مطلب أدباء القاهرة في مؤتمرهم: الفلاح الفصيح على خارطة المهرجانات الثقافية لمصر بأهناسيا

مطلب أدباء القاهرة في مؤتمرهم: الفلاح الفصيح على خارطة المهرجانات الثقافية لمصر بأهناسيا

اخر تحديث في 4/4/2019 3:52:00 PM

شيماء الطويل

افتتحت الهيئة العامة لقصور الثقافة مؤتمر أدباء إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي في دورته التاسعة عشرة يوم الخميس 28 مارس 2019م ببني سويف ويحمل عنوان (الأدب وتحولات ما بعد الحداثة - دورة محمد مستجاب) برئاسة الكاتب الكبير جار النبي الحلو وأمانة الأديب والناقد عطية معبد. وقد كرّم المؤتمر اسم الراحل خالد الصاوي والشاعر فؤاد حجاج، بحضور ممثلي القيادات الثقافية ممدوح أبو يوسف، وإجلال عامر، وكذا ممثل محافظة بني سويف الأستاذ ناجي خليل نائب رئيس مدينة بني سويف واستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام.

قال رئيس المؤتمر أن المحاور التي يقوم عليها المؤتمر كفيلة بخلق حراك ثقافي تشهده الحياة الثقافية في مصر، ولأن الحداثة ليست مجرد بحث عن أشكال مغايرة أو هدف في حد ذاتها، قال: ينبغي أن يكون التعامل معها باعتبارها وسيلة نحو أفق أرحب، وألا نقع في فوضى الشكل من غير الموهوبين تحت ادعاءات الحداثة أو التجريب. وطالب بخلق مزيد من المجالات الثقافية لإنارة العقول المصرية بهدف الولوج إلى الحوار العقلاني المستنير وهو السبيل لمواجهة التخلف وفساد العقول ومقاومة الأوهام، في طريقنا للدفاع عن وطننا وعقولنا.

ورحّب أمين عام المؤتمر في كلمته بالسادة الحضور على أرض محافظة بني سويف، وقدّم الشكر لأمانة المؤتمر على اختيار العنوان والأبحاث والباحثين خاتما كلمته قائلا نتمنى أن يخرج المؤتمر بتوصيات تعبر عن قيمته وموضوعه.

وأُقيم على هامش افتتاح المؤتمر معارض للفنون التشكيلية، ومعارض للكتاب والنشر الإقليمي.

وفي الجلسة البحثية الأولى للمؤتمر وتحتل عنوان الأدب وتساؤلات ما بعد الحداثة شارك الدكتور رمضان بسطاويسي والدكتور محمود الضبع وأدارها الدكتور علي مطاوع وحملت عنوان المحور النظري "استراتيجيات ما بعد الحداثة". وقال الدكتور رمضان بسطاويسي في بحثه: إن فلسفة ما بعد الحداثة لا تعمل على توكيد أي حق مطلق أو موضوعي خاصة في أمور الدين والروحانيات، فمصطلح ما بعد الحداثة يستخدم فلسفيًا لوصف العصر الحالي الذي جاء بعد عصر الحداثة. ويمكن تتبع جذور الحداثة النقدية خلال السنوات التي سيطرت عليها ما بعد الحداثة فالموسيقى الراقصة والمواد الإباحية الصناعية على سبيل المثال منتجات أواخر السبعينيات والثمانينيات تميل إلى السرعة الزائفة.

وتناول أهم جماليات الأعمال الأدبية ما بعد الحداثة المتمثلة في: عودة الاهتمام بالقصة والحبكة التقليدية والتخلي عن تعقيدات تقنيات ما بعد الحداثة من أجل تحقيق الوضوح وتجنب الغموض. وعودة الاهتمام بالشكل والنظام والترتيب بدلا من اللانظام والفوضى والتشويش على عمليات التلقي والاستقبال. كما تناول عودة الاهتمام بالشخصية. وتأكيد إمكانيات القص والوحدات السردية الكبرى. وأكد على أن الحداثة وما بعدها قدّما إسهامات فريدة للمجتمع من خلال احترام دور العقل ودور الفرد، كما شجّعت أيضا على تكوين حقوق إنسانية وقائية.

