ندوة ثرية للاوغندية جيسكيا جيسيكا كاهوا: يمكن للمسرح أن يشارك في الحياة السياسية

ندوة ثرية للاوغندية جيسكيا جيسيكا كاهوا: يمكن للمسرح أن يشارك في الحياة السياسية

العدد 629 صدر بتاريخ 16سبتمبر2019

يقول بيتر بروك في كتابه «المساحة الفارغة» :»أستطيع أن أتخذ أية مساحة فارغة وأدعوها «خشبة مسرح عارية» فإذا سار إنسان عبر هذه المساحة الفارغة في حين يرقبه إنسان آخر؛ فإن هذا كل ما هو ضروري كي يتحقق فعل من أفعال المسرح»
هذا ما حاولت الأوغندية جيسيكا كاهوا أن تقوله على مدار ثلاثة ساعات، حيث استطاعت المخرجة والناشطة المسرحية أن تطوف بضيوف مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي والمعاصر في دورته الـ 26 في كل جولاتها التي قامت بها على مدار تاريخها المسرحي، فمن أيرلندا لأوغندا للعرق، وصاحب تلك الجولة تدربيبن بدأت بهم اللقاء الفكري الخامس والأخير بالمهرجان؛ والذي حمل عنوان «العرض المسرحي ومسرحة الزمان والمكان»
فتقول جيسيكا كاهوا خلال كلمتها التي ألقتها في اليوم العالمي للمسرح عام 2011 :»هل يتصور في أي وقت أن المسرح يمكن أن يكون أداة قوية من أجل السلام والتعايش؟ بينما تنفق دول مبالغ هائلة من المال على بعثات حفظ السلام في مناطق الصراع العنيف في العالم، فاليوم هو انعكاس حقيقي للإماكانات الهائلة للمسرح لتعبئة المجتمعات ورأب الصدع فيما بينها» ومن هذا الاقتباس من كلمة جيسيكا والتي كتبتها في عام 2011 ي منذ اكثر من 8 أعوام إلا أن لقاءها مع المسرحيين لم يكن بعيدًا عن تلك المعاني التي قصدتها.
وبدأ اللقاء الفكري بعمل تدريبين للحاضرين لأول قامت جيسيكا بطلب من الحضور أن ينظر كل وشخص إلى الشخص الموجود بجواره لمدة معينة، وطلبت منهم بعد الإنتهاء أن يروي كل شخص عمَّا جاء بذهنه في تلك اللحظة ، وما الذي رآه وشاهدة ، ومن الشخص الذي تذكره، حيث جعلت جيسيكا الحاضرين في اللقاء في حالة عصف ذهني، وتقرب من الآخر ومحاولة لإيجاد صيغة حوار تجمع بينه وبين الشخص الذي نظر إليه، وفي هذا التدريب جعلت من المكان مسرحًا، حيث استطاع الحاضرين أن يسافروا عبر الزمن والمكان ويتذكرون أشياء لم يكونوا يفكرون فيها .
وفي التدريب الثاني قامت جيسيكا باختيار أربعة أشخاص وأعطت كل واحد منهم ورقة ، وطلبت منهم الإنتظار ولا ينظرون في الورقة، ويتكون «التكنيك» الخاص بهذا التدريب بضرورة الحفاظ على السر المتواجد بالورقة، وألا يطلع الآخرين بما تحويه ورقته، ويحفز هذا التدريب على فكرة الشك، وكيف يمكن للمسرح أن يجعل بداخل كل شخص شك فيما يراه أو يشاهده، وبهذا يجعله يفكر ويخرج وهو مليء بالشك ومحاولة معرفة ماذا يخفى الآخر من آسرار، حيث طلبت من المشاركين الأربعة بان يقوموا بفتح الورقة التي معهم، بعدما اطلعتهم على أن إحدى تلك الاوراق بها قصيده مهداه إلى واحدًا منهم، وطلبت من كل متدريب بأن يحاول معرفة مَن مِن الباقيين معه الورقة التي تحتوى على القصيده، وألا يحاول أن يفشي سر ورقته، وبهذا يتحقق الغرض من التدريب، عن طريق تبادل النظر ، في عملية تخليق صراع ، وبالتالي عمل حدث درامي».
وتؤكد جيسيكا على أنه يجب التفكير بطريقة ايجابية تجاه الأحداث، والعمل على تخليق قصة من تجارب المؤدي مع الجمهور تتبلو فيما بعد إلى شكل نص، من خلال التفكير في محتوى الرسالة، ومن هنا يبدأ الصراع ويكبر حتي يستهلكنا،  وهنا نرى أن عنصر الشك يساعد في عمل قصة أو حدث درامي، من خلال ايجاد نقاط اتصال مع الآخر أو المتواجدين في نفس الزمان وفي نفس الجيز المكاني، وأنه من الممكن أن يتوجه اللاعب في بعض الأحيان إلى الذهاب إلى الآخرين وتحذيرهم غذا وجد ان هناك خطر ما قادم.
