النسـق اللغـوي في دراما «بنتـر».. رسالة ماجستير بأكاديمية الفنون

النسـق اللغـوي في دراما «بنتـر»..  رسالة ماجستير بأكاديمية الفنون

العدد 637 صدر بتاريخ 11نوفمبر2019

حصل الباحث محمد رفعت السيد على درجة الماجستير من أكاديميـة الفنـون - المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الدراما والنقد . عن رسالته « أثر النسـق اللغـوي في الخطـاب الدرامي لهـارولد بنتـر» .. الرسالة أشرف عليها  الدكتور محمد السيد غالب عوضين الأستاذ بقسم الدراما والنقد المسرحي بالمعهد مشرفاً ومقررًا ومناقشاً، وناقشها من الخارج الدكتورة سامية حبيب الأستاذ بالمعهد العالي للنقد الفني، والدكتور مصطفى سليم رئيس قسم الدراما والنقد المسرحي بالفنون المسرحية، مناقشاً من الداخل ، بحضور مجموعة من النقاد والأكاديميين.
وعن  مبررات إجراء البحث  قال الباحث محمد السيد أنه بالرغم من اختلاف النقاد حول تصنيف أعمال بنتر، إلا أنهم اتفقوا حول قضية أساسية؛ وهي أسلوب استخدامه الفريد للغة، وكيف أنها منذ بواكير أعماله إلى أخرها تعد أهم الأنساق في إنتاج خطابه الدرامي وتحقيق أثاره الفنية التي كان يصبو إليها. فقد وجد الباحث أن أنصار مصطلح البنترية «من أمثال جون ليناردJohn Leanard  وماري لوكهارست  Marry   Lukharest وإيرفنج ووردل Irving Wordel» يعولون بشكل جوهري على اللغة، في حين يعول أيضاً على اللغة بالقدر نفسه من يرصدون سمات ما بعد حداثية في أعمال بنتر! «أمثال كويجلي Kewegly  وأراجايArgay «.
  تابعً:» وهنا وجد الباحث نفسه أمام ظاهرة نقدية تستحق البحث، فكيف لبنتر أن يستخدم أداة واحدة – وأقصد اللغة – على نحو مغاير ليحقق بها سمات متباينة عن بعضها البعض في خطابه الدرامي»، حيث أشار إلى مصطلح «البنترية» – بما تحويه من عناصر عبثية تأثراً بصمويل بيكت، وأخرى تهديدية تأثراً بكافكا – تختلف نوعا ما في سماتها عن السمات ما بعد الحداثية، والتي تحتفي بتقنيات تقويض المعنى والغموض والتشظي...إلخ.
وأكد الباحث على التوظيف الخاص للغة language  وبنيتها الصوتية  Phontics بوظائفها الفونولوجية Phonology، وكذلك بنيتها النحوية Syntax وتنويعات صرفها morphology وتأثير ذلك كله على عالم المعنى Semantics،  مشيرا إلى أن «بنتر»  يتميز بهذا «التصادم بين ما هو منطوق وما هو غير منطوق وأن معظم قوة «بنتر» في مسرحياته الأولى تنبع من ذلك التعقيد الذي يطرح الديناميكية المتقابلة بين الكلمة والفعل.
 وعن دور اللغة في خطابه ما بعد الحداثي، يستشهد الباحث بقول الناقدة أرجاي إن اللغة عند بنتر تجسد موقف ما بعد الحداثة، وهو الموقف الذي يستثمر اللغة باعتبارها لوناً من ألوان «الخطاب» «discourse» أي «الموقع» Site، الذي تنشأ فيه علاقات السلطة وتتوالد.
وهو ما ترى أنه يوحي بدلالات سياسية ثورية تتأرجح ما بين التشكيك في إمكان وجود الفرد أو الذات «Subject» التي يرى أنصار المذاهب الإنسانية المتحررة أنها مستقلة، متعالية، متماسكة، وبين التشكيك في أي تلاق مباشر ثابت بين اللغة والواقع؛ وهو ما يؤدي من وجهة نظرها إلى تغيير معنى «السياسة» و»السلطة» وتوسيعه وتعميقه، واتساع نطاقه، و»أن اللغة لديه تستخدمها الشخصيات في بناء وتشكيل علاقات السلطة، وهو ما يطلق عليه الوظيفة التفاعلية للغة».
وأشار الباحث  إلى أن أهمية البحث تتمثل في إثراء المكتبة العربية بدراسة جديدة عن هارولد بنتر، كما سيمثل مجال تخصص الباحث في رسالته التعليمية. ويرى الباحث أيضا أن إلقاء الضوء على ما يمكن أن يفعله التوظيف اللغوي والحواري في قلب مضامين الخطاب الدرامي، هو أمر من شأنه أن يفيد فن الكتابة المسرحية العربية، وخصوصا في إطار تدريسها بالأكاديميات والجامعات. واشار إلى أن مشكلة البحث تتبلور في الدور الذي تلعبه اللغة Language في معضلة تصنيف بنتر، أو بالأحرى في منحى تطوره الدرامي، عبر مراحل إبداعه المتنوعة، فالقارئ لأعمال بنتر الدرامية والمطلع على ما حظيت به هذه الأعمال من دراسات نقدية ومتابعات صحفية، يلاحظ أن قضية تصنيفه يشوبها كثير من الاضطراب، فهناك من يعتبر مسرحه قد أثر وتأثر بالسمات العبثية على نحو أساسي، وآخر يعده ما بعد حداثي على نحو أشمل وأوسع من الانحصار في التصنيف العبثي، وثالث يحسبه على كتاب المسرح الواقعي الاجتماعي الذي شكله بعض من كتاب بريطانيا في النصف الثاني في القرن العشرين، ورابع لمس تفرد بنتر وأنه يصعب احتواؤه داخل صندوق تصنيفي خارجه، بل هو حالة متفردة، فتم اشتقاق صفة من اسمه تعبر عن ذلك التفرد، ليطلق على مجموعة أعماله الأولى مصطلح البنترية Pinteresque، المرادف بشكل ما و المفرز لمصطلح كوميديا التهديد Comedy of menace. هذه التصنيفات التي ترتبط بلحظات إنتاجها وبحجم وطبيعة إنتاج بنتر لحظة ظهور كل ملصق تصنيفي، لدرجة أنها قد تعد جميعها مراحل مر بها نتاجه الدرامي، ويمكن أن يمثل بعضها مجرد مؤثرات تداخلت وتمازجت لتشكل قواماً إبداعياً منفرداً تلعب اللغة فيه الدور الراسخ والملغز في الوقت ذاته.
 كما حاول الباحث في اختيار عينة بحثه أن تكون عينة دالة، فاختار ثلاث مسرحيات متباعدة في سنوات كتابتها، تعبر عن بدايات بنتر الإبداعية، وما طرأ عليه من تحول في منتصف عمره الإبداعي، وأخيرًا نموذج من أواخر مسرحياته، وذلك – كما يتصور الباحث - كي يتم مسح فترة إبداع بنتر تاريخيًا، وقد راعى أن تتكثف في  مسرحيات سمات بنتر الإبداعية المهيمنة على مسرحه، وكذلك تكون غير مطروقة نقديا أمام القارئ العربي، ومن ثم تضمنت عينته القصدية الدالة المسرحيات: الغرفة عام 1957 ، وصمت عام 1968، وأخيرًا من رماد لرماد والتي كتبها عام 1996.
 

 


سمية أحمد