أما بحث الدكتور محمود الضبع بعنوان صناعة الثقافة في عصر ما بعد الحداثة: جاء فيه أن شهدت السنوات الأخيرة ما يُسمى عصر الاحتكارات الخمسة وهي احتكار (التكنولوجيا الرفيعة- المؤسسات المالية ذات النشاط العالمي- القرار في الحصول على المواد الطبيعية - وسائل الإعلام على صعيد عالمي - الوسائل العسكرية). تناول دور القوى الناعمة واستراتيجية تطويرها وتفعيل دورها وتسويقها في مصر، وأشار إلى أن الثقافة لم يعد دورها يقتصر على المنتج الفكري والكتب والمؤلفات والفنون والآداب وإنما أصبح العالم يضم أيضا المنتج المادي، العادات والتقاليد، أساليب التعايش، المعتقدات والأفكار، المباني والآثار، البحوث والدراسات العلمية. إعادة صياغة المنتج الثقافي بأساليب إدارة المحتوى المعاصر. تسويق المنتج الثقافي والتعليمي داخليا وخارجيا عبر المعارض المتطورة عبر شبكة الإنترنت وعبر ما يُسمى السياحة الثقافية.

وأدار سيد الوكيل جلسة كتاب الشخصية المكرمة عن محمد مستجاب بعنوان المتفرد، شارك فيها الدكتور حمدي سليمان، الدكتور حمدي النورج، الدكتور محمد سليم شوشة والأستاذة سحر عبد المجيد. وجاء بحث السيد الوكيل بعنوان محمد مستجاب القص البرقي وفتنة السرد الخفي: لما يُقال عن محمد مستجاب من أنه كان يمكنه أن يحكي لك آلاف القصص والحكايات قبل أن تفرغ من فنجان القهوة، حيث يأتي هذا القص البرقي دون أن يخرق انسجام السرد واستواءه، فإن كتابات مستجاب تطرح نفسها كنموذج مناقض ومتهكم من تصوراتنا عن القصة القصيرة، فأعماله تضرب في عمق ثقافة المجتمع كله. وأيضاً جاء بحث الدكتور محمد سليم شوشة بعنوان النزعة التجريبية وأبرز معالم الخطاب السردي: ليصور محمد مستجاب غالبا نماذج إنسانية مركبة ومعقدة أحيانا يمتزج فيها الخير والشر على نحو عجيب كما أنه واحد من الأدباء القلائل الذين يملكون القدرة على كسر الحواجز والقيود التي تواجه غيره مع أشكال السلطة. وبحث الدكتور حمدي سليمان بعنوان مستجاب الأول والأخير: رأى أن مستجاب خبير وراصد للتفاصيل الإنسانية ومثقف واع يعلم جيداً أن تكوين مجتمعه قائم على مجموعة من الأنساق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وبحث الأستاذة سحر عبد المجيد بعنوان أنثى محمد مستجاب: حيث إن الأنثى في عالم مستجاب ليست الحبيبة أو الزوجة لكن يقدمها كصوت ناصح حكيم .

وأعقب الجلسة أمسية شعرية أدارها جاسر جمال الدين وشارك فيها عدد كبير من شعراء الإقليم بمحافظاته الخمسة "بني سويف - القاهرة - الجيزة - الفيوم - القليوبية".

وفي الجلسة البحثية الثانية: المحور السردي "تجليات ما بعد الحداثة في السرد" أدارها الدكتور أحمد تمام، وتحدثت دكتورة دعاء الحناوي قائلة أن رواج الرواية أو الكتابة الأدبية بوجه عام أمر يدعو للاحتفاء والارتياح ولكن إذا ارتبط ذلك بمعايير جمالية أدبية وذوقية تسمو بالقارئ إلى إنسان حر له شخصيته الواقعية والمحصنة أمام الحياة بقسوتها وقيمتها التي لا تفتأ تتعرض لمحكات اختبار غير منقطعة فإما يسقط القارئ في براثن الضحالة والزيف والجهل والخرافة أو أن يصبح الرواج الروائي محك اختبار جديد فهذا أمر جد خطير. وتحدث الأستاذ مدحت صفوت عن الكتابة الأدبية والخضوع إلى النوع بوصفه أمراً ليس جديدا وربما القول بأنها علاقة نشأت منذ أن عرف الإنسان الأدب وقبل حتى أن ينظمها في إطار حرفة وربما قبل أن يثار النقاش حول استخدام الأدب أداة للإيديولوجية وبوقا للتعبير عن الأفكار الاجتماعية والسياسية إذا كانت المواقف السياسية والاجتماعية للكاتب تعرض الأدب لخطر التبعية المسبق أي توجيه الأدب بمنطق آخر غير المنطق الأدبي. وفي بحث الدكتور محمد صلاح زيد: أوضح أن الرواية المصرية المعاصرة تكشف من خلال نماذج الروايتين محل الدراسة عن تمكن كتابها من ناصية السرد الروائي وإحباطاتهم بموضوعاته المركبة والمتعددة والمتنوعة، وأضاف أن هذه المحافل الغنية التي المحنا إليها وحاولنا أن نبين دورها في تحولات السرد داخلها لم تكن نشازا في تلك الروايات بحيث تعددت أدورها وتنوعت ما بين قيم فنية وأخرى جمالية وجميع هذه الإمكانيات السردية جعلت من هذه الروايات أعمال سردية متقنة فنية.

