الألعاب الشعبية وأثرها على الطفل والمجتمع

الألعاب الشعبية وأثرها على الطفل والمجتمع

اخر تحديث في 9/26/2019 3:49:00 AM

د. شيرين جمال الدين

    يُعد اللعب من أقدم مظاهر النشاط البشرى، وهو أول صورة لنشاط الإنسان فى مراحل طفولته، وهى جزء من موروثاته، لذا فهو يعكس صورة الحياة. والألعاب الشعبية من أهم أنواع الفنون لأى أمة من الأمم لأنها سايرت الشعوب والعصور المختلفة، كما تعكس نموذج من نماذج الحياة فى البيئة التى تنشأ فيها. وفى بعض الأحيان يتبين وجود تشابه فى بعض الألعاب الشعبية لدى بعض الدول،  لكن هذا التشابه لا يعود إلى التشابه الثقافى إنما إلى إشباع بعض الحاجات التى تمنحها هذه الألعاب لممارسيها، وإنما لكون الاحتياجات الإنسانية تتشابه فى حالة تشابه ظروف الحياة مما يؤدى بدوره إلى نشأة هذا التشابه فى الألعاب.

     أما اللعب التخيلى الذى يُمارسه الأطفال من خلال تمثيل الأدوار يُساهم بدره فى المحافظة على بعض العادات والتقاليد الإيجابية الموجودة فى المجتمع. بالإضافة إلى ذلك يمكن دراسة سلوك الطفل من خلال ملاحظته أثناء اللعب، فهو وسيلة هامة فى تشخيص مشكلاته وعلاجها.

 

     من هنا نتبين ما تُسهم به الألعاب فى الحفاظ على بعض ملامح المجتمع الذى تنشأ فيه، هذا بالإضافة إلى الأهمية الكبرى للألعاب فى تشكيل شخصية الطفل منذ ميلادة.

     لذا فسنعرض هنا الجوانب الإيجابية والسلبية التى تؤثر على تكوين شخصية الطفل تِبعا لاختلاف نوعية الألعاب التى يُمارسها الطفل.

    واللعب غريزة فطرية وضعتها الطبيعة فيه حتى يتمكن من خلالها من النمو بشكل سليم في كافة نواحي حياته المختلفة، والطفل لا يتعلم اللعب من أحد لكنه يُمارسه بشكل فطرى في بداية حياته وذلك تبعاً لاحتياجاته المختلفة، والطفل الذى لا يُمارس اللعب يجب إخضاعة لاختبارات نفسية وعقلية للتأكد من أنه طفل طبيعي ولا يُعانى من أي معوقات في نواحي نموه المختلفة

      تأتى أهمية اللعب من كونه "صدى لانفعال الكائن البشرى ومعرض اللذة والفرح لديه كما أنه مرآة الطفولة وانعكاس لصورة الحياة" ، "وهو وسيلة لإعداد الطفل للحياة بين الناس، كذلك مجال تسليته ولهوه، وفى الوقت ذاته وسيلة للتطور النفسى لديه" ، بالإضافة لكونه "تدريب أولى للغرائز عند تطبيقه على الظروف المستقبلية للصراع من أجل البقاء كذلك فهو ثمرة نشاط مُفرط الغزارة أو منفذ للطاقة الزائدة، ومن ثم فاللعب "بمثابة أنفاس الحياة للطفل، فهو كالتربية والاستكشاف والتعبير الذاتى والترويح" .  

وتنقسم الألعاب الى:

* ألعاب شعبية: وهى ظاهرة من ظواهر النشاط الاجتماعى عرفتها كافة الشعوب، كما أنها إرث ثقافى تتعاقب عليه الأجيال، وتتم ممارستها على صور مختلفة.

* ألعاب عصرية: هى أنماط غريبة على مجتمعاتنا وقد وفدت إلينا من الدول الغربية، وقد بدأت هذه الألعاب تحل محل الألعاب الشعبية التي كان يُمارسها الأطفال في الماضي . وتتمثل هذه الألعاب في الأجهزة الإلكترونية مثل:

1 - الكمبيوتر

2 – الأتارى    

3 – البلاي ستيشن    

4 – الأى باد    

5 – التابلت وغيرها من الأجهزة الالكترونية التي يتمكن للأطفال من اللعب عليها.

