في احتفالية لجنة المسرح بيوم المرأة شهادات المبدعات خارج «الدائرة المستديرة»

في احتفالية لجنة المسرح بيوم المرأة شهادات المبدعات خارج «الدائرة المستديرة»

العدد 556 صدر بتاريخ 23أبريل2018

أقيمت مساء الأحد 18 مارس الماضي بقاعة الفنون بالمجلس الأعلى للثقافة، احتفالية لجنة المسرح بيوم المرأة، تحت إشراف د. حاتم ربيع الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة. وحضور كثيف من المبدعات والمبدعين، في مجالات الأدب والمسرح المتنوعة. نظمت الفعالية على ثلاثة محاور، أقيمت بالجزء الأول المائدة المستديرة حيث طرح الرؤى والنقاش تحت عنوان الإبداع النسوي «جدل وحراك مستمر»، واختتمت الجلسة بالتكريم وإهداء درع الاحتفال باسم سيدة النقد الراحلة د. نهاد صليحة، وتسلمت الدرع شقيقتها د. سناء صليحة، تلا ذلك شهادات المبدعات تحت عنوان «خبرات وتجارب نسوية». وفي القسم الثالث والأخير انتقل الحضور إلى القاعة العامة لمشاهدة عرض الحكي “تاء مش مربوطة” كتابة وتقديم وغناء فرقة «أنا الحكاية».
بدأت الفعالية بترحيب الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف رئيس الإدارة المركزية، للشُّعب واللجان الثقافية بالمجلس، بالحضور، مستعرضا برنامج الاحتفالية. د: محمود نسيم أدار الجلسة الأولى، وفيها قارنت د. هدى وصفي مقرر لجنة المسرح، صورة المرأة المصرية بمثيلتها في الغرب، مشيرة إلى أن صورة المرأة المصرية في مجال المسرح ما زالت تحتاج إلى الكثير من الدراسة، على مستوى طرح قضاياها وكيفية عرضها، ومدى الاتفاق أو الاختلاف حول مناداة البعض بضرورة تخطي الصورة القديمة للمرأة واستبدال هذه الصورة بصور أخرى تطرح معالجة نسوية لقضايا المرأة بعيدا عن المعالجات الذكورية السابقة. أضافت: وما زال هذا الأمر موضع شد وجذب ليس فقط في وطننا العربي ولكن في العالم أجمع شرقا وغربا، وبنسب متفاوتة، وما زال مسمى المسرح النسائي يثير الكثير من التساؤلات التي لا تكاد تهدأ حتى تثار مرة أخرى، خاصة في الآونة الأخيرة، بعد أن احتلت موضوعات المرأة وموقعها على خريطة المجتمعات العربية، حيزا كبيرا من النقاش. أضافت: إذا عدنا إلى الوراء فإن الدعوة إلى الإصلاح لم تكن مقتصرة على الرجال فقط، فقد كانت النساء مشاركات ورائدات، يفهمن الحياة بعمق. تابعت: إذا كنا دائما نذكر «نورا» في “بيت الدمية” لإبسن، فإن في وطننا العربي علينا أن نذكر رفاعة الطهطاوي الذي اهتم بتعليم المرأة قبل قاسم أمين الذي وجد الباب مواربا وليس مغلقا تماما قبل أن يصرخ مطالبا بتحرير المرأة في كتابه «المرأة الجديدة». وتوقفت د: هدى وصفي أمام الإبداع المسرحي للمرأة في الربع الأخير من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، في محاولة لتحديد بداية انتشار مصطلح المسرح النسائي الذي غير الكثير من المسلمات التي كانت مستقرة تجاه قضايا المرأة، التي قيل لها في الشرق «كفنوكي باسم الحشمة» وقيل لها في الغرب «عروكي باسم الموضة».
