150 سنة مسرح مصري دعوة لأن تصبح الاحتفالية عربية

150 سنة مسرح مصري دعوة لأن تصبح الاحتفالية عربية

العدد 644 صدر بتاريخ 30ديسمبر2019

منذ أطلق د. عمرو دوارة مبادرته داعيا للاحتفال بمرر مائة وخمسين عاما على بداية المسرح المصري ولا يزال رجع صدى هذه المبادرة يتردد حتى الآن، فبعد أن رصدت “ مسرحنا” قبول المسرحيين المصريين الواسع لها، فقد رصدت أيضا أصداء المبادرة لدى كثير من المسرحيين العرب، وقد جاءت مرحبة و مؤيده وطامحة إلى تحقيق عدد من الاقتراحات  التي قد تسهم – حسب رؤيتها – في تحقيق أكبر  استفادة من الاحتفالية.
قال الباحث والكاتب المسرحي عبد الفتاح رواس قلعة جي من سوريا: أشكر الباحث والناقد والمؤرخ المسرحي د.عمرو دوارة على مبادرته للاحتفال بهذه الذكرى المجيدة، متمنيا لها النجاح. أضاف: الاحتفال بمرور 150 عاماً على ولادة المسرح المصري على مدى العام أمر بالغ الأهمية، لما لهذا المسرح من تاريخ عريق، ولما قدمه للبلاد العربية من فرق زائرة، ومهرجانات اتسمت بديمومة أغلبها، وما قدمه للمكتبة المسرحية من كتب وترجمات مسرحية حديثة، ومدارس من خلال عروضه المتنامية. وهو ما شكل نقاطاً مضيئة للمسرح المصري وأسهم في تعزيز وحدة ثقافية ثابتة بين البلاد العربية بعيداً عن السياسات المتبدلة، لذا يسرني  المشاركة بالحضور أو بتعزيز الاحتفالية بدراسة تطرح في ندواتها، حول التلاقح المسرحي السوري المصري ودور الفرق المصرية الزائرة لسورية عامة، ولحلب خاصة في إغناء الحركة المسرحية فيها. كما اقترح رواس أن ترافق الاحتفالية إقامة معارض توثيقية عن منجزات المسرح المصري:الرموز، صور عروض، مجسمات ديكور وتطور تقنيات..الخ، كذلك إعداد ريبورتوار عن بعض عروض الولادات الأولى للمسرح المصري أو أفلام عنها، وكذلك التنسيق مع مؤسسات مسرحية عربية لاستقبال فرق مصرية تقوم بالعرض والاحتفال بالذكرى في البلد المضيف، مع تزويدها بنشرة عن تاريخ المسرح المصري، والعمل على إصدار انطولوجيا للمسرح المصري توزع في حينه.
ولم يختلف محمد بري العواني الباحث والمخرج المسرحي السوري حول المبادرة وأهميتها حيث قال: منذ زمن بعيد يحتفل د.عمرو دوارة بالمسرح المصري من خلال احتفاله بالمسرح العربي، وليس هذا غريبا عن تفكيره وسلوكه،فهو ابن ناقد مسرحي ممتاز، وابن حركة مسرحية مصرية- عربية- بامتياز، ولعلنا لا ننسى حرصه النبيل على مسيرة مهرجان المسرح العربي ضمن مهرجان مسرح الهواة المصري، ودعوته لفرق عربية للمشاركة في المهرجان.
