مدحت الكاشف:قبول ذوي القدرات الخاصة بقسم التمثيل مبادرة مثمرة ولها نتائج جيدة

 مدحت الكاشف:قبول ذوي القدرات الخاصة بقسم التمثيل مبادرة مثمرة ولها نتائج جيدة

العدد 618 صدر بتاريخ 1يوليو2019

في مبادرة تعدّ الأولى من نوعها لقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، تم في العام الماضي قبول ثلاثة طلاب من ذوي القدرات الفائقة، وقد اجتاز هؤلاء الطلاب اختبارات المستوى الأول ومنقولون للمستوى الثاني، لهذا التقينا بالأستاذ الدكتور مدحت الكاشف أستاذ التمثيل والإخراج ووكيل المعهد العالي للفنون المسرحية.
الكاشف ممثل ومخرج مسرحي قدم عددا من الأعمال المسرحية بالبيت الفني للمسرح من عام 1988 وحتى عام 1991 وحاصل على دكتوراه في الفلسفة في الفنون «تخصص تمثيل وإخراج» بتقدير مرتبة الشرف الأولى وله الكثير من المؤلفات المنشورة في مجال الفن منها كتابه “اللغة الجسدية للممثل” وكتاب “المسرح والإنسان - تقنيات العرض المسرحي المعاصر من الملحمية إلى أنثروبولوجيا المسرح” وكتاب آخر بعنوان “البانتوميم - فن الصمت” وكتاب تم إصداره ضمن المهرجان القومي للمسرح بعنوان “الوجه والظل في دولة التمثيل”.
لنتعرف على نتائج هذه التجربة الأولى والرائدة لقسم التمثيل والإخراج بعد نهاية هذا العام الدراسي، وكيف تم التعامل مع هؤلاء الطلاب على مستوى العملية التعليمية واختبارات نهاية العام.
بداية، للمعهد العالي للفنون المسرحية دور كبير في الحركة المسرحية المصرية والعربية كيف ترون هذا الدور؟
المعهد العالي للفنون المسرحية ما زال يمارس دوره في تخريج شباب المبدعين من الموهوبين في التخصصات الفنية المختلفة كالتمثيل والإخراج والتأليف والنقد والديكور.. إلخ، ويصاحب النشاط العملي نشاط تجريبي يمارس الطلاب من خلاله أنشطة إبداعية كالمسابقات الفنية والمهرجانات المسرحية والمعارض الفنية وغيرها، بحيث يطبق الطالب ما درسه في قاعات الدرس طوال العام، مؤكدا أن المعهد يعمل كخلية نحل طوال العام وفي الإجازات الصيفية فأضواؤه لا تنطفئ بأي شكل من الأشكال.

ماذا عن قبول الطلاب ذوي القدرات الخاصة للمرة الأولى بقسم التمثيل والإخراج؟
في العام الماضي وبعد إعلان الرئيس السيسي عنه عاما لذوي القدرات الفائقة كان لا بد لأكاديمية الفنون أن تبحث عن آلية لدمج هؤلاء داخل نظام الدراسة، ولكن كيف يتم دمجهم في نشاط ودراسة تعتمد على قدرات جسمانية وصوتية تعود عليها المعهد منذ إنشائه عام 1930 وحتى اليوم؟ المعهد له تجربة سابقة في ذلك بقسم الدراما والنقد، وتجربة أخرى بقسم الديكور، فالطالب عمرو درويش وهو خريج قسم الدراما والنقد حصل على تقديرات عالية جدا لأنه بطبيعته مجتهد ولم تحدث أي مشكلات، فهو يواظب على حضور محاضرته، وفي لجنة الامتحان يتم تكليف أحد موظفي المعهد بمساعدته في كتابة ما يمليه عليه. وطالبة أخرى بقسم الديكور، تم عمل كرسي ومنضدة رسم مناسبة تلائم قدراتها الجسدية وهي تحقق الآن مراكز متقدمة بموهبتها. أما عن قسم التمثيل والإخراج ففي عام 2018 - 2019 فوجئنا بطالبة تقدمت لاختبارات القبول بالقسم وهي صماء بنسبة 95% لكنها تتميز بقدرتها على قراءة حركة الشفاه بجانب لغة الإشارة، درسنا الموقف بتعليمات من أ.د أشرف زكي، رئيس الأكاديمية، فكان القرار بأن نعطيها الفرصة، فلعل لديها موهبة غير عادية تتفوق بها على أقرانها. ثم تقدم شاب آخر (من الصم وضعاف السمع) وثالث يعاني من صعوبة في النطق. وبالبحث في الحالات الثلاث قرر قسم التمثيل والإخراج قبولهم ووضع برامج خاصة تخضع للائحة.

