بفويتسك الإسبانى وأوديب الألمانى ذاكرة المعاصر والتجريبى تنهى فعالياتهابدورة اليوبيل الفضى

بفويتسك الإسبانى وأوديب الألمانى ذاكرة المعاصر والتجريبى تنهى فعالياتهابدورة اليوبيل الفضى

العدد 574 صدر بتاريخ 27أغسطس2018


«فويتسك» وملامح الإبداع الإسباني في عصر النهضة
اختتم الأسبوع الماضى برنامج ذاكرة مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى دورة ” اليوبيل الفضى”، برئاسة د. سامح مهران والمنسق العام المخرج عصام السيد، حيث عقدت الربعاء قبل الماضى والأحد الماضى ندوتين حول عرضى فويتسك  للمسرح الإسبانى و ندوة لعرض « أوديب ملكا» للمسرح الألمانى» وقد عقدت الندوتين بسينما الهناجر
وقد شارك بندوة المسرح الاسبانى و العرض الأسبانى “فويتسك  رؤيه حضارية ” الدكتور محمد أمين عبد الصمد المشرف على ملف ذاكرة المهرجان ومدير الندوة، ود. نسرين احمد عبد الحميد  مدرس اللغة الإسبانية جامعة الأزهر.
وأشار دكتور محمد أمين عبد الصمد إلى أن هذه هى الندوة الرابعة ضمن سلسلة  فعاليات ذاكرة المهرجان المعاصر والتجريبى دورة اليوبيل الفضى، مؤكدا أن البرنامج من أجل أجيال المسرح التى لم تعاصر المراحل الماضية للمهرجان، مشيرا إلى مراعاة التنوع الثقافى بالعروض المختارة .
وأكد عبد الصمد عبد الصمد أن العرض المسرحى الاسبانى «فويتسك برؤية حضارية» يعبر عن الثقافة الإسبانية التى تحتفى بالمهرجانية مشيرا إلى أن الثقافتين الإسبانية والايطالية تتوفر بهما التأثيرات الحضارية، حيث أن الثقافة الإيطالية نشأت على اعتبار كل مدينة ايطالية دولة بذاتها، تعتمد على التجارة التى تنطلق لكل العالم والعكس، كما تتميز الثقافة الإسبانية بالتعدد، واسبانيا والبرتغال وهولندا من أوائل الدول التى خرجت تبحث عن عمل جديد
وواستطر عبد الصمد  في حديثه حول الكاتب الاسبانى لوبى دي فيجا الذى يعد أشهر كتاب المسرح في العصر الذهبي بالقرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادى، يليه لابركا، كما كإن شكسبير في تلك الحقبة ولا زال، واتسمت الكتابات الإسبانية بشكل من أشكال واقعية السيطرة، واستعرض بعض العلاقات بين المسرحين المصرى و الإسبانى موضحا بعض  الروايات  التى اعتمد عليها الإسبان والتى تميزت من حيث البراعة والجمال والاتقان .      
وتحدثت الدكتورة « نسرين أحمد» حول العصر الذهبى في اسبانيا والذى كان بالقرن السادس عشر موضحة أن روح عصر النهضة الإيطالية له اثر وشيوع في الأدب الإسباني في القرن السادس عشر.
واشارت د. نسرين أحمد إلى أن التعبير الأدبي خلال تلك الفترة كان في صراع دائم مع محاكم التفتيش وهي محاكم أقامتها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، لمعاقبة من يخالف تعاليمها، في حين تأثر الإسبان  بهذه المحاكم وبدأت تؤثر على الثقافة  و الفنون  بهذه الفترة  
وتابعت اهتم الكتاب في تلك الفترة بالأعمال الدنيوية إضافة للموضوعات الدينية، والتى تبدى فيها الايمان بأن الحياة يتبعها حياة أخرى   
وتأثرا بعصر النهضة الفلسفية والفكرية والثقافية  الذى عكس  اهتماما بالانسان بوصفه «محور الكون»، وبدا تاثرا بأفلاطونية حديثة تتبنى البحث فى كل ماهو جميل بالنسبة للإنسان أو الطبيعة، فاصبح الانسان يبحث عن الجمال حتى لو يكن الواقع بجماله، وازدهر النقد الفكرى وفى مرحلة البحث عن الجمال تسمو روح الإنسان.  
