أبحاث متنوعة بمؤتمر «الفنون المصرية وتأصيل الهوية والانتماء الوطني»

أبحاث متنوعة بمؤتمر «الفنون المصرية وتأصيل الهوية والانتماء الوطني»

العدد 820 صدر بتاريخ 15مايو2023

اختتمت أعمال المؤتمر العلمي الدولي السادس بأكاديمية الفنون بعنوان «الفنون المصرية وتأصيل الهوية والانتماء الوطني»، تحت رعاية وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلاني، وبحضور د. غادة جبارة رئيس المؤتمر ورئيس أكاديمية الفنون، ود. هشام جمال الدين نائب رئيس المؤتمر ونائب رئيس أكاديمية الفنون، ود. إيمان مهران مقرر المؤتمر، ود. نهلة أبسخرون أمانة المؤتمر.

هوية المسرح المصري من خلال تجرية درويش الأسيوطي - قراءة في مسرحية «عرس كليب»
وشهد المؤتمر العلمي، عددا من الأبحاث حول فنون المسرح المصري، حيث تحدثت الدكتورة الجزائرية أسماء غجاتي، عن هوية المسرح المصري من خلال تجرية درويش الأسيوطي - قراءة في مسرحية «عرس كليب»، قائلة: عرف الإنسان المسرح منذ عهود قديمة على شكل طقوس وشعائر احتفالية يقيمها لمعبودات كان يعتقد فيها، ثم تطورت شيئا فشيئا مع تطور الفكر الإنساني، فتحولت وظيفته الدينية إلى وظيفة إنسانية تهتم بقضايا الإنسان المختلفة، وعرف المسرح ذاته تنوعا فكريا ناتجا عن تنوع قضايا الإنسان ومشاكله، فبرزت تيارات فكرية مختلفة خضع لها.
وعن مسرحية «عرس كليب» لدرويش الأسيوطي، قالت غجاتي: جاء تحليل المسرحية على أساس البحث في مكوناتها التراثية التي رأى الأسيوطي أنها تعكس الهوية المصرية، وتقوم المسرحية على شكل تراثي هو السامر السيناوي، بحيث قام الكاتب بتحميله حمولات فكرية تعكس واقعا معينا يتعلق بمنطقة «شمال سيناء» التي تمثل جزءا من الكل «أهل الشرق»، وذلك من خلال تقديم السيرة الشعبية «الزير سالم» التي ترمز لصراع العرب ضد القوى المعادية.
وتحدثت د. أميرة الشوادفي بسيوني عن حداثة النص المسرحي بين التجريب والتأويل - مسرحية «الغرباء لا يشربون القهوة» لمحمود دياب نموذجا، قائلة: إن هذا النموذج من المسرح المصري تعبير عن الهوية المصرية، وكنوع من أنواع التجريب التي حدثت في العرض أو النص المسرحي.
وأشارت الشودافي، إلى أن التجريب في البداية كان عند الإغريق منذ القرن الخامس قبل الميلاد، فكانت الأشكال المغايرة على يد سوفوكليس، وهيرودس، وغيرهما، وهؤلاء الأشخاص هم من أدخلوا الممثل الأول، والتغيير كان على شكل النص والعرض.

