تأملات في فينومينولوجيا المسرح

تأملات في فينومينولوجيا المسرح

العدد 793 صدر بتاريخ 7نوفمبر2022

يقول مؤلف هذا الكتاب الملغز العصي علي الفهم  «تأملات في فينومينوجيا المسرح» الذي تصدى لكتابته الباحث المتميز (عبد الناصر حنفي): (تتنوع تأملات هذا الكتاب حول ثلاثة محاور- الأول: يسعي إلى إعادة تقديم مبحث (فينومينولوجيا المسرح) انطلاقاً من محاولة وصف وتحليل ما يخص (الفعل المسرحي) بوصفه مزجا مركبا ومتطورا من ألعاب (الظهور) الامر الذي تطلب إعادة التفكير في أسس الفينومينوجيا التي تتصف أكثر مما ينبغي حول مفهوم (الحضور) مرورا بالتوقف امام للعمل المسرحي وصولاً إلى التأمل في ما هيته وسعيه في ظل بعض التطورات التكنولوجية الجارية .
أما المحور الثاني : فقد اقتصر علي استثمار شئ من هذه الافكار في ممارسة بعض الظواهر المسرحية تتمثل قي التقنيات الأولية لمسرح الشارع ومسارات تأسيس مشروع المهرجان التجريبي والدور الذي تلعبه الدمي حاليا في بعض المقاربات المسرحية.. فيما يذهب المحور الثالث إلى محاولة تقديم تحليلاته تمهيدية قد تصاغ كافتتاحية تدشن لمشروع أكبر يستهدف دراسة الحالات التي طرأت علي المسرح المصري ومجتمعه في فترات ما بعد (يناير 2011) عبر وصف ما مررنا به من اندفاع والتفاف ثم تبدد لطاقة اجتماعية مائلة أو غير مسبوقة وأثر هذا في خلخلة رؤي مسرحنا لعالمه وتفكيك الأرصدة الجمالية التي راكمها لنفسه عبر عقود مع رصد بعض الاقتراحات التي قدمتها أعمال مسرحية بعينها في هذا الصدد، ورغم أن هذا كتاب مهموم بالمسرح بصفة أساسية وربما كان أيضا كتابا من اجل الفلسفة .. ذلك  أن اغلب تأملاته كانت محفوفه برهان تكريس ظاهرة الفعل المسرحي، علي نحو قد يفضي في النهاية إلى أن تصبح هذه الظاهرة بالنسبة إلى الفلسفة بمثابة المختبر التحليلي الذي يتيح انكشاف وتدقيق افكارنا حول العالم بطرق إعادة انتاج العلاقات المكونة له، وهو ما قد يمثل دعما لم تحظ به الفلسفة من قبل فالا مع الفعل اللغوي.
وقبل أن نعرض لهذا الكتاب المثير للجدل أود أن أشير إلى دراسة بعنوان أصول ومناهج الفينومينولوجيا في دراسات المسرح والأداء تأليف ستيوارت جرانت – ترجمة أحمد عبد الفتاح (جريدة مسرحنا 2020 ) الذي يشير فيها (في نبذة مختصرة ) أنه خلال العشرين سنة الماضية أي منذ 2010 – تقريبا – كان هناك تنامي بطئ ولكنه مثير سماه العلماء والمتخصصون الذين يستخدمون مناهج الفينومينولوجيا في دراسة الاداء من أجل الرغبة في الهروب من المناهج النظرية التي (تقلل من مكانة ابداع ومتعة وتجربه الاداء ) – لكي تتبني الاساليب التي تسمح بالوصول إلى مادية الاداء ومادته الفعالة، وفي هذه المقالة يناقش قيمة وملائمة الفينومينولوجيا لدراسة الاداء وتتبع بعض التطورات التاريخية الرئيسية وتحديد الوضع الحالي للمجال وشرح بعض نقاط المقاومة الرئيسية والإشارة إلى بعض الاتجاهات المستقبلية المحتملة، وتبدأ المقالة بملاحظة خطة الاصول (الفينومينولوجية) للعديد من المناقشات الرئيسية في دراسات الاداء المتعلقة بالتجسيد والحضور والممارسة بلغاته، ويتتبع التطورات المباشرة في هذا المجال ويقوم بعمل مسح للإصدارات الحديثة والمجال الجديد والمثير للفينومينولوجيا التي يتم  اداءها باعتبارها صيغة في بحوث التجديد، ويستعرض هذا الموضوع الدراسات الانجلوامريكية للعلوم الانسانية في ظل تأثير ( ليوتار وبارت، وفيكو، ودريدا، وسيروس، وكريستيفا ) وغيرهم ،وهيمنه النظريات التكفكية والسيميوطيقية، ومثلث (لا كان وارتو بنايمين وسوسير) ما ودراسة (البعد السياسي) في الستينيات ويعرض (لهيوجر) في «الزمان والوجود»، وتطوير مفهوم العدم عند (سارتر) باعتباره أساس الوجود والعقبات والمقاومات التي حملتها الفينومينولوجيا لكى تظل معالجة صالحة وصريحة علي يد(ميرلوبونتي) التي مازالت دراساته لهذا المصطلح أساسا لمزيد من دراسات هذا المصطلح .
