الهوية الفنية لمسارح البيت الفنى.. هل أصبحت حبرا على ورق .. أم فات زمانها؟!

الهوية الفنية لمسارح البيت الفنى.. هل أصبحت حبرا على ورق .. أم فات زمانها؟!

العدد 523 صدر بتاريخ 4سبتمبر2017

حسب المسمّيات، يبدو أنّ لكل مسرح من مسارح البيت الفني  فلسفة وهوية خاصة تميز العروض التي ينتجها ويقدمها، ولكنّ كثيرين  يلاحظون  -أحياناً- أن ما تعرضه بعض المسارح لا يتفق مع الاسم الذي تحمله وقد تتنافى جوهريًّا مع هويّة وفلسفة المسرح الذي يطرحها..   عن مسارح البيت الفني للمسرح المتهمة في هويتها  والمسئولية عن هذا كان لمسرحنا هذه اللقاءات مع بعض مديري المسارح  وعدد من  الكتّاب والمخرجين الذين طرحوا مشاريعهم على مسارح البيت. د.مصطفى سليم الرئيس السابق للمركز القومي للمسرح، يبدأ بمناقشة فكرة وضوح تعريف الهويات وإعلانها ومعاييرها القائمة عليها، وهل يبدو هذا التعريف بهوية كل مسرح معلناً، وهل هذه الهوية خاضعة لمعايير ثابتة ولوائح أم تخضع لشخصية مدير المسرح وطموحاته؟ وأنّ الأمر يخضع للأخير، فحسبما يقول “ الطليعة”  في عهد سمير العصفوري غير الطليعة قبله وبعده، فالمسألة – في رأيه- ترتبط أكثر بالحراك الثقافي وأين يمضي وجدان المسرحيين في اللحظة، هل يمضي للتجريب؟ فتكون الموضة في كل المسارح للتجريب، أم هل يمضي إلى القديم والكلاسيكي، فتكون الموضة كذلك، وبالرغم من نداءات متكررة بتحديد هويّات واضحة وثابتة لكل مسرح، وأن تتماشى  هذه الهويات  مع فكرة التنمية الثقافية المستدامة، وبالرغم من أنّ هناك مشاريع عديدة تم تقديمها في هذا الإطار، ولكنها -وإلى الآن- لم تتحول لنظام مكتوب ومعلن بشكل واضح بل إنها تتغير حسبما أسلفت بتغير الشخصيات ومع الحراك الفني الموجود”
ويضيف: “الحل في تصوري، هو أن نرى كتاباً يتفق عليه المسرحيون بدايةً من تحديد هوية كل مسرح وسبل تحقق هذه الهوية حسب استراتيجيات واضحة، لتحقيق أهداف ومكاسب واضحة، هذه الأضلاع الثلاثة، يجب الاتفاق عليها ومن ثمّ إعلانها ونشرها  كالمانفستو للمسرحيين لتكون ملزمة لهم، وأتصور أن دور لجان القراءة أو المشاريع، سيكون شديد الخطورة إذا تم العمل بتوصياتها، واتفق أعضاؤها على أهداف محددة وتوصلت لهذا المانفستو المقترح ويُتاح مطبوعاً ومنشوراً في كل المسارح”
و عن فكرة التنسيق والتعاون بين مديري المسارح قال:  “ بخصوص ما شاهدته، رأيتُ هذا المشهد كثيراً، مع الأستاذ خالد جلال في مركز الا بداع وقد كنت مديراً للمركز القومي، أن يقوم أحد مديري مسرح ما بإحالة عرض ما لا يتوافق مع فلسفة مسرحه، فيحيل المشروع لزميله، وكثير من العروض انتقلت ولاقت نجاحاً واستحساناً وقت عرضها على المسرح الذي انتقلت إليه”
(المسرح أكثر رحابة من التحديد)
