«المسرحية الشعرية عند صفاء البيلي» رسالة ماجستير للباحثة آية أبو الفتوح أحمد

«المسرحية الشعرية عند صفاء البيلي»  رسالة ماجستير للباحثة آية أبو الفتوح أحمد

العدد 738 صدر بتاريخ 18أكتوبر2021

تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان «المسرحية الشعرية عند صفاء البيلي» مقدمة من الباحثة آية أبو الفتوح أحمد، وذلك بكلية التربية جامعة عين شمس، وتضم لجنة المناقشة الدكتور محمد عبد الله حسين، أستاذ الأدب والنقد ووكيل كلية دار العلوم سابقًا جامعة المنيا (رئيسًا ومناقشًا)، الدكتور أشرف محمود نجا، أستاذ الأدب والنقد بكلية التربية جامعة عين شمس (مناقشًا)، الدكتور العربي حسن درويش، أستاذ النقد الأدبي المساعد بكلية التربية جامعة عين شمس (مشرفًا)، والدكتور وائل علي السيد، أستاذ الأدب والنقد بكلية التربية جامعة عين شمس (مشرفًا). والتي منحت الباحثة من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
وجاءت رسالة الماجستير الخاصة بالباحثة كالتالي:
فإن فن «المسرح الشعري» من أهم الفنون التي ظهرت في العصر الحديث، واهتم به الأدباء اهتمامًا عظيمًا، وبرع فيه بعضهم ابتداء من رائده أمير الشعراء أحمد شوقي ومرورًا بأعلامه أمثال عزيز أباظة ومحمود غنيم وعبد الرحمن الشرقاوي وصلاح عبد الصبور، وغيرهم.
ولم تكن المرأة بعيدة عن هذا اللون الأدبي فأخرجت لنا مجموعة من النصوص المسرحية الواعية، وتنوعت مصادر التراث في كتاباتهن ما بين مصادر تاريخية وتراثية وشعبية ودينية، ومن بين هؤلاء الكاتبات اللاتى استطعن تجسيد هذه الفكرة والعناية بها، وتجليتها الشاعرة «صفاء البيلي».
ومن ثم عنيت هذه الدراسة بتناول المسرحية الشعرية للكاتبة صفاء البيلي بالبحث والدراسة للوقوف علي أهم السمات الفنية المميزة لمسرحها الشعري والفكر والقضايا التي تناولتها حيث قامت هذه الدراسة على سبع مسرحيات شعرية للكاتبة وهم على الترتيب ( الجنرال، الخروج من اللوحة، زمن الخوف، الشراك، الليلة الأولى بعد الألف، المصير، نوبة رجوع).
وقد اقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تكون مادتها في مقدمة، وثلاثة فصول، ثمَّ خاتمة تعقبها قائمة بالمصادر والمراجع.
المقدمة:
تشمل التعريف بموضوع الدراسة، وأهميته، وأسباب اختياره، والمنهج المتبع، والهدف من الدراسة، كما تناولت الإشارة إلى الدراسات السابقة، وعرضًا لمحتوى الدراسة الماثلة.
الفصل الأول: قضايا مسرح صفاء البيلي الشعري
وتم فيه تناول مجموعة من القضايا التي عرضتها الكاتبة داخل مسرحياتها، ولقد تم تقسيمه إلى ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: قضايا البعد الاجتماعي
وفيه تم تناول مجموعة من القضايا الاجتماعية التي عرضتها الكاتبة كمشكلة البطالة فوضعنا أيدينا على بعض أسبابها ولمسنا من خلال معاصرتنا للأحداث نتائجها وخسائرها للأفراد والأوطان.
وكذلك وقفنا مع مشكلة «تدنى الذوق العام» وقتل المواهب الحقيقية حتى يدب اليأس بين جنبات روحها، فإما الاستسلام والإبحار مع التيار ومجاراة ذوق الجمهور، وإما الصمود أمام التيار ومواجهة الواقع والدفاع عن المبدأ.
كذلك تم طرح مشكلة الفقر وأسبابه ونتائجه، وعرضنا لأثر الفقر على مجموعات مختلفة من المجتمع، كالصياد والفلاح وعامة الشعب.
