مشكلة المسارح المغلقة على مائدة لجنة المسرح

مشكلة المسارح المغلقة على مائدة لجنة المسرح

العدد 602 صدر بتاريخ 11مارس2019

أقامت لجنة المسرح، الثلاثاء الماضي، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، مائدتين مستديرتين حول مشكلة المسارح المغلقة، بحضور عدد من الفنانين منهم الفنانة سميحة أيوب والكاتب محمد أبو العلا السلاموني ومهندس الديكور حازم شبل والسيناريست كرم النجار ومهندس الديكور فادي فوكية والمخرج فهمي الخولي، إلى جانب عدد من مسئولي الحماية المدنية، وأدار الجلسة الأولى د. محمود اللوزي، وتحدث فيها د. طارق سيد شاهين والمخرج فهمي الخولي والمهندس المعماري أحمد منصور.
أوضح الدكتور محمود اللوزي أن الجلسة تتضمن مناقشة مفهوم الحماية المدنية بالمسارح، ومشكلات ذلك وحلوله، وطرق العمل الآمنة داخل المسرح.
المخرج فهمي الخولي أشار إلى أنه كان أحد القيادات المسرحية فترة ازدهار المسرح، معربا عن أسفه من الهجمة الشرسة مما يسمى بالحماية المدنية، موضحا أنه في فترة الستينات لم يكن يوجد أكثر من «عسكري»، وكانت كل وسائل الحماية المدنية مجرد دلو من الرمل، ثم تطورت وأصبحت «مطفأة الحرائق».
وأكد أن مشكلات الحرائق طارئة على المسرح. وذكر الخولي حادثتين فقط إحداهما حريق مسرح محمد فريد أثناء تقديم عرض «روض الفرج» إخراج كرم مطاوع، وحريق المسرح القومي. وتابع: «لا نستطيع أن ننسى حريق بني سويف مرجعا الخطأ فيه إلى المخرج لأن قاعة العرض كانت مغلقة «قاعة فن تشكيلي» وما كان ينبغي استخدام شموع.
واستطرد: «عندما كنت مديرا لمسرح السلام وأثناء كارثة زلزال عام 92 حضرت لجنة متخصصة وقررت وجوب غلق المسرح لأن الزلزال آثر على خشبة المسرح، ولم أستمع لهذا الرأي وقررت فتح المسرح بعرض «نقول إيه» وقمت بوضع الديكورات على خشبة المسرح ولم يتأثر المسرح بشيء، كما كانت هناك بعض الاعتراضات على فتح باب المسرح من الجهة المقابلة لشارع القصر العيني من أكثر من جهة، لأن باب المسرح يقع أمام الوزارات ولكنني لم أستمع إليها أيضا، وقمت بفتح المسرح، ووضعت إعلانات خاصة بالعروض. أضاف: الكارثة عندما تصدر الحماية المدنية قرارا بغلق مسرح يعنيه ولا يجرؤ أحد على الاعتراض، فالأمر أصبح في غاية الخطورة. وتابع: في فترة السبعينات كان هناك ما يقرب من 35 دارا للعرض المسرحي، بالإضافة إلى 10 فرق تلفزيون وعدد من المسارح في رأس البر وجمصة.
وتساءل: هل ما يحدث الآن من هجمة شرسة تأمر بغلق المسارح مؤامرة على المسرح المصري؟ هناك مدارس وقاعات الأفراح وغيرها لا يحدث بها ما يحدث للمسارح!
بينما أوضح دكتور طارق شاهين سيد وهو معماري مسرحي وعضو لجنة إم إف إيه وخبير الحماية المدنية، أن المسرح بالنسبة له مبنى مكون من ثلاث كتل مختلفة، كتلة بها جمهور غير قادر على إطفاء حريق ويطبق عليه ما يسمى «نفسية القطيع» يتدافع ككتلة واحدة، ما يسبب حالات الوفيات، والكتلة الخاصة بخشبة المسرح وهي ثاني أخطر الأماكن في المسرح، أما الكتلة الأشد خطورة فهي ما نطلق عليها الكتلة الخدمية على خشبة المسرح وهي تتكون من الديكور والورش والمخازن، وإذا أردنا الحد من الخسائر يجب الفصل بين الكتل الثلاث، فصالة الجمهور لها متطلبات، والمخازن من الأماكن الأشد حساسية وخطورة، وإذا تم الخلط بين الثلاث مناطق فالأمر سيكون مكلفا للحماية المدنية.
