تأثير الملحمية في المسرح العربي «نماذج مختارة»(1)

تأثير الملحمية في المسرح العربي  «نماذج مختارة»(1)

العدد 819 صدر بتاريخ 8مايو2023

يجدر بنا قبل الخوض في موضوع البحث، أن نقوم بتحرير بعض المصطلحات التي سيتم استخدامها داخل البحث:
    التغريب: يرتبط مفهوم التغريب عادة بمسرح بريشت (1898 – 1956) مع أنه لم يخترعه، ومفهوم التغريب عند بريخت: هو (جعل المألوف غريبا). الصورة المغربة هي عبارة عن عرض لشيء أو موقف مألوف لنا في إطار من القول، أو الفعل يظهره غريبا. إنه القوة التي تجبر المتفرجين على رؤية أو إدراك شيء مألوف كما لو أنه جديد ويُرى لأول مرة. بمعنى أنه عندما نتعود على رؤية أو سماع شيء تعودا تاما، يصبح من السهل الاعتقاد بأن هذا الشيء هو دائما كذلك، وبأنه سيكون كذلك. ولكن عندما يقدم إلينا شيء جديد نعتقد بأنه ليس حتميا، وعلى هذا قد نقبله ونقتنع به، وقد نرفضه وننبذه. والآن، عندما تغرب شيئا مألوفا لنا ومعتادين عليه، فإننا نضعه في وضع الشيء الجديد اللاحتمي، ومن ثم يمكننا أن نقبله أو ترفضه. إننا نستطيع أن نحكم بالرفض أو القبول على الشيء المغرب لأنه أصبح في حكم الجديد، ولم يعد في مركز يفرض حتميته علينا، لا لشيء إلا لأننا تعودنا عليه، وآمنا بصحته1.
التطهير: «ذكر أرسطو التطهير في كتابه فن الشعر بشكل سريع وعابر مرتين (الفصل 6 والفصل 11)، أما في كتاب (علم البلاغة) فقد ربط أرسطو ما بين  مشاعر الخوف والشفقة اللذين يشعر بهما المتفرج الذي يتمثل نفسه في البطل المأساوي وبين التطهير»2.
المسرح الملحمي: «يقتضى إخراج الدراما الملحمية [..]: ينبغى أن تكون المناظر غير واقعية بل إيحائية، أي تعرف المتفرج بالمكان والزمان عن طريق أشياء صغيرة دون حاجة إلى تفصيلات ويمكن تغيير المناظر البسيطة أمام المشاهدين دون اضطرار إلى إسدال الستارة، وذلك بقصد إزالة أي شعور يمكن أن يتولد في نفس المتفرج (بواقعية) ما يراه. كما يرى المسرح الملحمي ألا يدخل الممثل في إهاب الشخصية التي يؤديها، بل يعرضها في حيادية كما لو أنه راوية أو نائب عن شخص يقص أحداثا لآخرين»3.
مقدمة
يمكن ربط ما حدث من تأثر بتيار المسرح الملحمي لما مرت به الدول العربية في ستينات القرن العشرين من أحداث سياسية واجتماعية دفعت الكتاب إلى البحث عن هوية، ولذلك كان اللجوء للتيار الملحمي هو الأنسب لما تبناه هذا المذهب من ملامح التدبر والتأمل في الأوضاع وإعمال العقل البشري للتفكير المتأني في كل ما يدور حوله، وهذا ما كانت المجتمعات العربية في تلك الفترة بحاجة إليه، لذلك نلاحظ أن المسرح المصري قد تأثر «بشكل كبير بالتيارات الفكرية والمدارس الفنية الوافدة، ومن بين هذه المؤثرات والتي ظهرت بشكل واضح المسرح الملحمي لم يربط بينه وبين الأوضاع المصرية في الستينات من تشابه حيث إنه كان التيار الموضوعي والعقلاني السياسي والاقتصادي والذي اتصل مع الحركة الثورية في مصر بعد ثورة 1952 وبما في التيار الملحمي من ثقافة عقلانية تخدم مبادئ الثورة»4.
