«بين الميه والهوا».. يجمع بين روح تيشخوف وملامح مصرية معاصرة

«بين الميه والهوا»..    يجمع بين روح تيشخوف وملامح مصرية معاصرة

العدد 950 صدر بتاريخ 10نوفمبر2025

طلاب قسم المسرح بالجامعة الأمريكية يقدمون معالجة جديدة لمسرحية «النورس» برؤية إخراجية للدكتورة دينا أمين وكتابة نور قبطان فى تجربة مسرحية تمزج بين الأصالة والمعاصرة

قدّم فريق قسم المسرح بالجامعة الأمريكية عرضًا لافتًا بعنوان «بين الميه والهوا»، المستوحى من رائعة أنطون تشيخوف «النورس»، فى معالجة جديدة حملت توقيع الكاتبة نور قبطان ورؤية إخراجية متميزة للدكتورة دينا أمين. العرض جاء كرحلة تأملية بين الواقع والحلم، بين الفن والحياة، ليعيد طرح الأسئلة الإنسانية القديمة بروح مصرية معاصرة نابضة بالحسّ والشغف. بمزيج من الأداء الصادق والعناصر البصرية المبهرة، استطاع العرض أن يلمس مشاعر الجمهور ويعيد إلى الأذهان سحر تشيخوف بوجه جديد ينبض بالحياة. 
قدّم العرض مجموعة من طلاب قسم المسرح بالجامعة الأمريكية، وهم: حسين شبانه، سهير العوضى، مريم أشرف زكى، مريم طموم، يوسف زخارى، محمود نصراوى، مارى عطية، مريم أيوب، عبد الله السيد، مينا طحاوى، يوسف نشأت، آدم كمال، ومنى أبو الفتوح. وتضمّن الفريق الفنى تصميم الديكور جون هوى، وتصميم الملابس نرمين سعيد، والإكسسوار مادونا غبور، والتوزيع الموسيقى محمد الليثى، والغناء منى أبوالفتوح، بينما تولّى شريف الدالى الإشراف على الصوت والإضاءة. 
د. دينا أمين: «بين الميه والهوا» محاولة لإحياء روح تشيخوف بروح مصرية معاصرة
قالت الدكتورة دينا أمين، مخرجة العرض، إنها سعت طويلًا للعثور على الشكل المسرحى الذى يعكس الواقع المعاش، مشيرة إلى أن المسرحية تدور فى فضاءات بينية - بين المدينة والريف، بين حلم الحب المثالى وثقل الواقع، بين الشهرة والغباء، وبين الشباب والشيخوخة. وأكدت أنها قدّمت المسرحية بطريقة تحافظ على روحها الكلاسيكية، وفى الوقت ذاته تمنحها حياة جديدة قريبة من الجمهور. 
وأضافت أنها عندما تعاونت مع الكاتبة نور قبطان فى عدة مشروعات سابقة، كانت واثقة من قدرتها على تقديم معالجة مصرية أصيلة تجعل النص يتنفس بلغتنا وحياتنا اليومية، قائلة: «نجحت فى جعل الكلاسيكية معاصرة، وأوصلت إحساس النص الأصلى بروح مصرية دافئة، لتؤكد أن الأعمال العظيمة لا تموت بل تتجدد مع كل جيل جديد». 
وأوضحت أن اختيارها للموسيقى لم يكن عشوائيًا، إذ رأت فى أغانى فيروز تجسيدًا للحنين والرومانسية، فضمّنتها فى العرض لتستحضر مشاعر مشتركة لدى الجمهور، كما أشارت إلى أن المشهد الأخير بين كريم ونينا اعتمد على إضاءة خافتة حالمة تُترجم انطفاء حبهما اليوتوبى للفن ولأحدهما الآخر. 
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن النصوص الكلاسيكية العظيمة تعيش لأنها تعبّر عن مشاعر إنسانية خالدة - الخوف، الشغف، الحيرة - مضيفة: «ما يجعل الكلاسيكيات عظيمة ليس قِدمها، بل صدقها وقدرتها على مخاطبتنا مهما تغيّر الزمن».

