العدد 581 صدر بتاريخ 15أكتوبر2018
أقيمت الأسبوع الماضي وعلى مدار يومين متتالين ورشة «فن المهرج» على خشبة مسرح المدينة الجامعية وذلك في إطار فعاليات ملتقى القاهرة الدولي الأول للمسرح الجامعي مع المدربة الكندية «سوازيك إبياير».
سوازيك إبياير ممثلة وموسيقية كندية درست فنون العرض في مونتريال وفانكوفر وسان فرانسيسكو وكولومبيا تنقلت في دراستها بين تقنيات المهرج وفنون السيرك وعزف البيانو واليوكليك والجيتار الصغير وهو ما أكسبها خبرة متنوعة في أنواع كثيرة في فنون العرض المسرحي والموسيقي لتمارس بعد ذلك مجال التدريب على فن المهرج في عدة دول ومدارس مسرحية مختلفة.
اليوم الأول من فعاليات ورشة الكلاون «المهرج» بدأ بصعود المتدربين على خشبة المسرح والتحرك بشكل سريع وبطيء مع المحافظة على التنفس والمحافظة على وجود مسافة بين الذراعين والجسد ثم قام المتدربين بتكرار التمرين أكثر من مرة مع المشي على أطراف الأصابع.
ثم قامت سوزيك بإعطاء تمرين ثانٍ وهو تمرين «تخريج الطاقة» وهو يهدف إلى إخراج المشاعر وصعوبته تكمن في عدم خروج الأفكار ولكن خروج المشاعر ويتمثل هذا التمرين في تخيل وتمثيل مشهد وهو أن يجد المتدرب قرصا صغيرا من الدواء على خشبة المسرح وعندما يتناوله يتحول إلى «وحش» ويحاول تمثيل المتحول إلى وحش ومن هنا تتغير مشاعره وانفعالاته وتعبيرات وجهه ويصدر المتدرب أصوات وحركات متعددة وسريعة مع النظر لمن يجلس في صالة العرض بل من الممكن أن يجلس بجوار الجمهور. الممثل يتفاعل بشكل أكبر مع الجماهير وهو ما يعطينا رد فعل فوري يغذي طاقتنا ويجعلنا نبدع أكثر، وقام جميع المتدربين بعمل التمرين ثم ألقت سوازيك بعض ملاحظاتها وتوجيهاتها. وأضافت أن هذا التمرين سيكون مصدرا للإلهام وأفكار جديدة.
أما التمرين الثالث فهو تمرين «اتباع القائد» أو كما أطلقت عليه سوزيك «سرب السمك» فالتمرين يشبه سرب السمك الذي يتبع بعضه البعض، إذ تم تقسيم المتدربين إلى فريقين يقومان باختيار القائد، والتمرين عبارة عن شخص يسير في المقدمة ويقوم الآخرون باتباعه وملاحظته وفعل ما يقوم به من حركات وتعبيرات وجه وتحركات مضحكة أو حزينة ثم يتم تغيير القائد كل فترة زمنية، ودور القائد الذي يسير في مقدمة الفريق هو تخيل شيء معين على خشبة المسرح ويقوم الفريق بتقليد ما يفعله مع ملاحظة أخطاء الفريق الأول وعدم تكرار هذة الأخطاء.
أما الجزء الثاني من الورشة فقامت سوزيك بعمل تمرين يستخدم تيمة المهرج الأبيض والمهرج الأحمر فالمهرج الأبيض يتمثل في القائد أو السلطة أما المهرج الأحمر فيمثل المرؤوسين الذين يتبعون القائد مع مراعاة التفريق بين المهرج الأبيض وهو القائد الذي سيأخذ مسافة عن المهرج الأحمر وذلك حتى يستطيع المتدربون التفرقة بينهما، وقامت كل مجموعة باختيار وظيفة تقوم بها مع اتباعها للقائد الذي قامت باختياره مع استخدام الأصوات ولكن بدون حديث على أن يكون توقيت المشهد من دقيقة إلى دقيقتين والتركيز على موقف محددة.
ثم قامت سوازيك بإعطاء انطباعتها وتوجيهاتها على هذا التمرين فمن خلال المهرج الأبيض والمهرج الأحمر والعلاقة بينهما تخرج الكثير من أشكال الكوميديا من خلال سلطة القائد على المرؤوسين وذلك بشكل عميق وبسيط.
وفي نهاية اليوم الأول من الورشة طلبت المدربة سوازيك من المتدربين إحضار بعض الأشياء التي سيتخدمونها في اليوم الثاني وفي التدريبات ومنها صندوق صغير أو دمية، أو مضرب تنس حتى يقوموا ياستخدامها في التدريبات.