التوظيف التاريخي في المسرح السياسي وأثره على الساحة العربية
بينما جاء بحث د. حمادة الشافعي عن التوظيف التاريخي في المسرح السياسي وأثره على الساحة العربية، قائلا: إن كل مسرح هو سياسي بالضرورة، لأن أنشطة الإنسان سياسية، والمسرح هو واحد من هذه الأنشطة، لافتا إلى أنه خلال حقبة الستينات عمد كتاب المسرح إلى النهوض بالنص المسرحي كي يواكب الحياة السياسية والاجتماعية، وبدأ المسرح العربي بشكل عام يأخذ خصوصية ربطه بالقضايا السياسية.
وأضاف الشافعي أن المسرح هو مسرح سياسي منذ ولد، فالمسرح السياسي هو مسرح ومضمون سياسي يستهدف تعلم جمهور شعبي عريق لوصفه سياسة معينة، والعمل على تسييس الأحداث العادية، وإدخالها ضمن منظومة الفهم السياسي العام للمرحلة، حيث تعد المسرحية السياسية أكبر من أن تكون ليلة في المسرح، كما أنها أكبر من صفحات النص، إنها تقرير عن واقع سياسي واجتماعي معيش، يقدمه المؤلف للجمهور بقصد إيقاظ الوعي بداخله.
وتحدث الشافعي عن نشأة المسرح السياسي في الوطن العربي، قائلا: تعد الفترة من 1939 إلى 1952 هي الفترة التي بدأ فيها التحول الحقيقي نحو اعتبار الرواية فنا يمكن أن تتوفر جهود الكاتب عليه، وخلال هذه الفترة اهتم الأدباء والكتاب بكتابة الرواية التاريخية التي تعالج القضايا المعاصرة في الساحة العربية، وهي فترة النضج للرواية التاريخية.
وتابع: اختلفت العلاقة بين الكاتب المسرحي والتراث في الوقت الحاضر، فأصبح مهتما بمزج التراث بالعصر الحاضر لا النقل التام، فيختار من بين الأحداث والشخصيات التراثية ما يتناسب مع تجربته المعاصرة، كي يسقط الحاضر على ذلك الحدث التراثي، مؤكدا أن المسرح السياسي لعب دورا مهما في الوطن العربي، ويتجلى ذلك في العديد من المسرحيات التي تناولت مختلف قضايا الأمة العربية، حيث عبر بعض المسرحيين عن واقع الأمة عبر نصوصهم المسرحية دلالة على احتجاجهم وتمردهم على الواقع الذي تعيشه الأمة، وكان على رأس تلك القضايا القضية الفلسطينية، التي اهتم بها المسرحيون العرب وأصبحت من أكثر القضايا المحورية للأمة العربية.
وأردف: على صعيد التأليف المسرحي كانت 5 يونيو بمنزلة الشرارة التي فجرت القدرة الكامنة عند الكاتب العربي عموما، والكاتب المسرحي خصوصا، وكانت النكسة دافعا لسعد الله ونوس لكتابة مسرحيته الشهيرة «حفل سمر من أجل الخامس من حزيران» التي أسهمت في وضع مسار جديد للمسرح السياسي العربي من حيث الشكل والمضمون.

تأثير المسرح المصري على التجربة المسرحية الجزائرية - تأثير مسرح توفيق الحكيم في الكُتاب المسرحيين الجزائريين نموذجا
وقدمت الدكتورة الجزائرية خولة صالح بحثا عن تأثير المسرح المصري على التجربة المسرحية الجزائرية - تأثير مسرح توفيق الحكيم في الكٌتاب المسرحيين الجزائريين نموذجا، قائلة: اختلفت آراء الباحثين حول البداية الفعلية للفن المسرحي الجزائري نظرا لوجود رأيين مختلفين حول نشأته، فقد أجمع البعض منهم على أن المسرح الجزائري لم يظهر بمفهومه الحديث إلا مع الربع الأول من القرن العشرين، أما الرأي الثاني فقد سعى على تأكيد وجوده من القدم من خلال جملة من الأدلة التاريخية نذكر منها:
-وجود آثار عظمية تعود إلى العهد الروماني تتوزع على مدن مختلفة: شرشال، قالمة، جميلة، مداوروش وغيرها.
-وجود أشكال فرجوية شعبية قديمة القازاقوز وخيال الظل، إضافة إلى أشكال شعبية جزائرية مثل القوال والمداح.
- يرجع الباحثون إلى أن البداية الفعلية للمسرح في الجزائر مع مسرحية «نزهة المشتاق وغصة العشاق في الترياق في العراق» لـ إبراهيم دانينوس عام 1847.

وتابعت: جاء الجانب التطبيقي من دراسة البحث في تأثير مسرحيات توفيق الحكيم في الكُتاب المسرحيين الجزائريين من خلال اقتباس أبرز مسرحياته عن طريق الوقوف عند نقاط التشابه والاختلاف بينهما، منها مسرحية «السلطان الحائر» اقتبسها الكاتب الجزائري محمد الصغير، وأخرجها عبدالقادر علولة، ومسرحية «حوت يأكل حوت» اقتباس وإخراج الجزائري عبدالقادر علولة، ومسرحية «شمس النهار» اقتباس وإخراج العربي زكال.
وأوضحت صالح أن الدراسة تهدف إلى البحث في مواطن التشابه والاختلاف بين المسرح المصري والجزائري، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المستويات الفنية والموضوعاتية التي أثر المسرح المصري فيها، ويتمثل منهج الدراسة في المنهج التحليلي المقارن.

