العدد 819 صدر بتاريخ 8مايو2023
تمت مناقشة رسالة ماجستير للباحث أنس زهير حنّان الموسوم عنوانها «الليتورجيا وتمثلاتها في أداء الممثل المسرحي السرياني»، وذلك يوم الخميس الموافق 27 أبريل 2023 في جامعة الموصل - كلية الفنون الجميلة.
وضمَّت لجنة المناقشة والحكم كلا من: أ.د. علي محمد هادي الربيعي (رئيسا)، أ.د. بشار عبدالغني محمد (عضوا)، د. عمر محمد جنداري (عضوا)، أ.د. نشأت مبارك صليوا (عضوا ومشرفا).
ووجَّه الممتحنون الموقَّرون اسئلة إلى الباحث، لابست معروضات البحث العلمية والفنية، وقدموا له المعلومات الناهضة التي أغنت البحث وزادت من فاعليته ورصَّنت نتائجه.
وبعد امتحان قاربت حيثياته من أربع ساعات، وبعد دفاع ناهضٍ من الباحث الممتَحَن، وردود علمية مستحكمة في معلوماتها، أوصى الممتحنون بمنح شهادة الماجستير إلى الباحث. وحضر وقائع الامتحان سيادة نجيب مطران الآباء الدومنيكان ومجموعة من رجال الدين المسيحيين والقساوسة والأخوات الراهبات.
وتناول البحث «الليتورجيا» كمفردة دينية طقسية تستند في شكلها على ممارسة الاحتفال وأشكال العبادة الجماعية المنظمة، وتتأسس جمالياً وفق فعل إنساني يتم إدراكه في الزمان والمكان حسياً وعقلياً، وتشمل «الليتورجيا» في مضمونها على مجموعة من الأشكال الدينية المسيحية الطقسية كالصلوات والأسرار المقدسة للأفخارستيا كونها ظاهرة تعيشها الجماعة في الواقع اليومي، مرتكزة على فعل الخدمة وحضور المؤمن بكينونته مع الجماعة، وتتوجه الليتورجيا نحو فعل المشاركة الحقيقي بأشخاصها ومفرداتها ونصوصها الحوارية إلى جانب أشكالها الرمزية المتعلقة بالعقائد والطقوس والأساطير.
أما «المسرح السرياني» فقد توجه نحو توظيف الأشكال الدينية في شكل العرض والأداء المسرحي تحديداً إلى جانب التداخل الفعلي للعناصر المسرحية المسموعة والمرئية لتأكيد الصيغة الرمزية والدلالية للفعل المسرحي، والغاية من ذلك هي أحياء تلك الرموز والدلالات لتغذية الجانب الفكري والوجداني لدى المتلقي، فاختلف شكل الأداء باختلاف طريقة التوظيف، فاتخذ في كل أشكاله جانباً درامياً حدد سلوك الممثل على منصة العرض ورسم بيئةً أشد وضوحاً من ناحية التعبير الفني كون الأداء ترتبط بالطقس الليتورجي من خلال نظام إشارات ظاهرية كان لها الأثر في تحريك الذاكرة الجمعية لتحقيق المشاركة وإنتاج علاقة تفاعلية بين المرسل والمستقبل.
وفي ضوء ما تقدم فقد قسم الباحث موضوع بحثه إلى أربعة فصووإنتا اشتمل الفصل الأول (الإطار المنهجي) على مشكلة البحث التي تمحورت في الإجابة عن التساؤل الآتي: تعرّف الملامح السلوكية لليتورجيا وتمثّلاتها في أداء الممثل المسرحي السرياني؟ ومن ثم أهمية البحث والحاجة إليه من خلال تسليط الضوء على كيفية توظيف الليتورجيا في أداء الممثل المسرحي السرياني، وإدراك آلية اشتغالها في العرض المسرحي، أما الحاجة إليه فقد ظهرت من خلال محاولة الإفادة من نتائجه للباحثين والدارسين في اختصاص المسرح والمهتمين في دراسة الليتورجيا وتمثلاتها في أداء الممثل المسرحي السرياني.
كما تضمن الفصل الأول حدود البحث الزمانية التي تحددت بالمدة من عام (1997 _ 2018)، أما الحدود المكانية فقد شملت العروض المسرحية المقدمة في بلدات سهل نينوى وناحية عنكاوا، ثم حدود الموضوعية التي تمثلت بدراسة جوانب الليتورجيا وتمثلاتها في أداء الممثل المسرحي السرياني، ثم تلاها تحديد المصطلحات وتعريفها لغةً واصطلاحاً وإجرائياً.