أما في اليوم الثاني من ورشة فن المهرج «الكلاون»
قامت سوازيك بإعطاء المتدربين تمرين «الداخل والخارج للمهرج» وهو تمرين يتمثل في صعود المتدرب على خشبة المسرح وقيامه بعمل حركات كوميدية مضحكة ثم يقوم بالوقوف على شكل ثابت مضحك على أن يقوم متدرب آخر بتقليده ويقوم المتدرب الأول بالخروج من خشبة المسرح ثم يبدأ المتدرب الثاني بعمل حركات مضحكة ويقوم متدرب ثالث بتقليده حتى يخرج من خشبة المسرح على أن يتم تطوير التمرين ليشمل متدربين.
وأوضحت سوزيك أهمية المحافظة على التركيز ومطابقة أداء الحركة للمتدرب السابق ثم تابعت بناء التمرين بمتدرب ثم متدربين كوحدة واحدة ثم ثلاثة مع التأكيد على النظر طوال الوقت للجمهور لصنع التواصل معه.
التمرين الجديد يحمل اسم “النظرة الثانية” وهي النظرة التي تؤدي إلى اكتشاف جديد للشيء بعد النظر إليه خلسة في أول مرة، وهو فعل يتكرر كثيرا في حياتنا اليومية كالنظر إلى أحد أشيائنا الخاصة دون اهتمام ثم النظر ثانية مع اكتشاف أن شيئا كبيرا قد حدث به ويحدث هذا تفاعلا مفاجئا في المشاعر وحركة الجسد، مما يحدث كوميديا على خشبة المسرح، ثم قامت سوازيك بعمل تمرين يجمع جميع التمارين التي أقيمت على مدار اليومين على أن يقوم المتدربين بخلق مشاهد خلال دقيقتين أو عشر دقائق على الأكثر من خلال مزج تمارين الورشة واستخدام لأدوات قام المتدربون بإحضارها كالطبلة وبعض القبعات والحقائب الشخصية مع إيضاح أين يحدث المشهد وتوضيح شخصيات المشهد وماذا تفعل مع الإشارة إلى استخدام تيمة المهرج الأبيض والمهرج الأحمر.
وفي تصريحات خاصة لمسرحنا قالت سوازيك إبياير: فن المهرج فرع آخر من فروع التمثيل هام بشكل كبير لكل فناني المسرح لأن هذا الفن يساهم في إكساب مهارات هامة ومنها الحصول على تركيز الجمهور وتفاعلة من خلال التواصل البصري والدراما التي تخرج من المواقف الكوميدية على سبيل المثال إذا أردنا أن نقص حكاية أو قصة لآخرين وقلنا أن كل شيء على ما يرام لن يكون الأمر مشوقا أما إذا كانت هناك مفاجآت غير طيبة وسيئة سيتولد مواقف كوميدية، وهي تعرف بالكوميديا السوداء، فمثلا في السيرك هناك بعض الأكروبات والأسود وهو ما يشعر الجمهور بالتوتر وفقرة المهرج تشعرهم بالسعادة واستعادة التوزان النفسي والراحة فقد يكون الموقف في وقته مؤثر ولكن عندما نقص هذا الموقف سيكون موقفا مضحكا.
وعن طاقات المتدربين قالت أرى الكثير من الحماس في المتدربين فلديهم طاقة كبيرة وإيجابية، وعن فن المهرج قالت: هناك فارق بين فن المهرج والتمثيل ففي فن المهرج لا يكون هناك حائط رابع فتخرج كل مشاعر المهرج ويعبر عن إحاسيسه بالتفاعل مع الجمهور.
بينما قال المتدرب شاهر محمد محمد 18 عام: الملتقى أفادني كثيرا جدا ومن أهم هذه الاستفادات هذه الورش التي تعملت منها الكثير خاصة الكلاون “المهرج” للمخرجة سوازيك لما لديها من خبرة كبيرة جدا في مجال وتقنية المهرج، الورشة أفادتني في مجال خلق الشخصيات والتعرف على لغة الجسد من جديد وقدرته على التعبير بحرية في كل أنماط المسرح وخصوصا الجانب الكوميدي.
بينما قالت المتدربة زينة إن الورشة كانت مفيدة، واكتسبت خبرة جديدة في فهم الكوميديا وهي أنها تنتج عن الوعي بالشخصية التي نقدمها للمتفرج، ومدى صعوبة صنع الكوميديا للوصول إلى إسعاد المتفرجين وأنها تحتاج للتركيز الشديد.
وأضافت زينة أن نتاج الورشة والخبرة التي تتمتع بها المدربة جعلتنا نتعرف على كوامن جديدة داخل شخصياتنا نستطيع من خلالها أداء أنماط مختلفة داخل الورشة لتجسيد مواقف هدفها في المقام الأول إسعاد الجمهور.