العدد 575 صدر بتاريخ 3سبتمبر2018
اثناء تجوالي داخل حديقة دار الأوبرا إذا بي أشاهد قطار من عربتان أستوقفني هذا المشهد الغريب فلم أتخيل يوماً أن شاهدت قطار داخل دار الأوبرا،وتسألت في نفسي ربما للترويح علي مرتادي المكان أو بحكم أقامتى خارج مصر قد استجد في الحديقة شيء ما،وفجأة وجدت أضاءت من جوانب متعددة وبدأت الاستعدادات من حولي وصعد الركاب للعربة ولابد أن أصعد قبل الأنطلاق فصعدت وجلست علي مقعد خشبي، ودق جرس المغادرة ومع نفير القطار المتعالي بدأت الأحداث ..........لأكون مسافر ليل
أدركت أنني أمام عرض مسرحي متميز أراد المخرج أن يجعل المشاهد جزء من زالحدث المسرحي ويأخذه في رحلة قصيرة إلي الأحداث مباشرة ويجعله جزاءً من الحدث المسرحي في هذا المكان الضيق الذي استطاع أن يتعامل معه الممثلون ببراعة وجعلوا منه قاعة مسرحية كبيرة لتدرك أنك أمام ممثل متميز بل وشديد الاحتراف في الأداء، ومخرج شاب تعرض لنص مسرحي لشاعر كبير مثل صلاح عبد الصبور ليبدأ في استعراض الإشكاليات والقضايا المعاصرة والتحولات الجوهرية التي تعكس واقع الإنسان، وعلاقته بالسلطة واغترابه عن واقعه وسلب هويته من خلال بطاقته لتزداد الهوة بينه وبين السلطة الدكتاتورية التي تمثلت في صورة (مسؤول التذاكر) ومحاولة قتل الراكب حتي يسلب حريتنا وهويتنا مع الأحدث ويجعلنا في تساؤل مستمر, أنها رسائل تحذير للمقهورين من الشعوب بل وقدر كُبلت به ليمارس عليها القهر والاستبداد لُتبعد هؤلاء عن المجتمع الديمقراطي وتظل ترزح تحت بهم تحت وطأة الدكتاتورية حتي لا ترسخ لثقافة الحرية ونقد الغير، واستطاع المخرج تجسيد الصراع الايديولوجي بجوانبه المتعددة وتأثير ذلك علي فكر المشاهد،وقضاياه الإنسانية المتشابكة مع كل ما يحيط به من واقع فتجد نفسك أمام معطيات فلسفية ونفسية متعددة، طرحها الكاتب وبرؤية مخرج شاب متميز، تصدى لها ليطرحها علي الخشبة بصورة لاقت القبول من المشاهد بل وتفاعل معها بكل تفاصيلها.
لقد استطاع المخرج أن يفجر طاقات الممثلين علي الخشبة فيتفاعل الجمهور رغم أدانته لنفسه، وهنا يثبت المخرج أن الممثل هو سيد الخشبة حيث الأداء المتقن والتحولات المختلفة المتباينة. أنه واقع إنساني لامس دواخل النفس البشرية ليرصد انعكاساتها وتشابكها وخلافاتها.
لقد غامر مخرج العرض بكل ما امتلكه من أدوات سواء داخل عربة القطار أو خارجها لتكون مشاركة في الحدث بما في الجمهور واستطاع توظيف أدواته من ديكور وإكسسوار وموسيقي وسينوغرافيا لخدمة العرض فتشاهد عرضاً مسرحياً مختلف وبصورة جديدة.