وينقسم كتابنا هذا الذي يقدمه الناقد الجاد (عبد الناصر حنفي) في ثلاثة أبواب (الباب الأول) بعنوان (في فينومينولوجيا المسرح) ويضم ظاهرة المسرح بين العطاء الجمالي والعلماء الاجتماعي نحو اعادة تأسيس فينومينولوجيا المسرح في (جينيولوجيا) أي تاريخ حياة الاداء المسرحي وصعود ظاهرة المسرح النصي، وحول العمل المسرحي بين الظهور والحضور والنص، و(الهولوجرام) أي التقنية المسرحية الجديدة – في تأملات ماهية المسرح ومصيرة، وتشير هنا  إلى معاني، المصطلحات الثلاث السابقة وترجمتها في العربية (الفينومينولوجيا)   أي (الظاهراتية) بمعني أو علم الظاهرات أو الظهور الذي يبحث في وصف الظواهر وتصنيفها وهو التعريف القديم.
أي الدراسة الفلسفية لتطور العقل مع الوصف العلمي للظاهرات الواقعية مع اجتناب كل تأويل أو شرح أو تقييم، وينسب المصطلح في البداية إلى الفيلسوف الالماني (هيجل) (1770 – 1831 ) أما (الحيانولوجيا فهو علم الانسان ) ونقد لهذه التأويلات العدمية إلى لوحات قيمية وتنقسم إلى جينيالوجيا الاخلاق أو المعرفة وينسب إلى الفليسوف الالماني (ينتشة) (1844- 1900) وأما (الهولوجرام ) في المسرح فتعني ( أحد تقنيات المسرح ثلاثي الابعاد الذي يحقق واقع افتراضي عملي خشبة المسرح ويعني به (المؤلف) محاولة مطاردة بعض التأملات التي تنطلق من سؤال بسيط بقدر ما هو مراوغ عن المصير الذي قد جلبه تطور تقنية الهولوجرام – أي التي تتيح اعادة تكوين صورة الاجسام بإبعادها الثلاثة ويسجل  خلالها الضوء ليعطي شكلا مجسم ثلاثي الابعاد .
ونبدأ بالجزء الأول بعناوينه الأربعة –(المسرح كظاهرة جمالية محضة) وهو : كما يقول المؤلف: (منتج جمالي لعطاء جمالي يتوقف علي الكفاءة الجمالية في مجال جمالي والتفاعل بين ما هو اجتماعي وما هو جمالي وأن ظهور عمل مسرحي أيا كان فيعتمد علي (التزامن والتتابع) وأن مجال الممارسة المسرحية بالغ القدم وأنها في حال تطبيع وطواعية مع السلطة .. لكن يتم استدراج تقنيات السلطة للمسرح، وهكذا تتحول مؤسسة السلطة من حالة الشفافية غير المرئية في القضاء الاجتماعي لتجد نفسها مجبرة علي الكشف عن نفسها وعن طرائق عملها وعن (وهذا هو  الأخطر) امكانية فصلها عن موضوعها حيث تمتزج دوائر الفعل الجمالي بدوائر الفعل الاجتماعي علي نحو لا يمكن أن نجده الا في ظاهرة المسرح وهو ما يعني أن ثمة حاجه لتنظير جمالي مختلف يراعي خصوصية تلك الظاهرة، وهو أمرهم حيث أننا لا يمكن أن تتجاهل نتائجه عند تصميم وتقييم السياسات الثقافية الخاصة بالممارسة المسرحية وتحت عنوان (نحو اعادة تأسيس فينومينولوجيا المسرح) يقوم الكاتب بمحاولة وصف ظاهرة المسرح – حيث أن ما هو جمالي لا يفلت ابدا مما هو اجتماعي بسبب تعقد خطوط التباين وعمليات الاحالة المتبادلة بينهما أو مستوي التباعد الذي قد يجمعها أو كثافة العماء التي قد تفصلهما اذ أن التلاقي المستمر والدائم بين شقي العمل المسرحي (الاجتماعي والجمالي) هو المسار الوحيد الممكن لظهور العمل المسرحي، وهو وسيلته في انتاج ذاته واستحضارها إلى العالم وحفظها وتجديدها طوال زمن حياة العرض، ولذلك ينبغي اعادة تأسيس مهمة الوصف الفينومينولوجي للمسرح باعتباره ممارسة اجتماعية بالمقام الأول، وهي ممارسة تقطع طريقها نحو ما هو جمالي لتعود مرة أخري إلى أفق ما هو اجتماعي، ويري أن عقبات وإشكاليات هذه المهمة بحاجة إلى اطار منهج يصف خرائط التفاعلات والتداخلات بين ما هو اجتماعي وما هو جمالي باعتبارهما مجالين تجريد بين للممارسة الانسانية ،وأن هناك ثمة أزمة تاريخية في التناول الجمالي  للظاهرة المسرحية بدأت مع تحليلات  (أرسطو) ثم مع ظاهرة (الحداثة) التي شهدت اعادة تكريس الحالة المسرحية بوصفها جنسا أدائيا متعاليا أو متجاوزا للمكون الادبي الذي سجنها أرسطو داخله بحيث لم يعد من الممكن تجاهل خصوصية ظواهر الاداء المسرحية أو مواصلة اعتبارها مجرد أعراض أو تبديات متناثرة يهيمن عليها حضور جوهر أصلي إلا أن ما صاحب هذا المسار من انفجار المناهج التحليلية الجمالية وانبعاث وعي نظري بمعني هائل ومدقق بتقنيات