أما الجلسة الثالثة المحور الشعري: حول تجليات ما بعد الحداثة في الشعر فقد أدارها الدكتور أحمد الشيمي وتضمنت بحث الدكتور أمجد ريان: الذي أثبت أنه مع انتشار الانترنت والتكنولوجيا الحديثة اتجه ذوق المتلقي للغة البصرية من خلال الشاشات الإلكترونية الحديثة وندُرت الندوات واللقاءات الثقافية المباشرة بين متحدث على منصة ومتلقي متراصين أمامه وإن كانت التيارات الثقافية والشعر قد استفادت استفادة كبيرة بعد توالي التطورات التكنولوجية الهائلة المتلاحمة للكمبيوتر والانترنت خاصة من خلال ما سُمي بالتوجهات التكنو أدبية والتكنو شعرية وهناك نصوص لا يمكن أن نتابعها إلا من خلال شاشة العرض الإلكترونية أو شاشة الكمبيوتر ولا يمكن نقلها على ورق وتعتمد كليا على تفاعل المتلقي مع التقنيات الإلكترونية. أما البحث الثاني للأستاذ خالد حسان: فقد تحدث عن ما بعد الحداثة التي تظهر ثقافتها بوضوح في كثير من السمات الجمالية التي انحازت لها قصيدة النثر الراهنة أو فلنقل أن انحياز قصيدة النثر الراهنة لمجموعة معينة من الجماليات يعبر عن عمق استيعاب شعراء هذه القصيدة لثقافة ما بعد الحداثة. إن سعي قصيدة النثر الراهنة للالتحام بالواقع من خلال محاولة التقاط أدق تفاصيله الحياتية وما ترتب عليه من انحيازها الواضح لمجموعة من الجماليات جعلت القصيدة تخرج عن سياق تراث شعري ضارب في عمق اليمتافيزيقا. لهو تعبير واضح عن انحياز القصيدة لثقافة ما بعد الحداثة. كما تحدث الدكتور حسين حمودة في بحثه عن فكرة التراسل بين الأنواع الأدبية والفنية واستخدام تقنيات السينما والمسرح والفن التشكيلي في الشعر واتخذ الراحل محمود درويش نموذجًا.

المائدة المستديرة بعنوان الصناعات الثقافية: وتهدف لمناقشة صناعة الثقافة في عصر ما بعد الحداثة وجاءت مداخلة الدكتور محمود الضبع عن القوة الناعمة واستراتيجية تطويرها، وتفعيل دورها في مصر، فهي تعني أن تكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق، ومن خلال دعم التعليم والثقافة والفن ما يجعل الناس يقدرون هذه التوجهات ويتبعونها بدافع نابع من داخلهم وليس بمحاولات خارجه كما حققتها الدول المتقدمة واستطاعت من خلالها أن تخلق ولاءات داعمة لها في بلدان بعيدة عنها أما في بلادنا فلكي تكون القوة الناعمة ركيزة في بناء هذا الوطن فلا بد من العمل على مرحلتين تأتيان بالترتيب الأولى هي: بناء هذه الثقافة في أذهان المواطنين ودفعهم للإيمان بها والثانية هي: استهداف ضم وجذب الناس بوسائل ناعمة وعبر موروثهم وعاداتهم وتقاليدهم وفنونهم وما يمارسه ويعايشه العامة قبل الخاصة ولكي نبني هذه الثقافة في أذهان المواطنين فليس أمامنا سوي اعتماد وتعزيز التنوع الثقافي داخل حدود الدولة مثل ثقافة الريف وثقافة أهل الصحراء وثقافة أبناء الدلتا وثقافات المدن وثقافات المدن السياحية إضافة إلى المنتج الفكري والفني والأدبي والمادي الذي ينتجه أبناء الدولة، وكذلك الثقافة لم يعد مفهومها يقتصر فقط على المنتج الفكري والكتب والمؤلفات والفنون والأدب وإنما أصبح العالم يضم إليها المنتج المادي والعادات والتقاليد وأساليب التعايش والمعتقدات والأفكار والمباني والآثار والبحوث والدراسات العلمية.