ما طبيعة الدراسة داخل المعهد؟ وهل يتم وضع برامج خاصة لهؤلاء الطلاب تتناسب مع قدراتهم؟

الدراسة في المعهد تخضع لنظام الساعات المعتمدة، وتم إرشادهم لاختيار المواد التي تعتمد على العمل النظري والجسدي والتقني، إلى أن يتم تهيئتهم لتدريبات الصوت وغيرها من المواد كالإلقاء التي قد تتعذر عليهم في المرحلة الراهنة، فقررنا استبعاد هذه المواد لحين إعادة النظر في اللائحة فيما يخص هذه القدرات الخاصة، وجاري إعداد برامج قد تكون صوتية ولكن ليس بها نفس الشروط.
وقد أثبت الطلاب في اختباراتهم كفاءة ونجاح، فالطالبة مادونا اجتازت كل الاختبارات، وكذلك الطالب (صفوت) والطالب مهاب رغم أنه يعاني من صعوبة في النطق، ورغم ذلك استطاع أن يؤدي دور (سعيد) في مسرحية “ليلى والمجنون” لصلاح عبد الصبور.

كيف تعامل الأساتذة بقسم التمثيل مع فكرة قبول هؤلاء الطلاب للالتحاق بالدراسة؟
لا أخفيك سرا أن هناك البعض من الأساتذة اختلفوا معنا ورفضوا التدريس لهم، في مقابل سعي معظم الأساتذة لضمهم لمجموعاتهم، وأخص بالذكر الأستاذ جلال الشرقاوي الذي اعتبر هؤلاء الطلاب مشروعا خاصا به، وطلب مني إدارج الطالب مهاب في المجموعات التي يدرس لها بنفسه حتى تخرجه، وإلى جانب الأستاذ جلال الشرقاوي، د. عاصم نجاتي الذي تكفل بالتدريس لهم مادة حرفية الممثل في الفصل الدراسي الأول وهي تقوم على إعداد الممثل صوتيا وجسديا وقد حققوا نتائج مبهرة، وفي الفصل الدراسي الثاني كانوا ضمن المجموعة التي أشرفت عليها في مادة حرفية الممثل، ورغم وجود مترجم لغة الإشارة فإن التواصل بيني وبينهم أصبح لا يحتاج لمترجم بل هناك تواصل بلغة العيون والشفاه، وسوف ينتقل هؤلاء الطلاب في العام القادم للمستوى الثاني للحصول على برامج أكثر تقدما.
وبناء على ذلك تم تعيين مترجمة لغة إشارة بالمعهد لكي يتمكن الطلاب من متابعة المحاضرات والسكاشن، بالإضافة إلى بيشوي عماد الذي تطوع أن يكون مترجما للغة الإشارة لهؤلاء الطلاب.

كيف تقيم التجربة حتى الآن؟ وما فوائدها؟
أرى أن أبرز نتائج التجربة حتى الآن هي دمج هؤلاء الطلاب مع زملائهم في مجموعة واحدة فهم يجتازون نفس الامتحان ونفس الدرجات. وهو الدور التعليمي الذي نقوم به، بالإضافة للتقويم والتهيئة حتى يتسنى لهم أن يمارسوا حياتهم كأشخاص طبيعيين، وهي تجربة لم تظهر نتائجها بعد ولكنها مبادرة قد تؤتي ثمارها، ولكنها إلى الآن مثمرة ولها نتائج جيدة.. إن المشاعر والأحاسيس رأسمال الممثل، ولحظات الصمت تكون أبلغ من الكلام وأتمنى أن تحذو بقية معاهد الأكاديمية هذا الحذو، فهؤلاء من ذوي القدرات لديهم طاقة إبداعية قد يتفوقون على غيرهم من الأصحاء.


عماد علواني