الاداء وبالعناصر المكونة للعرض المسرحي الذي أفضي إلى حالة ليست أقل ارباكا من الوضعية (الأرسطية).. إذ بدا وكأننا نتعامل مع (خشبة المسرح) أو المجال المسرحي بصفة عامة وكأنه مجرد ساحة تجميع أو التقاء و(نماذج) ظواهر وعناصر أدائية متباينة وهكذا فبدلا من الهيمنة التاريخية لعنصر الدراسة أصبحنا أمام تنازع عدد كبير من العناصر المسرحية، والتي يتمتع كل منها بنظريات جمالية مؤسسة ومداخل وتحليلات وصفيه وتقنية تمثل كشوفا عميقة ومدهشة وهو ما أدي إلى سيادة (يقين) أننا نعاين لحظة انكشاف الظاهرة المسرحية بصورة تامة ونهائية مثلما تم تحويل ما هو درامي إلى حالة بعيدة تماما عن أصلة الادبي واستحضاره في الافق المسرحي دون استخدام أي فعل تواصل لغوي. ويري الكاتب: أن العلاقة المنهجية بين الاجتماعي والجمالي يمكن بلورتها دون اخلال كبير في اطار ثنائيتين تعاقبنا علي الهيمنة علي هذا المنظور أولهما (التأثير /التأثر) وهي ثنائية متلازمة أي لا يمكن حضور أحد طرفيها دون حضور الاخر والثانية (الابداع /التلقي) فالثنائية الأولي كانت موضوع صراعات أيديولوجية شرسة انتهت إلى اقرار بارد يعوزه الحماس بعلاقة الترابط بين الفن ومجتمعه، أما (ثنائية الإبداع / التاقي) فتتعثر في مصاعب نظرية كبيرة أمام (الممارسة المسرحية) لكن (لحظة التافي) المسرحي ليست أقل تعقيدا وتراكما – فهي بعيدة عن أن تكون محض لقطة زمنية معلقة في فراغ يمكن ملئة بالتأويلات الجمالية ولا في حدث مفرد يخص فاعلا مجردا ولا هي ايضاً لحظة أو حدث مكثف بذاته أو مبتور الصلة بما يسبقه أو يليه.
وتحت عنوان (فرضيات حول نقطة البداية: المسرح بوصفه مؤسسة لإنتاج العالم) يرعي الكاتب وجوب طرح أربعة تساؤلات:
الأول: حول المساحة التي تتلاقي فيها مجموعة اجتماعية مع ذاتها ومع عالمها لتبلور ما يمكن تقديمه إلى فضائها الاجتماعي الأعم .
الثاني: التساؤل حول مسار ظهور مختلف تماما لما هو مسرحي مقارنة بكافة الممارسات الجمالية الاخري حيث أنها تقدم نفسها بوصفها خيالا لا يذهب نحو الواقع أو يبحث عن نقطة تلاقي معه فإن العرض المسرحي يقدم نفسه بوصفه واقعا يذهب نحو الخيار فالمسرح في النهاية سلسلة من الوقائع  المنتظمة أو الاحداث الفعلية المعاشة مما يفسح المجال أمام استجابة جمالية أكثر تعاليا تعيد تنظيم ترابطات هذه الوقائع في أفق يجلبها إلى العالم على نحو مغايره
ثالثا: (حول العلاقة بين ما هو معاش مسرحيا وما هو معاش في العالم).
ورابعاً: (حول انجاز وصف فينومينولوجي متكامل لظاهرة المسرح) وهو أمر يتعدي كونه شأنا جماليا بقدر ما هو خطوة في مسار وعينا بالعالم كما هو وبما هو.
وينتقل إلي مصطلح أخر بوظيفة (المؤلف) في كتابة وهو مصطلح (جينيالوجيا) في دراسة بعنوان (في جينيالوجيا الاداء المسرحي وصعود ظاهرة المسرح النصي) وأصل معني مصطلح حينيالوجيا كلمة اغريقية تعني بدراسة الأنساب أو التاريخ وهي نقد للتأويلات العدمية المشدودة إلى لوحات قيمة وضعتها قوي الانحطاط كما عند سقراط أو السيد (المسيح)، وهناك أشكال من الجينيالوجيا مثل جينيالوجيا الاخلاق  أو المعرفة، وتناولها أساسا الفيلسوف (ميشيل فوكو) وكذلك (نيتشه) ويشير الكاتب هنا إلى الهوس الانساني الذي ظهر في مرحلة مبكرة تاريخيا بالتدوين (سواء ي أنماط التصورية أو الشفاهية)، واكتشاف الكتابة الصوتية وقوتها التجريدية المخيفة والمرعبة وظهور (المسرح النصي) بوصفه حركة مضادة لهذا المسار، والانتقال من الأداء الطقسي إلى الاداء المسرحي وكيفية صعود ظاهرة المسرح الطقسي وانماط حركتها في قضاء التعين / التجريد حيث أن الأداءات المسرحية تنفتح دائما إلى الخارج والفارق بين الأداء اليومي والأداء الطقسي ثم الأداء المسرحي وانضمامها جميعا تحت مفهوم عناءه مفهوم الدراما وعلاقة المجرد والمتعين وحالة التوازن بين المجرد والمتعين وأن دورة العمل المسرحي والذهاب إلى العالم تبدأ من خطاطة Scheme ما هو مجرد والتي تتمثل في نص مسرحي بشاكة التقليدي أو محض (سكريبت) أو حتي تصميم متخيل وصولا إلى ما قد يتحقق من لأثر مسرحي في العالم .