الجلسة البحثية الرابعة دراسة إبداعات النشر الإقليمي أدارها الشاعر أسامة بدر وتحدث فيها الشاعر محمد أبو الليف عن شعر العامية في إصدارات النشر الإقليمي وتحدث محمد عكاشة عن روايتان من روايات النشر الإقليمي أيضاً وكان عنوان البحث "السرد بين الواقعية والسريالية" أما معتز سلامه فقد تحدث عن  شعراء الفصحى والتقنيات الجمالية وتأسيس الشعرية المعاصرة  في النشر الإقليمي.

المائدة المستديرة الثانية بعنوان: "مشكلات نوادي الأدب" أدارها الأستاذ محمد عبد العليم الديك وشارك فيها إجلال عامر، وعبد الحافظ بخيت متولي، ووليد فؤاد. وتناقش الشعراء والأدباء في بعض المشاكل التي تواجههم ومنهم محمد شاكر الذي تحدث عن التوجهات المخالفة للوائح، وطالب بالعمل علي زيادة ميزانية الأمسيات والندوات الثقافية في الأنشطة الرمضانية، ومشاركه جميع النوادي في احتفالات رمضان بالهيئة، وعمل بروتوكول بين وزارة الثقافة ووزارة التضامن الاجتماعي، وإنشاء نوادي أدب جديدة، وتحدث صبري سلامة عن تعديل وضبط لغوي في المادة رقم ( 19) باللائحة المنظمة للنشر الإقليمي بأن يكون هناك لجنتين للفحص: واحدة في الفرع يختارها النادي المركزي وأخري بالإقليم، وأضاف بشأن المناطق النائية بالجيزة مثل الواحات البحرية أنه يجب توجيه قوافل دورية لها تدعمها الثقافة العامة والإقليم. وأشارت نشوى الخطيب إلى أهمية اكتشاف المواهب الجديدة في الجامعات والمدارس وتدعيمها بالخبرات الموجودة بنوادي الأدب، وطالب أحمد عكاشة بإنشاء مجمع الكتروني للأبحاث. وحول تقارير لجان إجازة كتب النشر الإقليمي طالب علي نوح بعرض تقرير لجنة التحكيم بكل شفافية بعد انتهاء التحكيم، ولابد أن يكون النشر مقصور على أعضاء نادي الأدب فقط.

وفي ختام المؤتمر جاءت جلسة التوصيات وأدارها الأمين العام للمؤتمر الأستاذ عطية معبد وكانت كالتالي:

- التوصيات العامة:

1- الاستمرار في رفض ومقاطعة كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.

2- التأكيد على عروبة هضبة الجولان واعتبارها جزء رئيسي من الأراضي العربية السورية.

3- التأكيد على دعم حرية الرأي وأنه حق أصيل من حقوق الإنسان.

4- ضرورة وضع خريطة للصناعات الثقافية والحرف البيئية على المستوى القومي.

5- ضرورة توقيع بروتوكول للتعاون المشترك بين وزارتي الثقافة والتضامن الاجتماعي بهدف تأمين الرعاية الصحية للأدباء من غير العاملين بالدولة.

* التوصيات الخاصة:

1- دعم إقامة مهرجان الفلاح الفصيح بأهناسيا وعقده سنويا ووضعه على خريطة مؤتمرات ومهرجانان الهيئة العامة لقصور الثقافة.

2- إطلاق اسم الناقد الراحل خالد الصاوي على مكتبة شرق النيل ببني سويف بالحي الثاني.

3- سرعة الانتهاء من أعمال تجهيزات قصر ثقافة بني سويف الجديدة وذلك لدعم الحركة الثقافية بالمحافظة


عزت إبراهيم

عزت إبراهيم

راسل المحرر @