فن الصَّدَف.. الإبداع يكمن في التفاصيل

فن الصَّدَف.. الإبداع يكمن في التفاصيل

اخر تحديث في 12/19/2020 2:32:00 PM

نورا حمدي
من الممكن لنا القول إن عبارة "الشيطان يكمن في التفاصيل" تنطبق حرفيا على فنون التشكيل والتطعيم بالصدف التي تتطلب صبرا كبيرا والعمل بحب للوصول لقطعة جمالية غاية الروعة والبهاء. ورغم ما اعترى المقولة من تفسيرات بعيدة عن المغزى الذي قيلت من أجله والتي وفقا لعدد من المترجمين المعاصرين تعني العلة التي تكمن في التفاصيل أي المغزى والأهمية، لا كما فسرت بالمعنى الشائع للمطالبة بتجاهل التفاصيل كي لا يطل علينا الشيطان برأسه فتأتي المشاكل.
وقد عرفت مصر القديمة فن التصفيح، وهو تشكيل صفائح ورقية من المعادن وتغليفها بصفائح معدنية لتقويتها. ثم نشره الفينيقيون في بلاد الشام وفي فلسطين حيث يعود إلى الرهبان الفرنسيسكان الذين جاءوا من دمشق وقاموا بتدريب العمال المحليين على هذه الحرفة، كما قاموا بإحضار حرفيين من جنوة في إيطاليا لمساعدتهم في تدريب أبناء المدينة.
وظهر فن الصّدف في الكنائس والأديرة في العصر القبطي واستخدمت النقوش الإسلامية الزخرفية منذ القرون الأولى للعصر الإسلامي وانتشر في العصر الأيوبي والمملوكي، حيث ازدهر من خلال حشوات رفيعة ودقيقة من أنواع العاج والأبنوس وهي أجود أنواع الحشوات الخشبية التي تتميز بها الدول العربية مثل سوريا ومصر، وهذه الزخرفات تكون متداخلة وبأشكال هندسية مختلفة تحتاج إلى حرفيين متخصصين في هذا المجال.

التطعيم بالصدف

ويعد التطعيم بالصدف من أهم الحرف البيئية الدقيقة ومعظم المشغولات من علب المجوهرات وأطباق الزينة استخدمت على بعض قطع الأثاث التى أغلبها تكرارات هندسية دقيقة متعددة الأشكال ومعظمها تكوينات نجومية أو مضلعة من رقائق الأصداف، وسن الفيل العاج يعد الخامة ذات الأهمية الكبرى للصدف وقشرة وبعض الأخشاب كأشجار الفواكه مثل الجوز والكمثري والورد والماهوجنى، وكلما كانت ملونة ساعدت علي نجاح أشكالها، وتجزأ قشورها إلي قطع صغيرة حسب الرسم بواسطة معداتها الخاصة "وهناك ألوان متعددة للصدف منها الزهري والأبيض وقوس قزح والأخضر بألوانه المتعددة والأسود والأصفر ويختلف سعر القطع المصدفة حسب حجم وشكل القطعة" ثم تلصق بجانب بعضها البعض طبقا للتصميم المراد تنفيذه بالغراء وتجرى بعد ذلك عمليات الصقل والتشطيب.
وهناك عدة أنواع من التصديف تختلف من حيث أحجام الصدف وأشكاله وطريقة تزيينها، فهناك التصديف العربي والتصديف المشجر والتصديف الهندسي ويقع تفضيل أي من هذه الطرق على الفنان نفسه.

الطريقة العربية

تفرد فيه مساحة بعمق يساوي سمك الخشب المراد التطعيم به وهذه الطريقة تستعمل في الأشرطة التى تحيط بالحشوات وأحيانا ينزع الجزء الأوسط من الحشوة ويوضع بدلا منها نوع أخرمن الأخشاب ذات السمك ولقد استخدما هذه الطريقة في الأبواب والمنابر في العصر الطولوني.

الطريقة المصرية

وهو عبارة عن قطع صغيرة من أنواع مختلفة من الأخشاب ترص وراء بعضها ليغطى المسطح بأكمله، ويتم تنفيذه بتحديد المساحة المراد زخرفتها، وترص قطع صغيرة من الأنواع المختلفة من الخامات من الأخشاب أو العاج أو أي نوع من خامات التطعيم المختلفة ومقطعة بعدة زوايا مختلفة وتلصق بجوار بعضها لتغطى المساحة المطلوبة وفق النموذج المراد تنفيذه، أما الفراغات المتروكة من بين المساحات فتملأ بمعجون من نشارة الخشب.
تتعدد الأدوات المستخدمة في فن التصديف منها:
- الأزاميل لأعمال الدق، وهذه الأزاميل ذات مقابض خشبية بأشكال متنوعة منها المنبسط، المستقيم، المحدب بفتحات مختلفة.
- المبارد الخشنة والناعمة وخراطة الصدف والملاقط لمسك الصدف الصغير والغراء الأبيض كلاصق قوي.
وتهدف الهيئة العامة لقصور الثقافة عبر التدريب والتعليم على هذه الحرف التراثية والتقليدية في أنشطتها المختلفة في المحافظات كافة إلى تعبيد الطريق نحو إقامة مشروع إنتاجي صغير لكل متدرب، حيث نرى اليوم كثيرا من الدول تعتمد بشكل كبير على المشروعات الصغيرة كمحور أساسي للتنمية وزيادة الإنتاج، وتكثف الهيئة الخطط والبرامج التدريبية للشباب والمرأة في هذا المجال فتنظم الملتقيات والورش والمؤتمرات العلمية دعما لإحياء التراث والحفاظ عليه للحفاظ على هذه الحرف والعمل على عودتها وازدهارها.

شاهد بالصور


نورا حمدى

نورا حمدى

راسل المحرر @