تابعت: إذا دققنا النظر في أعمال بعض الكاتبات التي ارتبطت أسماؤهن بالمسرح النسوي في الماضي مثل فتحية العسال، نهاد جاد، أو بعض الأسماء الحالية مثل عبير علي، رشا عبد المنعم، نورا أمين، عفت يحيى، سنجد أن أعمالهن تعتمد على التعدد والتقاطع، ولا تسلك المسار الأحادي الذي نجده في كتابة الرجل، هذا الأسلوب الذي يساعد المرأة على كسر القواعد الكلاسيكية ويجعلها تقدم نصوصا معتمدة على الجسد بوصفه حاملا لرؤيتها البصرية والإخراجية ضمن ما يسمى مسرح الحواس، وفي هذا السياق قدمت المرأة نماذج جديدة للمرأة المتحدية للتابوهات والباحثة عن الذات في أجواء من العلاقات التي تتم إعادتها على خشبة المسرح المصري. أشارت وصفي إلى أنها لا تريد التطرق إلى بعض الأعمال النسائية الجريئة التي اقتحمت عوالم لم تكن تطرح من قبل واستطاعت المرأة الكاتبة والمخرجة أن تخلق منها عالما جديدا يساعدها على كسر قيود المجتمع الذي ظل طويلا يرزح تحت جبال من التقاليد الخانقة، التي يفسرها نصر أبو زيد في قوله “كان خطاب النهضة متناقضا، إذ كان مشدودا إلى بعدين، البعد الأول هو وطأة التطور متمثلا في الاحتكاك المباشر بالمجتمعات الأوروبية سواء عن طريق التعرف على منجزاتها من بيئتها الأصلية والتعرف إلى سلوك أهلها وعاداتهم في بلادهم أو الاحتكاك بهم داخل أقطار الوطن العربي، أما البعد الثاني فهو التقاليد والتراث”. تابعت: وهنا لا بد للإشارة إلى أن الثقافة العربية لم تعرف فكرة التمييز بين الديني والمدني، هذا الأمر الذي أوقع دعاة النهضة النسوية في الكثير من التشتت الفكري، فالعلوم والفلسفة والفنون في مجتمعنا نشأت في حضن ثقافة تم عمل تكييف لها وتعايش وتبادل مستمر للتأثير والتأثر بين المعارف المختلفة والأجناس الأدبية دون أن نشهد تمييزا بين الديني واللاهوتي والمدني والإنساني على غرار ما تم في الغرب، كما أن الازدواجية الفكرية والثقافية بقيت مفتقرة إلى الأصالة وظل منتقدوها يصمون أصحابها بتبني الفكر الاستغرابي، أضافت: ليتنا اتخذنا موقفا مماثلا من الحضارة الغربية للموقف الذي اتخذته اليابان التي استوردت الأفكار، أما نحن فقد استوردنا الأشياء.
* «حضور النقد المسرحي ضعيف داخل الجلسة»
وقال د. حسن عطية: الفعالية جيدة، حيث تحاول لجنة المسرح أن تخرج من إطار النقاش الدائر داخل اللجنة وأفرادها بعضهم البعض، إلى تحقيق فعالية متميزة متخمة بالشخصيات التي وجدت خلال جلستيها، وكان المقترح أن تقدم على ثلاثة أيام، وليست على يوم واحد، وهي ميزة جيدة أن نلتقي بهذا الكم الكبير من المبدعات اللائي أثرين اللقاء بهذا القدر الكبير من الثراء المعرفي. أضاف: ولكن من الصعب أن تنقل ناقدة أو فنانة كبيرة تجربتها في وقت ضيق لا يتخطى عشر دقائق، مستدركا: لكن الأفكار التي طرحت في الجلسة الأولى مثيرة للجدل والنقاش، اختلفنا أو اتفقنا مع مصطلح المسرح النسوي.
تابع: انقسم اللقاء إلى قسمين، وكان النصيب الأكبر للأديبات والناقدات للرواية النسوية والرؤى حولها، وكان حضور النقد المسرحي ضعيفا داخل الجلسة تمثل فقط في الناقدة والكاتبة سناء صليحة، مؤكدا على أن الرواية تختلف كلية عن المسرح، خاصة في إطار صناعة العمل، فالرواية لا تحتاج من مبدعتها إلا أن تجلس بمفردها على المنضدة وتكتب رواياتها وتلقي بها في دار النشر، بينما المسرح يتطلب من المبدعة كاتبة النص المسرحي أن تخرج بعيدا عن غرفة الكتابة وتلتقي بالمخرج وبالممثلين بالعرض المسرحي، وكذلك بالمنتج وتسهم في عملية إخراج النص المسرحي للجمهور، وهي عملية مجهدة, أكبر بكثير من الإبداع على المنضدة. وقال عطية: أتابع الحركة النسائية بالمسرح تأليفا وإخراجا وأحيي هؤلاء اللاتي يقدمن تجاربهن في الآونة الأخيرة، حيث يقابلهن صعوبات أكثر من ذي قبل في زمن فتحية العسال ولطيفة الزيات، حيث يتعامل المجتمع مع المرأة بصورة أكثر حدة وتتعرض المرأة لمحاولات حجزها داخل البيوت، لدرجة تصل إلى أن طالبات أقسام المسرح وبالمعهد العالي للفنون المسرحية لا يستطعن الذهاب للمسرح إلا بصحبة ذويهم، بينما في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كانت الفتاة تذهب بمفردها أو مع صديقاتها للمسرح، ومن هنا يتضح أن تنمية وعي الكاتبة المسرحية يحتاج إلى خبرات طويلة أكثر من هذه الروائية الجالسة في بيتها بغرفتها تقرأ الروايات وتكتبها.
