العدد 853 صدر بتاريخ 1يناير2024
أقيمت مساء يوم السبت الموافق 23 ديسمبر ندوة ومناقشة وحفل توقيع كتاب «ضحايا حريق الفن» تأليف الكاتب عيد عبد الحليم، بمناقشة الدكتور محمد زعيمة ويدير اللقاء الكاتب علي قطب.
افتتح الندوة الكاتب علي قطب بحديثه عن الأحداث الفلسطينية وأهمية المقاومة من خلال الاستمرارية ونشر الوعي الذي يحدث من خلال دور المثقف. وبحديثه عن الكتاب قال: نحن اليوم بصحبة كتاب ضحايا حريق الفن من تأليف الكاتب عيد عبد الحليم عن دار بيت الحكمة للثقافة، والذي يحمل شعورا جميلا وحزينا بنفس الوقت. وتابع: الكاتب عيد عبد الحليم شاعر وناقد من مواليد محافظة البحيرة، رئيس تحرير مجلة أدب ونقد الثقافية، ورئيس القسم الثقافي والفني بجريدة الأهالي، لديه العديد من الأعمال الشاعرية كظل العائلة وحديقة الثعالب وحبر أبيض وغيرها، كما لديه أعمال فكرية ونقدية منها الشعر النسائي والحرافيش، وجيل السبعينيات والانتقاضات الطلابية، كما حصل على عدة جوائز منها أفضل ديوان شعري للهيئة العامة لقصور الثقافة، وجائزة توفيق الحكيم في المسرح عن مسرحية الجرافة، وقد شارك في عدد من مهرجانات الشرق العربي كمهرجان صنعاء ومراكش.
وعن الكتاب تحدث قائلًا: إن كتاب ضحايا حريق الفن يتحدث عن نفسه بشكل مباشر، فهو يحتوي على مقدمة بعنوان شهداء الفن وتحمل صورا لهم، فالكتاب يتحدث عن مجموعة من المبدعين توفوا في حريق بلحظة تاريخية معينة، وتمثل هذه المجموعة نسبة كبيرة من خيرة مفكري المسرح ذات أداء فكري راقٍ، وعنوان الكتاب «ضحايا حريق الفن» وكأن كل من أصابه الفن يحترق به أي بمعنى احتراق الفنان بفنه، كذلك يحمل عنواا آخر وهو «الجيل المفقود في مسرح بني سويف» فنحن نتحدث عن جيل مفقود في هذا الحريق، جيل أرسى قواعد التجديد بوعي في المسرح والشعر والرواية والقصة، جيل قام بعمل حداثة حقيقية في المسرح، جيل وُلد في مسرح بني سويف بوفاته. وعلى الرغم من ذلك إلا أن هذا الجيل مهمش من قبل المؤسسات النقدية الثقافية. وقد ختم حديثه قائلًا: ظل الكاتب عبد الحليم مخلصًا للحس النقدي خلال كتابته للكتاب وذلك بجانب التوثيق.
ومن بعده تحدث الدكتور محمد زعيمة وقد طرح تساؤلا وهو: من هم الضحايا؟ هل هم الضحايا الذين رحلوا؟ أم الضحايا الذين بقوا؟ الجيل المفقود في حريق بني سويف، من هو أيضًا الجيل المفقود؟ هل هم الذين فقدناهم؟ أم الذين فقدوا هؤلاء الأساتذة؟ وتابع: أن الكتاب يطرح جميع الضحايا لكنهم لا ينتمون إلى جيل واحد، فهم أجيال متعاقبة بالمسرح، بعضهم أساتذة وبعضهم كانوا تلامذة لهؤلاء الأساتذة.
كما قال: إنه كان يذهب بصحبة هؤلاء الأساتذة إلى اللجان المسرحية، ولكن بعد هذا الحادث أصبحت هناك مسئولية كبيرة تقع على كاهله في إدارة المسرح، وقد اتفق الدكتور زعيمة مع جيله في ضرورة الاستمرار. كما تحدث عن أن ذهاب هؤلاء الأساتذة في لجان مسرحية إلى محافظات بعيدة نابع من الإيمان بالدور الذي يقومون به وأهمية تجربة مسرح النوادي، ولا يلتفتون إلى المكافآت المادية.
وتابع: أن الكتاب قام بكسر توقعاته، فقد كان يعتقد أنه يتحدث عن مأساة الحريق والإهمال الذي تسبب بالحريق، لكن استطاع الكاتب عبد الحليم بإعادة إنتاج إبداع هؤلاء الفنانين بالتنوير عليهم وهذا لم يحدث منذ 2005، عدا المجهودات الخاصة ككتاب «عطر الأحباب» من تأليف محمد الشربيني والذي يحتوي على مقالات تتحدث عن هؤلاء المبدعين. وأضاف زعيمة: أن الكتاب تحدث عن قمم ضحايا الحريق فقط، ولكن الحريق أضاع زهرة شباب مثل فرقة الفيوم وفرقة بورسعيد، كما كان هنالك بعض الضحايا الذين لا توجد أي صلة بينهم وبين المسرح، كما أنه لم يذهب إلى المشفى بعد وفاه صديقه مؤمن عبده أحد ضحايا الحريق، إلا عند وفاة المخرج حمدي طلبة الذي لم يذكره الكتاب على الرغم أنه كان يمتلك مشروعا مسرحيا حقيقيا وقد تسبب الحريق بآثار في جسده.