وأشارت د. نسرين إلى رواية « دون كيوختى» دون كيخوتي دي لا مانشا (بالإسبانية: Don Quijote de la Mancha) وهى رواية للأديب الإسباني ميغيل دي ثيربانتس سابيدرا، نشرها على جزئين بين أعوام 1605 و1615، والتى تحولت لمسرحية وكانت شخصيتها المحورية قد تأثرت بقراءة أعمال الفروسية والتى كانت مزدهرة جدا إبان العصر الوسيط بانتهاء القرن الخامس عشر، وكانت تسخر من الكتابات الخاصة بصنع الفارس ومغامراته، فكاتب الرواية استلهم نوعا آخر من الأبطال  بعيدا عن الكتابات المنتشرة وقتها، فقد صنع فيها بطلا مولعا بقراءة كتب الفروسية والشهامة بشكل كبير، وكان بدوره يصدق كل كلمة من هذه الكتب على الرغم من أحداثها غير الواقعية على الإطلاق، مما جعله ينفصل عن الواقع  وسافر عقله من قلة النوم والطعام وكثرة القراءة، ليقرر أن يترك منزله وعاداته وتقاليده ويشد الرحال كفارس شهم يبحث عن مغامرة تنتظره، بسبب تأثره بقراءة كتب الفرسان الجوالين، وأخذ يتجول عبر البلاد حاملا  درعا قديمة ومرتديا خوذة بالية مع حصانه الضعيف   لنصرة المظلوم  ويقف مع الضعيف، مما أوصل البطل لحالة من الجنون والانفصال عن الواقع  رغم نبل الهدف فى النهاية .
وأوضحت د. نسرين أن بعض النقاد قالوا أن رواية ثيربانتس تنتقد الملامح المجتمعية المختلفة سلبية كانت او إيجابية، واستعرضت الرواية بالمجتمع الاسبانى نماذجا للتهميش والظلم وعدم العدالة الاجتماعية، ولكن تم صنع ذلك بطريقة مبتكرة .
و أكدت د. نسرين أن  لوبي دي فيجا قام بدور كبير في تطوير المسرح الإسباني، ليجعله يختلف عن المسرح الإسباني الكلاسيكى، والذى كانت مسرحياته تكتب من خمسة فصول   ليصنع فيجا نصوصا من ثلاثة فصول، الفصل الأول لطرح المشكلة، والثانى لتغير وتطور الحدث، منهيا مسرحياته بالفصل الثالث يتخللها فقرات ترفيهية غنائية، وكان أول تجديد  قام به  فيجا، إضافة لكسر قاعدة وحدة المكان والزمان والحدث، وهو ما يختلف عن الكتابة المسرحية بالمسرح الإسباني الكلاسيكي، وكذلك تغيير الديكور والأحداث الثانوية فى اطار المحور الرئيسى.
وأشارت د. نسرين إلى اعتماد المسرح فى القرن السادس العشر على الأبيات الشعرية وتم تفصيل أبيات الأشعار على فئات العرض، لإلقاء الضوء على كل فئة، وكان فنانو القرن السابع عشر قد اتجهوا إلى الإغراق في الزخارف وصقل الصنعة، وصاغ الكتاب استعارات معقدة، سميت أفكارا لإبداع رؤى مركبة وأصيلة للحكاية، ونتج عن ذلك أسلوب أطلق عليه «الباروك»، والذى كان معقدا قياسا بابداعات القرن السادس عشر والتى اعتمدت على السهولة.  
وكان «الباروك» قد اعتمد على مدرستي المفهوم و الفكرة عن طريق الشكل الذى يقدم من خلاله العمل، وكان الإسبان يهتمون باللغة  وكان محل اهتمام الشعراء والكتاب والروائين فى  المسرح
ثم اختتمت د، نسرين حديثها بانها تحدثت بشكل بانورامة عن تلك الفترة من حيث الأادب المسرحى الإسباني، مشيرة إلى أن مسرحية «فويتسك» عمل متميز و به أفكار كثيرة تعكس الثقافة الإسبانية فى فترة النهضة، ولم تطل في الحديث حول العرض تاركة تقييم العرض للجمهور.

