الفنانة المغربية نوال عبد العزيز: الفن موجه لكل الناس والفنان مطالب بالارتقاء بذائقة الجمهور

الفنانة المغربية نوال عبد العزيز: الفن موجه لكل الناس والفنان مطالب بالارتقاء بذائقة الجمهور

العدد 582 صدر بتاريخ 22أكتوبر2018

ممثلة ومخرجة مغربية، متعددة الثقافات، فهي تحمل الجنسيتين؛ الأردنية والفرنسية، بجانت جنسيتها الأصلية، شاركت مؤخرا في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورة اليوبيل الفضي حيث ألقت كلمة حول مسرح الجسد في إطار المحاور الفكرية، كما حرصت على متابعة كافة فعاليات المهرجان ومشاهدة العروض المشاركة من مختلف دول العالم، ويزخر أرشيفها بالكثير من الأعمال المسرحية المميزة كممثلة ومخرجة مثل: «عودة الغرباء»، «ضيف الله»، «أوفيليا تعود»، «في انتظار جودو»، «عندما يأتي الشتاء»، وغيرها.
إنها الممثلة والمخرجة والإعلامية المغربية نوال عبد العزيز التي كان لنا معها الحوار التالي..
متى بدأ تعلقك بالمسرح لأول مرة؟
*يبدو أن القدر هو الذي ساقني إلى هذه المساحة الإبداعية، فمن محاسن الصدف أن المدرسة الابتدائية التي كنت أدرس فيها بمدينة فاس في مواجهة دار شباب وكت أسمع صراخا عاليا يصدر من الدار فقادني فضولي لأستطلع السبب، وهنا كانت رؤيتي لخشبة المسرح وممثلين يؤدون عملا مسرحيا، أعجبني الأمر وأصبحت أزورهم دائما للمشاهدة فقط وشيئا فشيئا أحسست أن بداخلي حاجة تدفعني لاعتلاء هذا المسرح، ومع تكرار زياراتي للمكان شاهدني أحد الأشخاص وسألني إن كنت أحب أن أكون معهم، وهنا كانت البداية وتعرفت على أساتذة مهمين تدربت على يديهم.

كممثلة ومخرجة ما هي أهم العروض التي تفخرين بها في مشوارك؟
*لكل عمل مسرحي نكهته الخاصة بمشكلاته وإخفقاته ونجاحاته، وكل عمل فني كان يشكل لي مدرسة أتعلم منها، لكن تبقى مسرحية «الغرباء» وقدمتها بالأردن وكانت من إخراجي وبطولتي وحصلت عنها على جائزة أحسن ممثلة،، ومسرحية «اسكت.. أنا أتكلم» وكانت من إنتاج مؤسسة حقوقية تعنى بمشكلات المرأة، وهما من أهم المسرحيات التي ظل صداها، بقلبي، وهناك عروض أخرى أفخر بها.

سافرت للكثير من الدول الأوروبية فما هي نقاط الالتقاء بين التجريب لدينا والتجريب على مستوى العالم؟
*التجريب في المسرح سواء في وطننا العربي أو أي مكان في العالم هو تجريب قائم على التجارب الذاتية للقائمين على هذه الخطوة، فمن عرض قد يكون مبهرا في الوطن العربي، في ثقافات أخرى يمكن أن يكون عاديا، فالتجريب المسرحي يعتمد بالأساس على إبداع الأشخاص القائمين عليه، إلا أن الفرق بين هنا وهناك أن التجارب في أوروبا تجارب تراكمية تتم الاستفادة منها عند إنتاج أي عرض جديد، لكن في وطننا العربي وللأسف تبقى هذه التجارب فردية وعند الانتهاء منها توضع في الأرشيف ولا يتم الاهتمام بها.

ما هي نصيحتك الأهم التي توجهينها للمتدربين لديك في ورشك التدريبية؟
*نصيحتي لكل متدرب هي الاستمرار في التدريب، ذلك لأن الجسد ينمو ويتفاعل بالحركة، ويذبل بالإهمال، فعلى المتدرب مهما حقق ومها وصل من مستويات وتقنيات على مستوى الحركة الجسدية، عليه ألا يتوقف عن التدريب حتى لا يقف عند نقطة معينة، ويبدأ بعد ذلك بالتقهقر إلى مستويات أقل.

هل هذه الورش قادرة على إفراز جيل جديد من المسرحيين لإثراء الساحة المسرحية؟
*بالنسبة لي فإن الهدف من الورشة التدريبية هو الاكتشاف ثم التطوير، فمن خلال الساعات التي أقضيها في تدريب بعض الهواة، فإن التركيز يكون على اكتشاف نقاط القوة لكل فرد من هذه المجموعة وبعد هذه المرحلة أدخل في عملية التطوير والبناء لنقاط القوة هذه، وعلى مدار السنوات تخضع هذه الفئة المتعطشة للتعلم على أيدي متخصصين، فبالضرورة تكون هذه الورش قادرة على إفراز ممثلين ومخرجين وكتاب وسينوغرافيين و.. و... و..، فالورش المسرحية رافد من روافد إثراء الساحة المسرحية خاصة إذا علمنا أن أغلب المشاركين في هذه الورش لم تواتِهم الفرصة للدراسة بالأكاديميات المتخصصة وتكون تلك الورشات بمثابة نافذة مهمة لزرع المعرفة المسرحية لدى هؤلاء الشباب.