وأضاف “العواني”: هذا نابع من متابعته الحثيثة لتطور حركة المسرح في مصر، وهي حركة سارت وفق مسارات متعددة،منها مسار الفرق المسرحية العربية الشامية الوافدة منذ أواسط القرن التاسع عشر،ومسار الفرق المسرحية المصرية التي تأسست بالتزامن مع الفرق الشامية،ومسار الصحافة المصرية الفنية العظيمة التي دعمت المسرح بكل أنواعه وفنونه وروجت له شعبيا ورسميا،ومسار المقاهي المسرحية ومن ثم المسارح الرسمية التي احتفت بالعروض المسرحية العربية والمصرية،مسار الحركة النقدية التي رافقت هذه العروض فأسست لنقد مسرحي متخصص فيما بعد،ومسار نهوض الموسيقا المسرحية والتلحين المسرحي والغناء وتطوير ذلك بما يخدم العرض المسرحي في كل زمان ومكان، وكذلك مسار تطور الرقص المسرحي الذي بدأ به أبو خليل القباني كرقص السماح الذي طور فيه حركات اليدين إلى نهوض مسرح درامي راقص، ومسار البناء السينوغرافي للعرض المسرحي الذي اعتمد نظاما متقشفا في عروض الأقاليم، ونظاما باذخا في عروض الإسكندرية والقاهرة والمدن الكبيرة، بالإضافة لمسار تطور الملابس التي كانت في أغليها تاريخية بسبب موضوعاتها ومضامينها الأخلاقية. .
أضاف”بري”: إذا كنا حريصين على إنجاز احتفالية عظيمة فلا بد لنا من لفت الانتباه إلى الكم الكبير والعظيم للنصوص المسرحية المنجزة تأليفا واقتباسا وتعريبا وإعدادا، وهذا يعني أن حركة المثاقفة والاتصال بالآخر كانت رائدة ونبيلة تستهدف تطوير الحركة المسرحية العربية، والمصرية بخاصة، لهذا كان لابد من تحقيق المصادر الأجنبية التي نهل منها المؤلفون أو المترجمون أو المقتبسون العرب لصالح فرقهم وعروضهم. تابع :مبادرة د.عمرو دوارة نبيلة وشريفة بسبب منطلقها الفكري العربي القومي، أقول القومي لأن بدايات المسرح في مصر بدايات عربية بعامة، أما المهم في تطور المسرح المصري فهو مساراته في التأثير على المسارح القومية في الأقطار العربية الأخرى، من خلال رحلات الفرق المسرحية، حيث انتقل المسرح المصري من التلقي والتأثر إلى التأثير في مسارح الوطن العربي وإنشاء الفرق والمعاهد وغير ذلك، وتحية لمشروعه الرائد العظيم.
كذلك اتفق د.عجاج سليم الأستاذ الأكاديمي بمعهد الفنون المسرحية بسوريا حول ضرورة الاحتفال قائلا: للمسرح المصري دائما كامل التقدير و الاحترام في عقول وقلوب جميع المسرحيين العرب. وهذه المبادرة المسرحية للاحتفال بذكرى مرور 150 عاما على بدايات المسرح المصري و الاقتراح بتخصيص عام 2020 ليصبح عاما للمسرح فكرة جميلة ورائعة، والشكر لكل من ساهم إطلاقها وفي مقدمتهم المسرحي القدير د.عمرو دوارة، وانا معكم تماما بكل خبراتي وجهدي للمحافظة على هذا الصرح الثقافي العربي والإنساني الكبير الذي كان له فضل حقيقي في نشر قيم الخير والحق والجمال.
أعمار المسرح
فيما أبدى المسرحي الكبير د.عبد الكريم برشيد سعادته بالمبادرة وأضاف: إن للمسرح أعمار، بعضها خلف بعض، تماما كما للدول أعمار أيضا، وكما لكل الناس أعمار، وكما لكل الكائنات الحية أعمار كذلك، وعمر المسرح المصري،هل هو فعلا قرن ونصف من الزمن؟ لا أظن، ففي مصر الفرعونية حضر المسرح، ونص انتصار حورس يشهد على ذلك، وحضور مدينة طيبة وأبو الهول في مسرحية أوديب لسفوكليس يؤكدان ذلك، وفي مصر الإسلامية حضر المسرح أيضا، من خلال الحكواتي الشعبي و خيال الظل والقراقوز ومن خلال السامر و شاعر الربابة ومن خلال الزار، وعليه، فيمكن أن نقول بأن المقصود هو المسرح في صيغته الغربية، الذي دخل مصر من خلال التثاقف الذي كانت وراءه حملة نابليون، ثم الاستعمار الإنجليزي بعد ذلك.