العرض الألمانى «أوديب ملكا» وتأملات النقاد
د. شيحة : العرض قدم باستاد وشاهده 25 ألف متفرج .. خريجوا المعاهد المسرحية لا ينتظرون التعيين وانما يصنعون مسرحهم
د. محمد أمين عبد الصمد :  لا يوجد موسم مسرحى دون «أوديب»
وفى السياق ذاته عقدت بسينما الهناجر ندوة عن المسرح الألماني و العرض المسرحى « أوديب ملكا» ضمن برنامج ذاكرة مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى دورة ” اليوبيل الفضى”، برئاسة د. سامح مهران والمنسق العام المخرج عصام السيد، وذلك بحضور الدكتور محمد أمين عبد الصمد المشرف على ملف ذاكرة المهرجان ومدير الندوة وأ.د. محمد شيحه أستاذ النقد والدراما بالمعهد العالى للفنون المسرحية - أكاديمية الفنون .
واستهل  د. محمد أمين عبد الصمد حديثه بتهنأة الحضور بمناسبة عيد الأضحى المبارك مشيرا إلى أن موعد الحضور اليوم مع مسرحية «أوديب» موضحا أنه لا يوجد أحد لم يصادف  «أوديب» سواء فى العلوم الإنسانية والدراما والمسرح وعلم النفس، حتى فى الدراسات اللغوية يصادف «أوديب»، إضافة للنصوص المسرحية الكثيرة التى تناولت شخصية أوديب حتى أن أرسطو جعله نموذجا يقاس عليه، وكل كتاب اليونان قدموا أسطورة «أوديب»، مشيرا إلى أن المسرح الرومانى عالج «أوديب» و المسرح الفرنسى، وفى مسرحنا العربى قدم توفيق الحكيم شخصية «أوديب» وغيره من الكتاب والذين قدموه عبر رؤية الثقافة الغربية فى إطار صراع الآلهة تارة وتارة أخرى بحث الكتاب عن جذور مصرية في اسطورته، إضافة لظهور كتابات تقارن بين أوديب واخناتون، مشيرا إلى أن «أوديب» له ترجمات عربية كثيرة من أشهرها كتاب لطه حسين وترجمة أخرى تحت عنوان  «أوديب طاغية»  لأنه يتولى الحكم بالمغالبة، و ترجمة لمحمد صقر خفاجه ثم تتالت الترجمات ولم يخلو موسم مسرحى حتى فى مسرحنا المصرى إلا ويوجد عرض لأوديب بشكل أو بآخر .
وأكد الدكتور محمد شيحه فى تعقيبه تمنيه مصاحبة مادة علمية ضمن ذاكرة التجريبى مشيرا إلى أن الأرشفة ضعيفة ودون مادة علمية، وتمنى أن يكون فى الاحتفال باليوبيل الذهبى  وجود مادة علمية وأرشفة قوية.  
 وأشار د. شيحة إلى أن أسطورة أوديب التي صيغت منها هذه المسرحية من أشهر الأساطير اليونانية، وقد عالج سوفوكليس هذه الأسطورة في مسرحيتين هما «أوديب ملكًا» و «أوديب في كولونا»، وعالج يوربيديس هذه الأسطورة في مسرحية «الفينيقيات». وهناك اختلاف كبير بين تناول يوربيديس لهذه الأسطورة في مسرحية «الفينيقيات» عن تناول سوفوكليس لها في المسرحيتين السابقتين، وقد عدل يوربيديس في الأسطورة تعديلات كثيرة في مسرحيته، وجعل أوديب وجوكاستا يعيشان بعد اكتشافهما قتل أوديب لأبيه وزواجه منها وهى أمه، وشهدا قتال ولديهما بولونيكيس وأتيوكليس من أجل ملك طيبة وقتل أحدهما الآخر، وقتلت جوكاستا نفسها بعد موتهما، ثم استعد أوديب للرحيل عن طيبة مع ابنته أنتيجونا التي ستصحبه في الطريق.
أما بناء سوفوكليس لمسرحية أوديب ملكًا فهو مختلف – كما قلنا – عن بناء يوربيديس لمسرحية الفينيقيات، وأكثر تركيزًا منه، وأشد تصويرًا للمأساة .
واستعرض د. شيحة بعض النصوص اليونانية والألمانية التى تشمل العرض منها وبراعة الأبطال عند الانتقال من شخصية لشخصية، وتحدث عن التجريبى والعروض التى تضع التساؤلات للمتلقى واهم النصوص الصغيرة التى  لا تأخذ خمس دقائق  رغم صغر عرضها  ولكن تنتهى بفكرة واحدة  للمتلقى  وضرب بعض الأمثلة  
 وأشار د. شيحة إلى أن عرض «أوديب» قدم باستاد فى المانيا وكان  جمهوره 25 ألف  متفرج، وعلى الرغم من تقديمه فى الصباح ولكن البراعة فى العرض أن 4 أو 5 شخصيات    أبطال العرض والتلاحم بينهم والانتقال من شخصية لشخصية للبطل فى آن واحد  تدل على تلك البراعة  .   
وتابع أن خريجي المعاهد المسرحية أو الورش لا ينتظروا التعيين ولا من يدعمهم ولكن  يقومون بكل طاقتهم فى اختيار أرض حتى لو كانت  « خرابه «  يقومون على قدم وساق  بالتجميل والإضاءة والديكور والملابس حتى  يجعلوها مسرحا كما يقومون بقطع التذاكر للجمهور، موضحا أنه ابان قيادة  الدكتوره هدى وصفى لمسرح الهناجر افامة ورشة    للمخرجة الألمانية  ايوس شيبول ونتج عن تلك الورشة عرضا مسرحيا  باسم «الساعة التى لم نتلتق فيها» للكاتب بيتر هاندكا 1990، وكان للعرض منظور جديد  ومزج  من الشعبيات  المصرية  والنص الألمانى    .
 

 


أحمد زيدان