  ويتناول الكاتب في الجزء التالي من هذا الكتاب  وعنوانه (حول الفعل المسرحي – الظهور والحضور والنص) وتحليل علاقة المسرح مع نصه اللغوي بالإضافة إلى أن الاشكال والمسارات التي اتخذتها تمر وتتقاطع مع مسارات تطور أشكال التجمع الانساني ومع حراك الافق (الابستولجي) (المعرفي)، ويحاول الكاتب أن يطرح بعض التحليلات والتأملات الاولية حول (الفعل المسرحي) وعلاقته بمكوناته ومنها النص، وينتقل إلى زمن نظرية المسرح إلى تأسيس فينو مينولوجيا المسرح، وينتقل إلي (الكوجيتو المسرحي) وهو تدريب ديكارتي ينطبق علي علاقات المسرح والحضور)فينتقل بقارة الحضور منطقاً (مبدأ) ديكارت أنا أشك اذب موجود) كذا عند(هوسرل) وفلسفة الظاهرانية (هيدجر) كواحد ممن يعيدون تأسيس ميدان (الحضور) أي الفينومينولوجيا، ويبدأ مقولته بتعداد وتصنيف المكونات المسرحية من أجل فحص سري ضروري أو لزوم ارتباطها بالفعل المسرحي لأن العلاقة بين (حدث) الظهور، وأفق الحضور هي ما تشكل عالمنا بوصفه كذلك، وأن الانكشاف المسرحي هو أحد أهم نتائج تلاقي ما هو متعين مع ما هو مجرد داخل الفعل المسرحي، وكذا الاستباق المسرحي )وهو آلية (ابتسومولوجية) = (معرفية) في التحليل البريطاني القديم في عصر النهضة عند (فرانسيس بيكون)حول (وهم المسرح)، ويري أنه يمكن صك (كتوجيه مسرحي) في عبارة مقتضبه مثل (المسرج يحضر إذن هو موجود) أو (اينما كان هناك حضور يمكن رد إلى ما هو مسرحي فثمة مسرح أو أثر مسرحي) - فالمسرح هو أحد مؤسسات إنتاج العالم والمسافة الفاصلة بين لحظتي ظهور – أو ما قبل ظهور – ما هو مسرحي ولحظة دمج الحضور في العالم تمتلئ بما لا حصر له من عناصر ومواد وأفعال وفاعلون .... الخ، فالمسرح في جوهرة يمتلك إمكانية التقاط مفردات أو مكونات أية ظاهرة وإخضاعها لعملية التحويل المسرحي  ويتوقف (الكاتب) أمام مستويين :
المستوي الأول : هو التأطير المسرحي أو استحداث الظهور المسرحي.
المستوي الثاني : يمكننا أن نطلق عليه التطويع المسرحي الذي يقوم علي خلخلة تركيب مجال الحضور الذاتي لهذه المكونات علي نحو يجعلها أكثر توافقا أو حتي تضاربا عن (ظهور الفعل المسرحي) يشير إلى امكانية الظهور التي هي خاصيتها الرئيسة في التفاعل مع نفسها ويضرب مثالا( بيوجيناباربا) (المسرحي التجريبي البولندي) – حول التباين الملحوظ في كم الطاقة الانسانية التي يبذلها الممثل في الفعل المسرحي مقابل ما يبذل لتنفيذ نفس الفعل في الحياة اليومية، وبهذا يتميز الفعل المسرحي بميل واضح إلى السخاء المحسوب في انفاق العلاقة داخل اطار لعبة استحداث ظهور تعياناته، ويشير إلى اقتصاديات (الفعل الطقسي ) إلى هو الملمح الأبرز في تمييزه عن الفعل الادائي البسيط وحول المسرح والنص . ومراكز الفعل وفعاليات التحويل) الذي يعيدنا إلى فرضية (باربا) التي تحكم ظهور الفعل المسرحي المتعين حيث يتم تخزين  أو تجميع الطاقة وانفاقها او توزيعها علي عناصر الظهور المسرحي، وأن  عناصر مثل مفردات (الديكور وقطع الملابس والنص ) في بعض مراحله التاريخية، نجد انها تكتسب ظهورها في توقيت ما قبل العرض المسرحي – فهي بعبارة اخري نمك التوزيع هنا الذي يتعامل مع هذه العناصر اقرب إلى ما يصفه الفيلسوف الوجودي (هيدجر) ب (شيئية  العمل الفني)، وعلي هذا النحو فقد تطور عنصر (النص) – حيث يتحول العرض بأكمله إلى مجرد خضوع لإرادة المؤلف الغائب والكامن في نصه، وبهذا يتحول (النص المسرحي ) من مجرد كونه خطة تنفيذ أولية يتجمع حولها فريق العرض لبدء رحلتهم المسرحية إلى كيان (مينافيزيقي) مهمته الأساسية (التي يفترض انه قد قام بأدائها بالفعل ) هي اقتطاع شريحة ما