استلهام الأسطورة ورمزية التراث في المسرح المصري - نصوص نجيب سرور ورأفت الدويري «دراسة مقارنة»
وتحدثت الباحثة داليا همام مصطفى عن استلهام الأسطورة ورمزية التراث في المسرح المصري - نصوص نجيب سرور ورأفت الدويري «دراسة مقارنة»، قائلة: مشكلة البحث تأتي في استلهام الكاتبين نجيب سرور ورأفت الدويري الأسطورة المصرية الفرعونية في أعمالهم المسرحية، هذا إلى جوار الاعتماد على الرمزية التي تستقي جذورها من التراث الشعبي المصري، حيث يعتمدون في بنائهم النصي على النظريات الغربية وقالبها مستجيبين لأدوات النسيان التي يعتمد عليها المناظرون الغربيون في تكوين نظرياتهم، أم أن الكتاب المصريين يستطيعون خلق قوالب مصرية خالصة، وجب التنظير لها من جديد، هذا إلى جوار مقارنة طبيعة الاستلهام والرمزية لدى كلا الكاتبين، مع الاعتماد على نفس المصدر.
ورصدت همام، أن المسرح في مصر ليس وليد الصدفة، وليس عابرا، وإنما له منابع استطاع أن يستولد منها مادته الدرامية كالحكايات الشعبية والأساطير المصرية والتاريخ وغير ذلك، مشيرة إلى أن الأسطورة ورمزية التراث الشعبي هو المحور الرئيسي الذي نبحث فيه، ولا بد من الأخذ في الاعتبار أن الطرق الكولونيالية تعد طرقا مستهلكة وضعت مجموعة من النظم للسيطرة على الدوائر السياسية والتعليمية والفنية والثقافية في أي بلد احتلتها، وأهم أداة استخدمتها في السيطرة على الشعوب هي النسيان الذى يعد أداة فعالة دائما لطمس ذاكرة الشعوب، فتبدو أزمة الذاكرة جلية، بين ما نحن عليه وما كان سابقا، وفى عصور الاحتلال دائما طمس الذاكرة هو الهدف الأساسي للمحتل، ليصبح الشعب طوع إرادة المحتل، بينما يقاوم المبدع ذلك النسيان من خلال إبداعه الفني الذى يسعى دائما إلى الحفاظ على تلك الذاكرة ومواجهة زيف الاحتلال، ثم يوما ما يذهب المحتل وتظل الإبداعات المقاومة كالنقش محفوظة في تاريخ الإبداع الفني. 
ومن الجدير بالذكر أن المبدع دائما يعتمد على الاستلهام والرمزية بوصفه إحدى وسائل الأبعاد الزماني والمكاني.                                                  
وأكدت همام أن التراث ملاذ يمكن من خلاله مواجهة فكرة النسيان، وهي فكرة استعمارية استخدمها المستعمر للسيطرة على الشعوب المحتلة على مدار التاريخ، ومن خلال أعمال الكاتبين التي تؤكد على أن الكتابة يمكن أن تكون فعلا لمقاومة النسيان والأدوات الاستعمارية والثقافية.
وأجابت همام على الأسئلة التي تم طرحها في مشكلة البحث، عن طريق استخدام أداة المقارنة والكشف عن كيفية استلهام الأسطورة وترميز التراث في أعمال الكاتبين، مؤكدة أن الأسطورة تتحقق في نمطها الذي يكون بلا زمن محدد، وهي تعبر عن هذا الزمن من خلال لغتها الخاصة، واستشراف المستقبل.

أثر المسرح المصري في المسرح الجزائري من خلال تنقلات الفرق  والشخصيات المسرحية إلى الجزائر منذ بدايات القرن العشرين
وكشفت د. مينة مراح في بحثها عن أثر المسرح المصري في المسرح الجزائري من خلال تنقلات الفرق  والشخصيات المسرحية إلى الجزائر منذ بدايات القرن العشرين، قائلة: قدمت الفرقة المصرية عروضا مسرحية عديدة نالت إعجاب الجمهور الجزائري، الذواق إلى كل فن يحرره من الثقافة الفرنسية المهيمنة، ويربطه بالتراث العربي الإسلامي، وهكذا وجد الجزائريون في مشاهدة التمثيليات المسرحية المقدمة متنفسا ونافذة يطلون من خلالها على العالم العربي الذي باعد بينهم الاستعمار.
وأضافت: اغتنم رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وجود هذا الوفد المصري ليستضيفونه ويعرفونه بنشاطاتهم المختلفة في مجال الإصلاح على أمل أن يبلغا فيما بعد في جولاته في مصر والعالم العربي لتتغير نظرة النخبة العربية السلبية عن الجزائر، فتخصص لها نصيبا في كتاباتها وخطاباتها.
وأوضحت أن هناك عددا من الشخصيات المسرحية المصرية التي انتقلت إلى الجزائر بعد الاستقلال، وشاركت في تقديم بعض الأعمال مثل الفنان الراحل كرم مطاوع، وألفريد فرج، وسعد أردش، هؤلاء أتوا إلى الجزائر للمساعدة والتكوين، وتخرج على أيديهم العديد من الفنانين الجزائريين في فنون الإعداد الدرامي والمسرح، لكن ما نلاحظه أن ألفريد فرج وسعد أردش كان لهما باع كبير في الإخراج المسرحي وكتابة مسرحيات مثلتها فرق مسرحية جزائرية، وهناك تأثر لبعض المسرحيين الجزائريين بهؤلاء.
 


ياسمين عباس