تابع: الكتابة النسوية في الأدب والمسرح أراها متقدمة بها قدر كبير من الوعي بالمجتمع، وخصوصا في مجال المسرح، وأنا ضد الفرح لأن هناك عملا مسرحيا أخرجته فتاة ولكن فرحتنا يجب أن تكون لكونها مبدعة وليست لكونها فتاة، ولا بد أن نقف جميعا معا إلى جانب المرأة المبدعة وليست المرأة لنوعها فقط. تابع د. حسن عطية: لم تساهم الكتابات النسائية في علو شأن المرأة أو نهضة المرأة المصرية بالقدر الكافي، حيث إن قارئات نص روائي لامرأة عددهن قليل جدا لا يزيد عن خمسمائة أو ألف على الأكثر، بينما في المسرح نجد الكثير من الفتيات اللاتي يذهبن للمسرح لكنهن ما زلن في احتياج للنضال أكثر في تقديم أنفسهن كمبدعات في المجتمع، ومشكلاتهن هي نفسها مشكلات المجتمع.
وقالت د. عايدة علام: فعالية اليوم بمثابة البروفة لما أتمنى أن يحدث في القادم، كما آمل أن نرحل بعيدا عن العاصمة ونبتعد عن المركزية ونتجه إلى المبدعات في الأقاليم اللاتي لم تسلط عليهن الأضواء، ونحاول أن نعرف الآخرين بهن ونقيم الفعالية بأقاليم مصر أو يتم التعاون من لجنة المسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة لإقامة مؤتمر كبير في أكثر من يوم يتسع للجميع.
وقالت المخرجة عبير علي بدأت فكرة الاحتفالية ونحن نتناقش في اجتماع لجنة المسرح، حيث تساءلنا: ما الذي ستقدمه اللجنة للاهتمام بالمرأة؟ وهل ستنحصر مهام لجنة المسرح بالمجلس على تقديم الرؤى والاستراتيجيات كبيت خبرة للشؤون الخاصة بالمسرح المصري؟ أم أنه مناط به أيضا إقامة فعاليات وأنشطة ثقافية؟ وقد اتفقت أنا والكاتبة رشا عبد المنعم على أن ننظم احتفالية لجنة المسرح بيوم المرأة، فنحينا التفكير في التكريم جانبا واتجهنا إلى قضية هوية المسرح النسوي والمسرح النسائي وأزمة المصطلح والجدال القائم بين المعتقدين بالأدب النسوي وبين معارضيه، وتوصلنا إلى أن نقيم الفعالية لمناقشة هذه القضية، خصوصا أن هناك جيلا لم يطرح عليه هذا المبحث ونحن نعي أن الموضوع لن يتم مناقشته كاملا من خلال دائرة مستديرة واحدة، لكننا تمنينا أن يكون هذا اللقاء شرارة تدفع بالجيل الجديد إلى أن يواصل البحث في الرؤى والقضايا الخاصة بإبداع المرأة.
تابعت المخرجة عبير علي: كنا حريصين أن يكون هناك تنوع في الحضور من المبدعات تبعا لنوع لإبداع وللتنوع العمري وتنوع الحاضرات من الاتجاه الحكومي والمستقل ومزيج من الجيل المعاصر ومن سبقهن بالخبرة والإبداع، وكل منهن تتحدث عن تجربتها وعن نوع الإبداع، كما راعينا تنوع الحاضرات فبينهن الهاويات والمحترفات، وكانت الموافقة من أعضاء لجنة المسرح وتم الأمر بتواصل ووعي.
