العدد 941 صدر بتاريخ 8سبتمبر2025
على قدم وساق يجرى المخرج أحمد صبرى بروفات العرض المسرحى “حفلة الكاتشب» إنتاج فرقة مسرح الغد بقيادة المخرج سامح مجاهد فى تجربة تحمل بصمات طموحة تعكس وعيًا فنيًا ورؤية مغايرة. العرض يأتى ضمن نتاج مدرسة العصفورى، وتحت إشراف المخرج القدير سمير العصفورى الذى طالما كان رمزًا من الرموز المسرحية الكبيرة، وملهم أجيال متتابعة من المبدعين النص يختار قضية الحرب وما تخلّفه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية لتكون بؤرة العرض. الحرب ليست فى النص حدثًا تاريخيًا منفصلًا، بل هى حالة إنسانية تتكرر وتنعكس فى تفاصيل الحياة اليومية أجرينا مجموعة من اللقاءات مع أبطال العرض لنتقرب بشكل أكبر من التجربة ونتعمق فى تفاصيلها وعناصرها المختلفة العرض تأليف وأشعار محمد زناتى إخراج أحمد صبرى بطولة بسمة شوقى، حمادة شوشه، وليد فوزى، ضياء الدين زكريا،محمد عشماوى، ياسمين أسامة عبد الفتاح، أبوبكر حسين محمود، سهيل سيد محمود، ساندرا سامح، أحمد أبوالحسن، ديما هيجر شيماء مجدى عبدالجواد، مونيكا وحيد، كيفين جوزيف، مخرج منفذ محمد أحمد كامل “ كاميليو» مساعدين إخراج إسراء حسن وريهام على، ملابس خلود أبوالعينين، ماكياج سارة طارق، فيديو ما بينج مصطفى فجل، إضاءة عز حلمى، موسيقى وألحان أحمد الناصر، ديكور محمود حنفى، استعراضات محمد بحيرى.
«حفلة الكاتشب» صرخة ضد صناعة القاتل وتعطش الدماء
قال المخرج أحمد صبرى: كان العرض فى البداية من إخراج المخرج القدير سمير العصفورى، يتبع مدرسة العصفورى، وكنت أنا المخرج المنفذ للعرض. ولكن اعتذر المخرج الكبير سمير العصفورى عن إخراجه، ورشحنى لقيادة العمل، وهو شرف وفخر لى أن أكون من أوائل المخرجين الذين يقدمهم الأستاذ سمير العصفورى من مدرسة العصفورى.
وتابع :” خلال العرض لا نتحدث عن أحداث حرب بعينها أو وقائع محددة، بل نتناول فكرة الحروب والدماء، وكيف يتم صناعة القاتل الذى لا يدرك لماذا يذهب ليقتل. وبالفعل يُصنع بطل أسطورى ووهمى ليس له أساس من الصحة، غير معتمد على مبادئ أو قواعد، فيقتل ويذبح أقرب الناس إليه عشقًا للدم. ويتم ذلك من خلال شخصية فى العرض تُدعى «عصفوريسكى»، تجسدها فرقة مسرحية نعرض من خلالها هذا الموضوع، لنظل ندور فى نفس الدائرة: ماذا سنفعل؟ العرض يعد دعوة عالمية للسلام وحقن الدماء، فنحن لا نحدد أين تدور الحرب، ولا نتحدث عن منطقة عربية أو غير عربية، بل نتناول الحروب والدماء بشكل عام. العرض يتماس مع الواقع الراهن بعمق، ولا يقدم حلولًا، وإنما يضىء فكرة أن التعطش للدماء وهم لا أساس له من الصحة، ولذا لا نجد له حلولًا.
العرض غنائى استعراضى ينتمى إلى المدرسة العبثية، وهو مشروع المخرج الكبير سمير العصفورى، وكتابة وأشعار محمد زناتى.
«حفلة الكاتشب».. كيف تُصنع الجريمة ويُولد القاتل؟
قال الكاتب والشاعر محمد زناتى عن النص وظروف كتابة العرض المسرحى حفلة الكاتشب.