أمّا الكاتب والمؤلف وليد يوسف فهو يقف موقف الضد من اصطلاح هويّة المسرح ويقول “بالرغم من أنّ بعض العروض قد تُعرض على خشبات مسارح لا تتوافق مع مسمّاها إلا أنّ المسرح أكثر رحابةً من أن نحدده في هويّات منغلقة، فالمسرح في النهاية للجميع، والمعيار عندي هو في توافق خشبة المسرح لتقديم هذا العرض أو ذاك، فهناك خشبة تصلح للعروض الكبيرة وفريق عملها الضخم، وهناك خشبة تصلح للعروض ذات الوقت المحدود وفريق العمل المحدود، وأقترح أن نطلق أسماء الرواد المسرحيين الراحلين على هذه المسارح كبديل للمسميات التي تقيدها بهويات وهمية، أما عن لجان القراءة فأرشح وجودها شريطة أن يكون أعضاؤها متخصصين ودارسين لأصول النقد الأدبي والفني، أما أن يكون موظفاً خاليًا من المهام ويسندوا إليه مهمة قراءة الأعمال الفنية وتقييمها فهذا أرفضه بالطبع”
أمّا المخرج تامر كرم– والذي حصل عرضه “يوم أن قتلوا الغناء “ على جائزة أفضل عرض مسرحي في المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الأخيرة، فيرى أنّ مسارح الدولة حين تمّ إنشاؤها، فقد أنشئت من أجل التنوع وتقديم الأشكال والتوجهات المسرحية كافة، وإلا فلماذا كانت مسارح ولم تقم كدور عرض يقدّم عليها العروض المسرحية بغض النظر عن قالبها وتوجهها ويقول “لا يجوز أن تكون هويتي المسرحية مسرحاً كوميديًّا على سبيل المثال، وأقدّم عروضاً كلاسيكية أو طليعية مثلاً، فمن المهم جدًّا معرفة قيمة هذا التنوع والذي أنشئت مسارح الدولة لأجله”
ويضيف أنّ هذا الاختلاف متحقق بنسبة كبيرة، ففي رأيي أنّ كل مسرح –في غالبية عروضه– يقدم ما يعبر عن هوية مسرحه وإن حدث في أحيان قليلة أن عروضاً لا تناسب هوية مسرح معين، وتقدّم على خشبته، واستشهد بطليعية تجربته الأخيرة “يوم أن قتلوا الغناء” في كسرها لكل أنواع المناهج المسرحية الموجودة حسب تعبيره وقال بأنّ هذا ليس جديداً على أعماله.
ويشير كرم إلى أنّ الموافقة النهائية على المشاريع المسرحية بشكل قاطع هي لمدير المسرح وليست لما يسمّى بلجنة القراءة أو المشاريع، وإلا كيف يكون مديراً للمسرح، ويضيف: لجنة القراءة وبكل صراحة، هي لجنة تمّ اختراعها لإيقاف المخرجين الضعفاء إبداعيًّا بشكل رسمي، أنا ومنذ سمعت بلجنة القراءة منذ عشر سنوات تقريباً لا أعرف لها دوراً فاعلاً في الحركة المسرحية، ولكنّ مدير المسرح هو المنوط بالبحث عن مخرجين مبدعين ومتحققين وأحيانا مخرجين جدد يرى فيهم الموهبة، كي يحقق هدف مسرحه، أما دور لجنة القراءة لو قلت لي إنه يتم الإعلان عن استقبال نصوص مسرحية لكلّ المؤلفين المسرحيين، من شتى أطراف مصر ولكل الأعمار، وتقوم لجنة من المتخصصين بقراءة هذه الأعمال وفرزها وترشيح الجيد منها والذي يصلح لإنتاجه ويعطي عملاً فنيًّا متماسكاً وقويًّا، وتكون هذه المنتجات متاحة ومطروحة لمديري المسارح والمخرجين، فهذا عمل جيد و “شابووه” أما غير ذلك فلا أرى لهذه اللجنة دوراً، لأننا ليس لدينا نشر للنصوص المسرحية وتسليط للضوء عليها”
وأضاف “لدينا ظاهرة مسرحية تمثلت -في السنوات الأخيرة- في إقبال جماهيري غير طبيعي، وإذا أردنا أن نحقق طفرة مسرحية حقيقية ونستقطب المشاهد السياحي فعلينا أن تكون لدينا الإرادة ونتكاتف جميعاً ونعمل كخلية واحدة، لأنّ لدينا جهوداً فردية ممتازة مثل تجربة خالد جلال في مركز الا بداع وإسماعيل مختار في البيت الفني وشادي سرور في الطليعة.