وأضاف “برشيد”: وفي المسرح المصري اليوم يحضر التاريخ، بكل وقائعه وأسمائه، وتحضر الحياة اليومية، بكل ألوانها وأطيافها، وتحضر الروح المصرية، ويحضر العقل المسرحي، ويحضر المخيال المصري، وتحضر الأسئلة والمسائل المصرية، وهو اليوم مسرح غني لحد البذخ، به تجارب وأسماء كبيرة جدا، وهو تصورات واختيارات وكتابات في المسرح وعن المسرح، وإبداعات ومدارس واتجاهات واجتهادات ونظريات وإنجازات وملتقيات ومهرجانات محلية وأخرى وطنية ودولية، وهو بنيات تحتية تتجلى في المسارح ودور العرض، ومؤسسات مسرحية يأتي المعهد العالي للمسرح على رأسها، وهو مسارح متعددة في مسرح واحد، ابتداء من مسرح الأطفال ومن المسرح المدرسي إلى مسرح القطاع العام إلى مسرح المحافظات إلى المسرح التجاري، ومن المسرح البشري إلى مسرح العرائس، وهو خزانة مسرحية زاخرة بالنصوص، و تأليف واقتباس وهو تمصير وإعداد، وهو دراسات أكاديمية في المدارس والجامعات، وصحف ومجلات متخصصة في المسرح، و حضور في الراديو وفي التلفزيون وفي كل وسائل الإعلام المختلفة. تابع برشيد: واليوم، عندما تحتفل مصر بدخول الصيغة الغربية إلى مصر، بعد تفاعلها مع الحكي الشعبي المصري ومع المحاكاة الشعبية العفوية، ومع الأشكال الاحتفالية الشعبية، فإن معنى ذلك أنها تحتفي بذاكرتها الحية، وتحتفي بعقلها وبروحها وبعبقريتها وبتاريخها الطويل والعميق جدا.
النجم العماني القدير د.طالب البلوشي أشار إلى أنه يقف يدا بيد مع د.عمرو دوارة وكل المساهمين في المبادرة، لأن مصر بلد المسرح والدراما والسينما العربية، ريادة وسيادة وعطاء فياض. أضاف : أن تحتفل مصر بهذه الحركة في عام، أعتقد أن هذا ليس صعبا، إذا جدولت كل أشكال المسرح فنا وعناصر، فإذا احتجنا أن نوزع العام إلى 12 شهرا، قدمنا كل شهر شكل أو حتى مهرجان، من القاهرة حتى شرم الشيخ، وعدد المهرجانات والأساتذة والكتاب والفنانين والخبراء وبيوت الثقافة وكل الأساتذة المفكرين يستطيعون صناعة مسرح بدون توقف طوال العام، وإذا كنا نتحدث تاريخيا منذ صنوع حتى 2020 فهذه المبادرة سوف تكون خرافية. وتابع:  أتمنى أن يُعاد عدد من المسرحيات وتقديم أبحاث عن صورة المسرح العربي وتطوره، خلال هذا العدد من السنوات والعروض، والدراسات التي قدمها المسرح المصري والعربي، لنملك بذلك  أرشيفا ضخما في مكتبة الثقافة والدراسات المسرحية في وطننا العربي،وأتمنى  من كل المنظمات الثقافية مد يد العون بكل السبل من أجل إنجاح هذا المشروع الثقافي العربي الكبير، وأن يلقى هذا المشروع مباركة وزراء الثقافة العرب، والجامعة العربية بمنظماتها،وجميع المهرجانات العربية.
فيما قالت د. وطفاء حمادي الأكاديمية والباحثة اللبنانية: المبادرة اقتراح ضروري وملح، في زمن يعيش فيه العالم العربي، حالات صحوة وانتفاضة على كل المستويات، حيث يعيد الاقتراح قراءة الحالة المسرحية في العالم العربي، قراءة نقدية مستندة إلى فكر منفتح، ومعتمدة على معرفة بكل عناصر البنية المسرحية، للكشف عن مسارات التغير فيها وإمكانية العمل على التطوير والتغيير في هذا المسرح، يقوم بها كل منا باختصاصه ومن معطيات بلده الثقافية و الاقتصادية، على أن يكون الهاجس الوحيد لدى الجميع من مخرجين وممثلين وكتاب ونقاد وباحثين، هو تطوير المسرح في العالم العربي بعيدا عن المشاحنات والمزايدات.