أما أهمية الألعاب الشعبية فتتمثل في كونها "وعاء حافظاً لتقاليد الأمة وعاداتها العاكسة لمعتقداتها ورؤاها التى تشكلت عبر العصور المختلفة متجاوزة كونها مجرد وسيلة للتسلية واللهو وتبديد الوقت، مما جعلها عاكسة لحقائق المجتمع الراسخة، ومكوناته القيمية، فضلاً عن كونها تشكل مجالاً خصباً لتبادل واكتساب الخبرات والمعارف وتنمية المهارات، تُغطى كافة مظاهر الحياة وتشبع حزمة من الحاجات الوجدانية والذهنية والعضلية فضلاً عن دورها فى اكتشاف الذات، وتنشيط علاقتة ممارسيها بالواقع المحيط، والتعرف على مكوناته واستثمار إمكاناته فى ابتكار وسائل لها من منتجاته الطبيعية أو ما تخلفه الاستخدامات الحياتية المختلفة بما يعزز مفهوم الانتماء.

     إضافة إلى ما تدخله من بهجة وتحقيق للذات، وتدريب على الحياة الجماعية، وتقديم "العلاج النفسى للأطفال الذين يمرون بأزمات نفسية وإحباطات أو يتعرضون لمنعطفات خطيرة تؤثر على نموهم الاجتماعىوالنفسى وتفقدهم القدرة على الاستمتاع والتفاعل فى حياتهم اليومية ".           

هذا وتنقسم الألعاب الشعبية إلى:

    * ألعاب فردية:

      ذات قواعد بسيطة تُتيح للفرد إظهار قوته يمكن أن يُمارسها الطفل منفرداً أو مع أخرين وفى هذه الحالة يكون بها قدر من المنافسة التى تعتمد على قوة التركيز بين اللاعبين .

* ألعاب جماعية:

      هى التي فيها روح الجماعة ويشترك فيها أكثر من لاعبين وتحكمها  قوانين لكن الالتزام بقانون اللعبة يختلف حسب الفئة العمرية للاعبين، فنجد أن الأطفال صغار السن يتشاجرون أثناء اللعب الجماعي، لكن سرعان ما يعودون لنظام اللعبة واستكمالها مرة أخري، يتضح من ذلك مدى إدراك الطفل لقيمة الجماعة في اللعب وأنه لا يستطيع أن يتخلى عنها طوال الوقت.   

      لابد من التنويه إلي أن أي نوع من الألعاب يحوى ألعاب فتيات وألعاب فتيان، كما أن الوظائف التي تؤديها الألعاب المختلفة كما أن ممارستها ينتج عنها أكثر من هدف.

   وللعب أهمية كبيرة فى حياة الطفل وذلك لأنه يساعد على نمو الطفل بشكل صحيح في كافة نواحي نموه، كما يساعده على التكيف مع المجتمع والقدرة علي الإندماج فيه وتتلخص أهمية اللعب بالنسبة للطفل في عدد من النقاط منها :

1 – تنمى الألعاب الشعبية لدى الطفل العقل المُبدع المبتكر، مما ينتج عنه شعور الطفل بقيمة    إنتاج ما يحتاج إليه من ألعاب، فيصبح في مستقبله شخصاً منتجاً بدلاً من أن يكون طفلاً   مستهلكاً فقط لما يُنتجه الغير.

2 – من خلاله يمكن تقييم سلوك الطفل وتوجيهه نحو القيم الإيجابية التي تُفيده وتفيد الجماعة.

3 – يُساعد اللعب الطفل على التخلص من النزعات العدوانية والرغبات المكبوتة لديه، كما ينمى لديه قدرة التغلب على مخاوفه.         

4 – من خلال اللعب يكتسب الطفل المعارف الجديدة وذلك فيما يكتشفة من علاقة السببية بين   ما يقوم به الطفل من الأفعال وما يترتب عليها من نتائج . 

5 – اللعب بالنسبة للطفل هو الكتاب المفتوح الذي يتعلم منه، لذلك يجب تشجيع الطفل على اللعب بكل طاقته حتى يحصل على نمواً متكاملاً في كافة نواحي نموه، حيث يؤدى حرمان     الطفل من اللعب إلى عرقلة نموه بشكل صحي.

