محمود جمال حديني: «بيت روز» دردشة بنات في الثلاثين

محمود جمال حديني: «بيت روز» دردشة بنات في الثلاثين

العدد 819 صدر بتاريخ 8مايو2023

الكاتب والمخرج محمود جمال حديني، قام بتدريس مادة حرفية الكتابة المسرحية لقسم الدراما والنقد في جامعة عين شمس من 2015 وحتى 2019، له العديد من الأعمال من تأليفه، منها: إنهم يعزفون، والعراف، وطائر، والبروفة، واليوم الأخير، ويوم أن قتلوا الغناء، وبيت الأشباح، ودوجز. وحصد العديد من الجوائز، منها: جائزة ساويرس أفضل نص مسرحي مركز أول عن نص «سينما 30» عام 2018، وحصل في نفس العام على جائزة المهرجان القومي للمسرح المصري أفضل نص مسرحي «سجن اختياري»، حصل على جائزة أفضل مخرج فى مهرجان الكبرى جامعة عين شمس عن عرض «سينما 30» عام 2017، وجائزة أفضل مؤلف في المهرجان القومي للمسرح المصري عام 2015 عن مسرحية «الغريب»، وجائزة أفضل مؤلف بالمهرجان القومي للمسرح المصري عن مسرحية «1980 وانت طالع». أخرج العديد من المسرحيات، منها: سينما 30، والحضيض، وبيت الأشباح، والغرفة، وفي النصف الثاني من شهر فبراير الماضي تم افتتاح العرض المسرحي «بيت روز» على مسرح الطليعة من تأليف وإخراج محمود جمال حديني. عن العرض المسرحي وأسئلة أخرى كان لنا معه هذا الحوار.

-حدثنا عن «بيت روز» من بداية الفكرة حتى عرضها على المسرح؟
«بيت روز» في تفكيري طوال عمري، ولكنها لم تستغرق يومين من الكتابة، طوال عمري أرى أن المرأة كائن مضطهد وأراه كائنا قويا، ولكن هناك بعض السيدات يستضعفن أنفسهن، من وجهة نظري المرأة أقوى من الرجل، ولكن أحيانا المرأة هي من تضعف نفسها، طوال الوقت هناك أحداث ضد المرأة وعن المرأة مثل عروس الإسماعيلية والفتاة التي تم ذبحها في الظهيرة، وغيرها من النساء. المسرحية هي «قعدة بنات» عندما يتحدثن مع بعضهن البعض،  إحساسي أن هناك طاقة تظهر للجمهور، طاقة أمل وقوة.

-ما سبب استحضار فترة الثلاثينات عند الفتيات خلال العرض؟
ربما لأنني في نهاية الثلاثين وأصدقائي من الجنسين في هذه الفترة، والثلاثين سن شباب جدا، وفي نفس الوقت به عقل، انتهاء مرحلة كبيرة من الشباب، وهناك مرحلة جديدة نتمنى أن تكون شبابا، يبدأ الحماس فيها يقل مقابل العقل، سن يقل فيه الاندفاع، هو عمر مهم وسط ومختلف، لقد صنعت هذا العرض من أجل أن يتحدث أربع فتيات ويقلن أشياء ربما أربع فتيات أخريات لا يستطعن قولها، جلوسهن من بعضهن البعض في العرض جلسة خاصة غير أي حديث كان يدور بينهن وبين بعضهن البعض، دون شعور يفتحن ملفات شائكة في حياتهن لأول مرة بعد أن أخبرتهن صديقتهن أن هناك عريس صالونات سوف تقابله، وربما في هذه الجلسة نفتح ملفات لدى المتفرج  قد يخجل أو يخاف أو لا يفكر أن يفتحها بداخله، وكأننا نعبر عن المتفرج من خلال العرض.

حدثنا عن معايير اختيارك لعناصر العرض المسرحي؟
مصممة الديكور والأزياء هبة الكومي، أولا لأنها أنثى، اللمسة الفنية التي تخرج من الفتاة مختلفة، لم يكن لدي أي رؤية في الديكور غير فكرة الكراسي الأربعة والمنضدة فقط، غير ذلك كل ما في العرض من ديكور وأزياء رؤية هبة الكومي، هي مختلفة وأنا كنت في حاجة إلى هذا الاختلاف، أما الإضاءة محمود الحسيني «كاجو» هو موهوب جدا ويجتهد بشكل كبير وقد أخرج فيلما قصيرا، فمن وجهة نظري من يفهم في المنظور السينمائي ويفهم في الإحساس الشخصي في الإضاءة يعمل إحساس الزوايا والتكثيف، أما الموسيقى لرفيق يوسف وهو شاعر وحساس ومثقف ويطور من نفسه طوال الوقت، ويقوم بصناعة التيمة الموسيقية على الكمبيوتر، هو موزع ممتاز، يجعلك تسمع تراك موسيقي به العديد من الآلات مع العلم أنه من صنعه وحده على الكمبيوتر، ولديه حرفية عالية لصناعة ذلك.
فيما يتعلق باختيار الممثلات بخلاف الموهبة، كان مهم جدا أن يكون لديهن قدرة على مواجهة الجمهور، وفي كواليس العرض أصدقاء، بينهن روح وطاقة وقدرة على التعامل فنيا وإنسانيا.