وأضافت “حمادي”: ولكي تكتمل الرؤية في سياق منهجي وأكاديمي، أقترح على المستوى التخصصي أنه يجب تأسيس مرصد يتتبع الدراسات المسرحية في الجامعات العربية وكليات الفنون التي رصدت الحالة المسرحية،ومكوناتها المتعلقة بالنص والعرض، والمتعلقة بدراسة نتاج المسرحيين العرب من كتابة وإخراج،وكذلك رصد المؤلفات والدراسات النقدية التنظيرية والتطبيقية الإجرائية منذ معرفة العرب بالمسرح، فضلا عن توثيق الأعمال المسرحية العربية، والنصوص المسرحية العربية، والتحضير لندوات دورية متخصصة منها ما يعالج تغيرات مسارات التمثيل والأداء حتى مرحلة ما بعد الحداثة، ومنها ما يعالج الأدوات الإخراجية وعلاقتها بالوسائل التكنولوجية والوسائط الرقمية، والبحث في ظهور المسرح النسوي،بمقارنة جندرية، وأخيرا تخصيص ندوات أكاديمية معرفية للمفهوم النقدي المسرحي،أنواعه، و مجالاته،أدواته.
تاريخ كبير
ولم يختلف د.محمد حسين حبيب ناقد ومخرج مسرحي من العراق على أهمية المبادرة حيث قال: إن المسرح المصري تاريخ قيم وكبير وله تأثيره الأكبر على الوجه الحضاري والثقافي الناصع لمصر أولا ولعدد من بلداننا العربية،وهذا أمر لا خلاف فيه مطلقا، نعم أنه قرن ونصف من تاريخ هذا المسرح بعملقته وبأعلامه،وبمختلف عطاءاته النصية والإخراجية والأدائية والتقنية والنقدية والبحثية والصحفية و التوثيقية، يستحق كل ذلك الاحتفاء به وأن نتذكره، والتذكير به فخرا و اعتزازا من المصريين أنفسهم، ومنا نحن كعرب ومسرحيين عرب قرأنا وتابعنا وشاهدنا،وربما كتب الكثير منا بحوثا ودراسات ومقالات عن هذا المسرح وبهائه الفخم. استدرك: ولكني أجد فارقا بين الاحتفال بهذا القرن والنصف وبين الانفعال به، فلكي لا يبدو مجرد إحتفال، وحتى لا يأخذ الانفعال مأخذه والسكون إلى منطقة المديح والمغالاة فنقع في مجرد انفعال أيضا، أجد أن اللجوء إلى عين الفاحص النقدي والقارئ التاريخي التحليلي والموثق الذي يجمع الأرشفة والنقد أو الباحث الحصيف الذي يستند لمنهج الأحكام النقدية التطبيقية وسواهم، بأن يقلبوا هذا القرن ونصف من التاريخ،فيضيئوا لنا وللعالم برمته مناطق التحول فيه بين تحليق صاعد وخفوت نازل، وأي المحطات كانت هي الأقوى والأجدر ببهاء هذا التاريخ ؟ ولماذا كانت هذه المحطات هي الأكثر وعيا وانفتاحا جماليا وفكريا فيه ؟ وأيضا من الممكن جدا وضع المقارنات والمقاربات لنسأل أيضا أين المسرح المصري اليوم من تاريخه ؟ وهل أن محطات الإبداع اليوم أو في السنوات الأخيرة من حقها أن تستكمل التاريخ و تتواشج معه بمرونة كسابقاتها من محطات شهدها المسرح في مصر ؟ وأسئلة أخرى غيرها ربما تسعفنا في إعطاء ما ينبغي إعطاؤه لهذا القرن والنصف حتى لا نكون وسط هذا الاحتفال أو ذاك الانفعال بشكل مجرد.