وأشادت هالة فهمي الصحفية والكاتبة المسرحية بالفعالية، وقالت: نحن في احتياج كبير إلى أن نسلط الضوء على كتابات المرأة المسرحية بشكل خاص، حيث إن لدينا كاتبات مسرح كثيرات لا يعرفهن سوى القليل حتى لحظتنا هذه، وكثيرون بالوسط الثقافي ذاته، من الحركة الأدبية الفنية والثقافية بمصر، ليسوا على دراية أو معرفة بكم النصوص المسرحية التي كتبت من قبل مبدعات، التي تناقش قضايا هي من أخطر وأهم قضايا المرحلة الحالية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بكل وسائل التعبير من الآداب.
تابعت: لجنة المسرح فتحت الباب لأن يكون هناك أكثر من فعالية، وعلى الكاتبات أن يسارعن بتقديم أبحاثهن وشهادتهن ورؤيتهن حول كتابات المرأة المصرية في مجالي التأليف والإبداع النقدي، وأتمنى أن يتجه المجلس إلى توسيع دائرة فعالياته ويخرج من العاصمة إلى أماكن جماهيرية أخرى تضم الكثير من المبدعات بأقاليم مصر، وأن نخرج من القاعات وننطلق إلى الجامعات المصرية وإلى قصور وبيوت الثقافة بالأقاليم المتعددة بمصر.
أضافت: وكنت أتمنى المشاركة الإعلامية القوية لنقل هذه الفعاليات لعدد كبير من الجمهور، وأن يتم توثيقها إعلاميا للقارئ والمشاهد المصري. أضافت نحن إزاء كارثة حقيقية أنه عند الحديث في أية وسيلة عن الكاتبات والمبدعات يتوقف الحديث عند جيل بذاته ولا يتخطاه رغم أن ساحة الإبداع المعاصرة للمرأة المصرية ممتلئة وزاخرة بأسماء كثيرة، وأشد ما يحزنني اتجاه الإعلام إلى تسليط الأضواء على أسماء بعينها لا يبرحها، مما يضعنا في دائرة ضيقة من المبدعين.
فرقة «أنا الحكاية» التي تأسست عام 2009 قدمت في نهاية الاحتفال بالقاعة العامة عرض «تاء مش مربوطة» الذي تضمن تسع حكايات نتاج ورشة كتابة نسوية وفق إطار مسرح تفاعلي يصحبها موسيقى حية. قصص العرض تساءلت عن موقف التاء المربوطة إزاء من قام بجعلها كذلك أو تركها حرة غير مربوطة. ومن قصص العرض قصتا “2050” و”قلة وافتخر” كتبتهما وقامت بحكايتهما آية ليلى سامي، قصتا “فطومة” و”شعرايتي” كتبتهما وقامت بحكيهما سهام بنت سنية وعبد السلام، وقصتا “مينيت” و”هي” كتبتها وقامت بحكايتها أماني أبو زيد، وقصة «العروسة» كتبتها سهى رأفت، وقصة «اللي يخاف يطلع برة» كتبتها آية مصطفى، وقامت بحكاية القصتين إيمان شاهين. العرض ألحان وعزف عود حي إيمان صلاح الدين، إيقاع أحمد توني، كلمات الأغاني تأليف إيمان شاهين.
وتقول إيمان صلاح الدين، من عضوات مؤسسات الفريق، إن هدف مجموعة «أنا الحكاية» هو كسر الصور النمطية الرائجة للنساء التي تقدم في الإعلام والأدب والسينما والقصص الشعبية وحتى قصص الأطفال، وخلق صوت للمهمشات والمعنفات في قصص وحكايات نستطيع من خلالها رؤية عالمهن الإنساني الحقيقي. وتحقق المجموعة هذا الهدف من خلال ورش الكتابة التي تقدمها لفئات متنوعة من المجتمع نساء ورجالا، وقد استمرت عضوات «أنا الحكاية» في تقديم نتاج تلك الورش في عروض حكي فنية يستطيع الجمهور من خلالها التواصل مع الحكايات المقدمة. وقد قدمت العضوات خمسة عروض، هي: «في انتظار النور» و«ببساطة كده» و«روح وجسد» و«ت مش مربوطة» و”إزززز...”، وقدمت المجموعة عروضها في عدد من البيوت القديمة مثل بيت السحيمي ووكالة الغوري، بالإضافة لمكتبة الإسكندرية والقاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية والمجلس الأعلى للثقافة، ومسرح روابط والجزويت والهناجر ومكان والعرائس.
 

 


همت مصطفى