المبحث الثاني: قضايا المرأة
تم تناول مجموعة من نماذج صور المرأة التي تناولتها الكاتبة، فوقفنا مع المرأة الشجاعة التي تضحى بحياتها من أجل حبها، والمرأة الوفية التي تحافظ على بيتها، والمرأة الخائنة المخادعة التي تمثل الحب والهيام.
المبحث الثالث: قضايا البعد السياسي
تم طرح مجموعة من القضايا السياسية، كقضية الحروب فتم استدعاء حرب البسوس وحرب العراق والوقوف على الأسباب والنتائج، وتم ذكر قضايا الحاكم وفساد الحاشية وتدخل العناصر العربية ونتائجه وأسباب سقوط الدولة العباسية، وأخيرًا تم ذكر قضية الاستعمار من خلال الحملة الفرنسية وأحداثها في مصر.
الفصل الثاني: أثر التراث في مسرح صفاء البيلي الشعري
ويعنى بدراسة أثر التراث في مسرحيات الكاتبة، وأسباب استدعائها هذه الشخصيات التراثية بعينها، ومحاولة الوصول إلى النتائج التي أرادت الكاتبة الإشارة إليها وتركيز الضوء عليها، وقد تم تقسيمه إلى سبعة مباحث يتناول كل مبحث منها مسرحية من المسرحيات بالدراسة والتحليل، وهم على الترتيب: الجنرال، الخروج من اللوحة، زمن الخوف، الشراك، الليلة الأولى بعد الألف، المصير، ونوبة رجوع.
الفصل الثالث: البناء الفني في مسرح صفاء البيلي الشعري
وقد تم تقسيمه إلى ستة مباحث:
1. الحدث: وفيه تم تناول الحدث وأهميته  في مجموعة من مسرحيات الكاتبة الشعرية.
2. الشخصية: وفيه تم تعريف الشخصية وأنواعها من حيث الشخصيات الرئيسية والثانوية والنطمية وغير النمطية، وكذلك تم الحديث عن أبعاد الشخصية الثلاثة ( الجسمية – النفسية- الاجتماعية).
3. الصراع:  وفيه تم تناول صور الصراع الداخلي والخارجي في مسرح صفاء البيلي الشعري.
4. الزمن الحكائي: ويتناول تعريف الزمن وأهميته في العمل الفني، ويتطرق إلى أنواع الزمن وتقنيتي الاسترجاع والاستباق في مسرح الكاتبة الشعري.
5. خيال الظل: تم التعريف بتقنية خيال الظل ونشائتها وعرض أمثلة استخدام الكاتبة لهذه التقنية.
6. «المسرح داخل المسرح»: تم التعريف بهذه التقنية وعرض الأمثلة المشابهة لها وطريقة استخدام الكاتبة لها .
ويعقب ذلك خاتمة عرضت فيها الباحثة لأهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، ثم قائمة بالمصادر والمراجع.
ولقد تعرض الفصل الأول لمجموعة من القضايا التي تناولتها صفاء البيلي في مسرحها الشعري، وتم تقسيمه إلى ثلاث قضايا أساسية، وهي على الترتيب: قضاياالبعد الاجتماعي، وقضية المرأة، وقضايا البعد السياسي، وقضايا البعد الاجتماعي تحتوي على مشكلتين أساسيتين هما: مشكلة البطالة التي طرحتها في مسرحية « نوبة رجوع»  وتدني المستوى الثقافي وانهيار الذوق العام، ومشكلة الفقر وأثرها على مجموعات مختلفة من طبقات المجتمع كالفلاح والصياد والنساء وعامة الشعب ، أما قضية المرأة فقد أخذت حيزًا كبيرًا في المسرح الشعري عند  صفاء البيلي، حيث تواجدت المرأة في كثير من القضايا، بل كانت المحرك الأساسي لها والوقود في إشعال مجموعة من القضايا، سواء كانت هذه القضايا تخص المجتمع عامة أو المرأة خاصة.