شاركت مؤخرا بمهرجان القاهرة التجريبي لأول مرة، فما هو انطباعك عن المهرجان؟
*انطباعي عن مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي سبق وجودي داخل أروقة المهرجان ذلك لأن تاريخه يمتد إلى 25 عاما، ولا بد أن يكون له رونق وهيبة تفرض نفسها على كل زائر له، ومنذ لحظة وصولي إلى مطار القاهرة، شعرت بالحرفية والمنهجية لهذا المهرجان وذلك من خلال الاستقبال والحفاوة الكريمة التي وجدتها من لحظة نزولي من الطائرة، وحتى إن وصلت إلى الفندق، وأنا في رأيي أن أساس نجاح أي مهرجان سواء كان مسرحيا أو سينمائيا أو غيره، هو التنظيم الجيد وهذا ما تميزت به تلك الدورة، لذا فأنا أسجل إعجابي بالقائمين على هذا المهرجان من إداريين ومنظمين وصحفيين، كان يزداد كل يوم قضيته في هذا المهرجان، ولا ننسى الجهد الرائع للدكتور والفنان سامح مهران رئيس المهرجان، والأستاذ والفنان عصام السيد التي انعكست بشكل إيجابي على كل مشارك وحتى على العاملين في المهرجان.

هل العروض التي تحمل صفة التجريب موجهة لنوع محدد من الجمهور؟
*إن المسرح باختلاف مدارسه ومضامينه الأصل فيه أنه موجه لكل الناس، ومفهوم أن هذا العرض موجه للنخبة فهذا في رأيي إنقاص للعرض المسرحي المفترض فيه مخاطبة كل الناس أو أنه تقليل لقدرات الآخرين في استيعاب ما يشاهدونه وهذا مرفوض، لأن العرض المسرحي مهما كان معقدا أو به شيء من التجريب فهو في الأساس لعبة تمارس على خشبة المسرح ولكل شخص القدرة على فهم هذه اللعبة على حسب مستواه الفكري، والحالة الوحيدة التي يمكن أن نقول إن هذا المسرح غير موجه لكل الناس هي عندما يكون المتلقي لا يرى، لا يسمع، لا يتكلم!
وأضافت نوال: إن الفنان مطالب بالارتقاء بذائقة الجمهور، ويكون مخطئا إن فكر أن إبداعه أعلى من فهم الجمهور، فالأصل أن الفنان المبدع يسبق عصره ولذلك فعليه أن يقدم ما يدفع الناس للحاق به، ليكونوا على مستوى إبداعه وليس العكس.

كيف رأيت الإقبال الجماهيري على عروض المهرجان؟
لأنني أقيم منذ سنوات في أوروبا وفي فرنسا تحديدا، فإن رؤية طوابير من الناس تقف على شبابيك التذاكر لمشاهدة عرض مسرحي أمر معتاد بالنسبة لي، ولا يشعرني بالدهشة، ذلك لأنني اعتدت على هذا الأمر، ولقد كنت أظن أن مثل هذه الظاهرة، لا توجد إلا في أوروبا، إلا أن ظني لم يكن في محله وأصابتني الدهشة من الكم الهائل من الحضور الذين كانوا يصرون على مشاهدة العروض المسرحية، وكانت الدهشة أكبر عندما علمت أن أكثر هؤلاء من غير المتخصصين أو الدارسين للمسرح وهنا سأقول إنها الذائقة الفنية، التي يتوارثها الشعب المصري جيلا بعد جيل.

ما هو مفهومك للتجريب؟ وهل يستهويك هذا النوع من المسرح؟
إن مفهوم التجريب رغم أنه إلى الآن وفي كثير من الحالات ليس مفهوما واضحا، لكن يمكن القول إن التجريب هو خوض غمار نص مسرحي بطريقة غير متوقعة وبعيدة عن أجواء هذا النص، وإذا انطلقنا من هذا المفهوم المختصر للتجريب في المسرح، فإن الخشبة المسرحية ستصبح أكثر إبداعا وأكثر تنوعا بشرط أن يقدم التجريب بوعي وضمن رؤية إخراجية من لحظة صمت الجمهور إلى لحظة التصفيق في نهاية العرض المسرحي، من الطبيعي أن كل خطوة تكون في درب التطوير المسرحي أن تستهويني، وأكون مناضلة في الدفاع عنها، فلو رفضنا كل خطوة لتطوير رؤانا المسرحية لبقينا على مدرجات المسارح اليونانية والرومانية نقف في مواجهة الناس كما لو أننا في حفل خطابي.

إعلامية وممثلة ومخرجة ومدربة تمثيل وأشياء أخرى.. أي تلك الأشياء عملتي به أولا، وأيها يحتل الأولوية لديك؟
*بالنسبة لي الفن وحدة واحدة ولا يمكنني الفصل بين كوني مدربة أو مخرجة أو ممثلة، ذلك لأن الغاية واحدة وهي خلق حالة إبداعية، ثم تأتي الوسيلة من خلال إما التمثيل أو الإخراج أو التدريب، أما الإعلام فقد كان ضرورة في محطة من محطات حياتي حينما عملت بقناة نورمينا وكان ضروريا أن أكون ملمة بهذا المجال فدرسته لاعتقادي الراسخ أنه هو النافذة التي من خلالها نسوق إبداعنا الفني إلى المجتمع.
 


كمال سلطان