التحول الرقمي لفنون الطفل

التحول الرقمي لفنون الطفل

العدد 753 صدر بتاريخ 31يناير2022

برعاية وزير الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم وتحت إشراف الدكتورة نيفين محمد موسى عقد بمركز توثيق وبحوث أدب الطفل بالإدارة المركزية للمراكز العلمية برئاسة الدكتور أشرف قادوس الملتقى الشهري الأربعون لمبدعي ونقد أدب الطفل حول التحول الرقمي لفنون الطفل وتحدث فيه:
الدكتور مختار يونس – المعهد العالي لفنون الطفل – أكاديمية الفنون
الكاتب والمخرج المسرحي مجدي مرعي 
معلم  وخبير وموجه تربية مسرحية  رجاء محمود حسن
معلم أول و خبير تربية موسيقية محمد جمال الدين أمين 
وأدار الملتقى الشاعر الكبير والمؤلف المسرحي احمد سويلم 
وقبل افتتاح الجلسة شكر الدكتور أشرف قادوس الحضور والتمس العذر لكل من اعتذر عن الحضور حيث أنه كان من المقرر أن يتحدث في هذا الملتقى عشرة باحثين قدموا أوراق بحثية ووجه الشكر للشاعر والمؤلف المسرحي أحمد سويلم على تلبيته الدعوة لإدارة هذه الندوة.
وقال الشاعر أحمد سويلم أتصور إن الرقمنة هي تحول المادة المكتوبة أو المقروءة أو المشاهدة إلى صياغه رقميه وهذا هو التعريف البسيط لها.
أي التحول من الأسلوب التقليدي والنمطي سواء في المسرح أو الكتاب أو أي نوع آخر من أنواع الإبداع إلى نظام الحفظ الإلكتروني وفي اللغة العربية نجد كلمه رَقْمَ الكتاب أو رَقَمَ يعني كتبه أو نقط حروفه وعلامات الترقيم جاءت أيضا من كلمة الترقيم أو الرقم وكلمة الرقيم في سورة الكهف هو الكتاب أو اللوح الذي كتبت فيه قصة أهل الكهف.
إذن الرقمنة مصطلح منحوت نتاج التقنية الحديثة ولم تعد التكنولوجيا تقتصر فقط على تلبيه احتياجات البشر وإنما تعددت وظائفها لتصبح عاملا من العوامل التي تشكل الثقافة والوعي الإنساني والسلوك أيضا.
من الطبيعي أن ينعكس هذا على أدب الأطفال بأشكاله المختلفة وعلى المبدع أيضا الذي يخاطب الطفل .
والسؤال هل ستقضى الرقمنة على الكتاب الورقي والوسائل التقليدية؟
ونجيب على هذا السؤال من خلال إلقاء الضوء على الأوراق البحثية .
وأعطى الكلمة للدكتور مختار يونس فقال : 
إن فن أدب الطفل هو أحد الفنون التعبيرية وهي الفنون التي تعبر عن آهات الطفل وألامه وأحلامه وعذاباته في الماضي والحاضر والمستقبل 
يقاس أدب الطفل بعدد النسخ المطبوعة وهو رقم هزيل فلدينا في مصر 43 مليون طفل مقسمين إلى قسمين أطفال بلا مأوى وهم شرائح متعددة، وأطفال تحت مظلة التعليم ولابد أن يهتم المسؤولين بإنشاء قناه تلفزيونية موجهه للطفل تتضمن أدب الطفل وتحويله إلى الفنون التعبيرية السبعة ليتم نشره على نطاق واسع ولابد أن يصاحب الخطاب الموجه للطفل على رسائل تساعده في علاج مشاكله الفعلية في كل مرحله عمريه ولابد للفنان الذي يعمل في مجال أدب الطفل أن يكون على دراية بمشاكل الطفل والتي يوفرها علم نفس النمو والصحة النفسية. كذلك لابد من وجود مناهج تعليمية لتربية وجدان الطفل (انفعالات – عواطف – مشاعر- أحاسيس) .
