في ورشة الكتابة المسرحية للأطفال عبده الزراع: أمهات المشاركين هم أبطال الورشة

في ورشة الكتابة المسرحية للأطفال عبده الزراع: أمهات المشاركين هم أبطال الورشة

العدد 736 صدر بتاريخ 4أكتوبر2021

أقيمت ورشة الكتابة المسرحية للأطفال بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب، ضمن أنشطة المركز القومى لثقافة الطفل برئاسة الكاتب المسرحي محمد ناصف، وامتدت على مدار  شهر كامل هو شهر سبتمبر الماضى مقسمة على ثماني محاضرات بمعدل محاضرتين كل أسبوع يومي الأحد والثلاثاء. 
وقبيل إقامة الورشة بأيام أنشأت ولاء محمود مديرة الحديقة النشطة جروبا على واتس آب بإسم (ورشة الكتابة المسرحية للأطفال عبده الزراع)، وضمت للجروب عددا من الأطفال رواد الحديقة الموهوبين.
وقال الكاتب المسرحي عبده الزراع: في الأحد الأول من الشهر توجهت في الموعد المحدد للورشة من الساعة الخامسة حتي السابعة مساء، لأجد عددا من الأطفال في إنتظار عقد الورشة، وحينما سألتهم عن من رأى عرض مسرحي أو شاهد عرضا في التلفزيون لم أجد منهم سوي (رودي) عشر سنوات متعددة المواهب، تمثل، تلعب باليه، وتحضر ورش كثيرة، و(بسملة) تبلغ من العمر 16 سنة، مثلت في المسرح المدرسي، وبعض الفرق الخاصة.. وهذا ألقى على كتفي مسؤلية اكبر، بدأت احدثهم بداية عن معنى كلمة مسرح وكنت حريصا أن أحفظهم مقولة (المسرح أبو الفنون) وشرحت لهم معناها، ثم تحدثت معهم عن عناصر العرض المسرحي، من «نص، وممثلين، وديكور، وملابس، وإضاءة، وسينوغرافيا، وإخراج» وجعلتهم بدونون خلفى فى الكراريس، ثم حدثتهم بعد ذلك عن خطوات كتابة المسرحية بشكل عام أولا والمكونة من (الفكرة، الشخوص، الحوار، الحدث، الصراع، الحبكة، البداية، والوسط، الذروة، الحل» ثم شرحت لهم باستفاضة كل عنصر من هذه العناصر علي مدار ثلاثة أيام.. وقلت لهم أقروا جيدا ما كتبتوه خلفى وسوف أسأل فيه المرة القادمة.
وأضاف الكاتب عبده الزراع: في المحاضرة الثانية فوجئت مفاجأة سارة أن قدم لي (معز) بورتريها جميلا رسمه لي من ذهنه، وكانت  هدية رائعة منه لى، ومؤشر جيد أن الأولاد قد ارتبطوا بشخصى أولا وهذا سوف يدفعهم لتكملة الورشة، وبدأت أسأل عما شرحته أمس بأسلوب تحفيزي لطيف، المدهش في الأمر أننى تفاجئت باجابات رائعة، فى هذا اليوم بدأت أميز بين الأطفال الجادين عن غيرهم، وللأمانة محبين جدا لما أقول.. ولم أهمل (مهاب) الذي اتي إلى الورشة وهو غير مقتنع، فكنت أداعبه بين الحين والآخر قائلا: «إيه رأيك يا مهاب» فيبتسم، فاقول له «براحتك» فيبتسم أيضا.. وباغتتنى (رودي) قائلة: «يعنى إيه مليودراما يا مستر»، دهشت من السؤال واجابتها عليه وشعرت أن بعض الاولاد أخذوا الموضوع علي محمل الجدية، انضم لنا في هذا اليوم «اسلام» أكبر أعضاء الورشة سنا في نهاية مرحلة الطفولة يبلغ من العمر 18 سنة, رأيته في البداية متوجسا من فكرة أنا أعضاء الورشة معظمهم اطفال صغار، فاقنعته بفكرة أحضر معنا اليوم وفي نهاية المحاضرة قرر إذا كنت سوف تكمل أم لا، الجميل أنه ابلغنى في نهاية اليوم أنه استفاد جدا وسوف يكمل الورشة، كما انضم لنا الطفل (محمود) يبلغ من العمر تقريبا 14 سنة، لكنه ذكيا جادا ثقيلا لا يميل كثيرا للضحك، ولديه وعي وثقافة تاريخية متميزة، ويمارس رياضة الكراتيه، ويحفظ القرآن الكريم، في نهاية اليوم طلبت منهم أن يحضر كل عضو من أعضاء الورشة فكرة تصلح لمسرحية، ويتخيل شخوصها التي ستقوم بالادوار.