وتابع”حبيب” : وبالمناسبة لأهمية ما أقوله هنا أنني شاهدت قبل أيام وعبر موقع الفيس بوك مقطع فيديو يظهر فيه الزعيم جمال عبد الناصر “رحمه الله” وسط احتفال رئاسي كبير، يكرم عددا كبيرا من الفنانين المصريين يقف في مقدمتهم السيدة أم كلثوم والأستاذ محمد عبد الوهاب وآخرون كثيرون بالعشرات من فناني الغناء والشعر والتمثيل والتأليف، ولأنني أول مرة أشاهد هذا المقطع التاريخي قلت هكذا فعلا تبنى الأوطان، وتساءلت في سري: أين رؤساؤنا وملوكنا اليوم مما شاهدته؟.
مسرح الفراعنة
أما عزيز خيون المخرج والممثل المؤسس ورئيس محترف بغداد المسرحي فقال: المسرح ابتكار إنساني نبيل، حين أراد الإغريق أن ينشروا الديمقراطية حياتها وصورتها في الفكر الجمعي الإنساني ابتكروا المسرح الذي أصبح مع تعاقب الأزمان وتحولات العصور منبرا للحرية والتعبير عن الفكر النيّر، لذا عاش هذا الكيان النبيل حياة متنوعة متفاوتة في البلدان التي احتضنته والبشر الذين أمنوا به وكرسوه في بلدانهم، عاش ما بين تقبل ورضا ونفور ومحاصرة لكنه فرض وجوده ورسخ حضوره وأسس لحضارته.وأضاف “خيون”: المسرح أبو الفنون وفد على الوطن العربي لكنه تماهى وتناسج مع هموم الناس وطموحاتهم فصار ينطق بلغتهم ويعبر عن ضمائرهم،ولعل واحدة من أهم بلدان الوطن العربي التي أخذت فنون المسرح وأشاعتها بين الناس هي مصر، من خلال فنانيها الكبار وكلنا قرأنا وعرفنا الكثير عن المسرحي الذي أولع بالمسرح( أبو نظاره) وعرفنا المسرح وتماهينا مع تجاربه التي غرفت من مكتبة المسرح العالمي مع كبار كتاب المسرح في العالم وكان لها كتابها في المسرح محمود دياب، يسري الجندي، توفيق الحكيم، يوسف إدريس، نجيب سرور.. مصر عرفت المسرح وعرفّت به وكان لها تجربة عبر التاريخ في هذا الفن حين ابتكرت حكايات وأساطير تعد الآن اللبنات الأولى لفن المسرح، لأن المسرح بالأساس نص مكتوب وطقوس تمارس كما كان في بداياته في زمن الإغريق، لذا تعد الحكايا التي وجدت في زمن الفراعنة هي بمثابة نصوص مسرحية تمت كتابتها لكن لم تتخذ الشكل المتكامل للظاهرة المسرحية وإن أعلنت عن وجود بدايات لها في أرض الكنانة، المسرح المصري حضور ورؤى، عّم تأثيرها على مناطق متعددة من أرجاء الوطن العربي.. أضاف خيون: زارت فرقة يوسف وهبي في الثلاثينيات من القرن الماضي العراق فأثرت على شباب فيها ومنهم الرائد الكبير حقي الشبلي الذي عاش ودرس المسرح في مصر أولا ثم في فرنسا ومن خلال جهوده تم تأسيس أول معهد لدراسة الفنون المسرحية في العراق، وفي الكويت نجد بصمات الفنان الكبير زكي طليمات واضحة في التأسيس والغرس لنشأة مسرحية تكرست وكبرت، في الإمارات نجد أيضا رجال غرسوا حب المسرح .. للمسرح المصري ورجالاته فضل كبير لا يمكن أن يخفى أو يتم تجاهله في خلق اهتمام وتأسيس لحركة مسرحية عربية تتطور وتنضج على يد مريديها ومبدعيها.