تختص القضية الثالثة وهي قضية البعد السياسي بالحديث عن ثلاث مشكلات أساسية هي مشكلة الحروب وما تخلفه من دمار وهلاك من خلال التعرض لحرب البسوس وأثرها على قوةم جليلة بنت مرة وحرب العراق وأثرها على الشعوب العربية عامة ، ومشكلة الاستعمار وتردي الأوضاع الاقتصادية من خلال التعرض للحملة الفرنسية ونتائجها، وأخيرًا مشكلة فساد الحكام والحاشية من خلالالتعرض لفترة هامة وعصر من أهم العصور التي مرت على الأمة وهو «العصر العباسي».
ولقد توصلت الدراسة لمجموعة من النتائج والتي كان من أبرزها :
• أولت الكاتبة لفكرة استدعاء التراث اهتمامًا كبيرًا، وهو ما نراه جليًا في كل أعمالها المسرحية، فنوعت الكاتبة بين استدعاء الشخصيات الأدبية  والسياسية، ولم يكن اختيار الشخصيات عشوائيًا وإنما لمرور كل شخصية منهم بحدث مهم له تأثير بالغ سواء على مستوى حياة هذه الشخصية أو على أحداث التاريخ.
اهتمت الكاتبة اهتمامًا كبيرًا بالعصر العباسي حيث تناولته في مسرحيتي « الخروج من اللوحة» و»نوبة رجوع»، وذلك لما عُرف عن هذا العصر من تقدم وتطور في جميع مناحي الحياة، فألقت الضوء على السلبيات التي شابت هذا العصر الذهبي والتي كانت سببًا في سقوط هذه الدولة القوية ولا يخفى ما في ذلك من إسقاطات معاصرة تشير بها الكاتبة إلى الواقع وهمومه.
• اهتمت الكاتبة بمجموعة من القضايا الاجتماعية كقضية الفقر التي عرضتها في مسرحية» نوبة رجوع» وتأثير الفقر على حياة فتاتين من فتيات بغداد، وكذلك عرضت لنا حياة عامة الشعب في بغداد من خلال شخصيات ( الصياد والفلاح والمرأة العجوز) وكيف أثر الفقر على  حياة كل منهم كأمثلة مختلفة من قطاعات الشعب، وأظهرت المسرحية نهايتهم وهم داخل السجن ومعهم» فريدة».
• وكانت الكاتبة قد عرضت قضية البطالة والتي تعتبر واحدة من أخطر القضايا التي يعاني منها المجتمع، ورأينا تأثيرها في الشاب الذي اختار الغربة فخرج وترك أهله ومات وحيدًا تاركًا أخته بمفردها.
• اهتمت الكاتبة بقضية «غياب الموهبة» وتدني الذوق العام للجمهور وخاصة مع غياب النصوص المسرحية الجيدة التي تستحق العرض وتحمل في طياتها فكرة تستحق الطرح، وكذلك لهث منتجي الأعمال الفنية على الأموال ومواكبة ذوق الشباب وتطلعاته على حساب العمل الفني الجيد.
• أولت الكاتبة اهتماما كبيرا لقضايا « المرأة « حيث لم تخلُ مسرحية من مسرحياتها من المرأة التي تُسيّر الأحداث والتي يجتمع حولها باقي الشخصيات، فعرضت نماذج متعددة للنساء فرأينا المرأة المغلوبة على أمرها والتي تعاني مجموعة من الصراعات الداخلية كشخصية جليلة في « نوبة رجوع « والتي فقدت زوجها وأخاها وفقدت أهلها في حرب البسوس، ورأينا المرأة القوية التي تعود للأخذ بالثأر والتي تضع هدفها أمام أعينها وتوقع بالرجال والخلفاء واحدا تلو الآخر.
• أما المرأة الوفية المخلصة فقد رأيناها في مسرحية «الشراك» فنرى زوجة ديك الجن وهي تحافظ عليه في غيابه وتسامحه بعد قتلها كي لا يحيا مُعذبًا بذنبها.
• أما المرأة المؤمنة فرأينا زوجة النعمان في مسرحية «المصير» وهي تهرب من زوجها النعمان نحو النور الإلهي والنبي الجديد(صلى الله عليه وسلم) تاركة الأموال والقصور والخدم ساعية إلى الحرية والإيمان.