وقسم الفصل الثاني (الإطار النظري والدراسات السابقة) إلى ثلاثة مباحث، تناول الباحث في المبحث الأول: «الليتورجيا... بدايتها ومفهومها»، أما المبحث الثاني فقد ناقش فيه الباحث «خصائص الفعل الليتورجي»، والمبحث الثالث «دلالات الليتورجيا في أداء الممثل المسرحي السرياني»، ثم توصل الباحث إلى المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري واختتم الفصل بالدراسات السابقة.
أما الفصل الثالث (إجراءات البحث) فقد تضمن مجتمع البحث والذي احتوى على (101) عرضاً مسرحياً سريانياً، ثم أداة البحث ومنهج البحث، وانتهى الفصل بتحليل العينة التي شملت ثلاثة عروض مسرحية هي (مسرحية الأنبا جبرائيل دنبو، ومسرحية يا ماري، ومسرحية سانتا بربارة والأرهاب).
اما الفصل الرابع فقد اشتمل على نتائج البحث التي توصل إليها الباحث والاستنتاجات، نذكر أهمها أولا: ساهم أداء الممثل في تكشّف الثيمات الليتورجية بإطارها الطقسي ورموزها وقدراتها التعبيرية لتجسيدها سلوكياً في الخطاب السمعي والبصري فعززت من المظهر الجمالي، وأثرت فضاء العرض بصياغات وتشكيلات فنية حفّزت القيم الدينية للانفتاح على معالجات تعمّق التداخل السلوكي للممثل مع الأشكال الليتورجيا، فتأسست قراءة العرض على عملية إيقاظ ذهن المتلقي تجاه الثيمة الموضوعية وما يختزنه من تصورات تتعلق بالموضوع وعمقه الفكري، ثانيا : عزز الممثل في عرض يا ماري من حضور الهوية الليتورجيا في الأداء التمثيلي من خلال ايقاع الفعل والحدث الطقسي إلى جانب الحضور المؤثر لمجموعة من المفردات المنتمية إلى تلك الهوية، حيث بدأ ذلك التناسق بين الشكل الظاهري والحدث في نسق منسجم ومؤطر بمجموعة من المعطيات الليتورجيا سواء الدينية منها أو الأسطورية أو التراثية، فتفاعل الأداء مع فرضية الوجود وأبعادها التواصلية لإرسال إشارات خاضعة للتأويل بحسب العرف الثقافي الذي يجمع الممثل مع المتلقي، ثالثا: إن الاحتفال الديني الليتورجي الذي قام به الممثلون اعتمد على أحداث واقعية جسدت حقبة زمنية تمثل الأساطير والحكايات التي توحي بحقائق دينية تمتلك عمقها في الذاكرة الشعبية، فجاءت تلك الاحتفالات محتفظة بنظمها وجماليتها وطقسيتها، مما جعل الممثلين يحققون تلك التواصلية مع المتلقي حيث ظهر أداءهم بصيغة إحياء لطقس تكريم الإله مع حركات التعبد بانتقالات جسمانية وأداء مقنن لممارسة فعل الاحتفال الذي ينتمي إلى الحس الشعبي من حيث العادات والتقاليد.
أما الاستنتاجات فجاءت كما يلي:
قدم مخرجو عينة البحث شكلاً أدائياً ليتورجياً استند إلى أحداث واقعية وقصص مجتمعية كانت السبب في إغناء الحضور الليتورجي في شكل العرض وبلورة المفاهيم والمعتقدات ودفعها باتجاه التجدد الدائم، كشف أداء الممثل في عينة البحث عن سلوك ليتورجي تنوّع ما بين الأشكال والمظاهر الدينية والمقومات المتأثرة بالعادات والتقاليد الشعبية والأساطير والاحتفالات إلى جانب حضور الأشكال الأنثروبولوجيا وفق صياغات أدائية تُعيد إنتاج الأحداث وتمنحها مشهدية مغايرة، أسس الأداء الليتورجي منظومة مسرحية ذات طبيعة دينية تصور الواقع وتحدد معالمه وقيمه وأبعاده، ويحضر الممثل فيه كوسيلة للاتصال المسرحي لتحقيق فعل الخدمة والفعل التشاركي.
ثم تلتها التوصيات والمقترحات وثبت المصادر والمراجع والملاحق، واختتم الباحث بحثه بملخص باللغة الانكليزية.