وتابع: حين نتحدث عن المسرح المصري، فنحن نتحدث عن جهود ومشاركات ونشاط مستمر ومتواصل، حتى أصبح الذهاب إلى مصر وحضور مهرحاناتها وعلاقاتها هو حج مبارك للمسرح بكل تجليات هذه الظاهرة المتجددة كما هو الحال مع تونس و مهرجاناتها العتيدة و الفاعلة، و منذ زمن طويل كان المسرح المصري بكل تنوعاته موجودا عند الشباب المغاير ومع الرواد الكبار الذين يرعون هذه المواهب ويباركونها، الأسماء الكبيرة من مسرحيي مصر متواصل في العمل،والتنوع موجود على مستوى العروض الشعبية والعالمية والطقسية والرقص التعبيري، التجريب والاجتهاد في المسرح لم ينقطع والساحة لم تتوقف، للمسرح المصري حضور وتأثير وحين نذهب إلى حضور مهرجانات عربية نحرص على حضور ومشاهدة العرض المصري لأهميته، المسرح المصري من خلال الفرق المسرحية العديدة التي تأسست في مصر لجورج أبيض والريحاني ويوسف وهبي وصولا إلى فرقه الآن وأسماء فنانيه الكبار من د.عمرو دواره إلى د.سامح مهران إلى د.خالد جلال و د.أشرف زكي والكاتب الكبير سيد حافظ والفنان سمير العصفوري و د.حسن عطية،والعديد من الأسماء الفخمة التي قد لا يتسع الوقت لذكرها الآن هم من أمسك بخاصرة المسرح المصري كي يبقى ويتواصل بذات الوهج والإبداع.
بينما قال محمد أحمد الشاعر كاتب وممثل ومخرج مسرحي سوداني:  بالنسبة للاحتفال بمائة وخمسين عاما من المسرح فلابد أن يكون شاملا كل الأطراف العربية- نموذج مسرحي ..مسرحيات قصيرة- للفرجة فقط وليس للتنافس، بالإضافة لتقديم نبذة عن تاريخ المسرح من كل الجهات المشاركة لإرساء دعائم التأريخ المسرحي العربي،وأيضا تكريم الرموز العربية،و اختيار نصوص بواسطة لجنة متخصصة تعرض في جهات مختلفة . أوضح الشاعر:  وباقتراحي هذا أكون قد أمنت على مسمى المسرح العربي، وهذا يرتبط بحجم الإمكانيات لتنفيذه.
فيما أكد الهادي البكوش الممثل والمخرج المسرحي الليبي أن المبادرة رائعة لأن مصر حملت على كاهلها عبء المسرح طيلة مائة وخمسون عاما، وأقترح بهذه المناسبة أن يكون هناك عمل مسرحي يشارك فيه الفنانون من مختلف الدول العربية،وعمل  بانوراما لتاريخ المسرح المصري، بالإضافة لمشاركات اختيارية للفرق التي شاركت في المهرجان التجريبي طيلة السنوات الماضية، وعمل لوحة تذكارية بأسماء تلك الفرق. أضاف:  وبالتأكيد حين يكون هناك برنامج محدد سيمكننا من إثراء تلك الاحتفالية بشكل أكبر،لأن الاحتفال ب 150 سنة مسرح يعتبر احتفالا لكل محبي المسرح أولا وكل العرب ثانيا.