المخرج والمنظّر الأكاديمي د. كمال عيد يرى أنّ هوية مسرح الدولة في العالم وفي أوروبا التي أخذنا عنها المسرح وتعلمناه في بلادها، هي هوية المسرح القومي الذي يتبنى العروض الكلاسيكية الرصينة والقوية، وتعدد التوجهات المسرحية الأخرى كالكوميديا والتجريب وغيره، يثري المتلقي وجدانيًّا وفكريًّا وجماليًّا ولا مانع أبداً من تداخل وتقاطع هذه العروض على خشبات ومسارح واحدة ولكن بشرط الاحتفاظ بالأعمال المسرحية العظيمة والتي تمثل قطعاً فنية أصيلة،  فالمسرح المصري الآن -حسبما يرى- لا يمثل مصر وما ينتشر ويُذاع ويُروج له لا يعبر عن وطن في حجم مصر، ويقول: “رفضت الإشراف على رسالة تتصدى لدراسة ما يسمى بمسرح مصر، لأني لم أره مسرحاً” فلا بد من أن يكون تربية وتثقيفًا حقيقيًّا للمجتمع المصري عن طريق المسرح الحقيقي.
الكاتب والمخرج سعيد سليمان يقول “توجد هذه الظاهرة ولكنها نادرة، فأحياناً يقدّم الطليعة تجارب غير طليعية والحديث تحديداً لا أفهمه، والغد تغيرت فلسفته، من العروض التجريبية سابقاً للمصرية الآن، والقومي أحياناً يكسر الكلاسيكية وأرى هذا الأمر سلبيًّا، فلا بد من هويّة واضحة لكل مسرح، أما عن اعتماد المشاريع فكان في الماضي، هناك مكتب فني يتبع كل فرقة، ولكن الآن مدير المسرح مع لجنة القراءة التي أسمع بها ويُقال إنها تقدم توصيات في هذا الشأن ولكن ليس لدي معلومة قاطعة، وفي رأيي أن حل هذه القضية في يد مدير المسرح في أن يحافظ على هوية مسرحه”
البنية الإنشائية المناسبة هي المعيار
المخرج باسم قناوي – مخرج عرض “روح”  الذي حصد النصيب الأكبر من جوائز المهرجان القومي 2015 يرى أنه يحدث كثيراً أن ينتج مسرح معين عرضاً ما أو يستضيفه على خشبته ويكون هذا العرض غير متوافق بالكلية مع هوية هذا المسرح وفلسفته، ولكنه يشير إلى غياب التعريف المعلن والواضح والمنشور لكل مسرح، ويقول “ المسرحان الوحيدان اللذين ينجوان من هذا الفخ ولا يقدّمان ما يخالف هويتيهما، مسرح الطفل ومسرح العرائس، ولكن أرى أنه ليست هناك هويات محددة للمسارح، فهذه الهويات ارتبطت بفترة إنشاء هذه المسارح تاريخيا، يمكن أن نفكر مثلا في مسرح كمسرح الطليعة، تم إنشاؤه لمواكبة الحركات المسرحية الطليعية بعد عودة الفنانين الرواد للوطن من الدراسة بالخارج، هل انتفت الآن هذه الصفة؟ وفي رأيي أنه لا بد من الجمع بين أمرين، أولاً الحفاظ على هوية كل مسرح له هوية محددة، ولكنّ الأمر الثاني والأهم أن لا يكون ذلك على حساب جودة المشروع الفني المقدّم بحجة الهوية أي لا بد أن تكون هناك مسارح بهوية واضحة لتطوير العملية الإنتاجية المسرحية لهذا اللون من المسرح ولكن لا تلفظ وترفض بقية العروض، وإذا أردنا الالتزام بهذه الهويات فلا بد من تعريفها وإعلان هذه التعريفات ثم تفعيلها والالتزام بها، فأنا مع الهوية إن طُبقت بشرط عدم انتفاء الجودة من أجل الحفاظ على المسمى فقط”
ويستدرك “أنا كفنان أختار المسرح حسب توافق بنية المسرح الإنشائية التي تخدم مشروعي الفني، والذي يجيز المشاريع، كما أتوقع هو اجتماع رأي مدير المسرح مع اللجان التي يشكلها رئيس البيت، ولجان القراءة تقاريرها موضوعية جدا ومهمة، ولكن في النهاية كل تجربة مسرحية تعبر عن ذاتها فالتجربة الجيدة تنجح والتجربة السيئة تفشل، وهنا أشير بقوة إلى أننا إزاء ظاهرة في منتهى الأهمية وهي الإقبال الجماهيري الملحوظ بالرغم من القصور في الدعاية، لقد بدأت شخصيا المسرح في التسعينات وكان غياب الجمهور هو السمة الأبرز، والسؤال الآن هل وزارة الثقافة تقدّر دور المسرح وتعي أهميته؟ لأنني لا ألمس خطة واضحة استراتيجية من الوزارة للمسرح المصري.