نور قبطان: الدراماتورج عند تشيخوف يشبه معادلة كيميائية دقيقة 
أشارت الكاتبة نور قبطان إلى رؤيتها للدراماتورج فى العرض، موضحة أن الدراماتورج فى نصوص تشيخوف يمتلك نظامًا دقيقًا فى بناء المشاهد وتقديم الشخصيات، قائلة: «الدراماتورج بالنسبة لى فى هذا النص يشبه معادلة كيميائية تحتاج إلى تركيز شديد فى التفاصيل». 
وأضافت أن عبقرية النص تكمن فى قدرته على البقاء مؤثرًا رغم مرور الزمن، وأنه لا يزال يناقش قضايا إنسانية وفنية خالدة. وأوضحت أن ما شدّها إلى النص هو تركيزه على حياة الفنانين الشباب ومشكلاتهم المتكررة، مشيرة إلى أن الفنانين الشباب يسعون لتقديم الجديد، لكنهم يواجهون دائمًا المخاوف ذاتها حول تقبّل الجمهور لما يقدمونه.

حسين شبانة: شخصية «كريم» تحمل عمقًا وتناقضًا ومليئة بالصدق الإنسانى
قال الممثل حسين شبانة، إن ما جذبه فى شخصية «كريم» هو عمقها وتناقضها، مضيفًا: «كريم شخص غريب قليلًا، يمتلك طريقة مختلفة فى التعبير، لكن مشاعره صادقة للغاية»، وأوضح أنه بدأ تحضير الدور من الجانب النفسى، فراجع مشاهد من أعمال تشيخوف لفهم مصدر إحباط شخصية «كونستانتين» التى تحولت فى العرض إلى «كريم». كما ركّز على التفاصيل الجسدية والصوتية لتعكس تذبذبه النفسى وتطوره عبر الزمن. 
 
مريم أشرف زكى: «نينا» من أصعب الشخصيات التى قدمتها وأقربها إلى قلبى 
صرحت الممثلة مريم أشرف زكى بأنها شعرت بقرب شخصية نينا منها منذ اختبار الأداء، لأنها سبق أن جسّدتها فى أولى تجاربها المسرحية. قالت: نينا شخصية مليئة بالتناقضات، تحب الحياة والتمثيل، لكن كل ذلك يتحطم تدريجيًا، ومع ذلك تواصل مسيرتها الفنية لأن حبها للفن لا يموت. 
وأضافت أن التحدى الأكبر كان فى إظهار الجانب الإنسانى للشخصية رغم أخطائها، معتبرةً أن «نينا» من أكثر الشخصيات التى أرهقتها فنيًا وعاطفيًا، مؤكدةً أن تعاونها مع الدكتورة دينا أمين كان سببًا رئيسيًا فى تطورها كممثلة.

سهير العوضى: شخصية «ريرى» غنية بالأبعاد النفسية والإنسانية
قالت الممثلة سهير العوضى، إن أكثر ما جذبها فى شخصية ريرى هو تعدد أبعادها، مشيرة إلى أنها لا تسير فى خط واحد بل تتنوع فى علاقاتها وصراعاتها، ما جعلها غنية ومثيرة للاكتشاف.
وأوضحت أنها درست الشخصية بعمق من خلال الرواية الأصلية والإعداد الجديد الذى كتبته نور قبطان، كما استعانت بمعالجة نفسية لتحليل سلوك الشخصية ودوافعها. وأضافت: «فى البداية ظننتها نرجسية، لكننى اكتشفت أنها ليست أنانية، بل إنسانية معقدة ومجروحة». 
وأكدت العوضى أن تجربتها فى تجسيد «ريرى» كانت من أكثر التجارب قربًا إلى قلبها، قائلة: نحن كممثلين يجب أن نكون محامين عن الشخصيات التى نؤديها، وهذا ما حاولت فعله مع «ريرى».
 


رنا رأفت