وأعطيت الكلمة للكاتب والمخرج المسرحي مجدي مرعي فقال : 
 إن مسرح الطفل في الآونة الأخيرة بات يعتمد بدرجة كبيرة على التطور والتقدم التكنولوجي والتقني في عملية التجسيد الفني، فالأطفال بطبيعتهم يتعاملون مع الأشياء حسياً،، شرط أن يكون ذلك مدعاة للإبهار والإثارة والتشويق، سواءً أكانت هذه العناصر بصرية أم حركية أم سمعية، وهذه الوسائل تسهم بدورها بإيصال الأفكار والمعاني والأهداف عن طريق التوظيف (التكنولوجي) للمكونات البصرية على وجه الخصوص كونها مداخل لإثارة انتباه الأطفال وخلق استمرارية التواصل مع مجريات المسرحية على أن تكون هذه التقنيات الحديثة ذات نتائج إيجابية، فالإضاءة الرقمية والأجهزة والمعدات الحديثة وتطور الهيرسات ودخول أشعة الليزر ومضخمات ومكبرات الصوت المجسمة، والحصول على الخدع والمؤثرات البصرية والسمعية وتوظيف الديكورات والمناظر الرقمية التي تظافرت كلها من أجل الارتقاء الجمالي للعرض المسرحي الذي يستهدف جمهور الأطفال هذا كما تُعتبر (السينوغرافيا) واحدة من أكثر العناصر التي تطرأ عليها تغيرات وتحسينات تكنولوجية وتقنية  وهي بذات الوقت  تشغل فكر المخرج كونها تمكن المتفرج الصغير من التفاعل والتعاطف مع مجريات العرض، وهذا ما يحتاج إلى خلق فضاء مسرحي يأخذ الطفل إلى عوالم ساحرة مليئة بالكتل والتكوينات والألوان الزاهية والبراقة، والتي إن غابت أصيب العمل بالرتابة والملل، فقطع  الديكور والعناصر الأخرى، يجب أن تكون في علاقة مع الفضاء ومع بعضها البعض كي يصبح له معنى ومغزى.... وتصبح القطعة الديكورية لا تعبر عن ذاتها  فقط بل  تصبح شعاراً لعالم المسرحية المختفي لشيء كامن في الخلف يتضافر مع  كلمات الممثل والدراما، وقوة التركيب وملائمته سيحملان مغزى يزيد على المعنى الظاهري فضلاً عما يحملانه من إحساس بالجمال والسلطة  هذا في حال استخدام القطع والمناظر والديكورات المجسمة  ..أما في الوقت الراهن فبالإمكان استخدام وتوظيف كل هذه المكونات بشكل افتراضي بواسطة استخدام بعض الأجهزة مثل جهاز (الداتا شو)، استخدام أجهزة الأشعة فوق البنفسجية وهناك بعض الأجهزة التي يتمكن المخرج من خلالها من الحصول على أشكال وأجرام مجسمة تنفذ بتقنية (3D) ماكس وكذلك الحال مع باقي أجهزة المؤثرات الصوتية والبصرية الأخرى حيث وظف المسرح المعاصر تقنيات (تكنولوجية) عالية الكفاءة على مستوى الضوء واستخدام الليزرات المتنوعة كليزرات صناعة الغيوم والمطر والكتل الضوئية الطائرة وشبحية الصورة وعمق ميدانها، والتكوينات الضوئية بالكتل لبناء المناظر المسرحية كبدائل عن المواد الصلبة، وقد يشاهد بالإضاءة أن المسرح يحترق بكليته تحت أقدام الممثلين، كما شملت التكنولوجيا المسرحية تقنيات الصوت كافة التي جعلت المتلقي يشعر وهو على مقعده كأنه تحت قدمه، كخرير الماء والزلازل والبراكين، وان هذه الأنماط والتوظيفات التكنولوجية التي إذا ما تم استخدامها في العرض المسرحي الذي يُقدم لجمهور الأطفال فأن نسبة الدهشة والتفاعل والإثارة والتشويق ستصل إلى أعلى مستويات ممكنة.
وكانت الكلمة للأستاذة رجاء محمود حسن فقالت:
باتت التكنولوجيا الحديثة عن طريق الفضاء الإلكتروني تقنية وحيدة قادرة على خلق أشكال جديدة غير مألوفة، إذ يقوم على أساس فرضية وليس على أساس مادة موجودة بالواقع،  وبالتالي يصبح لعالم الرقميات  القدرة على إلغاء الحقيقة وخلق مادة جديدة تصبح في جوهرها هي الحقيقة. 
إذ أنَّ التطور التكنولوجي في العصر الحديث له الأثر الكبير، إذ يساعد في توظيف السينوغرافيا لصناعة الصورة المشهدية التي تتلاءم مع متطلبات اللحظة التاريخية المعاصرة، وبما أنَّ المسرح يشكل الوعي الجمعي عن طريق التعبير عن أفكاره ومضامينه ومواقفه سعى إلى استعمال التكنولوجيا، لكي تكون كأداة من أدوات الفعل الإبداعي كونها فاتحة لفضاءات تفكير جديدة تمكن المسرح من زيادة زخم خطاباته، وكفاءاتها في خلق مستويات تواصل عدّة واعية ولا واعية عبر ما توفره تكنولوجيا التقنيات الرقمية من مجموعة من الأدوات والمعارف والمهارات اللازمة لتحقيق إنجاز معين ممن تشكل أسس أو قواعد التكنولوجيا، وأنَّ ظهور العالم الرقمي يعد من الإنجازات الفاعلة والمتفاعلة مع العرض المسرحي والتي تدفع بمكوناته إلى الأمام من حيث التوظيف والجمال، وكل هذا التحديث في التقنيات انعكس بشكل مباشر، أو غير مباشر على جميع قطاعات الفن والثقافة، الأمر الذي سيجعل من العرض المسرحي  وخاصة مسرح الطفل متفاعلاً مع هذه المتغيرات الرقمية  من أجل صناعة سينوغرافيا تستطيع أنْ تصنع الدهشة البصرية بما يحتاجه المتلقي في العرض المسرحي الجديد، واستفاد مسرح الطفل من التقنية الحديثة والمتمثلة بالتكنولوجيا الرقمية بشكل جيد، وذلك عن طريق المزاوجة بالعمل بين برمجيات الكمبيوتر، وسينوغرافيا العرض المسرحي ولا سيَّما على المستوى الحسي والبصري، فأطلق على المسرح الذي يتعامل مع هذه التقنيات وبحسب استعماله لهذه التكنولوجية الرقمية وبرمجياته بالمسرح الرقمي أو المسرح الافتراضي، ولأجل إخراج عرض مسرحي رقمي أو افتراضي كان لا بد من إنتاج بيئة للواقع الافتراضي، وهذا يحتاج إلى  تهيئة برامج (Software) قادرة على إنتاج بيئة للواقع الافتراضي يمكن التحرك داخلها بصرياً إذ تستطيع خلق تعايش واندماج مع هذه البيئات الافتراضية، وتحويله إلى بيئة تعطيبنا إحساساً بالحقيقة والواقعية، ومُضافاً إلى أنه لا بَّد من توافر الممثلين الافتراضيين أو الرقميين وهم شخصيات وهمية يتم التحكم بهم من خلال برامج يديرها أشخاص ذوو خبرة ودراية ببرمجيات الكمبيوتر، وبعد هذا كان لابّد من التحدث عن الواقع الافتراضي والتعايش مع البيئة الافتراضي .
وانتقل الحديث للأستاذ محمد جمال الدين أمين فقال :
في ظل الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا لن تكون العروض المسرحية المعروضة بالشكل التقليدي تتناسب مع طفل اليوم أمام الزحف المعلوماتي والتجليات الجديدة عبر الشاشات والتي استطاعت أن تأخذ الطفل من بين ايدينا لعوالم أخرى،  عوالم لا بداية ولا نهاية لها تستقطبه وتستجيب لحاجاته المختلفة وتسحره بالمعطيات الفياضة وعليه أصبحت الحاجة الماسة لاستغلال الثورة التكنولوجيا في تقديم رؤى جديدة تعتمد على توظيف التقنيات الرقمية الجديدة وتوظيفها في العروض المسرحية المقدمة للطفل .
من خلال الفن الحركي وهو علم يعني دراسة الحركة بغض النظر عن المسبب لها وهو يعنى بالفن الذي يشتمل على الحركة الفعلية أو الحركة الظاهرية وتجتمع خصائص أدب الطفل في ظل التحولات التكنولوجيا الرقمية جميعا فيما يقدمه الفن الحركي في العروض المسرحية للطفل اليوم. 
على المستوى اللغوي تعد الكلمة هي المكون الأساسي في عروض مسرح الطفل .