الدراماتورج  والممثل ياسر أبو العينين –والذي حاز جائزة أفضل دراماتورج في قومي 2015- يقول: “يحدث أحياناً التوافق بين هوية المسرح والعرض وأحيانا كثيرة لا يحدث، فبعض المسارح تكون منغلقة على هويتها مثل الكوميدي، والبعض يكون مخاصماً بشدة لهويته مثل القومي ويا للأسف، والذي قدّم من قبل عرض “جوازة طلياني”! وفرقة الغد والتي تغيرت هويتها بداية بالعروض التجريبية ثم التراثية، كذلك الطليعة، وأيضاً فرقة المسرح الحديث والتي قدمت عرضاً صوفيا مولويا، وبالرغم من جودة هذه العروض بالطبع فنحن لسنا بصدد جودتها ولكن خصامها لهوية المسرح هو السمة السائدة”
ويضيف “عمليا مدير المسرح هو الذي يعتمد المشروع، ولجان القراءة لجان شكلية.. السيطرة غالبا لمدير المسرح ولكن ليس دائما، فهناك عامل مهم وهو شخصية رئيس البيت الفني”
عن التنسيق بين المديرين يقول: “تصوري أنه لا يتم، مثلا لا يلتقي مدير المسرح الجديد بالذي يسبقه غالبا لتلافي الحساسية والحرج وهذا بالمناسبة يأتي على حساب مشاريع يتم إلغاؤها رغم اعتماد المدير السابق لها”
المخرج إميل شوقي – مخرج عرض العسل عسل إنتاج فرقة المسرح الكوميدي– يقرر أنّ هذا يحدث ويتكرر كثيراً أن تجد عروضاً تخالف هوية المسرح الذي أنتجها، ولكن لديّ رأي في هذه المسألة وهو تداخل الوسائل المسرحية الآن، فتجربتي “العسل عسل” هي تجربة مختلفة عن مفهوم المسرح الأرسطي، تجربة تجمع بين الكوميدي والغنائي الاستعراضي والتجريبي، فلو أنّ هويّة المسرح تسمح بهذا التداخل فلا مانع، فالفكرة هي أنك تقدّم منتجاً مسرحيا لمستهلك معين، ولكن في تصوري أن ما يخلق هذه العشوائية هو الأزمة الكبيرة في عدد المسارح، القاهرة على اتساعها جغرافيا الآن لديها ثلاثة أو أربعة مسارح وسط الأسواق، فذابت هويّة الفرق المسرحية أمام دور العرض المغلقة، فلن يكون الكلام عن هوية محددة مجدياً وأنت لا تملك دور عرض ولديك منظومة مسرحية متهالكة، فليس هناك مسرح وما يُصدر للناس على أنه المسرح هو الابتذال والاستهلاك الذي يحدث فيما يسمى بمسرح مصر، نحن نقدّم عروضنا اليوم ونرجو فقط أن تخرج للنور وتستكمل مسيرة عرضها، ونقول “إكرام العرض دفنه”
ويضيف “ ما يحدث فيما يسمى لجان القراءة، عبث و “أونطة”، كيف يتم رفض مشروع فني مقدّم من مخرج كبير بحجة رفض لجنة القراءة؟ المخرج المبدع والمتحقق لا يخضع لآليات إدارية، حين تستقدم مخرجاً يقوم بتجربته الأولى، فمن الممكن وضع مشرف عليه، أما أن تخضع العملية الفنية لآليات ثابتة إدارية فهي ليست فنا”
عن التنسيق والتعاون بين المسارح فهو ينفيه ويقول “ما يحدث هو مسائل ليّ ذراع، ولا بد أن يُعاد النظر في منظومة المسرح بما فيها الثقافة الجماهيرية، فلقد طلبت مثلا انتقال عرضي للأقاليم باستضافة الثقافة الجماهيرية فتم الرفض بحجة أن ليس لديهم شباك تذاكر، فليس هناك جدوى من الحديث عن هوية المسرح وأنتَ لا تمتلك مسرحاً، فالمنظومة خربة ويكفي أننا حين نقدم عروضاً جيدة تواجه  بغياب الجمهور بسبب القصور المتناهي في التسويق والدعاية، بل والأكثر غرابة هو غياب النقاد أيضاً، فالمسرح المصري الآن ويا للأسف هو حركات فردية تبذل ما في وسعها لكنها “بتفرفر وتطلّع ف الروح”