وقد تحدث زعيمة عن هؤلاء المبدعين قائلًا: الكتاب يبرز قيمة هؤلاء وطريقة تفكيرهم، حيث الفنان بهائي الميرغني الذي لم يكن موظفًا ولم يكن دارسًا للمسرح، إلا إنه كان يعشق المسرح وكان من ضمن أفكاره عمل المسرح المفتوح غير التقليدي لحل مشكلة عدم توافر مسارح، كما أن إحدى عروض حسني أبو جويلة كانت خلفيتها البحر والمراكب المتحركة، حيث أراد توصيل فكرة أن المسرح يحدث في كل مكان وذلك نابع من إحساس قومي ووطني. وقد كان نزار سمك أيضًا لم يدرس المسرح لكنه تعلمه من الأساتذة والقراءة، فهو صاحب رؤية ثاقبة في المجتمع وصاحب أسلوب ساخر في الكتابة.
أما عن صالح سعد صاحب الرؤية المختلفة، وحازم شحاتة الدراماتورجي، وحسن مصلحي، ومدحت أبو بكر الناقد المبدع، جميعهم يجمعون بين شقين هما النقد والإبداع وهذا ما طرحه الكتاب وأكد عليه، كما أن جميعهم يجمعون على حب المسرح والعمل به والإيمان بدورهم. أما عن الجيل الأخير الذي يتمثل في الناقد حسن عبده والناقد مؤمن عبده وحسني أبو جويلة، فكل واحد منهم لديه مشاريع مسرحية مهمة. وقد ختم حديثه: الكاتب عيد عبد الحليم قام بفتح المجال ليصبح هناك مرجع يمكن البحث من خلاله، حيث إن كل واحد من هؤلاء يستحق كتابا خاصا به، وما يطرحه الكتاب يؤكد أن هؤلاء قاموا بترك فراغ وأن ضحايا حريق الفن هو الجيل الذي فقد هؤلاء المبدعين، فقد فقدنا الجيل الذي راح في الحريق والجيل الذي كان من الممكن أن يستفيد من هؤلاء.
ومن خلفه الكاتب عيد عبد الحليم عن رحلته أثناء كتابة الكتاب، والذي استهل حديثه بشكر دار بيت الحكمة للثقافة لسرعة نشر الكتاب، ثم تحدث قائلًا: إنه يهدي هذا الكتاب إلى روح والدته، فهي السبب في مواصلته للكتابة منذ الطفولة. وقد تابع: أن فكرة الكتاب كانت لديه منذ 5 سبتمبر 2005 حينما كان صحفيًا بإحدى الجرائد، كما كتب مجموعة بورتيريهات عن هؤلاء المبدعين، ولكن مع مرور السنين وجد أن هناك حالة من التجاهل لهؤلاء رغم كونهم مؤسسين بالمسرح، لذلك رأى أن من الممكن كتابة الكتاب بشكل متطور يبتعد عن الكتب التوثيقية، فأراد عرض وتحليل أعمالهم ومعرفة دورهم في الحركة المسرحية. الأشخاص الذين تم ذكرهم بالكتاب لديهم تأثير فعلي على الحركة المسرحية المصرية منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى اللحظة الحالية، كالعرض المسرحي آخر الشارع من تأليف مؤمن عبده والذي قدم بمهرجان نوادي المسرح بدورته الثلاثين.
أضاف عبد الحليم: كانت تجمعه صداقة مع بعض هؤلاء المبدعين، كما أنه سعيد لقربه من هؤلاء المبدعين فهم محفز إبداعي كبير كما أنها تجربة محفزة لخيال الكاتب، وأن وقت صدور الكتاب وقت مناسب وذلك لأن العام القادم سوف يتم عشرون عامًا على هذا الحادث الذي يعتبر أصعب حادث فني وثقافي قد مر في تاريخ الأمة العربية.
وقد ختم حديثه بأنه العرض المسرحي «من منا» عن حديقة الحيوان الذي حدث به هذا الحادث، من تمثيل فرقة الفيوم والتي راحت أثر الحريق، وقد حدث الحريق نتيجة سقوط شمعة التهمت في الستائر واندلعت النيران وراح ضحية الحادث خمسون شخصًا من أهم فناني المسرح في تلك الفترة، وكأن من يعشق المسرح، يقتله المسرح، فقد عاش هؤلاء وماتوا من أجل الفن، ويظل هناك تساؤل وهو: من منا الضحية؟ هل هذا الجيل؟ أم الجيل الذي أتى من بعده؟