-لماذا  اسم “بيت روز”؟
الحقيقة العرض في البداية كان اسمه “روز” فقط “لون البنات” كما يُقال في المسرحية، والمحبب عند الغالبية العظمى من الفتيات، عند الدخول في فترة الثلاثينات قد لا ترتديه بعضهن لأنه يكشف عيوب الجسد أكثر، وكان هناك منولوج في العرض تقوله “سارة” إحدى بطلات العرض “قلوبنا كانت روز وبدأت تغمق مع ضغوطات الحياة”، وإضافة كلمة “بيت” كان اقتراح من مدير مسرح الطليعة المخرج عادل حسان، واقتنعت به لأن له علاقة بفكرة أنهم يجلسون في كافيه، ولقد وجدت بالفعل كافيه يحمل اسم “بيت روز”.

-مع دخول الجمهور قاعة المسرح التي هي كافيه “بيت روز” نجد شاشات ومرايا تعكس ما تعرضه وهو فيلم “الباب المفتوح” الذي استمر عرضه دون صوت طوال العرض المسرحي.. ما سبب ربطك بين الفيلم وبين أحداث “بيت روز”؟
الفيلم يتحدث عن فكرة حرية المرأة في الستينيات، وكان يتحدث بتعقل وبحرية، وأن الحرية لن تضرها، الفيلم يتحدث عن أهمية فتح الأبواب المغلقة وتحرير المرأة، وللأسف من وجهة نظري أرى أنه لم يتحقق بعد حتى اليوم، ربما لهذا السبب نحن نعرض فيلم أبيض وأسود يستعرض حقوق المرأة، التي لم تتحقق بعد بالشكل الكافي، سواء من المجتمع أو من المرأة نفسها، بالإضافة إلى تكريم أي شخص ناقش قضايا مرأة فيما مضى سواء مخرج أو مثل النجمة الكبيرة فاتن حمامة.

-حدثنا عن فكرة كون الجمهور جزءا من العرض ولا يرون كل ملامح الممثلات؟
 إنها ليست مسرحية تقليدية للمشاهدة فقط، وقبل افتتاح العرض قمت بعمل جينرال على المسرح التقليدي والأربع فتيات يقفن على المسرح كأنهن على الكورنيش مثلا، ظاهرات للجمهور بشكل تقليدي تام، من وجهة نظري أن الفكرة أنك داخل كافيه والجمهور جزء من العرض، أشخاص داخل الكافية، فمن المفترض ألا تسمعهم هم يتحدثون عن أشياء خاصة بهم، أحلامهم، ماضيهم، مشاكلهم، وهكذا. والجمهور زبائن، أنت من تحاول أن تسمعهم فيجب ألا تراهم جميعا من كل الزوايا، ولأن الجمهور كأنه يتجسس عليهم فكان مقصودا ألا يرى كل الجمهور كل وجوه الممثلات.
هناك قرص دوار أسفل المنضدة التي يجلسن عليها، كان من المفترض أن يدور القرص طوال المسرحية كل خمس دقائق، ولكن عمليا نحتاج إلى إمكانيات أكبر، فقررنا أن يكون الدوران في نهاية العرض بمنظور سينمائي، وكأنها كاميرا تدور حول الأربع فتيات، لحظة سينمائية نغلق بها العرض المسرحي.
مشاهدة المسرحية من وجهة نظري الشخصية هي في أن يكون المتفرج كاللص يحاول أن يرى ويسمع أسرار وحديث أربع فتيات داخل كافيه، العرض لا ينتمي للعرض المسرحي التقليدي، نحن خارج هذه الحدود.
 والممثلات نجحن بشدة في جذب انتباه المتلقي طوال الوقت.

-حدثنا عن رأي الجمهور والنقاد في العرض؟
هناك بعض المقالات النقدية التي تشيد بالعرض المسرحي، ومنها: مقال الكاتب الصحفي والناقد محمد عبدالرحمن الذي كتب “في بيت روز لم يهدم محمود جمال حديني فقط الحائط الرابع، بل هدم كل الحوائط”، وهناك أيضا مقال الكاتبة الصحفية هالة نور في جريدة المصري اليوم، أما الجمهور فيخرج من العرض سعيد بشدة، أكثر العبارات التي تلمس روحي “هنيجي تاني”، وبالفعل أراهم أكثر من مرة يشاهدون العرض، هناك العديد من الفتيات يرون أنفسهن في العرض فيخبرنني بذلك. مقياسي لنجاح العرض أن الجمهور يحضر أكثر من مرة، وهذا تحقق -الحمد الله.

-هل لدينا أزمة في الكتابة المسرحية وكُتّاب المسرح؟
لقد حصلت على جائزة التأليف المسرحي في المهرجان القومي للمسرح المصري أربع مرات، المرتان الأولتان حصلت عليهما من خلال مسرحية “1980 وأنت طالع” و”غريب”، عندما بدأت أكتب “يوم أن قتلوا الغناء”.  بعض الناس تعاملوا معي على أنني موهوب جديد؟! وهذا غير صحيح، لأنني كنت حاصل قبل هذا العرض على جائزة أفضل مؤلف في المهرجان القومي مرتين، والعروض نفسها حصلت على جوائز وأفضل عرض في “1980 وأنت طالع”، ولكن بعض الناس يتجاهلون العروض المستقلة ويتجاهلون المؤلف، وبعد حجب جائزة أفضل مؤلف في عرض “يوم أن قتلوا الغناء” قررت أن أتعامل من هذه اللحظة أنني مؤلف كبير وكأنني فرضت على من يتجاهلون ما أقدمه أن أجعلهم يتعاملون معي أنني مؤلف كبير، وليس شابا. لدينا مؤلفون متميزون مثل محمد عادل ومحمد السوري وفيصل رزق ومحمد ذكي.


إيناس العيسوي