الفكرة بدأت عندما أعلن الأستاذ والمخرج خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافى، خلال المؤتمر الصحفى الخاص الذى عُقد بالمسرح القومى، عن افتتاح مدرسة باسم العصفورى نسبة إلى المخرج القدير سمير العصفورى. وتقدم هذه المدرسة المخرجين الجدد ليتخرجوا تحت إشرافه وتعليماته، وكان نتاج هذه المدرسة هذا العرض «حفلة الكاتشب”. وتدور فكرة العرض فى إطار فكرى إنسانى يطرح قضية مهمة، وهى كيفية صناعة القاتل، وكيف تصنع المجتمعات أو البشر القاتل. وهذا الأمر ليس له علاقة ببقعة أرض معينة أو جنسية محددة، لكنه يبرز ويوضح فكرة كيفية صناعة القاتل.
وتابع الزناتى، قائلًا: «وقد رأى المخرج الكبير الأستاذ سمير العصفورى أن أنسب فكرة للعرض هى العبث؛ فالعبث ينتج دائمًا عن أن التاريخ يقول إن الأحداث الكبيرة هى التى تصنع العبث. وهذا النوع من المسرح ظهر وانتشر خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية اللتين أثرتا فى زلزلة كل الأفكار البديهية التى كانت موجودة، فنشأت أفكار جديدة ونظريات كثيرة تعيد صياغة هذا الواقع. ومن أهم هذه المدارس مدرسة العبث؛ وبالتالى فإن الظروف التى نراها تشعرنا أننا أمام هزة إنسانية كبيرة، وحتى نتكلم عنها بالمنطق، فإنها بلا منطق. ومن ثم أصبح العبث هو الوسيلة للتعبير عن هذا الواقع الذى صار أكثر عبثًا من مسرح العبث نفسه.
وأعرب زناتى عن فخره واعتزازه بالتواصل مع قيمة وقامة كبيرة مثل المخرج القدير سمير العصفورى، مشيرًا إلى أنه مدين له بفضل كبير.
وعن دلالة اسم العرض حفلة الكاتشب تابع الزناتى، قائلًا: «الكاتشب يرمز إلى الدم الذى اعتدنا على رؤيته، فأصبح اللون الأحمر الأكثر اعتيادًا، فصرنا نعتاد على ما لا يجب أن نعتاد عليه”.
وعن صعوبات وتحديات التجربة أشار، قائلًا: «تتمثل صعوبة العرض فى كيفية أن تتجرد من التوجهات الشخصية، وكيف تكون موضوعيًا وأنت تعالج موضوعًا إنسانيًا عامًا دون أن يكون لك توجه محدد أو اتجاه لجنس أو دين أو لون، وكيفية الوصول إلى حالة من حالات الحياد، وكيف تتكلم عن موضوع بشكل مجرد وإنسانى بعيدًا عن الأشياء التى تعطينا صبغة معينة، لمنحى إنسانى عالمى تخاطب به كل الجموع».
أجسد شخصية المخرج المثقل بالهموم فى عرض يلامس الواقع بالرمزية
تحدث الفنان وليد فوزى عن الشخصية التى يجسدها خلال العرض قائلًا: أجسد شخصية «المخرج» وهو مؤلف العرض ومخرج الفرقة الذى يرغب فى تقديم عمل له علاقة بالأوضاع الجارية. وتُعد شخصية المخرج أكثر الشخصيات التى تحمل هموم الناس، خصوصًا فى ظل الأحداث الجارية المليئة بالدموية والعنف، فهو الأكثر انشغالًا بهذه الهموم، وليس له وسيلة للتعبير عن مشاعره وأفكاره المشتتة سوى الكتابة، فيكتب ويحاول أن يكون له رؤية مختلفة، وأضاف فوزى: «النص تركيبته مختلفة وغير تقليدية، فخط سير الأحداث غير تقليدى، والرمزيات والمضامين التى تم تحويلها إلى مشاهد أهم بكثير من الكلمات. نحن نتحدث عما يحدث حاليًا ولكن بشكل غير مباشر يعتمد على الرمزية، وهو ما شجعنى على تجسيد الشخصية لمعرفة رد فعل الجمهور، سواء العادى أو المثقف. فالأحداث تسير بشكل غير منطقى غير أرسطى، والأغانى والاستعراضات وكلماتها تحمل رمزية شديدة، وأنا متحمس لرؤية رد فعل الجمهور على هذه المعالجات غير المباشرة.
