يوم معتدل جدا كوميديا الأحلام

يوم معتدل جدا كوميديا الأحلام

العدد 572 صدر بتاريخ 13أغسطس2018

وسط حضور جماهيري كبير من مختلف الأعمار، قدمت فرقة مسرح الشباب التابعة للبيت الفني للمسرح في ثاني أيام المهرجان القومي للمسرح عرض «يوم معتدل جدا»، على مسرح أوبرا ملك، من تأليف سامح عثمان وإخراج سامح بسيوني، وبطولة كمال عطية ومجموعة من الوجوه الشابة الجديدة. حيث سعى العرض إلى تكوين صور مسرحية اجتماعية عبر التشكيلات الجسدية، التي جاءت حاملة قدرا من الدقة في عمليات التشكيل البصري وأيضا كان هناك تركيز على أهمية الحركة في عملية الإخراج حتى يتم بناء صورة تعبيرية حية تثير أنظار المتفرجين وتؤثر على عملية التلقي بشكل إيجابي.
في هذه الأجواء جاءت أحداث العرض تدور في إطار كوميدي حول شاب بسيط يدعى «معتدل» يتعرض في حياته ليوم سيء للغاية فهو يفقد فيه عمله ويتعرض للضرب وعلى قرب بأن يفقد حبيبته، وكل ذلك نعلمه بعد الدخول المفاجئ في الأحداث وبدأ العرض على حديث معتدل مع صديقه سعيد، فيذهب معتدل لمحل ملابس يعمل به صديقه، وفي هذا المحل يختلط الواقع بالخيال وسط المانيكانات التي يقوم بها الأشخاص وتحتل الفضاء المسرحي بشكل منظم. فينام معتدل وتتحول هذه المانيكانات في أحلامه للشخصيات التي تعد جزءا من حياته الواقعية سواء كانت حبيبته أو أباه أو عائلة حبيبته أو زملاءه في العمل، ومن ثَم يستيقظ ليجد أمامه فتاة تخبره بأنه يحلم ليعاود النوم مرة أخرى ويرى جميع الأحداث المؤلمة في حياته، وفي كل موقف مؤلم له تظهر فتاة الحلم لتُغير تلك الأحداث إلى الأفضل من خلال جملتها «يا أيها اليوم كن معتدلا».
شهد العرض الكثير من الأداءات الاستعراضية التي تأتي في نهايتها بتكوين صورة مسرحية أي في نهاية كل فقرة نجد كل ممثل يأخذ شكلا وحركة محددة فيظهرون كأنهم صورة داخل بورتريه، كما جاءت هذه الاستعراضات بشكل منظم على الرغم من ملء خشبة المسرح بمجموعة من الممثلين الذي صنع كل منهم ما يسمى “بالكراكتر”، فكل شخصية تتشارك مع الأخرى وأحيانا نرى شخصين في مشهد واحد يتبادلان الحوار معا بشكل ينتج كوميديا، فيؤكد ذلك أن كلا منهما مكمل للآخر فلا يوجد أحد على خشبة المسرح دون فائدة، حتى إن شخصية الولد الصامت الذي ينتمي لعائلة عريس حبيبة معتدل كان له دور في الكوميديا التي تفاعل معها الجمهور. وشكلت الموسيقى جزءا هاما من الحوار ومن تفاعل الجمهور، فاعتمد العرض على الأغاني المؤلفة التي تتماشى مع سياق الحوار، فقدت تعددت الأغاني والتي كانت محببة من قبل الجمهور خاصة الأغاني الشعبية التي تسمى (بالمهرجانات) والتي تتحول فيها قاعة المسرح لفرح شعبي، كما تفاعل معها الجمهور أكثر من غيرها من الأغاني. وكانت أيضا تعمل تلك الأغاني على كسر الإيهام فكان هناك في مشهد رومانسي أثناء وجود معتدل وحبيبته، فقد صاحبهما أداء لغوي يغرق في العاطفة المفرطة التي مزجت فيه الممثلة اللغة العربية الفصحى بالعامة، ومن ثم يتدخل وجود أغنية شعبية تفقد المشهد حدته العاطفية.
أما عن ديكور العرض فمنذ الدخول للقاعة ويظهر الديكور معلنا للجميع فقد أوحت لي بوسترات الأزياء أنني في ديفيليه انتظر عرض الملابس، وبالفعل كان ذلك يتشابهه مع فكرة العرض من حيث عرض مجموعة من الشخصيات في جزء من حالتهم اليويمة مثل الموظف المتكاسل والموظفة التي تهتم بتصفيف شعرها والمدير المستبد والأب الذي يرتدي الطربوش والخادمة الكوميدية التي تميل إلى أجواء المرأة اللعوب بضحكتها الصارخة وغيرها من الشخصيات التي جاء استعارتها من حياتنا اليومية بشكل نمطي، بينما تكسر هذه النمطية بين العلاقات وبعضها بالملابس والأداء الفكاهي، فكان جميعهم تميزهم ملابسهم التي تساعدهم في خلق الشخصية التي يظل غرضها في النهاية الكوميديا وتفاعل الجمهورمعها. ولم يتغير الديكور منذ بدء العرض حتى نهايته، حتى أن علاقة الديكور بالحوار والمكان لم تكن متناسقة أحيانا خاصة في مشاهد وجود معتدل في منزله وحبيبته في منزلها فما فائدة وجود بوسترات الأزياء على الرغم من أن هناك حالات إظلام تغمر خشبة المسرح لثوان، ولكن عدم تغيرها كان يؤكد على وجود عالم الأحلام الذي يتسم باللاواقعية، بينما جاءت معالجة ملحوظة بعد انتهاء الحلم وخروج معتدل من محل الملابس ووجود نفس الديكور إلا أن جعل المخرج معتدل وحبيبته خارج خشبة المسرح يجلسان أمامها في مستوى الجمهورحتى يؤكد على الخروج من عالم الأحلام.
فكان الفضاء المسرحي للعرض معتمدا على تفعيل خشبة المسرح من خلال الاحتكاك بالجمهور بجانب الاستعراضات. فقد كان المخرج على وعي بأهمية تفاعل الجمهور مع الممثلين والاحتكاك بهم، فظهر ذلك بوضوح في نهاية العرض بعد إفاقة معتدل من الحلم ومقابلته لحبيبته؛ حيث بدأت لحظات التغير وتحول الأشخاص للأفضل والتخلي عن السلبيات والتفكير بالماديات، فبدأ الجميع النزول إلى القاعة بشكل استعراضي مع أغنية «سيلفي» التي تدعو للتفاؤل والتغير، ومعها يتم التقاط صور تذكارية مع الجمهور فجعل ذلك الابتسامة تغمر القاعة، ونشر البهجة والسعادة بين الجمهور.


رغدة محمد