ولم يتوقف الأمر عند المسرح المصري فقط، بل نلاحظ ذلك أيضا في المسرح السوري، «حيث كان تأثر ونوس بالمسرح الملحمي استجابة تلقائية منه لأحداث ما بعد الخامس من حزيران، أي أن استجابته كانت الخضوع لضرورات البحث عن قالب فني يلائم القضايا العربية في مرحلة الستينات، ومن ثم كان تأثره بتقنيات المسرح الملحمي بوصفها أقدر من الشكل الأرسطي على التعبير عن هموم المجتمع العربي في هذه الحقبة، والتأثير في المتلقي العربي من خلال طرح القضايا بطريقـــة تـــثير عــــدة الأسئلة عما حدث في مجتمعه من مشكلات قابلة للحل أو التعديل. تأثر ونوس بشكل واضح بالمسرح البرختي، لكنه لم يتطابق معه، ولم يلتزم بتقنياته كافة، وقدم رؤية معايرة في بعض الأحيان خدمة للرسالة التنويرية»5.
إضافة إلى «تأثر باحثين ومختصين في المسرح الأمازيغي كثيرا بتجربة الكاتب المسرحي برتولد بريخت فيما يخص استخدامه لتقنية كوسيلة كسر الإيهام باعتماده على آليات منها الراوي، الجوقة الحكواتي وكذالك فضح اللعبة المسرحية والمسرح داخل المسرح. وقد سعى سعيا جادا للتأصيل لمسرح تلغى فيه الحواجز بين الصالة والمتفرج وقد وظف التراث لجلب انتباه المتفرج الجزائري بصفة عامة والأمازيغي بصفة خاصة فقد كان الراوي شكلا من أشكال التراث الشعبي وقد تمكن من كسر الإيهام على طريقة بريخت فهو يمكن من سرد حوادث طويلة لا يمكن تجميدها على المسرح ويربط بين حوادث الماضي والحاضر» إذ ساعد الراوي على فصل الجمهور عن الحوادث فلم يندمج معها عاطفيا، بل يشاهد هذه الحوادث ويحكم عليها، وهذه خصية من خصائص المسرح الملحمي، فقد تناول «بقرموح والآخرون عدة قضايا تمس التراثية وأفكار ومعاناة الإنسان الأمازيغي، وقد ساءت التقنيات التي تحدثنا عنها سابقا إلى تحقيق تقنية التغريب وكسر الإيهام ومحاولة إشراك المفرج عقليا في العمل المسرحي وقدم مسرحيو الأمازيغ في الجزائر كثيرا مع بريخت بخصوص اهتمامهم بالجمهور فلم يعد جمهور المسرح الأرسطي الذي كانت تثار فيه عاطفتي الخوف والشفقة بل لجأ عمر فطموش والآخرون إلى تحقيق عدم التوحيد بين المشاهد وبين الممثل بحيث لا ينفعل ويعتمد على عقله ويحاكم ما يراه أمامه»6.
وقد يكون البحث عن الهوية في الثقافات الأخرى ليس بالقرار الصواب، لكن تبقى وسيلة ومحاولة لإيجاد الهوية وسط المراحل المتخبطة.  
سمات المسرح الملحمي
إن بريخت عارض المسرح الأرسطي القائم على الفعل بهدف إثارة عاطفة المتلقي، وقد نقد بريشت هذا المسرح بقوله:
“إننا نرى على المسرح جوا فارغا مصطنعا يحاول أن يغطي انفعالات الشخصية المسرحية بانفعالات الممثل.  ومن النادر أن نسمع صوتا إنسانيا حقيقيا، ولذلك فإن المشاهد يخرج بالانطباع بأن الحياة يجب أن تكون مثل المسرح تماما بدلا من أن يكون المسرح صورة مشابهة للحياة. إن المسرح يستثير انفعالات المشاهد وبذلك يمنعه من استخدم عقله. إن المشاهد يستدرج إلى شبكة الأحداث ويجبر على أن يتعرف على نفسه في الشخصيات التي يراها. أما الوسائل التي يستخدمها المسرح فإنها تزيف صورة الواقع وتجعل المشاهد في حالة تنويم مغناطيسي لا يستطيع معها أن يدرك هذا الزيف. ومهما يكن العرض ممتعا فإن تأثيره، إن لم يكن هدفه، هو أن يضع عقلنا في إطار غير نقدي”7.
