العدد 887 صدر بتاريخ 26أغسطس2024
أقيمت اليوم السبت 3 أغسطس الجلسة الحوارية بعنوان «المرأة المخرجة»، على هامش فعاليات الدورة الـ 17 من المهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان محمد رياض.
لماذا المرأة المخرجة؟
افتتح الجلسة الكاتب الصحفي محمد عبد الرحمن، حول استفسار لماذا اختيار عنوان الندوة «المرأة المخرجة»، وذلك في حضور مجموعة كبيرة من المخرجات على المنصة، وهن: المخرجة ساندرا سامح، المخرجة تغريد عبد الرحمن، المخرجة نادين خالد، والفنانة سماء إبراهيم.
وعن اختيار هذا العنوان بالتحديد «المرأة المخرجة»، قالت المخرجة ساندرا سامح أن هذه التسمية مناسبة لموضوع المهرجان القائم حول محور «المرأة المصرية والفنون الأدائية»، خاصة أن المخرجات في المسرح قليلات، وأنها من المخرجات القليلات اللاتي مارسن الإخراج في الأقاليم، فعنوان الندوة هو دعم كبير للمخرجات، وفرصة لتشجيع الفتيات على التواجد وتحفيزهن، وليست عنصرية أو تمييز إطلاقا، خاصة أننا في بلد نحتاج فيها لدعم الفتيات جدا خاصة في الأقاليم.
وعلقت المخرجة نادين خالد، أن العنوان مناسب جدا، لأن المرأة لم تأخذ حقها الكامل في التواجد، وتواجه تحديات كثيرة حتى تتواجد بقوة على الساحة، وعنوان الندوة هو محاولة من المجتمع لإظهار المرأة وجعلها متواجدة باستمرار.
بينما قالت المخرجة تغريد عبد الرحمن، أنها ضد التصنيف لأنها في الأخير هي مخرج أو مخرجة، تتعامل بمبدأ الثقة بينها وبين الفريق الذي يعمل معها، فطالما هي قادرة على توصيل ما تريده من خلال العمل الفني المقدم، فلا داعي للتصنيفات.
وأشارت الفنانة سماء إبراهيم إلى حديث الدكتور أحمد مجاهد عن سبب التمييز حسب الجندر، قائلة أن التصنيف يعود إلى أن المهرجان يقام على شرف سيدة المسرح العربي «سميحة أيوب» فبالتالي كان هناك رغبة في إلقاء الضوء على تجارب مبدعات في مختلف الفنون، وبشكل عام فهي ترفض التصنيف على الجيندر، لان العمل الفني يخص المخرج المسرحي المنوط بإدارة وإخراج العمل.
وتابعت أن مصر بها الكثير من المخرجات، على مدار آلاف السنين، إذ أنها بحثت فقط على شات جي بي تي، فظهر لها اسماء مخرجات كثيرات منهم: ريم حجاب، مريم صالح، نورهان أبو زيد، ليلى سليمان، وغيرهن الكثيرات على جوجل، وجميعها تجارب مميزة ومنها من استمرت وأسست فرقة ومنهن من قدمت تجارب بسيطة.
تحديات في وجه المرأة المخرجة
تابعت ساندرا سامح الحديث حول التحديات التي تواجه المرأة المخرجة خاصة في الأقاليم، قائلة: المرأة تواجه العديد من الصعوبات رغم أننا وصلنا لعام 2024، فالمجتمع مازال يستنكر فكرة وجود فتاة في المسرح، إلا أنها قررت أن تبدأ رحلتها في عالم المسرح، رغم أن البعض رفض أن تشارك في المسرح بحجة أن سمعته سيئة»، موضحة أنها قابلت الكثير من الفتيات يعملن بالمسرح دون معرفة الأهل، لكنها صممت أن تعمل بالمسرح رغم أنها كانت تعاني من الرفض من جانب أهلها بسبب التأخر لوقت طويل خارج المنزل.