وعن كيفية ايجاد حوار في المسرح قالت :» أنه يمكننا الحصول على حوار في لحظة معينة، فلا يمكننا إنتاج شيء جديد ولكننا نقوم بتذكر أحداث سابقة، ونقوم بوضع تركيزنا على ذلك الشيء وبذلك يتطور الأداء المسرحي في لحظة معينة، فإذا بدأنا في النظر بشكل نظري على ما نفعله نجد أننا نسترجع التاريح على المسرح، من خلال عودة أشياء نعرفها وأشخاص مروا علينا، ولذلك يجب ان نسمح للأفراد بلحظة ليتلامسا ويتحدثا ويرى بعضهم لبعض، ففي المسرح تختفى الحدود والتابوهات، واللون والنوع والجنس.
وعرضت جيسيكا بعض الفيديوهات الخاصة ببعض الجولات والتدريبات التي قامت بها خلال حياتها العملية فعرضت بعض الورش التدريبية التي قامت بها مع بعض الأطفال في بولندا عام 2015 وتحدثت عن تلك التجريبة قائلة: «أنني وجدت في البداية أن الأطفال لا يعرفون شيئا عن افريقيا ولا يشعرون بأي نوع من التفاعل عندما ذكرت أفريقيا ووقتها فكرت في عمل لوحات تحوي على بعض الخرائط للدول، وكان التساؤل كيف أعمل مع هؤلاء الأطفال الذين لا يشعرون بأي شيء نحو أفريقيا ، وكيف أجعلهم يتفاعلون معه؟ لذا استخدمت مادة لجب انتباههم فاستخدمت نوع من النسيج الذي المشهور في أوغندا والذي يصنع منه الملابس، والذي يصنع من نوع معين من نبات البردي، وذلك لتعريف الأطفال في بولندا بماهية افريقيا وتعريفهم  بأمور لا يعرفون عنها شيئاً «.
وكان هناك حديثاً مطولاً عن المسرح التفاعلي ودوره الهام في البلدان لاسيما التي تمر بحالة حرب: حيق أوضحت أن المسرح التفاعلي مرتبط بعلم النفس حيث انه يجمع بين جميع مستويات العلوم، كما ان المسرح التفاعلي له أسماء كثيرة وان هذا النوع من المسرح يجب أن يتم خلال أيام كثيرة أو عدة أشهر، لأنه هدفة الأساسي هو مساعدة الآخرين لتخطي أزماتهم، حيث أن الناس يتواصلون على مستوىات أعمق مما نتوقع، ولا نعرف ماذا سيحدث لاحقاً، فمع المسرح لا تعرف ما النتيجة التي ستحثل عليها ، ولا تعرف رده فعل الجمهور، ويجب أن نبدأ المسرح التفاعلي بداخل مجتمعات صغيرة، ومجموعات صغيرة ومن ثم يبدأ العدد في التزايد» .
كما أشارت كاهوا إلى أن المسرح يمكن أن يشارك في الحياة السياسية على تعددها بين الشعوب بطرق مباشرة بسيط،ة ولأنه شامل فيمكنه أن يقدم خبرة قادرة على تجاوز المفاهيم الخاطئة التي رسخت منذ زمان بالإضافة إلى ذلك فالمسرح هو وسيلة ناجعة في دفع الأفكار التي نحملها جماعياً ونحن نستعد للقتال من أجلها عند ما تنتهك».
يذكر أن جيسيكا كاهوا هي محاضر اول في أقسام الفنون المسرحية والافلام في جامعة «ماكيريري» بكمبالا حاليا، حيث حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة بنين في نيجريا.
وتابع الدكتور محمد الشافعي أن «كاهو»ا دراسة تاريخ المسرح والنقد في جامعة ماريلاند في كوليدج بارك بالولايات المتحدة الأمريكية حيث حصلت على الدكتوراه في عام 2001، وكانت منسقة لعدد من المبادرات الوطنية التي سعت الى استخدام المسرح والاعلاموكقوة بناءة في ظروف الصراع وتحسين الصحة وتمكينةالاشخاص في منلطق النزاع، وقامت في السنوات اللخيرة بتيسير التدربب لكل المنظمات الدولية والوطنية ومؤسسات التعليم العالى حيث تؤمن ب التدريس عن طريق العنل.
وفي عام 2011 دعيت الى كتابة وقراءة كلمة اليوم العالمي للمسرح وفي عام 2014 حصلت على جائزة الولايات المتحدة الأمريكية تكريما لدورها في التطوير المجتمعي في اوغندا كما تم تكريمها في عام 2018 بالميدالية الدولية للمعهد الدولى للمسرخ بمناسبة مرور 70 عام على انشائه.
 

 


سمية أحمد