كما عبر بريخت عن نظريته الجدلية قائلا: «اليوم حيث ينبغي اعتبار الجوهر الإنساني مجموعة من القيم تضم كافة العلاقات الاجتماعية، حينئذ يصبح الشكل الملحمي هو الوحيد الذي بوسعه أن يضم تلك القضايا التي تخدم الفن المسرحي كأداة لإعطاء صورة شاملة للعالم، كذلك الإنسان الذي هو من دم ولحم لا يمكن فهمه إلا في القضايا التي يقف فيها ويعتمد عليها»8.
 هكذا حاول بريخت الثورة على كل ما هو تقليدي في المسرح من ناحية الإشارة إلى الزمان والمكان، فوفقا لكتاب د. إبراهيم حمادة «معجم المصطلحات الدراميه والمسرحية» إن المسرح الملحمي يستخدم ما «يوحي للمتفرج بالمكان والزمان»9 دون التركيز على التفاصيل حتى يركز على إعمال عقل المتفرج بدلا من إدخاله في حالة من الإيهام مع العرض المسرحي.
لذلك نلاحظ في المسرح الملحمي أن النصوص تكتب أقرب إلى السرد والحكي ودائما ما تحاول الحفاظ على يقظة المتفرج تجاه الأحداث دافعة إياه على دراستها وتحليلها بهدف التغير والثورة، فقد شملت موضوعات بريخت المسرحية كل ما يشغل فكر الإنسان بهدف تسليط الضوء على تلك المشكلات وحث المتلقي على فهم الأمور وإدراك ما يناسبه.
 فقد رفض بريخت (1898-1956) المسرح الأرسطي الذي يعتمد على التطهير وهو أن يندمج المشاهد كليا في العمل المسرحي، وبالتالي تثار لديه عاطفتي الخوف والشفقة ومن ثم يحدث التطهير، فقد رفض بريخت هذا المفهوم رفضا قاطعا واعتبر أن المسرحي الأرسطي ما هو إلا تنويم مغناطيسي يعمل على إذهاب عقل المشاهد وحصره داخل أحداث العمل المسرحي من دون أن يكون لعقله أي دور في مناقشة الأحداث وتحليلها، فالمسرح الملحمي عند بريخت يعتمد اعتمادا كليا على عقل المشاهد من خلال توعيته بكل ما يحدث، وبالتالي مناقشة مشاكله وتغيرها بهدف إيجاد الحياة الأفضل للناس.

ألفريد فرج
ألفريد فرج (1929- 2005) واحد من أبرز كتاب المسرح في الأدب العربي المعاصر مارس الصحافة والرواية والقصة والنقد والترجمة، ونجح فيها جميعا وتميز عن أقرانه بالتفوق في استلهام التراث، وتوظيف الفولكلور بطريقة بسيطة ومبدعة.
