت أن تصمد وتكرس وجودها منذ الأزل (قبل التاريخ) وحتى يومنا هذا.
وأشارت إلى أن هناك تقصيرا واضحا في حق فنون الدمى على مستوى بلدان الوطن العربي والعراق تحديداً، وأوضحت: هذا الكلام لم استنتجه من خبرتي المتواضعة فيه، بل من واقع ما لمسته وما سرده لي العديد من العرائسيين العرب بشكل مباشر عبر اللقاءات أو من خلال ما اطلعت عليه في العديد من المقالات والدراسات المختصة في هذا المجال، مشيرة إلى أن هناك حلقة مفقودة بمجرد إيجادها ستكتمل بنية الصورة التي يمكن من خلالها أن نرى مستقبلاً واعداً وآفاقاً مشرقة لهذا الفن.
وتابعت: نحن المختصين العرائسيين لا نستطيع من خلال تجاربنا الفردية أن نضمن لهذا الفن وجوده المستقل الذي يمكن أن يُنظر له بعين واعية وفاحصة من قبل الدول إلاّ عندما نضمن معاملته كبقية الفنون المسرحية والتشكيلية التي أُدخلت في مناهج كليات ومعاهد الفنون الجميلة، وأقول الفنون التشكيلية لأن فنون الدمى تتداخل معها بل هي من أهم الفنون التي تضمن للعرائسي النجاح في عمله كمصمم وصانع للدمى إن امتلك مهاراتها، إلى جانب امتلاكه للخبرة المسرحية التي يمكن من خلالها أن يبث الحياة في الكيان التشكيلي للدمية، وأسأل : لماذا لا تتجه المؤسسات الأكاديمية المختصة بالفن والتربية نحو إدراج مواد فنون الدمى ضمن مناهجها !؟ سواء أكان في قسم الفنون المسرحية أو قسم التربية الفنية وقسم الفنون السمعية والمرئية وغيرها من الأقسام المعنية؟ مؤكدة أن هذه هي الحلقة المفقودة التي يمكن من خلال إيجادها وتفعيلها ضمان وجود أجيالا تختص بهذا الفن وتقوده لبر الأمان، ولذلك أسعى و أعلم أن العديد من العرائسيين العرب يسعون كذلك لإدخال فنون الدمى ضمن مناهج المؤسسات الأكاديمية المعنية، وسنبقى نحاول ونسعى رغم كل محاولات إفشال هذا السعي فهذه هي رسالتنا، رسالة من يؤمن بهذا الفن ويسعى لتكريسه، ولهذا أردد دومًا عبارة مهمة لا يدركها إلاّ من يخبر منطلقاتها الفكرية وهي أن «فن الدمى هو فن السهل الممتنع»، الذي قد يظن البعض أو الأغلب أنه فن سهل، ولكنه في نفس الوقت ممتنع عن الذين لا يمتلكون أدواته وأهمها حب هذا الفن والإيمان به.