«ذاكرة صفراء» و«تحديد مسار» عرضان يتماسان عن مكنونات النفس البشرية

«ذاكرة صفراء» و«تحديد مسار» عرضان يتماسان عن مكنونات النفس البشرية

العدد 771 صدر بتاريخ 6يونيو2022

فى الليلة الثانية من ليالى المهرجان الختامى لنوادى المسرح فى دورته ال29، أقيمت ندوة عن عرضى «تحديد مسار» تأليف مصطفى على وإخراج عمر لطفى، وعرض «ذاكرة صفراء»  تأليف عباس الحايك وإخراج صافيناز محمد وهم من فرع ثقافة الجيزة .
وأدار الندوة الناقد والشاعر أحمد زيدان وتحدث بها كلا من الناقد والباحث والمخرج حسام عبد العظيم ،والناقد رامز عماد إستهل الناقد احمد زيدان كلمته، واصفا الليلة الثانية من ليالى المهرجان الختامى بليلة جميلة ومميزة، وخاصة أن العرضان يتماسان مع دواخل النفس البشرية، والشخصيتان الرئيسيتان بالعرضين لديهما ازمة ما ، وعبر مجموعة من الفلاشات بالعرض الثانى أو العرض الأول الصراع النفس أو ما يوازيها  سواء كانت أمنياته أو طموحاته أو مايريد أن يفعل ولكن تمنعه ضوابط مجتمعية أو دينية وما إلى ذلك .
وتابع :لدينا نصين محكمين إلى حد كبير وهناك فى نص ذاكرة صفراء نص العرض هناك تدخلات كبيرة من مخرجة العرض خاصة فى المقدمة التى قدمت بشكل حركى، وقد شاهدت كل العرض فى هذه المقدمة القصيرة وسيفسر لنا السادة النقاد ماهى الأسئلة التى كان يطرحها العرضين ونقاط التماس بينهما . ومن جانبه وجه الناقد والباحث حسام عبد العظيم الشكر لفريق عمل العرضين على مابذلوه من جهدا كبير وكان هناك إستمتاع فى مشاهدة العرضين 
وأكد عبد العظيم على ما قاله الناقد احمد زيدان بأن العرضين ناقشا قضايا إنسانية وذاتية وعلى من هذا التماس إلا أن كل عرض ناقش القضية من جانب معين. واما عن عرض «تحديد مسار « فمن الهام عندما يقدم المخرج تجربة أن يكون شىء يمسه ويؤرقه، وما نال إعجابى انه من القليل أن نصادف عروضا تناقش الذات البشرية وصراعها مع نفسها وليس الآخر، وهذا الفرق ما بين العرضين فالعرض الثانى هناك أزمة وصراع كونها الآخر وفى العرض الأول «تحديد مسار « نلاحظ وجود حالة إنقسام بين رغبة الشخص وبين رغبة المجتمع الذى يجب أن يسلك وفقا لمعاييره ، وطوال الوقت يقدم لنا العرض تناقضات كثيرة تظهر هذا المعنى بوضوح منقسم ما بين موسيقى الراب والكلاسيك والملابس الكاجوال أو الكلاسيك الشارع، الذى يفرز كل انماط البشر فالعرض يدعو لفكرة «كن انت نفسك» فلا توجد حقيقة مطلقة وعليك بالتجربة ،ولدينا أثنان من الممثلين لديهما مرونه شديدة فى ادئهما التمثيلى والحركى، وهناك طاقات بشرية مميزة مخرج ينبأ بمشروع حقيقى قادم ، ومؤلف يمتلك الجملة وليس الفكرة فقط. 
وأشار عبد العظيم إلى نقطتين فى حديثه الأولى عن الدراما ،وهى العرض من الممكن أن ينتهى عند لحظة الشك فلماذا قمنا بالتفسير بعد ذلك ؟ وهناك جمل جميلة ولكن إذا تم حذفها ماذا سيحدث؟ لماذا قرر المخرج أن يفسر ما يحدث فكان من الممكن أن يترك الجمهور يفكر ويفسر وفقا للمدلولات وهناك ملحوظة تخص الديكور فالديكور وبسيط وجميل يوضح الإنقسام فعلى جانبى المسرح إضاءة بلونى الأحمر والأزرق وذلك حتى نوضح أن هناك إختلاف وكنت أتمنى أن يزيد هذا الأختلاف فى شكل الخطوط وخاصة أننا نوضح حالة الصراع الكبير لهذا الشخص، فكان من المفترض أن يكون الجانبين ليسوا فى حالة التماس الشديد وكنا نحتاج أن نبرز أحد الجوانب بشكل مختلف . 