أحمد السيد مدير المسرح الكوميدي أعلن أنه ضد مسمى هوية المسرح، ويقول “ في البداية وُضعت هذه التصنيفات لاستيعاب الاتجاهات المسرحية الجديدة، القومي للكلاسيكيات والعرائس لمسرحها والشباب لخلق قناة للشباب وهكذا ولكن مثلاً: ما  تصنيف المسرح الحديث؟ وهل هو مواكب ويتفاعل مع التقنيات الحداثية في المسرح؟ وهل المسرح الكوميدي يعني أني لا أستطيع إنتاج أعمال متداخلة مع اتجاهات مسرحية أخرى؟”
ويضيف “مدير المسرح هو المسئول عن اعتماد عروض مسرحه، ورئيس البيت ولجنة المشاريع لم يعارضوني شخصيا، وإن حدث ففي تقريرهم يعطون توصية بتنفيذ المشروع على مسئوليتي في حال رؤيتي لتنفيذ المشروع، فرأي اللجنة استشاري وغير ملزم ولديّ لجنة قراءة داخلية معاونة أيضا في المسرح قبل أن أرسل المشروع لرئيس البيت بالإضافة لكوني قسم دراما فأقرأ مشاريع مسرحي جيداً، عن التنسيق بيني وبين مديري المسارح فهو متحقق بشكل ودي لأننا زملاء، فأنا أستضيف بروفات مسرح الشباب الآن، وبشكل رسمي هناك اجتماعات دورية بيننا وبين رئيس البيت”
وأخيراً “نحن في البيت الفني للمسرح بدأنا تصالحاً مع الجمهور وهذا واضح في جماهيرية العروض أخيرا ولكن لا بد من تغيير منظومة الدعاية لأنها منظومة روتينية جدا وتفتقد الروح”
الفنان يوسف إسماعيل مدير المسرح القومي، يؤكد أيضاً مخالفة بعض العروض المسرحية للمسرح الذي ينتجها أو يعرضها ويقول “هذا يحدث ولكن بنسبة محدودة وأواجه ذلك شخصيا حين أتلقى طلباً باستضافة عروض لفرقة أخرى وأرفض لعدم توافقها مع هوية القومي، والذي يحافظ على الشخصية والهوية المصرية ومع الروح الكلاسيكية للعروض العالمية، وبخصوص اختيار المشاريع المسرحية فيقع على عاتق مدير المسرح في المقام الأول حسب مسئوليته، وهناك لجنة قراءة داخلية في المسرح قبل لجنة المشاريع في البيت والتي بالمناسبة لديها مرونة كبيرة وتضع المسئولية والقرار الأخير لمدير الفرقة وتنص على ذلك في تقاريرها وهي تقدّم توصيات لعرض المشروع في مسرح آخر ومن ضمن صلاحياتها تقديم هذه التوصيات”
“بيننا تنسيق وتعاون كمديرَيْ مسرح، فبالإضافة لاجتماعاتنا الدورية مع رئيس البيت، لدينا تواصل شخصي بحكم الصداقة أحيانا ويتم التعاون في شكل إعارة إكسسوارات وغيرها وقد استعنت بالفنان عبد الناصر شاهين ليلة العيد في وقت إجازة رسمية للموظفين فالبيروقراطية تغيب عن عملنا كفنانين وأتمنى في النهاية تحقيق نهضة مسرحية حقيقية وتقديم أطروحات لحركة مسرحية متميزة وعدم التوقف عند المشكلات”
(هذه الهويات تجرّنا للوراء)
الفنان أحمد السيد المدير السابق لمسرح أوبرا ملك، يرى أن هويات المسارح مرتبطة بفترة إنشائها تاريخيا ويرى أن هذا الحصر والاحتفاظ بهذه الهويات يجرّنا للوراء حسب تعبيره، فالتصنيف الذي يراه مناسباً هو التصنيف حسب الفئة المقدّم لها العرض من الجمهور عمريا فهذا عرض للأطفال وهذا للنشء وهذا للشباب وهذا للكبار لأننا حاليا نحتاج إلى إعادة التواصل مع الجمهور، فمخالفة العروض لهوية المسارح ليست أزمة أبداً وليس المحافظة عليها هو السبيل لتطوير المسرح.