فيما أشارت د.جميلة مصطفى الزقاي ناقدة وأستاذة أكاديمية بجامعة عبد الله مرسلي من الجزائر إلى أن المسرح المصري و المسرح العربي كيان واحد لا انفصام بينهما، إذ كان ولا يزال المسرح المصري هو النبع الصافي الذي نهلت منه أغلب الدول العربية منذ يعقوب صنوع بفضل استعانتها واسترشادها بكوكبة من المسرحيين المصريين الذين كان لهم الفضل في استنبات المسرح بها عن طريق التدريس بمعاهدها،مثلما هو الشأن بالجزائر حين استعان المعهد العالي للفنون الدرامية في الجزائر العاصمة بكل من كرم مطاوع وسعد أردش، الذين يعترف بفضلهما الرعيل الأول من المسرحيين الجزائريين الذين تتلمذوا على أيديهما على غرار الفنانة المرحومة صونيا والفنانين محمد فلاق وجمال مرير وحميد رماس وغيرهم، وكذلك الشأن ببعض الدول المغاربية والخليجية.. تابعت : وعليه فمن الأهمية بمكان أن يُحتفى بهذا المسرح العريق الذي يضاهي عظمة أهرامات مصر وحضارتها العريقة، لذلك يحق للمسرحيين المصريين والعرب الاحتفال بمرور مائة وخمسين سنة على بزوغ نجمه، ولم لا يكون بعنوان”المسرح المصري العربي” لأن هذه الذكرى لا تهم مصر وحدها بل العالم العربي قاطبة، وأتمنى لهذه التظاهرة أن تكون من حجم هذا المسرح الذي تنفست العديد من الدول من رئتيه، كما ينبغي استجلاء أسباب ودوافع نجاحه وخفوته من فترة إلى أخرى مثل باقي المسارح.. وختمت بالقول:  كما تجدر الإشارة إلى وجوب عقد ندوات وأيام دراسية يتم فيها رصد جديد ما توصل إليه الموثقون والباحثون الأكاديميون من حقائق مستجدة عبر كتبهم وبحوثهم القيمة على نحو الدكتور عمرو دوارة والدكتور إسماعيل علي إسماعيل والدكتورة نجوى العانوس وغيرهم من البحاثة الذين أولوا مسرحهم عناية فائقة وبموضوعية مشهودة، وتصاحب تلك الندوات شهادات تلك الشخصيات حول وقائع عايشوها في مسارهم المسرحي، كما انه جدير بالاحتفاء الاهتمام  بتقديم معارض للصور التي تعكس تاريخ المسرح المصري إلى جانب الأفلام التسجيلية التي تحتفي بكينونة هذا المسرح عبر الوثائق والصور التي تعرض الأعمال المسرحية المصرية الكبيرة التي شكلت منعرجا هاما بمسار هذا المسرح، وحري بالتظاهرة أن تكرم الأسماء الكبيرة مع البحث عن بعض المهمشين بغية الإشادة بأعمالهم المائزة.وبعد ذلك لا يسعنا إلا أن نزف رياحين التهاني وأخلص الأمنيات لمسرحنا المصري العربي بمزيد من التألق والألمعية،وكلنا أمل في استشراف عودته لسابق عهده،منارة للإبداع المسرحي الخلاق والحصن الحصين للثقافة والفنون، لعله يبقى في المقدمة التي ولد منها وتربع عليها ردحا من الزمن.
كذلك أكدت  د.مجد القصص الممثلة والمخرجة الأردنية على أهمية المبادرة، لأنها تؤرخ للذاكرة الحية قبل أن تموت و لا تجد من يكتب عنها، وأضافت” : فما زلنا نختلف حول الريادة هل هي لمارون النقاش أم لأبي خليل القباني أم ليعقوب صنوع، بغض النظر عن أن الثلاثة عاشوا في فترات متقاربة، ومنهم انطلق المسرح العربي و استمر حتى يومنا هذا. واصلت القصص: ولكن مما لا شك فيه أن المسرح في مصر في بداية القرن العشرين أصبح له مكانه ورواده، ولكن مسرح الستينيات أعتبره أنا شخصيا زمن النهضة المسرحية في مصر التي عكست نفسها على العالم العربي ولا يمكن تجاهلها،حيث كان قرار الانفتاح على الثقافات الغربية والشرقية قرار سياسي عكس نفسه في خريجيين مصريين ذهبوا ينهلون من منابع المسرح المختلفة في العالم، وعادوا ليحدثوا نهضة مسرحية في مصر تأثرت بها كل البلدان العربية، لذا أجد من الواجب أن نعود ونقرأ المائة وخمسون عاما مسرحيا في مصر قراءة جدية نطلع فيها على نقاط القوة ونثبتها ونقاط الضعف لنتجاوزها، حتى تعود الريادة مرة أخرى لمصر العروبة مصر العز.


روفيدة خليفة