أبدع في استلهام التراث الشعبي المصري، فقد صرح فرج في أحد الحوارات الصحفية التي أجرته معه الصحفية عبلة الرويني: “أن في الستينيات كانت قضية الهوية مطروحة وقضية الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي، ومضى كل في مجاله يبحث عن طابع عربي للمسرح.. وقد طرحت فكرة إحياء التراث”. وأضاف فرج مجيبا على سؤال: هل التاريخ شرط من شروط إبداعك؟: “نعم والتاريخ هنا بمعنى أن اللحظة التي أعيشها هي لحظة تاريخية، فالمسرح له علاقة بالتاريخ لأنه فن تجريد ليس كفن الرواية يهتم بالتفاصيل الحياتية وبتفاصيل الصورة  ولكنه فن مقطر، مصفى . وهو في هذه الناحية فن تجريدي بمعنى من معاني الكلمة، ومن ثم فكل مسرحية تستطيع أن نصفها بأنها تاريخية. ومن ناحية أخرى، فإن المسرحيات ذات الإطار التاريخي هي مسرحيات عصرية، لكن هذا الإطار التاريخي هو مجرد تجريد وإبعاد من أجل التقريب.. وشخصيات مثل (الزير سالم وسليمان الحلبي، وأبو الفضول، وقفة) هي شخصيات عصرية ومعاصرة، ولكن أنا فضلت وضعهم في هذا الإطار التاريخى لدواع فنية، ولدواع فكرية أيضا.. فمثلا في (على جناح التبريزي وتابعه قفة).. لو حدث واستخدمت الإطار الواقعي والمؤثرات الفنية الواقعية، لكان لا بُدّ أن تتحطم أجنحة المسرحية وتتحول هذه الخاطرة السحرية التي تستمد جمالها من طابع الحواديت الشعبية إلى مجرد قصة واقعية رخيصة”10.
يعد التراث عند ألفريد فرج هو أحد الركائز الأساسية في خلق هوية المسرح العربي واستلهام الكثير من مسرحياته من السرد الشهرزادي في حكايات ألف ليلة وليلة، كما ذكر ألفريد فرج في تذييله لمسرحية «على جناح التبريزى وتابعه قفة».
حيث يقول ألفريد فرج: «استوحيت قصة التبريزي وقفة من ثلاث حكايات في ألف ليلة وليلة هي حكاية المائدة الوهمية وحكاية الجراب وحكاية معروف الإسكافي»11.

بين بريخت وألفريد فرج
يعد التشابه بين مسرح ألفريد فرج والمسرح البريختي ملحوظا، وهذا لا يعني أن المسرحيات قد استلهمت من مسرح بريخت بداعي الاقتباس لكن التوجه العام للنص من حيث البناء والاعتماد على السرد واستلهام التراث واستخدامه لخدمة مفهوم الحرية الذي نادت به مسرحيات فرج، وقد تعرض د. علي الراعي لتأثر ألفريد فرج بملحمية بريخت حين قال متحدثا عن مسرحية سليمان الحلبي:  «إن شيئا من أثر الدراما العالمية يوجد في هذه المسرحية وهو أكثر بروزا مما تقدم، لأنه يتناول البناء المسرحي ذاته، وواضح أن ألفريد فرج كان يستحضر ما تخلص إلى نفسه جاءت نتيجة لمعاينته فن برتولد بريخت وبخاصة مسرحيته أوبرا ثلاث ملليمات التي يوازن الكاتب الألماني بين القانون والعدل واللصوصية ويوضح أن القانون هو التسمية المؤدبة للسرقة والقهر، وأن المجتمع يطارد اللصوص الصغار ليحمي لصوصه الكبار. يصوغ بريشت أفكاره هذه في لوحات متتالية حسب ما تقضي به طريقته الملحمية في البناء المسرحي. وألفريد فرج ينتهج النهج ذاته فيبني مسرحيته من مشاهد قصيرة متتابعة لا تخضع لوحدة المكان ولا لوحدة الزمان»12.   