وتابع: أما في اليوم الثالث انضم لنا (يوسف) تقريبا عمره لا يتجاوز 12 سنة، هاديء الطبع، خفيض الصوت تتبدي من ملامحه الذكاء والالمعية، ومعه شقيقتيه التوأم (مريم ومليكة) لا يتجاوزا السبع سنوات، وتتبدي على ملامحهم الذكاء، فوجئت أن الأولاد أحضروا جميعا أفكار تصلح لكتابة عمل مسرحى، فاستخدمت معهم أسلوب العصف الذهني، وبدأت أطور معهم أفكارهم البسيطة، بينما في اليوم الرابع: بدأنا نقرأ فكرة فكرة.. واستمع جيدا لكل فكرة بالتفصيل وكيف يري تنفيذ فكرته؟ والشخصيات المشاركة في العمل، واسمائها، ودلالة الأسماء؟ وبدأت أطور معهم ما كتبوه وندون ملاحظات علي كل نص، كي يفكر فيها في البيت، ليأتي بها المحاضرة القادمة.. وقد ظهر أمامي من المناقشات أن الأولاد يمتلكون خيالا جامحا فاق تصوري بكثير، وهذا جعلني ابذل معهم قصاري جهدي ولا ابخل عليهم بأى شىء من الممكن أن يساعدهم في عملية الكتابة.
وأردف: في اليوم الخامس تفاجئت بأن الأولاد نفذوا كل الملاحظات واتوا بنصوص شبه مكتملة، خاصة اسلام، ورودي، ومحمود، ويوسف، ومعز، كان أصعب شيء واجهه الأولاد لحظة الكتابة هي عملية خلق الصراع، واقنعتهم بأن من الممكن أن تقبل المسرحية بصراع بسيط لكن بدون صراع لا تقبل لأن عدم وجود صراع يخرجها من إطار الدراما، وحفظوا مقولة (لا صراع لا دراما) وحاولت معهم عن طريق العصف الذهنى ونجحت فى أنهم استطاعوا أو يوجدوا صراع في كل مسرحية، فى هذا اليوم تسلمت نص اسلام بعدما نفذ كل التعديلات.. 
وواصل الكاتب المسرحي: في اليوم السادس قرأنا النصوص التي كان عليها تعديلات وتفاجئت بأن يوسف كتب نصا رائعا مليئا بالسخرية والخيال ودارت أحداثه داخل مملكة النمل، تسلمت النص منه، وكذلك قرأ محمود نصه الرائع الذي دارت أحداثه داخل الهرم الأكبر ، تسلمت منه النص، ولا حظت تطورا كبيراً في استيعاب الأولاد، وقرا معز نصه الذي يدور في الغابة، وكيف تغلبت الحيوان بالذكاء علي قوة الأسد ملك الغابة وانتصروا عليه.. تسلمت منه النص.. المفاجأة أن مهاب الذى كان يقول في بداية الورشة أن الموضوع ليس في ذهنه.. كتب هو الآخر نصا وقرأه علينا وكان فيه بعض التعديلات قلت له ينفذها بها فى اليوم الختامي.
وأشار إلى أنه فى اليوم الختامى قرأت رودى نصها الذي يدور داخل مملكة البحور، وادهشتنا ابنة العشر سنوات بخيالها الخصب.. تسلمت النص منها، وقرأ مهاب نصه الذي يدور أيضا في الغابة والصراع بين حيوانات الغابة الطيبة وبين الثعلب المكار.. وكان فيه بعض الملاحظات صوبها قبل ان تنتهى الورشة وتسلمت النص.. وتفاجئت أن بسملة التي تغيبت اربعة ايام عن الورشة وكانت تأتي مستمعة ولم تشارك في الحوار إلا فيما ندر.. كتبت نصا فكرته رائعة عن التنمر.. داخل المدرسة وما يحدث بين الزملاء في الفصل الدراسي.. ناقشتها في النص وطورناه سويا وكان به بعض الملاحظات ستصوبها وتأتي به يوم التكريم الذي لم يحدد بعد.
وأختتم الكاتب عبده الزراع حديثه قائلًا: أصبح لدي نتاج هذه الورشة ثمانية نصوص، بها على الأقل خمسة نصوص ممتازة، وبقية النصوص جيدة، البطل في هذه الورشة هن أمهات الأولاد اللاتي كن يصطحبهن أولادهن كل محاضرة مؤمنات بقيمة هذه الورشة وقيمة الفن في تعديل سلوكهم وتفوقهم الدراسي، أما أنا فقد اضافت لي هذه التجربة الكثير، حيث تعرفت عن قرب علي كيف يفكر أطفال هذا العصر؟ وأدركت أنه من الصعب التواصل مع الأطفال إلا إذا ارتبطوا بك إنسانيا ووجدانيا وحبوك، من هنا سوف تستطيع أن تخرج ما بداخلهم من طاقات مبدعة قد تدهشك، وهذا ما فعل معي فقد ادهشوني بخيالهم الجامح، أفكارهم العصرية والمتميزة.. 
وارى ضرورة أن نكمل مع هؤلاء الأطفال المتميزين في ورش أخري ولا نتركهم للصدفة ربما تضيع هذه المواهب لو لم تجد الرعاية الكاملة.
 


ياسمين عباس