متسعة قدر الإمكان-  من علاقات العالم وجلبها إلى فريق العرض ليتقافزو حولها او يتسللوا إلى داخلها، وينتقل (المؤلف) إلى ( التطويع المسرحي وتراجع هيمنه النص) والوصول إلى مرحلة (تدشين دور المخرج بوصفة المرجعية الأساسية ) نتاجا لتطور التقنيات المسرحية وتكاثر الفاعلين  المسرحيين، وتقصد علاقات التوازن بينهم داخل العرض، وقد اثرت موجة التطويع هذه علي مكانة ودور النص، وضرب مثالا (بنيتشة) الذي استحدث فعلا موسيقيا في العرض، ومثالا آحر بـ (سترندبرج) الذي رأي أن العرض المسرحي يخدم هؤلاء الذين لا يمكنهم قراءة ما هو مطبوع – مثل الشباب وانصاف المتعلمين، ويستعرض (المؤلف) انضمام مؤلفين مثل (بيراندللو) و (بريخت) إلي النص الذي يري أن النص لم يعد بديلا للمطبعة حين يصبح النص عنصرا او مادة في الفعل المسرحي، ويري (المؤلف) انه بات علي كتاب النص المسرحي إما أن يتعاملوا معه بوصفة نوعا ادبيا له قراءه والمتهمون به بمعزل عن العرض المسرحي، أو أن يقبلوا بلعب دور أشبه بدور  كاتب السيناريو، حيث يصبحون ضمن فريق عمل يلزمهم بمتطلباته وتوازناته .
ويتحول المؤلف إلى قضية هامة أخرى وعنوانها (الهولوجرام والمسرح والعالم – تأملات في ماهية المسرح ومصيرة)، وتدور حول ما تجلبه  تقنية (الهولوجرام) إلى ظاهرة المسرح، وانها إضافة جديدة إلى قائمة التقنيات، و(الهولوجرام) كأحد تقنيات الواقع الافتراضي في العرض المسرحي  ومفهوم (طيف ثلاثي الابعاد يحقق واقع افتراضي علي خشبة المسرح ) وما يجلبه التطور الهولوجرامي من تغيرات جذرية أما (المؤلف) فيراه (الصورة التجسيدية)، ويتحدث عن (الأفق المفتوح لعلاقات الهولوجرام والمسرح)، ويدور حول هذا التجسيد الذي يتمتع بخاصية توزيع مكوناته في المكان إلى الداخل والخارج، وهو يمثل الخاصية الأساسية للكـتلة،  وان هذا (الأصل) يتمتع بسلطة مرجعية الظهور، وهناك تقنية ثانية تضيف إلى التقنية الاولي فاعليته الإنتاج الرقمي عبر برامج أو (خوارزميات)  خاصة، ومنها عنصرا  الديكور والملابس إلى خارج المسرح لتحل محلها شيئية الهولوجرام، وهو لذلك قد بات مؤهلا لمشاطرة المسرح في بعض العاب الظهور التي يمارسها، وعن علاقة التجهيزات المسرحية به، وتحت عنوان (من المسرح إلى السينما وإعادة الاشتقاق التقني للعالم الدرامي ) يتناول (الكاتب) (العرض المسرحي الحي)، وكيف انها كثيرا ما تعتمد علي تشكيل ذاتها بوصفهما فنا واستعارات منه تقنيات التمثيل والإخراج وطرائق التعامل مع العالم عبر الدراما... الخ أي انها اقترضت منه كافة سلاسل العاب الحضور التي كونتها لنفسها عبر تاريخ الألعاب المسرحية وعطاءها  واولها العطاء الاجتماعي الذي يتعلق في المقام الأول بالاستثمار الدائم لألعاب الظهور.. أما الشق الاخر للظاهرة فهو (العاب الحضور) الذي يمثل (العطاء الجمالي والذي لا تكاد تري في ظاهرة المسرح سوي هذا الجانب فحسب، وهكذا فالمسرح بوصفة لعبة ظهور في المقام الأول هو في الأصل حركة متعينة في الواقع، وتحت عنوان (العاب الحضور والظهور الاستنساخ الهولوجرامي للمسرح) ينتهي (المؤلف) إلى اندثار الظاهرة المسرحية وسقوطها بصورة نهائية وهو فنون  فيما يقول الباحث (بينامين) (الهالة او العبير المصاحب لها، وخسرت جزء حميما من مجال الحضور الذي يخصها)، وينتقل (الكاتب) إلى (ظاهرة المسرح بين العالم الانطولوجي والفضاء الرقمي) – حيث لا يطاله التغيير -  عبر مروره بالحدث، لكنه المسرح في طبعته اليونانية فيبدو وانه قد عثر علي فضاءه الخارجي، وينتقل إلى (أنماط الفعل المسرحي ) وهما  نمطان -  الأول : التأطير المسرحي والثاني هو التحويل المسرحي أو هو التطويع – لذا فإن التأطير والتطويع هما الأدوات الأساسية  للألعاب المسرحية في مواجهة العالم .. وتحت عنوان (الشيئية الطارئة الحادثة للمسرح )، ويؤكد (الكاتب) أن قدم الظاهرة المسرحية يجعلها فنا مكشوفا ومستنفذا، وان كل ما يخصها معروف وهو أمر يفتقر الدقة  إلى حد كبير – فلا يزال غرابة المسرح  أمام مفاهيمنا الجمالية والفلسفية ذات الأصل الانطولوجي الوجودي  وهي كثيرة لدرجة يصعب احصائها، ويتوقف عند (هيدجر) ودراسته الأهم في القرن العشرين (حول اصل العمل الفني)، ويضرب مثالين تحت عنوان (مناورات الظاهرة المسرحية أولهما: عرض “لاروستايا” عام 2000 في مهرجان القاهرة التجريبي، وهي تجربة شديدة التفرد في مناوراتها مع التماثيل والاشكال النحتية الاغريقية القديمة – فقدم تطويعا مسرحيا لفن النحت او منتجاته، وثانيهما: عرض “الزومبي والخطايا العشر” من مصر، و“سم هاملت” من المكسيك ولعبة الدمي والتماثيل، وان الظاهرة المسرحية تحظي بمساحة شاسعة لسريان حركتها وفعاليتها التحويلية علي نحو يمنحها قدرة شبة دائمة علي مناورة العالم المعاش ويجعلها موضوعا ممكنا للفصل المسرحي ومرونته التي تجعله قادرا علي إضافة كل ما يظهر أو يحدث إلى فضائه  والسؤال الأخير في هذا الجزء عنوانه (الهولوجرام والعالم، سؤال اخر!) حيث يقرر الكاتب (وقد تطور فضاء الحضور المشترك هذا عبر عصرين هما (عصر الفعل) و(العصر الانطولوجي) الذي يرتبط بالوجود .
 اما الجزء الثاني من هذا الكتاب المكتظ بالقضايا الملغزة وعنوانه (في الظواهر المسرحية فيضم (التقنيات الأولية لمسرح الشارع ) حيث يمكن للمسرح أن يحرر نفسة من الارتباط بالمعمار المكاني المجهز -  ويضم هذا الجزء أولا : تقنيات ما قبل العرض، وثانيا تقنيات ما حول العرض، ويروي المؤلف حكايتين (لمسرح الشارع) شاهدهما بنفسه : أولهما “الزفة” 2006  لفرقة السويس، وثانيهما في سوهاج بالصعيد 2012، وحكاية ثالثة عام 2014  لعرض أقيم في مدينة طنطا وقدم في حديقة عامة، ويري أن التقنيات الأولية لمسرح الشارع تتمثل في طريقته أو هندسته الخاصة والفريدة في انشاء وحفظ (بنيته التحتية) التي لا يمكن إتمام العرض بنجاح دون تجهيزها بشكل جيد، وينتقل المؤلف إلى (التقنيات الأولية لتأسيس الحالة المسرحية في الشارع)، وهما مجموعتان رئيسيتان (تقنيات ما قبل العرض )، و(تقنيات ما حول العرض)، ومحاولة تأسيس حالة مسرحية من العدم، وبحث (المكان والجمهور) مثل: صلاحية المكان وطبيعة الجمهور المستهدف، وجذب الانتباه وخلق الاهتمام الجمالي وتقنية الانتباه والتهيئة الجمالية، ويبدي ملاحظته حول (الجمهور المزيف) وهو استجلاب أصدقاء ومعارف فريق العرض)، ويتناول (مساحة مكان العرض) وجمهور هذا العرض الذي يضمه “مساخة العرض وطبيعة المكان عند المؤدين وحجم وطبيعة الجمهور المتوقع، وشكل ساحة العرض، والحسابات المتعلقة بقرار بدء العرض، وتعيين مخطط الحركة وما قبل البداية ووضعيات طاقة الممثل والتعامل مع الصخب والضجيج، وخطة البداية، وحفظ المكان – حيث سكون (المشاهد) أو حركته مرهون بقرارة الشخصي اكثر من أي شيء أخر، إذ سيؤثر هذا القرار بالضرورة علي انتظام العرض ككل، وتوضيح حدود التمثيل، ومواجهة المقاطعة والتعليق، والاقتحام والتداخل، والاقتحام، والتداخل، والمحافظة علي عبير العرض، ويختم المؤلف هذا الفصل بعنون (مسرح الشارع بين وعده الأسطوري وضآلة حضوره في الواقع) حيث يظل مسرح الشارع محتجزا في سكونه، الذي يمنعه من الانتشار اللائق به وفي تصوري أن هذا الجزء من الكتاب الملغز هو مشروع كتاب هام ورائد حول (مسرح الشارع في مصر .. بشرط دراسة وتاريخ مسرح الشارع في العالم..