• أما قضية الحروب فقد أولتها اهتمت بها الكاتبة اهتماما كبيرًا فاختارت حربًا من أقوى الحروب في تاريخ البشرية «حرب البسوس» فوقفنا على  أسبابها ونتائجها على جميع شخصيات المسرحية من الزوجة والأبناء والقبيلة بأسرها، وهذه الحرب صنعت منها الكاتبة إسقاطًا سياسيًا على «حرب العراق» فتشابهت الأسباب والنتائج.
• وفساد الملوك والحاشية كان من أهم القضايا التي تناولتها الكاتبة في مجموعة من أعمالها المسرحية، فعرضت مجموعة من الخلفاء والملوك ورأينا كيف كان للبطانة السيئة أثر كبير في فساد الملوك وفساد الحياة السياسية والاستيلاء على خيرات الدولة وتوجيه قرارات الخلفاء لصالحهم ولصالح خططهم.
• فساد القضاء كانت الكاتبة قد أشارت إليه من خلال شخصية القاضي الذي يصدر أحكامه طبقًا لأوامر الخليفة مقابل الحصول على الأموال والعطايا، فلم يكن إلا واجهة يحكم من خلالها الخليفة بما يريد وفي ذلك أيضا إسقاطا على الواقع والحياة المعاصرة.
• تَدخل العناصر الأجنبية أشارت له الكاتبة في مسرحية « الخروج من اللوحة» وأوضحت نتائجه والتي كان من أبرزها قتل الأخ لأخيه والتحكم في أمور الدولة ودس العيون في قصور الخلفاء والملوك، فكان تدخلهم واحدًا من أهم الأسباب الرئيسة لسقوط الدولة العباسية.
• تناولت الكاتبة قضية « الاستعمار» من خلال استدعاء شخصية « سليمان الحلبي»  قاتل كليبر، وعرضت أحوال أهل القاهرة تحت ظلم وبطش الاستعمار الفرنسي،  والأسباب التي دفعت سليمان الحلبي لقتل كليبر، والمحاكمة الظالمة التي أقيمت له في نهاية المسرحية.
• أولت الكاتبة اهتمامُا كبيرًا للحدث في مسرحياتها الشعرية، فاختارت مجموعة من الأحدث المتنوعة والتي كان لها أكبر الأثر في باقي عناصر البناء الفني للمسرحية، حيث كان الحدث النواة التي انفجرت منها باقي العناصر.
• تنوعت معايير تصنيف الكاتبة للشخصية داخل العمل المسرحي فتم تصيفها في العمل المسرحي إلى : الشخصية المركزية التي تنهض بدور أساسي في العمل المسرحي، والشخصية الثانوية التي تؤدي أدوارا قد تساعد البطل أو تعرقل مسيرته، وتنوعت الشخصيات في المسرحية الشعرية بين الشخصيات المركزية والشخصيات الثانوية.
• وقد قسمت الشخصيات أيضًا بحسب كونها نامية ومتطورة تتغير بتغير الأحداث تتأثر بها وتؤثر فيها، وشخصيات نمطية لا تتغير بتغير الأحداث، وقد كان النصيب الأكبر للشخصيات النامية المتطورة التي تتغير بتغير الأحداث والظروف.
• حظيت أبعاد الشخصية بعناية فائقة من الكاتبة حيث قامت بتصوير الأبعاد المختلفة للشخصية (الجسدي، الاجتماعي، النفسي)، إذ لم تتكتف الكاتبة برصد المعالم الخارجية للشخصية  فقط، بل عمدت إلى رصد حركة الشخصية من خلال ارتباطها الوثيق بواقعها الاجتماعي، والظروف المحيطة بكل شخصية على حدة، فجاء وصف الشخصية ملائمًا للواقع المعيش لكل شخصية.
• أسهمت الأبعاد الثلاثة للشخصية في تكوين صورة متكاملة عن  كل شخصية وذلك؛ لأنها أبعاد متداخلة فيما بينها، ويكمل كل منها الآخر، ويؤثر فيه سواء سلبًا أو إيجابًا مما انعكس على تجارب كل شخصية مع الأحداث والمواقف المختلفة، وعلى تفاعلها مع باقي الشخصيات في المسرحية.
 


ياسمين عباس