يتفق الباحث مع فكرة أن الملحمية قد أثرت في ألفريد فرج حيث إن مسرحية أوبرا ثلاث ملليمات كانت أحد المسرحيات التي سلط ألفريد فرج الضوء عليها خلال كتابه «أضواء المسرح الغربي» الذي تعرض خلاله بالنقد والتحليل لعدد من النصوص المسرحية، ومن خلال الكتاب ذكر ألفريد فرج نظرية بريخت من وجهة نظره حيث قال: «بريخت علم من أعلام المسرح في القرن العشرين وموقفه الفكري ليس أشهر من موقفه الفني وأسلوبه الذي اشتهر باسم المسرح الملحمي في مقابل المسرح الدرامي. ونظريته المسرحية ليست نقيض نظرية أرسطو، وإنما هي نقيض نظرية مسرح ستانسلافسكي أستاذ الإخراج الروسي الذي تقوم نظريته على ضرورة إيهام الجمهور واندماج الممثل في الشخصية»13.
ويرى الباحث أن هذا دليل اهتمام ألفريد فرج بنظرية الملحمية عند بريخت حيث إنه قام بدراستها وحللها ليصل إلى النتيجة السابق ذكرها على لسانه، لنستنبط من ذلك أن النصوص التي تأثرت بملحمية بريخت عند ألفريد فرج هي نتيجة لتعمقة بدراسة المسرح الغربي. بالإضافة إلى تلقيه «منحة دراسية من الأكاديمية الألمانية للتبادل الثقافي للتفرغ لمدة سنة في برلين الغربية (1983 - 1984)»14، وهذا دليل على تعرضه بالدراسة للمسرح الألماني.

سعد الله ونوس
سعد الله ونوس، (1941-1997) مسرحي سوري. ولد في قرية حصين البحر القريبة من طرطوس. تلقى تعليمه في مدارس اللاذقية. درس الصحافة في القاهرة (مصر)، وعمل محررا للصفحات الثقافية في صحيفتي السفير اللبنانية والثورة السورية. كما عمل مديرا للهيئة العامة للمسرح والموسيقى في سوريا. في أواخر الستينات، سافر إلى باريس ليدرس فن المسرح.
مسرحياته كانت تتناول دوما نقدا سياسيا اجتماعيا للواقع العربي بعد صدمة المثقفين إثر هزيمة 1976، في أواخر السبعينات، ساهم ونوس في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وعمل مدرسا فيه. كما أصدر مجلة حياة المسرح، وعمل رئيسا لتحريرها. في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت عام 1982، غاب ونوس عن الواجهة، وتوقف عن الكتابة لعقد من الزمن. عاد إلى الكتابة في أوائل التسعينات15.

بين بريخت وسعد الله ونوس
« يعد سعد الله ونوس واحدا من أهم الكتاب المسرحيين الذين تأثروا بالمسرح الملحمي؛ إذ تمثل روح النظرية البريختية، بعد أن اطلع على أعمال بريخت النظرية والتطبيقية، ومــا كتــب عنـــه مــن دراسات. كما تتلمذ على أيدي أساتذته البريختيين في فرنسا، ومنهم «برنار دورت» و»جون ماري سرو رو»، وقد اعترف ونوس صراحة بتأثره ببريخت، وبمنهجه في الكتابة المسرحية، في حوار أجراه معــــه الدكتور رشيد بوشعير قائلا: «لا أظن أن هناك كاتبا معاصرا لم يتأثر سلبا أو إيجابا بالتجربة المرينية في المسرح بخاصة، وفي محاولة تغيير فعالية الثقافة بعامة»16.