كوكو.. الديك المتمرّد على طبيعته
صرّح الفنان الشاب ضياء زكريا عن شخصيته فى العرض، قائلًا: أجسد شخصية (كوكو)، الديك المتمرّد فى كل شىء، الذى يرفض ما يتناوله أقرانه ويُطلب منه أن يبيض، لكنه يرى أن الأمر مستحيل. طوال الوقت يتعرض كوكو للانتقاد، وهو ما دفعنى لمحاولة تقديمه بشكل مختلف من خلال دراسة تشريحه الجسدى، وكيفية سيره وحركاته، سعيًا إلى وضع تصور مغاير للشخصية.»
وأضاف: “تتمثل صعوبة الدور فى أن تجسيد أى حيوان أو طائر يتطلب الرجوع إلى طبيعته الجسدية وسلوكه فى الحركة والأكل. وشخصية كوكو ضعيفة للغاية، لكن أقرانه يرون أن (الكاتشب) هو الحل، فيلجأ إلى الساحر الذى يمنحه شيئًا سحريًا متمثلًا فى الكاتشب ليحوّله إلى شخصية أخرى قوية، ظالمة، وأعنف من السابق.
زوجة كوكو بين الاعتراض والتحول
تجسد الفنانة الشابة بسمة شوقى شخصية “زوجة كوكو” مجازًا؛ حيث تعترض دائمًا على زوجها “كوكو” لكونه متخاذلًا ومترددًا وليس له قرار، وتسعى إلى تحويله إلى شخصية محبة للكاتشب. وبالفعل تتمكن من ذلك بمساعدة صديقه “البلندو” الذى يجسده الفنان حمادة شوشة، ليصنعا منه الشخصية القوية القادرة على المواجهة. ومع وصول “كوكو” إلى ما يريدانه، تشعر زوجته أنه تجاوز الحدود التى رغبت بها، إذ كانت كل أمنياتها أن «يبيض».
وعن أبرز الصعوبات، أوضحت بسمة شوقي: “ميكانيزم شخصية الدجاجة يعد رمزًا مجازيًا ولكن ليس بشكل مباشر، والعرض نوعية العروض الميوزيكال، وهو بالنسبة لى ليس به صعوبات خاصة أننى درست كل الفنون فى الأكاديمية.
وأضافت قائلة: «زوجة كوكو التى أجسدها لديها نقطة تحول، وهى مرحلة رؤيتها لتجاوزات كوكو. وهنا تتحول الشخصية تمامًا عندما يفاجئها كوكو بشىء ما، ولا أرغب فى الحديث عن كل الأحداث حتى يشاهدها الجمهور فى العرض.
هناك 10 استعراضات تخدم الدراما
فيما تحدث مصمم الاستعراضات محمد بحيرى عن استعراضات العرض فقال: «نقدم استعراضات مبهرة تهدف إلى توصيل معلومة درامية أو مشهد يعبر عن حدث أو تفصيلة بين مشهد وآخر، ما يُسهم فى الانتقال السلس بين الأحداث. هناك 10 استعراضات درامية تخدم الدراما وتُقدّم ليس فقط من أجل العرض، بل لتحقيق هدف درامى يخدم السياق العام للعمل.
وأضاف: «هذه تجربة جديدة ومهمة بالنسبة لى، وأنا سعيد بمشاركتى فيها، وفخور بوجود اسمى وسط مجموعة بارزة من الفنانين المتميزين كما أننا كلما عملنا على شيء، كان هناك تشاور كبير، وهذا يعكس الكيمياء العالية بيننا.
أحببت أن أضيف بعض الإكسسوارات التى تمنحنا تنوعًا فى التفاصيل.
أوضح مهندس الديكور محمود حنفى تصوره ورؤيته عن ديكور العرض فقال: «النص لم يتضمن توصيفًا للمنظر المسرحى، وكان من المفترض فقط تحديد الجغرافيا أو المكان الذى تحدث فيه الأحداث. حتى وإن كان هناك توصيف، فنحن متفقون على أن النص المقروء أو المطبوع ليس هو نص العرض، ولكن مصمم الديكور أو المناظر المسرحية، بالتنسيق مع المخرج، يكون لديه مساحة من الحرية لتصميم الصورة أو المنظر الذى يعكس الفكرة التى يطرحها النص والتى تم الاتفاق عليها.