6 – في بعض الأحيان يساعد اللعب في علاج بعض القصور القيمى لدي الطفل.

7 – يتم ربط الطفل ببيئته وتراثه الثقافي وتنمية هويته الخاصة عن طريق حثه علي ممارسة الألعاب الشعبية التي يتم توارثها عبر الأجيال.

8 – من خلال اللعب التمثيلي يتم تشخيص الاضطرابات النفسية لدي الأطفال وعلاجها وذلك من خلال ملاحظتهم الدقيقة، والعلاج باللعب قد يكون غير موجه وذلك عندما يتم تهيئة الجو الملائم للطفل الذي يستطيع فيه أن يعالج مشكلاته، غير أنه في أحوال أخرى يلزم تخطيط بيئة اللعب بحيث تُيسر الربط بين مواد اللعب والاضطراب الذي يُعانيه الطفل، "وفي بعض حالات الكبت الشديد قد يكون التعبير الحر باللعب وسيلة لعلاج العصابيين من الأطفال" .

    كما أن للألعاب الشعبية أثر كبير على الطفل حيث تُمكنه خلال ممارستها من اكتساب المهارات الفكرية والجسمانية، كما أنها تُكسبه بعض القيم الإيجابية مثل التعاون والمنافسة الشريفة واحترام النظام، مما يؤهله بعد ذلك للتعامل مع المجتمع بشكل ايجابي ومتزن، ويتعلم الأطفال من خلال اللعب معنى الحرية وكيفية احترام الغير.

     أما بالنسبة للمجتمع فإن اقتران اللعب بالإشراف الجيد يحقق قيم خُلقية كبيرة، لما له من أثر في تنمية الاتجاهات الاجتماعية التي تجعل الفرد عضواً إيجابياً في الجماعة، حيث يخلق روحاً رياضية عالية تتمثل في احترام القانون والأمانة والشجاعة والقدرة علي السيطرة على روح الأنانية لدى الفرد وتحويلها لصالح الجماعة، كما أنه ينمي القدرة على التعاون والخبرة في القيادة.

     كما أن انشغال الأطفال والشباب في الملاعب يحول دون اشتراكهم أو تفكيرهم في الجريمة، لكن هذا لا يعنى أن نعتبر اللعب علاجاً مباشراً للجريمة، لكنه أحد القوى التي تحول بين الفرد وبين الانحراف لما له من أثر علي حياة ممارسيه. كما أنه أحد أهم وسائل دعم الصداقة والتفاهم بين الأفراد. بلا شك أن كل هذه العوامل تؤدى إلى وحدة وتماسك المجتمع .

 

 

المراجع

1 - أسماء العبودى – الطفل والتراث الشعبى – مجلة المعرفة – ع 173.

2 - حسام محمد – عميد المكتبات الجامعية فى جامعة الإمارات بالعين – نت.

3- سال سيفر – اللجنة الوطنية للطفولة – منتدى البحوث والدراسات – نت.

4 - فؤاد مرسى – ألعاب الأطفال بين الاتصال والنفصال – بحث مقدم لمؤتمر الأول لثقافة الطفل – أبريل 2013 – ص 378.

5 - كريمة حلمى سويلم – التنشئة الاجتماعية وانعكاساتها الثقافية – ورشة عمل – الهيئة العامة لقصور الثقافة2003.

6 – محمد عماد الدين اسماعيل – الأطفال مرأة المجتمع– سلسلة عالم المعرفة الكويت 1986.

7 – محمد طلعت إبراهيم – التربية البدنية فى رياض الأطفال والتعليم الأساسى – بدون.

8 – محمد عادل خطاب – الألعاب الريفية الشعبية – الأنجلو المصرية 1964.

9 – وفيق صفوت مختار – أبناؤنا وصحتهم النفسية – دار العلم والثقافة – بدون .

10 – ويلارد ألسون – تطور نمو الأطفال – ترجمة/ د.إبراهيم حافظ وأخرون –  نهضة مصر-بدون.

شاهد بالصور


محرر عام

محرر عام

راسل المحرر @