واليوم لابد من استخدام التقنية الرقمية للتوافق بين الخطاب اللغوي وبين لغة الصورة بوصفها نصا موازيا مجسدا للكلمة،  حيث أن حاسة البصر تعد أقوى الحواس في التقاط الشفرات واكتساب المعلومات التي يتفاعل معها الطفل .
تلعب المعطيات الدرامية وعناصر العرض المختلفة ومنها الرقمنة التكنولوجية دورا هاما في عرض قيم جمالية محفزه لخيال وإدراك المشاهد الصغير بمختلف أعماره منها : الإبهار وعناصر الصورة المرئية المبتكرة والمحتوية على عناصر الفن الحركي وما ينتج عنها من إضاءة وخدع مسرحية لتقديم رؤى إبداعية حديثة تواكب العروض العالمية. 
وتم فتح باب المناقشة وفي مداخلة لكاتب هذه السطور قال : 
في القرن الماضي وفي عقدي الثمانينات والتسعينيات كانت تقدم العروض المسرحية للقطاع الخاص ويتناقلها الجمهور عن طريق أشرطة الفيديو نظر لارتفاع أسعار التذكرة وعدم قدرته على مشاهدة العرض المسرحي داخل قاعات العرض، وكان يطلق على هذه العروض العرض المعلب، وحاليا يحاول البعض باستخدام التقنيات الرقمية تلفزة العروض والترويج لذلك ولكنني اقول أن الجمهور جزء أصيل من مقومات العرض المسرحي حيث أنه يتفاعل مع ما يشاهده على خشبة المسرح، كما أن المتلقي يشاهد العرض عن طريق وسيط مرئي فرضه عليه مخرج العرض أما في مكان العرض يشاهد كل  ما يقدم بحرية تامة . ولذلك لابد من استخدام التقنيات الرقمية لجذب المتلقي الي قاعات العرض المسرحي، مع الوضع في الاعتبار بأن النص الدرامي هو الأساس الذي يبنى عليه العرض المسرحي .
وقالت الأستاذة فاطمة فؤاد : 
أنها تشكر كل المتحدثين وإنها استفادت بما قدم من ورقات بحثية وتتمني أن ينفذ ما قاله الدكتور مختار وتتمني أن تزيد العروض المسرحية التي تستخدم التقنيات الرقمية، وتقديم أعمال تحارب ما يقدم من فن يطمس هويتنا وثقافتنا، واتمني أن تعود الحركة النقدية بشكل حقيقي بعيد عن المحاباة التي يقدمها بعض النقاد . وكذلك إعادة النظر في المؤسسة الرقابة ويكون الرقيب مؤهلا علميا ومواكبا للعصر .
وفي مداخلة  قال الدكتور سعد أن الأدب الرقمي هو تطور بأن أصبحت القصة توضع بها نقاط معينة وتأخذ الطفل إلى مكان آخر، صورة أو موسيقى أو إضافات أخرى ثم تحولت إلى تفاعلية وضرب مثال بذات الرداء الأحمر وأليس فاقدة الروح .
 وقال الدكتور أشرف قادوس أن مركز بحوث أدب الطفل ضمن نشاطه النص الدرامي المقدم للمسرح وليس العرض، ولكن  الملتقى تعرض لمسرح الطفل  النص والعرض فأقول أنه توجد صعوبات لا يشعر بها إلا المبدعين القائمين على فنون الطفل، ولا يعرف بها الطفل نفسه أو القائمين على الأنشطة بشكل عام، حيث أن الميزانيات توزع على كل الأنشطة وبالتالي تكون المبالغ الخاصة بالنشاط المسرحي زهيدة جدا، ولذلك لابد من التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني لتدبير  النفقات فعلى سبيل المثال توجد مدارس بها مسارح وطلاب وتحتاج إلى مدرب وبعض التكاليف لإنتاج محتويات جيدة .
وأختتم الشاعر أحمد سويلم الملتقى وقال: لابد من وجود جهة تتبنى الإنفاق على مسرح الطفل وقناة للطفل ولديها إرادة على تكلفة المحتوى المنتج للطفل لمواجهة التطورات والتقنيات التكنولوجية حتى نستطيع تنشئة طفل لديه وعى .
 


جمال الفيشاوي