وتابعت أنها رغبت في تقديم تجربة مسرحية سجن النسا، لتعبر عن طاقات فتيات كثيرات يعانون، والعرض كان بمثابة الضوء الذي سلط على تجاربهن، مشيرة إلى أن العرض مسها نفسيا جدا لأنه يناقش قضايا المرأة في مجتمعنا.
في حين قالت نادين خالد، أنها واجهات عقبات من بداية مرحلة الجامعة لكنها عقبات تختلف عن العقبات التي تواجهها حاليا، وأنها واجهت في أولى تجاربها صعوبة على مستوى إدارة فريق بالإضافة إلى الصعوبة الفنية للعمل، خاصة أنها كانت صغيرة السن وقتها،
وقالت المخرجة تغريد عبد الرحمن، أن التحدي الوحيد الذي يمكن أن يواجه أي سيدة هو إدارة يومها، خاصة إن كانت أم عاملة ولديها أسرة وأولاد، وهذا هو التحدي الوحيد الذي واجهها كمخرجة.
وعن تجربتها المسرحية تحدثت عن عرضي «بلاك» و»طفلة معجزة القرن العشرين»، قالت أنها خاضت تجربة صعبة ودقيقة كي تعمل على تهيئة طفلة في سن العشر سنوات، لتلعب دور فتاة صماء عمياء، وهذا كان تحديا كبيرا، لأنها ليست فتاة واعية بأدواتها كممثلة، وبدأت رحلتها كمخرجة في تمرين الطفلة كارمن على لعب الشخصية بدقة عالية، وهذه التحديات لو كانت مع ممثل كبير ربما كان سهلا، لكن التحدي في أن تفعله طفلة وبفضل الله نجح العرض وكان له مردوده الإيجابي الواسع.
وعن عرض «استدعاء ولي أمر» على مستوى المسرح المدرسي، قالت أنها اختارت فكرة ملائمة للمرحلة العمرية التي كانت تطرح فكرة العرض من أجلهم، وهي فئة المراهقين، ودارت فكرته حول طالب مراهق، قام بفعل خطأ في حق معلمه، وطلب منه استدعاء ولي أمره، لكن نتيجة الفجوة بين الأب وابنه، يزداد خوف الابن وكلما يقف أمام والده ليعطيه جواب الاستدعاء، يتعطل والأب لا يعطيه اهتماما حتى نصل لنقطة النهاية ويقتل الابن ابيه.
واضافت «تغريد عبد الرحمن» أنها حاولت خلق لغة تواصل وتقليص الفجوة بين هذه الفئة العمرية والجيل الأكبر، مشيرة إلى أنها فضلت الحديث عن التجربيتن بالتحديد لاختلاف المتلقي في العرضين واختلاف الطرح والتناول.
بينما تحدثت المخرجة نادين خالد عن تجربتها المسرحية في عرض البوتقة، وعن الاوفرتير في العرض والذي اعتبرته غريبا عن المألوف، موضحة أنها تميل إلى المسرح المعاصر، وحاولت أن تخوض هذه اللعبة مع نص كلاسيكي مثل ساحرات سالم.
وتابعت أن تجربتها الثانية ذهبت فيها إلى إخراج عروض جسدية، وتطرقت للرقص والأداء الحركي وظهر اعتمادها على الحركة بوضوح، فضلا عن عرض الطائر الأزرق والذي اعتمدت فيه على الشاعرية أكثر خاصة أنه مستوحى من نص شعري للمسرحي صلاح عبد الصبور، لذا تطرقت إلى المزيكا والصور وأداء الممثلين والشاعرية وغيره.
ولفتت الفنانة سماء إبراهيم الأنظار إلى تجربتها المسرحية في عرضي حبة ك..حبة ه، والمفتاح، قائلة أنها كانت من أبناء مدينة الإسكندرية وأنها محظوظة لذلك لأنها مدينة منفتحة ومتفهمة للتجربة المسرحية، وأنها سعيدة الحظ لأن المسرح المدرسي كان يضم نخبة من المشتغلين المهتمين بالمسرح، فكانوا يهتمون باعطاءهم الخبرة الواسعة في التجربة المسرحية مثل سيد الدمرداش، أسامة العزازي، علي شاهين وغيرهم.