وأضاف: أهم ما يطبق في مساحة الجمهور هو «شروط الإخلاء» فالجمهور يتحول عند الحرائق إلى كتلة غير عاقلة، وإذا قمنا بعمل ممر طويل للجمهور فسيأخذ وقتا طويلا في الإخلاء، أما بالنسبة لمنطقة خشبة المسرح فيجب أن تتوافر مجموعة من العوازل والأغطية وأن يكون هناك أمان كهربي، أما كتلة المخازن فهي تعد أصعب المناطق على الحماية المدنية وهي محدودة المساحة.
وتحدث د. طارق عن خطورة عدم وضوح سلطات ومسئوليات كل من المالك والمقاول والاستشاري في الحماية المدنية، حيث يفترض بهم جميعا العمل في إطار مرجعي واحد يسمى الكود الموحد للبناء، وهو مرجع يضم الاشتراطات الفنية والهندسية لكل الأعمال.
وضرب مثالا بالمسرح القومي مشيرا إلى أنه لم يتم افتتاح المسرح القومي سوى بعد استكمال جميع أعمال الحماية المدنية وموافقة استشاري المشروع.
كما أوضح ضرورة تعيين خبير متخصص أو جهة ذات كفاءة مدربة على أعمال الحماية المدنية، حتى لا تقع هيئة المسرح وكل أملاك الوزارة تحت سلطة عديمي القيمة أو السلطة أو إعطاء صلاحية لغير صاحب الصلاحية.
وعن التركيز على غلق المسارح بخلاف الأماكن الأخرى كالمستشفيات والمدارس، أوضح أن أي مبنى مخالف لشروط الحماية المدنية يتم غلقه وهو ما ينطبق على المستشفيات والسجون وعلى الملاهي الليلية، مشيرا إلى أنه تم غلق عدد من المستشفيات.
بينما ذكر المهندس حازم شبل أن مفهوم الحماية المدنية يعد أبعد من مفهوم ومقاومة الحريق، فهو يشمل سلامة كل الحضور في المسرح وهو ما يتمثل في وضع الكراسي في الصالة والممرات ومخارج هروب الجماهير ذات الأبواب التي تفتح من الخارج، وستارة الحريق في مقدمة خشبة المسرح. أضاف: يوجد أيضا طرق عمل آمنة داخل خشبة المسرح وفي استخدام تجهيزات خشبة المسرح وفي تصنيع وتركيب الديكور والإضاءة.
بينما ذكر المعماري أحمد منصور أن المسرح كتلة تطورت مع التاريخ، تندمج مع البيئة حتى تقوم بتوصيل شيء معين فتتفاعل مع البيئة الداخلية والبيئة الخارجية، سواء كان المسرح مفتوحا أو مغلقا، فهو يعكس شخصية المبنى. أضاف: أنا كمعماري أتفاعل مع التصميم مع البيئة المحيطة للمسرح، الشيء الثاني كيف سيتفاعل مع المتفرج، فوجود المسرح في مكان ما يثر على التصميم بشكل كبير.
أما الجلسة الثانية فأدارها مهندس الديكور فادي فوكيه وتناولت فتح المسارح المغلقة، وتقنيات خشبة المسرح والتوصيات المطلوبة والخاصة بالحماية المدنية.
وقال الدكتور طارق سيد شاهين: هناك ثلاث توصيات مهمة خاصة بالحماية المدنية، أولا: يجب أن يكون هناك توصيف وظيفي لنعرف ما هي الحماية المدنية للمسرح، ووجود مرجع يوضح الكود الخاص بحماية المسارح، ووجود متخصص يتم تدريبه من رجال الإدارات الهندسية والأمن والسلامة في مؤسسات الوزارة، والتوصية الأخيرة إصدار قرار وزاري لأن يوكل لهؤلاء الأشخاص سلطة تنفيذ الكود.