بالنسبة للمدرسة التى عملت بها، فهى المدرسة الواقعية. وفى مسرح العبث، غالبًا أفضل العمل بالمدرسة الواقعية كنوع ثانٍ من العبث، حيث تحدث الأحداث العبثية فى مكان واقعى جدًا. أحيانًا أتخيل أننى قد قمت بتصميم مكان “متطرف فى الخيال”؛ لأنه عبث؛ حيث يحدث فى مكان غير طبيعى. لكن عندما يخرج العبث من منظر واقعى، فإنه يزيد من الإحساس بالعرض. وكما ذكرت سابقًا، اخترت فى النهاية سطح منزل تتجمع فيه الشخصيات، وكأنهم جيران أو مجموعة من فرقة مسرحية من حى، يحاولون تقديم المسرح الذى يرغبون فيه أو الذى يبحثون عنه، كما هو مكتوب فى النص.
وأضاف: «أحببت أن أضيف بعض الإكسسوارات التى تمنحنا تنوعًا فى التفاصيل وتشكيلات أكثر، وفى نفس الوقت تضفى دفئًا على المكان وتجعله أكثر إنسانية. هناك غسيل منشور وتفاصيل يومية، بالإضافة إلى الكراكيب. فمن وجهة نظر النص، أصبحنا أشياء مهملة؛ فالكراكيب التى بها ميزة وعيب. فالعين ترى العيب فيها ككراكيب، ولكن ميزتها أنها تحمل ذكريات أو تراث. وهناك أشياء أقرب للأنتيك، وفيها تداخل؛ فمن الممكن أن يكون هناك شىء حديث جدًا بجانب شىء قديم جدًا، وجميعها أشياء تصلح كإكسسوارات تُستخدم أثناء العرض.
أما عن الصعوبات فتابع حنفى قائلًا: «فأنا أحب أن أقوم بعمل تصميمات كثيرة وأقدم أفكارًا متنوعة وصولًا للفكرة التى يتم الاتفاق عليها مع فريق العمل، وعلى رأسهم المخرج، وهو ما حدث بالفعل. فقد قمت بعمل أكثر من تصميم بعدة مدارس وبأكثر من اتجاه، وتحدثت مع المخرج حتى استقرينا على التصميم الأخير.
وأولى الصعوبات تتمثل فى إيجاد تصميم مناسب للمنظر، وهو أمر ممتع بالنسبة لى، حيث تتم خلال هذه المرحلة عملية البحث ووضع تصورات لتصميمات متنوعة. وهناك أشياء لها علاقة بالتكنيك وكيفية إيجاد مساحات، خاصة مع عدد الرقصات وعدد فريق العمل الكبير. وكيف يكون المنظر المسرحى ثريًا ومتنوعة على مدى العرض وباختلاف الإضاءة، وهى من أبجديات العمل. فعندما أعمل، أصبح مثل «التلميذ»؛ أبدأ بخطوات مميزات المنظر المسرحى، وكيف يكون ثريًّا ومعبرًا، وكيف يصبح معادلًا تشكيليًا للدراما المسرحية، وبه إيقاع واسع. وأقدم أفضل شيء من خلال البحث والعمل الكثير والاتفاق مع مخرج العمل.
أما الصعوبة الثانية، فهى صعوبات التنفيذ، وكيفية تحويل ذلك إلى تكاليف تتوافق مع المقايسة، ومساحات المسرح، وطبيعة الشراء والخدمات. لكننى لا أعتبر هذه النقاط صعوبات، لأنها جزء من هذه المهنة، وهى أحد التحديات التى يجب أن نتجاوزها. وأعتقد أن تصميم المنظر سيتوافق مع تصميم الملابس وكذلك الإضاءة.
وتابع قائلًا: «لدينا داخلى وخارجى فى العرض. نحن على سطح منزل، وفى الخلفية، التى ستكون واضحة فى العمل، هناك عمارة فى الخليفة بها جدار كامل غير موجود. نرى آثار الغرف والتنوع فى هذه البناية، بالإضافة إلى السطح بإكسسواراته وكراكيبه التى أصبحت جزءًا من الشخصية المصرية، والتى بالنسبة لى بها معادل ما للعبث. كما ذكرت، سنجد أشياء قديمة بجانب أشياء جديدة.