العدد 620 صدر بتاريخ 15يوليو2019
في إطار الصحوة المسرحية الكبرى التي يتمتع بها أطفال أقاليم مصر هذا الموسم المسرحي ولأول مرة منذ وقت طويل حيث عشرات التجارب تنتشر فى أغلب المحافظات وقد استقطب لأجل تنفيذها لهذا الموسم مجموعة من أفضل مخرجي الثقافة الجماهيرية ممن رحبوا بالعمل لأجل إنشاء تجارب مسرحية موجهة للإطفال الذين ظلوا طويلا محرومون من هذا النشاط الإنساني الهام ولكن جاء اليوم الذي ينسج فيه أطفالنا فى آنحاء مصر نشاط موازى ومواكب لهذه النهضة الكبري التي تحاول أن تنهضها مصر لتشرق شمس الدراما المسرحية مجددا فى كل مكان فنزرع الأمل ونحصد مستقبل أفضل، ومن الأماكن التي لم يكن زارها المسرح الخاص بالطفل من قبل أو ربما منذ سنوات طويلة محافظة المنيا عروس الصعيد، وقد تم ذلك من إنتاج إدارة الطفل بالهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة “لاميس الشرنوبي” بمسرحية لطيفة من تأليف الأديبة الشهيرة (نجلاء علام) التى فرح المسرح بإنتاجها وفرحت وهى برؤية منتجها الدرامى يتحرك فوق منصتة ليعرض بكل خفة ورشاقه من قبل أطفال اعتنقوا فكرتها ورحبوا بها لتصل إلى حشد كبير من جمهور المنيا يرحب بهذا المنتج المسرحي فى قالبه الجديد وبشكل مباشر هكذا بعد تجربة طويلة من الإبداع الكتابى والأدبى تستخدم نجلاء علام أخيراً موهبتها الأدبية الكبيرة وتستثمر دراستها للدراما المسرحية لتبحث عن سر مدينة السعادة وهو النص الذي أختاره المخرج (عادل بركات) لكى يزرع من خلاله فكرة مسرح الطفل على ضفاف ثقافة الطفل بالمنيا وقد تم ذلك بمساعدة كوكبة كبيرة من مسئولى الثقافة الجماهيرية وقيادات محافظة المنيا الذين تكتلوا ضد الروتين لصالح الإبداع في الإقاليم وضد إغلاق أبواب المسارح بأوجه الهواة والمحبين كى يمارس الأطفال ألعابهم التمثيلية ويخرجوا طاقتهم الإبداعية فيما يفيدهم وينفع المجتمع .
على أرض الواقع وبدلاً من أن يشارك فى عروض الأطفال عدد محدود لا يقل عدد المشاركين فى أكثر ما شاهدت من عرض عن ثلاثين إلى أربعين طفل من مختلف الفئات الإجتماعية والمراحل العمرية وها هم فى البحث عن سر المدينة منهم من جسد دور حيوان طيب لطيف مثل الأرنب الذى قام بتمثيله (ناصر رمضان) وهو طفل من أطفال المنيا بالعاشرة من العمر وأحد هؤلاء الأطفال الذين تصدرت أسماؤهم بطاقة العرض الجيد ومعه ( محمد عبد الغفار )، و ( يوسف محمد)، و (سيف الدين أحمد) وهنا تأتي واحدة من أبرز إنجازات الثقافة الجماهيرية في مجال مسرح الطفل حيث علي عكس غيره من مسارح الطفل يقدرون هنا مشاركة الأطفال بالعروض ويحتفلون بها لنري الأطفال يصنعون عروضهم بأنفسهم ولذلك تلقى عروضهم قبول واستحسان كبير لأن هؤلاء الملائكة من أطفال المسرح يحملون جوازات مرور إلي قلوب مشاهديهم.
تمكن المخرج عادل بركات من استثمار باقي إمكانيات الواقع وأهمها فرقة الفنون الإستعراضية لليافعين تحت 18 سنة الذين قدموا تبلوهات فى غاية الإبداع والروعة بقيادة (يحيى عبد العليم) الذى قدم تحدياً فنياً بهذه الفرقة الجديدة الجيدة بخطوات جديدة وتعبيرات حركية مبتكرة وجمل تعبيرية صعبة ومختلفة وبعض هذه التبلوهات من التراث الشعبى للآطفال بدأ بها العرض منها استعراض (التعلب فات) وقد شارك في صناعة هذه اللوحات التعبيرية الراقصة مجموعة من الشباب هم (يوسف خالد) و(زياد مؤمن) و(طه عيسى)، و(شادى طارق)، و(محمود سيد)، و( محمد رجب)، و(عاصم على)، و(أحمد محمد)، و(يوسف زين)، و(عبدالرحمن شعبان)
“سر مدينة السعادة” مسرحية هامة تكاتفت كافة الجهود لإنجاحها حيث شارك الكبار في تمثيل بعض الأدوار التي لا تناسب الأطفال لتقرب بين الأجيال وتعطي مجال لتبادل المعرفة والخبرات ومن بين المساهمين فى البحث عن السر التشكيلي(فتحى مرزوق) الذي أثرى العرض بإسهامه التشكيلي في فضاء مسرح محافظة المنيا الذي رحب باستقبال العرض وأيضاً العرائس -البابيت - التى قام بتنفيذها وتصميمها إلى جانب الديكور والملابس فتحي مرزوق المتألق فى تصميم عرائس سواء الماريونت أو البابيت ذات تعبيرات ومدلولات تصب في صالح العرض الذي استطاع أن يعرضها بشكل جيد وملفت من هذه العناصر الدرامية التى كونت تلك الفرجة المسرحية الممتعة الأشعار التى كتبها (إبراهيم رفاعى) و(سيد سلامة) وصنع لها الألحان بأحساس مرهف وموازى ومكمل (طة راشد) وهكذا وجدوا السر فى نهاية اللعبة وبفضل هذا الجهد الكبير على طريق تطوير مسرح الطفل فى أقاليم مصر لتجديد الأمل فى مستقبل فنى مشرق بإبداع الصغار، وعندما ابتهج الأطفال فى صعيد مصر سارعنا لكي ندون وقائع هذا الحدث الهام لنواكب ونرصد هذه التجربة التى اثبتت جدارتها وتفوقها وحقها في الدعم والاستمرار وإزالة أى العقبات علي طريق تقدمها ليصل مزيد من الفن والإبداع إلي كل ربوع مصر التى تتغير وتتقدم وها قد وصلت قاطرة الدراما المسرحية إلي صعيد مصر بعدما، والمناطق النائية لقد بدأ المشوار وتقدم الموكب وعلى جميع الأطراف العمل بقدر الطاقة لكى تستمر وتنمو لكى يعود للمسرح المصري حضوره وريادته.