عن التعاون والتنسيق بين مديري المسارح فهو ينفيه ويقول كمدير مسرح سابق ليس هناك آلية للجمع بين المديرين بل إن هناك إجراءات روتينية قد تمتد شهرا ونصف لاحتياج مسرح ما إلى الاستعانة بفنان من فرقة أخرى، ويوضح أنّ ثلثي البيت موظفون والثلث المتبقي هم الفنانون.
أما عن المسئول عن اعتماد العروض، فيقول “المدير هو المسئول ولجنة القراءة هي حيلة وسبب وهمي لرفض التجارب التي يرفضها المدير شخصيا فلن يخرج عرض لا يرتضيه المدير”
ينما يؤكد رئيس البيت الفني للمسرح الفنان إسماعيل مختار أنّ مخالفة هوية بعض المسارح  في بعض عروضها تحدث، ولكن في إطار ضيق ونادر، فالقومي ملتزم بالطابع القومي والكلاسيكي العالمي، والطليعة بالتجارب الطليعية الرائدة، والغد بالعروض المصرية، والشباب بمسرح الشباب ورؤاهم، والسلام بالمسرح المعاصر، ولكنّ الأمر متعلق بندرة النصوص الجيدة والتي تدفعنا أحياناً لتبني مشاريع مسرحية قد لا تعبر عن هوية المسرح الذي ينتجها.
ويعقب: “المسارح التي تتشابك مع هذه الظاهرة وتحدث خلافات بينها أحياناً هي الطليعة والشباب والغد, فالغد فرقة أصيلة وقوامها واحد منذ إنشائها،  تغير مسماها مرتين، حيث بدأت تابعة لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية كفرقة للعروض التجريبية، ثم انتقلت للبيت الفني للمسرح كفرقة للعروض التراثية، وهي تقدم عروضا مصرية، فتتشابك مع الروح الشبابية المقبلة على التجريب والتجديد في الشباب والروح الطليعية الريادية للطليعة، وأتصور أن هذا لا يمثل أمراً سلبيا بل يخلق روحا إيجابية في التنافسية بين المسارح ومديريها”
ويقول “نحن منفتحون على كل المبدعين ونعطي مدير المسرح الحق في اختيار لائحته الداخلية التي تناسبه لاختيار مشاريعه، وحين تُقدم هذه المشاريع إليّ، يتم عرض المشروع على لجنة مكونة من متخصصين وأساتذة يمثلون انعكاسا لعناصر العرض كافة، وهي قامات لها احترامها تمثل لجنة المشاريع وتقدم تقريرها إليّ وهو تقرير شامل وعلمي، ولكن في النهاية المسئولية تقع على عاتقي مع مدير المسرح والذي لا نحرمه من تنفيذ مشروعه تحت مسئوليته إن اختلف مع تقرير اللجنة، فالعمل يخضع للشكل العلمي والديمقراطي بيننا ولكن من يتحمل المسئولية هو مدير المسرح ورئيس البيت”.


أحمد منير أحمد