وتابعت أنها تناولت في العرض قضية أولاد الشوارع، قائلة أنها اختارت هذا العرض لأنه حقق نجاحا كبيرا حينها، وأن هذه التجربة جعلت المبدعين يلتفون حول سؤال مهم، لماذا الإخراج؟، موضحة أن المسرح المدرسي والقائمين عليه كان لهم أثر كبير جدا في طرح السؤال، وهو لماذا الإخراج؟ هل لمجرد الدهشة! أم لمجرد أداء احترافي! أم هناك فكرة ملحة ورغبة شديدة تبدأ من عند المخرج وقائد العمل الفني الذي يتحدى الصعوبات والمنطق في خياله، لأن دائما العملية الإبداعية تبحث وراء المألوف.
وتابعت أنها كانت ترى منذ طفولتها أن المخرج لا بد أن يكون عنده من الوعي ما يكفي لتنفيذ فكرته، مشيرة إلى أن كل ما درسته في المعهد العالي للفنون المسرحية، هي في الحقيقة تعلمته منذ الصغر بفضل المسرح المدرسي وعملها مع مخرجين الإسكندرية وخير دليل على ذلك تجربتها مع المخرج أسامة العزازي.
واوضحت أن المراكز الثقافية والدراسة الخاصة بجانب تجاربها المسرحية ومتابعة العروض والمشاركة في المهرجانات والمسابقات، كل هذا اصقل تجربتها المسرحية، وكانت تعود دائما لسؤال ماذا تريد أن تقدم؟
وكل هذا ظهر بوضوح في تجربة عرض حبة ك.. حبة ه، الذي جعلها تبحث في ماذا تريد أن تقول؟ ولماذا، وما هي إمكانياتها كشخص؟ وما إمكانيات العمل المتاحة؟
قائلة أن المهم هو كيف توصل فكرتك كمخرج بأقل الإمكانيات، مستنكرة مقولة المسرح الفقير، وأنه ليس بالضرورة أنه لأنه مسرح فقير أن يقدم تجربة ضعيفة، على العكس ففي عرض حبة ك، لم يكن متوفر إمكانيات ضخمة للعرض، وانما كانت متواضعة لكنهم حاولوا أن يقدموا تجربة أقرب إلى الاحتراف.
واضافت أن معظم التسجيلات في عرض أولاد الشوارع، هي من تنفيذ الدكتور أيمن الخياط، وأنها كانت لأطفال شوارع حقيقيين، تم استخدام أصواتهم في العرض بالفعل، مشيرة إلى أن أحد هؤلاء الأطفال تم إعدامه بعد فترة من عرض المسرحية، بسبب بعض الجرائم.
واختتمت حديثها بأنها كونت فرقتها عام 86، بدعم شقيقها ووالدتها، وهذا ما وضعها على طريق استكمال دراستها في الفنون المسرحية، والسير في طريق المسرح، بالإضافة إلى عرض «صامت جدا» الذي اعتمد بشكل كبير على التفاعل مع الجمهور، إذ استند إلى توريط الجمهور بشكل ما في الحدث.
وفي ختام الجلسة رد الدكتور أحمد مجاهد حول استفسار البعض عن سبب تسمية الندوة ب «المرأة المخرجة» وليس «الرجل المخرج»، قائلا أنه لو أننا نتحدث عن الإخراج في المسرح المصري، ولم نذكر الرجال فهذا خطأ وغير موضوعي، والعكس صحيح.
ولأننا نعمل في سياق معين عن المرأة المصرية والفنون الادائية، فوجود ندوة للمخرج سيصبح خطأ، لأن السياق هو ما حدد.
وتابع مجاهد أنه عند وضع البرنامج الخاص بالمهرجان لم يكن المقصود تجربة المرأة وانما دور المرأة، وأنهم رغبوا في المزج بين الأعمار، فما قدمتاه المخرجتان ساندرا سامح ونادين خالد هي تجارب مسرحية، وإنما ما قدمته الفنانة سماء إبراهيم والناقدة تغريد عبد الرحمن هو دورهم، أي دور المرأة المخرجة.