 كذلك يضم هذا الجزء الثاني من الكتاب عنوانين رئيسيين قد يبدوا منفصلين في الظاهر:(حول مشروع المهرجان التجريبي )، وفيها قراءة واعية لمسيرة المهرجان التجريبي في الجزء الأول، وشكل جديد من النقد المسرحي التطبيقي .. بعنوان (الدمي والوعي والعالم)، ويتناول فيه العرض المكسيكي “سم هاملت”2017 الذي يراه (إعادة قراءة أو معارضة للحالة الهاملتية التي طالما نظر اليها علي انها تمثل تصوير معمقا لازمة الوعي الذاتي في مواجهة العالم، بحيث باتت من أهم المدونات الجمالية ضمن السجل الرومانسي لظاهرة الوعي الإنساني )، وكذلك يتناول العرض المصري “الزومبي والخطايا العشر” ويقول : (لا يكاد هذا العرض يهدف إلى شيء سوى الذهاب إلى العالم عبر الخوض في سماء النظام الاجتماعي، الذي يسحق كل ما هو إنساني، بحيث سيبدو وكأن الفاعل الأساسي والوحيد تقريبا في هذا النظام هو سلطة رقمية تكنولوجية غير متجسدة، ولا يمكن استحضارها إلا عبر تقلب صور شاشات وضجيج أصوات مجهولة المصدر، ولذلك سيبدو في أغلب فترات العرض وكأن ثمة فجوة مغلقة بين عالم السلطة، الذي لا يكاد يظهر سوي عبر فضاء بصري وسمعي مفارق)، وفي نفس هذا الجزء يتناول (إلماحات) تأسيسية حول فينومينولوجيا الدمي) فالدمية في رأيه (هي مجرد كتلة مادية قد خرجت من شيئيتها تجاه شكل بلا وظيفة استعماليه مباشرة، انها ظاهرة وظيفية تتعلق باستقبال ومراكمة وتمثيلات reprentations الوعي، تم ردها اليه، ولذلك فهي تظهر طوال الوقت بوصفها مجرد اشتقاق من الحالة العامة للكتلة، وعن (الدمي و المسرح، والعالم) يتناول العرض البولندي «موليير» وانها أي (الدمي) قد استأثرت لنفسها بما هو انساني، اما الانسان الممثل، فهو مجرد عامل مساعد لاظهار أزمة تلك الدمي في العالم)، ويتساءل إلى متي يظل تعاضد الدمي مع الانسان علي حساب تراجع ما هو انساني؟
 وفي الجزء الثالث والأخير من هذا الكتاب المهم، ويدور حول (حالات مسرح ما بعد يناير) تحت عنوان (فرضيات أولية حول حالات مسرح ما بعد يناير2011-2014 من الاندفاع إلى التبدد) ويقسم ما بعد يناير إلى : المرحلة الاولي: الاندفاع الرومانسي -  ويراها تقلد مسرح الستينيات والتي اسميها (المواكبة)، والمرحلة الثانية : الالتفاف والتحول -، والمرحلة الثالثة : التبدد والتي تبلورت من 2013، ( ومع انسحاب الذات الفاعلة يعود الاخر) فيملأ هذا الفراغ. ثم (الحضور ما بعد يناير في المسرح – مرحلة الاندفاع الرومانسي -  حيث كانت تقنياته الجمالية اكثر تأُثيرا -  ثم مرحلة الالتفاف والتحول ) التي شهدت تغيرا في بنية النموذج الستيني –فبعد الانتقال من (البطل المخلص) إلى (البحث عن المخلص) الذي اكتمل وانتهي، وظهرت (الكتلة الاجتماعية المخلصة) الحاضرة في الواقع الأدنى والتي لا يكاد يفصلها عن المستقبل سوي خطوة، وببساطة فقد تراجع الحدث الأسطوري المخلص إلى الخلفية بعد أن ثبت انه لم يكن كاملا ولا نهائيا، وأنه لم ينجز ما ظننا انه وعد به، ولكن بالمقابل بقي الفاعل الاجتماعي لهذا الحدث، والذي يمكن أن يكرر ويستكمل ما سبق أن قام به، وعبر هذه المرحلة جري تفكيك استراتيجيات التعامل مع المستقبل، وبعد تفكيك او إزاحة وإلغاء غياب البطل المخلص وبدأ تقويض الغياب نفسه، ويري انه في المرحلتين السابقتين كانت تتجنب الفرصة للقفز علي استحضار الحدث الأدنى المتعلق بثورة يناير سواء عبر إشارات مباشرة او تلميحات (اسقاطات) صريحة واضحة – الا أن هذا الامر قد تبدل كليا مع نهايات عام 2013، وبدت ثنائية حول وعي العروض بحالة التبدد تلك، وفي (الخاتمة) يري (المؤلف) من الصعب القطع بالمسارات الجمالية المستقبلية للمسرح المصري، وهو ما نجده في أجلى صورة  في عرض «الجزيرة» في الإسكندرية اخراج : محمد أسامة عطية، وعرض “المايستيرو»، اخراج محمد سيد، وقد وجد فيهما تشابهات وتقاطعات اذ يجمع بينهما الجدية (القاتمة) المنكفئة علي موضوعها.. لكن هناك تباين ملحوظ في المستوي الفني والطموح الجمالي بين العرضين، ويتقاطعان في تذبذب الإحكام التقني بين مشهد وآخر، والعرضان يتناولان رحلة صعود البطل المنفصل عن كتلته الاجتماعية، وهو صعود لا يكاد يرتبط بأي شيء تقريبا إلا بقدرة هذا البطل علي الفعل، وأنها رحلة صعود – لا خلاص . وينتقل إلى تشخيص الحالة الاجتماعية والنفسية والفلسفية (لمسرح يناير)، ويقارن بين عرضي “ماكبث” و“بير السقايا” المأخوذ عن “ماكبث” وكلا العرضين يتناولان “ماكبث” وشكسبير، وهو نص ذو نواة درامية صلبة تحت عنوان “الازاحة التاريخية لدراما ماكبث والذي يعلن منه نهاية التاريخ وانتصار نظام التمثيل الانتخابي (او الديمقراطي حسب التعبير الذي قد تفضله) اما ما عداة من أنظمة فهي مجرد بقايا متلكئة لن تلبث أن تذوب وينعدم حضورها في العالم، وأن ما شهدته مراحل ما بعد يناير من انحصار أمواج الطاقة الاجتماعية الاحتجاجية، وتأميمها او امتصاصها لصالح الدولة، واذعان المجتمع للعنف كخيار لمواجهة – تصدعاته وانشقاقاته، وكأن ثمة انكماشا مفاجئا أصاب جسد الدراما المصرية، وجعلة يتقلص حول نفسه وخلق (مسافة) تباعد بينه وبين العالم، ويضرب مثالا بعرض«الليلة ماكبث” (لتامر كرم) في مسرح الهناجر 2014 ، حيث سيتم تأطير العالم الماكبثي بأكلمة داخل فضاء مفارق او غير متعين، وكأنه مجرد طية حاذقة ودقيقة يتم استدعاؤها من الفراغ وفردها ونشرها امامنا قبل أن تعاد إلى وضعها  الأصلي مرة اخري، وهو ما نجدة في عرض “بير السقايا” المأخوذ عن ماكبث للكاتب (حسام عبد العزيز) – أسيوط، عام 2014- وينتقل إلى موضوع رد عن التخارج في دراما الجنوب  حيث تبدو الكتابة الدرامية في جنوب مصر وكأنها لا تكاد تبرح حاليا (التخارج) – بمعني أن الذات هنا غير قادرة – وربما غير راغبة أيضا علي تأمل فيما يخصها إلا عبر طرحة بوصفة ما يمكن رؤيته من الخارج، او بالاحري ما يراه هو في الخارج – بما يؤدي إلى انتاج فجوة او مسافة شبة فارغة تباعد باستمرار ما بين الذات والعالم، وان دراما (ماكبث) تجمع بين اليأس الاجتماعي والتاريخ المعمم، الذي نشرته مراحل ما بعد يناير، وبين بؤس العالم المخيم علي ثقافة الجنوب المصري على نحو يجعله عصيا علي أيه مواجهة وعن هذا الكتاب الهام أشير في النهاية إلى رأي الناقد (د. محمد سمير الخطيب) – (نشرة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي 2022 ) – العدد الثاني – ص(4) حول هذا الكتاب الهام  (أن الكاتب لدية قدرة فنية ونوعية فريدة – حيث بدور علي اصل فلسفي وهو الفلسفة (الظاهراتية) وكيف يستنبط الانسان الأشياء من الأشياء نفسها وتحليل المكونات الذاتية وقدرتها علي رؤية الأشياء، ويهتم الظاهرتيون بمفهوم الظاهرة نفسها وهذا ما فعله مؤلف الكتاب، ولذا يجب التعامل مع الكتاب كظاهرة)، ويقرر أن المؤلف لم ينحز لفكرة الاجتماعيات وانما دمجها معا، وفلسفته هي أن ما هو جمالي يولد من ما هو اجتماعي في الأساس، وانه ركز علي انطلاقه من اتجاه مختلف ينطلق من الفلسفة إلى المسرح أي قراءة المسرح بصورة فلسفية -  لذا يمكن تصنيفة مثل التحولات في الدراما او مولد التراجيديا وهو كتاب فلسفي يتحدث عن المسرح كأحد الوسائل التي توصل الأفكار والي هذا العالم )  وأنه يتعامل مع ما قيل عن التباين ما بين طاقة الفعل المسرحي وبين طاقة نفس الفعل في الحياة اليومية، واري أن الاستبصار يمكن تعميمه علي الفعل المسرحي، والتركيز علي العطاء الجمالي والعطاء الاجتماعي، وانه كانت لدية محاولة للتوسع في أنماط الفعل الإنساني والفعل الاجرائي ثم الأدائي، وان المسرح هو نمط فعل مميز يجمع بين هذه الأفعال ).
وهو ما أتصور انه محاولة لتوضيح محتوي هذا الكتاب الملغز المثير للاهتمام والجدل..


عبد الغنى داوود