والعرض الثانى «ذاكرة صفراء « والنص الأصلى يناقش فكرة الحرب وتأثيرها على هذه الاسرة والتى تسببت وفاة الأم وشردت الاسرة وبعد رحلة من الأزمات والتشرد ، وكان جيد إقتلاع النص من بيئته فكاتب النص سورى وهو متأثر بفكرة الحروب وتأثيرها على الشعوب والمجتمعات، ومن الجيد إخراج كل التيمات السياسية وإنصب الإهتمام على التيمة الإنسانية ومفادها انه من الممكن أن يدمرك من يحبك جدا ، فالحب فى بعض  الأحيان  يكون مدمر وهناك طاقات تمثيلية مميزة إستطاعت أن تؤدى دلالات الشخصيات بشكل جيد والممثل لعب دور يوسف إستطاع الحفاظ على أداء الشخصية بشكل جيد ومتزن وإستطاع أن يجعل المتلقى يتعاطف معه ويحبه ولدينا بذرة مخرجة جيدة ولديها طاقة ؛ ولذلك يجب أن اقسو عليها فهناك طاقة ومجهود وفكرة ولكن وقعت المخرجة فى مشكلتين الأولى أن المخرجة عندما مثلت اصبحت لاترى ما يحدث بالعرض وهى داخل لعبة التمثيل ، فقد حدثت عدة نقاط إلتباس كثيرة فهناك تمثيل داخل تمثيل داخل تمثيل فيحدث لبطل العرض خيالات مع الاب ويقابل الفتاة التى يحبها حتى نجد فى النهاية أن كل القصة هى خيالات. 
وأضاف : فى بداية العرض كانت هناك رقصة توضح محتوى العرض فما سبب وجود هذه الرقصة  ؟فقيمتها كانت فى الإختزال وخاصة عندما قدمت الرقصة فى بداية العرض لم توضح لى شبكة علاقات واضحه فلم يظهر فى الرقصة فى البداية العقدة التى سببها الاب للأبن من النساء ؟ 
ثم عادت الكلمة مرة أخرى للناقد احمد زيدان وتحدث عن الصورة المسرحية فى العرض الأول التى تشبه  «المتاهه» وهناك جزء به بعض الحبال والعقد، وهناك جزء أخر به غزل وليس على منوال واحد وكأنها تحوى مجموعة من التشابكات والمتاهات التى  تحدث داخل هذا العقل، وهو ما جعله بشكل ليس به سميتريه أن نشعر أننا فى فضاء الحالة النفسية التى يريد المخرج أن يضعنا بها ،واحى مهندس ديكور العرض الأول هذا التناول .
وفى العرض الثانى لدينا مهندس ديكور فكر كيف يقدم لنا عالم غرفه هذا الرسام ولدينا مشاهد فى الفلاش باك داخل الغرفة إستطاع  تصوريها وإستخدام خامة نستطيع من خلالها مشاهدة بعض المشاهد سواء مشاهد الأب عندما أدخل الأم فى إختيار، والمشهد الثانى هو مشهد الفتاة والشاب فى المطر  وهناك اسئلة للعرض الثانى بما أن المخرج والمؤلف يقومان بعمل غرس فهناك جمل توضح  أن هناك شىء يحدث على خشبة المسرح على سبيل المثال الحديث عن اللوحات ولكن طوال الوقت هناك جمل على لسان البطل بأنه رأى اشياء ولكن أين هى وإذا كانت هذه الجمل عبىء علي العرض فمن الممكن إستقطاعها ، واخيرا يحتاج المخرج وفريق العمل إعادة التأمل للحد الفاصل بين الخيال والواقع طاقات الممثلين فى العرضين متميزة ولدينا مصمم حركة رائع ، وهناك مساحة جيدة التدريب على التمثيل فى العرضين . 
وفى مداخلته قال الناقد رامز عماد فى كلمته عن العرضين بالنسبة لعرض «تحديد مسار» هو عرض خلق لنفسه مسار فأحداث العرض تدور حول افكار تدور فى رأس شخص من خلال عالم ليس واقعى وهو ما إستطاع خلق مبررات يتسطيع المتلقى التفاعل معها ومتابعتها  ،العرض الثانى معتمد على شخص يعانى من البارانويا أو مرض نفسى ما . 
وتابع :على مستوى نص «تحديد مسار « النص به حالة من حالات الحساسية الخاصة بتجربة جيل فإذا شاهد هذا النص بتجربة جيل  اكبر من الجيل الحالى فلن تصل له فكرته، فالمميز به أن هناك تفاصيل ترتبط بجيل معين من أواخر الثمانينات حتى أواخر التسعينيات، والتجربة هنا ظاهرة فى تفاصيلها وحركتها والمشاكل والافكار التى يمر بها الشخص وقد سعدت بالأداء التمثيلى للأم وهناك طاقات تمثيلية جيدة. تجربة النص رايتها فى أكثر عرض والمستوى البصرى والإخراج هناك اجتهاد كبير وانتظر تطوير التجربة . بالنسبة عرض ذاكرة صفراء هناك مستوى اخراجى وتمثيلى جيدة وتساءل هل خلق مشهد التعبير الحركى حالة من المط والتطويل ؟
 


رنا رأفت