وأشار إلى أنه لا يوجد مرجعية توضح معنى أو مفهوم الحماية المدنية في المسارح، وأن هناك معاناة لاستخراج ما يخص المسرح في الكود الخاص بالحماية المدنية، مشددا على الحاجة إلى مرجع به توصيف لكل متطلبات الحماية المدنية، يجب تجديده كل عام، مع ضرورة تشكيل لجنه تقوم باستخراج الكود الخاص للمسرح مع الكود العام للحماية، وذلك لوضع اللب الأساسى للحماية المدنية في المسارح. أضاف: فكما نعلم أن الكود الدولي للحماية يتضمن 273 صفحة، واقتراحي أن تكون هناك بداية يتم عليها تحديد أهم ثلاثة بنود ويتم طبعها في كتب وتكون متاحة للعاملين في المسرح.
بينما أشار مهندس الديكور حازم شبل إلى أن بناء المسارح في مصر يعتمد على شكل تقليدي واحد، فلا يوجد تنوع في أشكال المسارح، لا يوجد مسرح الغرف، سوى قاعة صلاح جاهين أو مركز الإبداع، بالإضافة لافتقادنا لأماكن مفتوحة، على سبيل المثال: مسرح السامر. إضافة إلى عدم وجود صيانة أو تدريب عاملين على كيفية صيانة الأجهزة.
وأضاف: قمت بعمل ورش في 10 محافظات مختلفة، في كيفية استخدام التقنيات وصيانتها، وأثناء الورش قمت بفتح أحد الكشافات الخاصة بالإضاءة لأوضح للعاملين والفنيين كيفية تنظيف كشاف الإضاءة ففوجئت بأن هناك تعليمات للعاملين بعدم فتح الكشاف وإلا سيتم تحويل من فتحه للتحقيق! وهي تعليمات من الهيئة الهندسية.
وتابع: نفتقد كذلك التدريب الجيد للعمالة ويتضح ذلك من خلال تجربتي في مسرح أسوان وغيره من المسارح المجهزة بأحدث التقنيات ولكن لا توجد بها العمالة المدربة بشكل كاف، فلم يدرب أحد على استخدام هذه التقنيات، على الرغم من وجود أحدث الأجهزة، وهو ما يجعلهم يجلبون أجهزة من القاهرة.
وأشار شبل إلى أنه يتم التعامل مع التقنية الحديثة والحماية المدنية بشكل غير ممنهج، وأن هناك ضرورة بالغة لإرسال بعثاث للتعرف على التقنيات الحديثة والاستخدام الأمثل للإمكانيات المتاحة. استطرد شبل: جيل الستينات استفاد من البعثات وتم دريبه بشكل جيد ولذلك أحدث نهضة كبيرة.
فيما شددت سيدة المسرح سميحة أيوب على ضرورة الإعلان عن مسئولي الحماية المدنية في المسارح ووضع كل متخصص في مكانه المناسب.
وتحدث الدكتور طارق سيد شاهين عن تقنية إطفاء الحرائق «رذاذ المياه» وهي تقنية حديثة لإخماد الحرائق تمت تجربتها ولا تسبب أي تلف للمسارح، مؤكدا على ضرورة أن يستشير صاحب قرار إنشاء أو تجديد المسارح المتخصصين قبل بناء المسرح، موضحا ضرورة إسناد فحص المسارح المغلقة لجهة استشارية ذات كفاءة.
وذكر المخرج فهمي الخولي أنه في عام 1938 قام الفنان الراحل ذكي طليمات بتأسيس ما يسمى بالمسرح الشعبي، يتنقل في الساحات والقرى ويتكون من عربتين إحداهما تتحول إلى خشبة مسرح والأخرى بها الديكورات الخاصة بالمسرح، ويقوم هذا المسرح بعمل جولات في مختلف القرى.
وفي نهاية الجلسة تم التأكيد على التوصيات الخاصة بالحماية المدنية.
 

 


رنا رأفت