قاسم محمد
ولد عام 1934 في إحدى محلات بغداد وكان والده حكواتيا فقيرا، وقد رفض في البداية دخوله إلى معهد الفنون الجميلة لعدم اقتناعه بجدوى الفن في الحياة العملية. لكن قاسم محمد لم ييأس بل سارع إلى التقديم للمعهد عام 1955 حيث درس على أيدي كبار الرواد من أمثال حقي الشبلي وإبراهيم جلال وجاسم العبودي. قدم قاسم محمد عددا من الأعمال ذات الطابع التجريبي غير المعهود بحيث إنها خلخلت بنى المسرح العراقي وهزته من الأعماق. ومن تلك المسرحيات: (النخلة والجيران) التي أعدها عن رواية غائب طعمة فرمان و(كان يا ما كان) التي ألفها وأخرجها و(بغداد الأزل بين الجد والهزل) التي ألفها. نال قاسم محمد عددا من الجوائز والشهادات التقديرية في العديد من الدول منها جائزة أفضل مخرج من مهرجان قرطاج في العام 1987 عن مسرحية «الباب» ليوسف الصائغ، وجائزة أفضل سينوغرافيا من مهرجان قرطاج 1993، وجائزة تكريم من الملتقي العلمي الأول للمسرح العربي في القاهرة في العام 1994، وكرمه مهرجان قرطاج في العام 1995، ونال جائزتين من مهرجان أيام الشارقة المسرحية لأفضل فنان عربي. فضلا عن جائزة من مهرجان القاهرة عام 2004 عن مسرحيته «رسالة الطير». توفى في دولة الإمارات العربية المتحدة عن عمر يناهز الخامسة والسبعين بعد صراع مع مرض عضال لم يمهله طويلا. عام 2009م”17.
ملامح الملحمية
«يستخدم قاسم محمد في تجاربه الفنية عددا من المبادىء البريختية أبرزها الاستفادة من أسلوب الرواية (الحدوثة Parable) أي طرح الرسالة المراد إيصالها للجمهور على شکل اقتراح يثير لديهم التأمل والتفكير، والابتعاد عن التقريرية أو الإدلاء بتعليق مباشر حول الحياة الراهنة.

هوامش
1-  د. إبراهيم حمادة، معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، دار المعارف، 1985،ص 76.
2-   د. ماري ألياس – د. حنان قصاب، «المعجم المسرحي»، كتبة لبنان ناشرون، لبنان،1997، ص130.
3- د. إبراهيم حمادة، معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، دار المعارف، 1985،ص 254.
4- رانيا فتح الله، الاتجاه الملحمي في مسرح ألفريد فرج (مرجع سابق) ص 7. 5- د. محمد صالح مروشية، أثر المسرح الملحمي البريختي في التغريب عند سعد الله ونوس (مرجع سابق)
6-  أ.د إدريس قرقوي، أثر التغريب في المسرح الجزائري الناطق باللغة الأمازيغية، مجلة النص المجلد 80 / العدد: 3، ص 633-656، 2021.
7-  د. أنيس فهمي إقلاديوس، من أعلام المسرح الالماني المعاصر، المجلس الأعلي للثقافة، 1999، ص177:178.
8-  غازي شريف «المسرح الملحمي والتغريب عند بريشت. «مجلة الآداب، بنك المعرفة [http://search.mandumah.com/Record/264485]
9-   دكتور إبراهيم حمادة، معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية، دار المعارف، 1985، ص 225 المسرح الملحمي
10-  ألفريد فرج، و عبلة الرويني. «حوار مع الكاتب الفريد فرج.» قسم أدب ونقد، بنك المعرفة المصري [http://search.mandumah.com/Record/306899 ]
11-  ألفريد فرج، علي جناح التبريزي وتابعه قفة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر،1968، ص 113
12-  د. علي الراعي، المسرح في الوطن العربي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب، الكويت، 1978، ص129.
13-  ألفريد فرج، أضواء المسرح الغربي، دار الهلال،1989، ص 132
14-  د. محمد الجوادي، مقال(ألفريد فرج أعظم كتاب المسرح استلهاما للتراث الإسلامي)، مرجع سابق
15- مقال على موقع المعرفة الالكتروني يتحدث عن سعد الله ونوس
[https://www.marefa.org/%D8%B3%D8%B9%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%88%D9%86%D9%88%D8%B3]
16- د. محمد صالح مروشية، أثر المسرح الملحمي البريختي في التغريب عند سعد الله ونوس، مجلة دراسات اللغة العربية وادابها - فصيلة محكمة - العدد الثامن عشر، 2014
17-  موقع السينما  https://elcinema.com/person/1012733/


محمد أحمد كامل